تسبّبت الحرب الدائرة باليمن قرابة ثمانية أعوام، بأضرار كبيرة على المزارعين، بما في ذلك ارتفاع أسعار المشتقات النفطية والمبيدات والأسمدة، ؛ الأمر الذي أدّى إلى تراجع منسوب الإنتاج الزراعي.
يقول المزارع أبكر الضبابي، لـ" ”خيوط"“: "كان دخلي مستقرًّا إلى حدٍّ ما، قبل اندلاع الحرب، ولكن بعد اندلاعها و والزيادة في أسعار الوقود و والأسمدة والمبيدات الحشرية وانخفاض قيمة العملة الوطنية، أُجبرتنا على التخلي عن الزراعة."".
في هذا الموسم اتجه هذا المزارع وغيره إلى زراعة بعض محاصيل الخضروات مثل "الكوسا"، لكنه يتحدث عن عديد من الصعوبات والمشاكل التي واجهته، كالآفات النباتية التي تصيب هذا المحصول وصعوبة التعامل معها، وما ينتج عنها من تبعات ناتجة عن نقص الكاليسيوم، في ظلّ ارتفاع أسعار الأسمدة الخاصة بذلك، بما يقارب 30 أالف ريال يمني للتر الواحد.
أصيب القطاع الزراعي في اليمن بعدة أزمات، نتيجة الصراع الذي أنهك البلاد وقطاعاته المختلفة طوال ثماني سنوات، إذ دُمّر عددٌ من الأسواق المركزية، وانقطعت الطرق بين المدن، ما أدّى إلى صعوبة توصيل المنتجات الزراعية لبيعها وتسويقها.
كما يؤكّد أنّ الحرب الدائرة في البلاد والحصار وإغلاق الطرقات، أثّرت بشكلٍ كبير على القطاع الزراعي مع توقف عمليات التصدير إلى المحافظات الأخرى داخل اليمن، وأايضًا توقف التصدير إلى السعودية، إذ كان منفذ "حرض" يعد أكبر منفذ للصادرات الزراعية، ومع إغلاقه عقب اندلاع الحرب توقفت الصادرات الزراعية، ممّا أدّى إلى خسائر فادحة يتكبّدها المزارعون والقطاع الزراعي.
واقع ينذر بالخطر
ولجأ العشرات من المزارعين إلى زراعة نبتة "القات"، للحصول على مردود مالي قلّ أن يجدهُ في محاصيل أخرى، لا سيما بعد تراجع إنتاج المحاصيل الزراعية من الحبوب بأنواعها إلى نحو 52%، بسبب ارتفاع أسعار الوقود وتكاليف مدخلات الإنتاج.
في الجانب، هذا يقول عبدالكريم قاسم - رئيس جمعية بني سنان التعاونية الزراعية، في حديثه لـ" ”خيوط": "من أبرز التحديات التي تواجهنا اليوم هي زحف شجرة القات على حساب شجرة البُنّ، لهذا أولينا اهتمامًا كبيرًا لدعم المزارعين لإعادة زراعة البُنّ وبعض الفواكه ،، بحيث وفرنا لهم الشتلات بأسعار رمزية".
يضيف أنّ الصراع وتغير المناخ أثر على قطاع الزراعة في اليمن إلى الدرجة التي تُهدّد سبل عيش اليمنيين، غير أنّ العودة لزراعة البُن تُعدّ خطوة في المسار الصحيح.
وتشير بيانات حكومية إلى انخفاض المساحة المزروعة إلى 5 الف آلاف هكتار بعد ما كانت تقدر بأكثر من مليون ومئيتَين أالف هكتار قبل الصراع الدائر في البلاد.
معاناة المزارعين
تأثيرات الحرب على القطاع الزراعي فاقم معاناة الكثير من المزارعين في تعز واليمن بشكل عام، خصوصًا الذين يعتمدون بشكلٍ رئيسيٍّ على منتوجات هذا القطاع كمصدر دخل وحيد، فصار الواحد منهم عاجزًا عن الحصول على قوت يومه.
يقول الباحث الزراعي عبدالولي الوافي، لـ"خيوط": "أصيب القطاع الزراعي في اليمن بعدة أزمات، نتيجة الصراع الذي أنهك البلاد وقطاعاته المختلفة طوال ثماني سنوات، إذ دُمّر عددٌ من الأسواق المركزية، وانقطعت الطرق بين المدن، ما أدّى إلى صعوبة توصيل المنتجات الزراعية لبيعها وتسويقها، وهو ما يعدُّ تحدّيًا أمام المزارعين".
ويتابع: "ونتيجة الصراع المسلح في اليمن عامة، ومحافظة تعز بشكل خاص، -والتي دفعت الكلفة الكبيرة من فاتورة الحرب، منذ اندلاعها وحتى اليوم والحصار الجائر التي يفرضه "الحوثيّون عليها"-، فقد أدى إلى نزوح أكثر المزارعين من مناطقهم الزراعية إلى مناطق آمنة تاركين كلّ ممتلكاتهم، وهذا سببٌ رئيسي في تراجع الزراعة في المحافظة".
يردف الوافي، أنّ الأضرار التي تعرض لها القطاع الزراعي أدّت إلى عزوف عديد من المزارعين عن الزراعة وتوقف تصدير المنتجات الزراعية، وما خلفه ذلك من تأثيرات على الأمن الغذائي في البلاد، وارتفاع أسعار السلع الغذائية، وعدم توفرها بصورة منتظمة، خصوصًا الحبوب والخضراوات والفاكهة، وحتى اللحوم والأسماك، ناهيك فضلًا عن عجز المستهلك عن الشراء، نتيجة ضعف القدرة الشرائية، وعدم توفر السيولة النقدية، وارتفاع سعر صرف العملات الأجنبية، وعدم دفع رواتب الموظفين".
ويوضح أنّ "التأثيرات الناتجة عن الأزمة الحالية على القطاع الزراعي كبيرة جدًّا، سواء كانت بصورة مباشرة أو غير مباشرة، إذ إنّ بعضها أصاب منشآت زراعية، مثل مشاتل البُنّ، وارتفاع أسعار المشتقات النفطية والمدخلات مثل البذور والأسمدة، وعدم توفرها".
ويختم حديثهة بالقول إنّ "أزمات المشتقات النفطية وارتفاعها المستمرّ تحدٍّ آخر للمزارع اليمني، إذ أسهمت في تلف المحاصيل خلال الأشهر الأولى من الأزمة .؛ نتيجة لكل ذلك هجر مزارعون كثر المهنة، واتجهوا إلى زراعة القات ومهن أخرى ذات مردود مرتفع".