تعدّ مأرب (شرقي العاصمة صنعاء) من أهمّ وأبرز المحافظات الزراعية في اليمن، لتنوّع مناخها وخصوبة أراضيها، حيث تعدّ الزراعة النشاطَ الرئيس لسكان المحافظة.
وتتميّز مناطقها الجبلية، والتي تشكّل النصف الغربي للمحافظة، بمناخٍ معتدل إلى حارٍّ صيفًا، وباردٍ نسبيًّا في الشتاء. أمّا المناطق المنخفضة والسهلية، فيكون المناخ السائد فيها حارًّا صيفًا، ومعتدلًا شتاءً، في حين يسود المناطق الصحراوية مناخٌ شبه مداريّ جافّ، حيث يكون حارًّا صيفًا وباردًا جافًّا شتاءً.
ويؤكّد مزارعون وخبراء وباحثون، أنّ النزوح ساهم في زيادة الاهتمام بالزراعة والتوسّع فيها، بالرغم من الصعوبات وارتفاع التكاليف في المحافظة التي تحتل المرتبة الثالثة من بين محافظات الجمهورية في إنتاج المحاصيل الزراعية، بنسبة (7.6%)، بعد محافظتَي الحُديدة وصنعاء. في حين تحتل المرتبة الأولى في إنتاج الحمضيّات (البرتقال)، بنسبة 74% من إنتاج الجمهورية ، حيث يقدّر حجم إنتاج المحافظة السنوي بنحو 130 ألف طن.
يشير الباحث الزراعي، أحمد العزعزي، لـ"خيوط"، إلى أهمّ المحاصيل الزراعية التي تشتهر مأرب بزراعتها؛ أبرزها الخضروات، مثل البطاطس والطماطم والبصل، ومحاصيل الحبوب، مثل القمح والشعير والأعلاف والذرة الشامية.
صعوبات وتحديات
يواجه المزارعون في مأرب العديد من الصعوبات والمعوقات؛ أهمُّها ارتفاع تكاليف المدخلات الزراعية من أسمدة وبذور وعمالة، إضافة إلى مشاكل في التسويق والنقل والطرقات، والتي تعدّ من العوائق المؤثّرة على القطاع الزراعي في هذه المحافظة.
يأمل مزارعون في مأرب أن تركّز الجهات الحكومية المعنية على توفير الأمن الغذائي، من خلال الاهتمام بالقطاع الزراعي، ودعم ومساندة المزارعين، خصوصًا مع وجود هذا العدد الكبير من النازحين، وأغلبهم مزارعون وفلاحون، وهذه ثروة بشرية جاهزة، فقط تحتاج إلى توجيه من قبل السلطة المحلية والجهات الحكومية المختصة بالزراعة.
لكن هناك بالمقابل جهودٌ حثيثة لنفض غبار الإهمال الذي عانى منه هذا القطاع الإنتاجي في محافظةٍ كانت على الدوام واعدة بالخير والعطاء الزراعيّ، والذي يتطلّب من الجهات المختصة استشعار هذه الأهمية والدور الريادي الذي اعتادت المحافظة أن تلعبه في رفد الأسواق المحلية بعديد من المنتجات والمحاصيل الزراعية.
يقول المزارع عبدالله عوض، لـ"خيوط"، إنّ هناك جهودًا حثيثة يتم بذلها لاستصلاح الأراضي، والتوسع الزراعي، وابتكار طرق وأساليب زراعية لمواجهة التحديات المتعدّدة التي تعترض المزارعين، وزراعة محاصيل متعاقبة في نفس المساحة من الأراضي الزراعية.
ويُرجع هذا المزارع أحد أسباب هذا التوسع والاهتمام الزراعي الحاصل، إلى زيادة عدد المزارعين القادمين من المحافظات الأخرى؛ حيث لعب النزوح دورًا كبيرًا في هذا المجال، وتوسعت الرقعة الزراعية، ودخلت محاصيل جديدة لم تكن تُزرَع من قبل.
وبحسب إحصائيات للسلطة المحلية في المحافظة، فإنّ مأرب استقبلت خلال الفترة الماضية مئات الآلاف ممّن نزحوا إليها؛ بسبب الحرب الدائرة في اليمن منذ العام 2015.
