دخلت الحرب في اليمن عامها الثامن وما زال أفق نهايتها ملبّدا بأدخنة البارود، وتحت ظلالها السوداء تتفاقم مأساة النزوح. يتحول فرار المدنيين بعائلاتهم من مناطق القتال إلى مشهد اعتيادي غالباً ما يُنظر إليه كنوع من الحظ في البقاء على قيد الحياة.
أرقام إحصائيات النزوح لا تكف عن القفز في قوائم المنظمات الإنسانية الدولية، والمؤسسات المحلية، منذ بداية الحرب. ومع كل انعطافة تأخذها، تجرف معها آلاف وعشرات الآلاف من النازحين إلى مخيمات لا تستوعب تدفقهم المتزايد ولا تستطيع مواكبة احتياجاتهم الأساسية.
ليست المخيمات الوجهة الوحيدة لمن تجبرهم آلة الحرب على ترك منازلهم، فهناك عائلات خارج قوائم الحصر تفضل تدبّر أمور حياتها في مواطن النزوح دون اللجوء لطلب المساعدة من أحد، ابتداءً بالمأوى المستأجر بأسعار فلكية وليس انتهاءً بفرص العمل. منذ سقوط العاصمة صنعاء بقوة السلاح في 21 سبتمبر/ أيلول 2014، مروراً بالانعطافة الكبرى للحرب في 26 مارس/ آذار 2015، وما تلتها من انعطافات مستمرة حتى اليوم، لم تتوقف حركة نزوح المدنيين من وجه آلة الموت ونزعة التدمير. هناك نازحون لم يعودوا إلى منازلهم منذ موجات الهجرة العكسية من المدن إلى الأرياف، وتلك التدفقات الحائرة للعائلات بين مدينة مشتعلة بالاقتتال إلى أخرى آمنة. وهناك نازحون لاحقتهم نيران المتحاربين مجبرة إياهم على النزوح للمرة الرابعة والخامسة... إلخ، ومؤخراً أدى تصاعد القتال في محافظتي مأرب والحديدة إلى تجدد موجات النزوح وتشريد السكان من منازلهم أو من آخر موطن نزحوا إليه.
آخر الأرقام التي قفزت إلى قوائم حصر النازحين الجدد، وردت في بيان للمنظمة الدولية للهجرة (24 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021)، أعلنت فيه "دق ناقوس الخطر" إزاء ارتفاع المدنيين المعرضين للخطر في محافظة مأرب بسبب تصاعد هجمات جماعة أنصار الله (الحوثيين). أكثر من 45 ألف نازح في مأرب منذ سبتمبر/ أيلول- نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، وفقا لمصفوفة تتبع النزوح التابعة للمنظمة. وخلال الفترة نفسها، شهدت مواقع النزوح في المحافظة، وعددها 137، "زيادة بنحو عشرة أضعاف في عدد الوافدين الجدد".
وفي تطورات الحرب بمحافظة الحديدة خلال نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، رصدت منظمات دولية 13500 نازح، بينما أعلنت الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين، التابعة للحكومة المعترف بها دولياً، إنها سجلت 93 ألف نازح جديد في مأرب، و20 ألف في محافظة الحديدة.
إزاء الحالة المأساوية المتصاعدة للنازحين من جحيم الحرب، سعت منصة "خيوط" منذ انطلاقها لتغطية أوضاع النزوح، ضمن هذا الملف المفتوح الذي تستمر فيه بمتابعة مستجداته في عموم اليمن.
* صورة غلاف الملف ل: خالد القاضي - ©خيوط