لا تتوقف أزمة الدواء عند حدود شحة توفره، بالأخص الأصناف والعقاقير المتعلقة بالأمراض المزمنة والخدمات المنقذة للحياة، بل تشمل جوانب أخرى مرتبطة بالفوضى الحاصلة في الأسواق وإغراقها بآلاف الأصناف الدوائية البديلة (المزورة) لتغطية العجز الحاصل في الأصناف التخصصية التي اختفت.
وساهمت الظروف والأوضاع الناتجة عن الحرب والصراع في اليمن، في تفاقم أزمة سوق الدواء في البلاد، حيث يموت الآلاف من الفقراء في مختلف المناطق اليمنية، لأسباب تتعلق بعدم حصولهم على ثمن الدواء في بعض الأحيان، وبسبب غلاء سعره في أحيانٍ كثيرة، أو لعدم تواجده، كما هو حال بعض الأدوية الخاصة لمن يعانون من أمراض مزمنة ومستعصية، بينما يموت آخرون لعدم حصولهم على أصناف دوائية آمنة أو ذات جودة.
بالمقابل، تباع في الأسواق اليمنية أدوية مهرَّبة ومنتهية الصلاحية في الصيدليات والبقالات (محال بيع المواد الغذائية بالتجزئة) والمتاجر، على مرأى ومسمع من الناس، ومن السلطات الحاكمة، فلا رقابة ولا محاسبة لهذا القطاع الحيوي الذي يمسّ حياة البشر، والأدهى والأمَرّ أنّ معظم الأطباء في اليمن أصبحوا غارقين في صفقات بيع وتصريف الأصناف الدوائية، دون النظر للعواقب الصحية التي قد تصيب المواطن المغدور به، ولا حتى النظر لأمانة الطبيب العلمية وضميره المهني، وأصبحت الأدوية والعقاقير الطبية في اليمن سلعًا تجارية لمن يبحث عن الربح السريع.
"خيوط" في هذا الملف تسلط الضوء على هذا الواقع المأساوي، أزمة توفر الدواء في اليمن، وطرق إدارة سوقه، وتفشي ظاهرة التهريب والغش والتزوير، واستغلال عديمي الضمائر للوضع الراهن واحتياجات المرضى، الذين تعصف ببلادهم أكبر أزمة إنسانية على مستوى العالم بحسب تصنيف الأمم المتحدة.