يؤكّد عوض أنّ هناك العديد من المحاصيل الزراعية التي تتميّز بها المحافظة، أهمّها البرتقال، حيث اشتهرت مدينة مأرب بزراعة الحمضيات كالبرتقال، خصوصًا في فصل الشتاء، إضافة إلى البطاطس والطماطم والبصل والزنجبيل الأخضر، مشيرًا إلى أنّ التربة الخصبة والمناخ المناسب والمياه الكافية، عوامل قد ساهمت في تنوّع زراعة المحاصيل بالمحافظة.
الاهتمام المطلوب
تعتمد مأرب في الري الزراعي على مياه الأمطار، والسيول وآبار المياه الجوفية ومياه السد، حيث يغطي سد مأرب ما نسبته 4% من الأراضي الزراعية في المحافظة، بواقع 1800 هكتار، بحسب تقارير رسمية لوزارة الزراعة.
ويتحدّث سعيد بن علي، مزارع في مأرب، لـ"خيوط"، عن أنّ المزارعين في المحافظة يواجهون كثيرًا من المعوقات والتحديات؛ أهمّها الارتفاع الحاصل في تكاليف العملية الإنتاجية، وضعف السوق، وقلة المصانع؛ الأمر الذي يؤثّر على الإنتاج.
تتطلب عملية النهوض بالقطاع الزراعي والارتقاء بمستوى الأنشطة الاقتصادية بشكل عام، إيلاءَ القطاع الزراعيّ الاهتمامَ الكافي باعتباره من أهمّ وأكثر القطاعات المشغِّلة للأيدي العاملة في اليمن.
ويأمل المزارعون في المحافظة -كما يقول المزارع سعيد- أن تُركِّز الجهات الحكومية المعنية على توفير الأمن الغذائي، من خلال الاهتمام بالقطاع الزراعيّ، ودعم ومساندة المزارعين، خصوصًا مع وجود هذا العدد الكبير من النازحين، وأغلبهم مزارعون وفلاحون، وهذه ثروة بشرية جاهزة، فقط تحتاج إلى توجيه من قبل السلطة المحلية والجهات الحكومية المختصة بالزراعة.
ويعاني المزارعون في مأرب كذلك من كساد بعض المحاصيل الزراعية كالطماطم، في حين يأملون من الجهات المعنية أن تقوم بتوفير تقنيات الزراعة الحديثة التي ستساهم في رفع الإنتاج الزراعي، وإيجاد مصانع تغليف وتصدير محلية وخارجية.
دعم محدود
تمتلك مأرب غطاءً نباتيًّا متنوّعًا، رغم قلّته وعدم كثافته، من حيث النوع والكم من جزء إلى آخر، حسب طبيعة السطح والمناخ السائد، وأهمّ محاصيلها الزراعية هي الفواكه والحبوب والخضروات.
ويؤكّد الباحث الزراعي العزعزي، عدم توفر موازنة تشغيلية مناسبة لمكتب الزراعة في المحافظة، حيث إنّ ميزانية المكتب لا تزال كما كانت قبل الحرب، بالرغم من نزوح الكثير إليها منذ العام 2015.
ويشير إلى أنّ هناك اهتمامًا من قبل بعض المنظمات التي تساعد المزارعين بالتنسيق مع مكتب الزراعة، حيث قدّمت العديد من المساعدات في زراعة البطاطس لـ(200) مزارع، وبذورًا لمحصول القمح.
ويؤكّد مكتب الزراعة بالمحافظة، أنّه عمل مؤخرًا على مكافحة آفة جديدة يواجهها مزارعو القمح والحبوب في المحافظة، من خلال العمل على تشخيصها ومعرفة أطوارها، ومن ثَمّ كيفية التعامل معها.
ويرى العزعزي أهميةَ تظافر الجهود من الجميع لاستصلاح الأراضي الزراعية والنهوض بالقطاع الزراعي في مأرب، ومساعدة المزارعين بتسويق منتجاتهم، وفتح أسواق خارجية للمساهمة في تحسين مستوى الدخل المعيشيّ للمزارعين.
*تحرير خيوط