المعلوم صحيًّا أنّ حُقَن الروماتيزم (Benzathine penicillin)، وأشهرها حُقنة (الريتاربين -RETARPE)، يتم وصفها لعلاج الحمى الروماتيزمية ولاستخداماتها مبررات، وطرق، ومحاذير، وينقلب مفعولها عكسيًّا، في حال تم إعطاؤها للمرضى دون معرفة مضاعفاتها الجانبية، خصوصًا على حاملي أمراض (متزاملة) مع المرض الأصل.
خطورة المزاملة
ذهبت أروى (18 سنة)، تعيش في حي دارس بأمانة العاصمة صنعاء، إلى ممرضة تعيش في نفس الحي لضرب إبرة الروماتيزم، حيث كانت تحقنها بانتظام في مركز صحي جوار منزلهم القديم بمديرية السبعين منذ كانت صغيرة، لكن الممرضة الجديدة استخدمت مخدرًا موضعيًّا (ليدوكائين - Lidocaine) لحقنها دون معرفة الحالة المرضية للفتاة التي كانت تعاني من أمراض في القلب، وفي اعتقادها أنّ المخدر الموضعي سوف يخفف ألم الحقنة.
ففي حالة معاناة المريض من مشاكل قلبية، يفترض استشارة الطبيب قبل استخدام أي علاج أو مخدر، وهو ما لم تفعله الممرضة قبل حقن المريضة، وهو ما أودى بحياتها في الحال بين يدي الممرضة.
رياض (15 سنة)، أصيب بتشنجات عصبية، أغمي عليه على إثرها بسبب حقنه بإبرة روماتيزم على معدة فارغة تمامًا، ليتضح لاحقًا أنه لم يأكل منذ يومين، وفي هذه الحالة كان يفترض توخي الحيطة والحذر.
في سياق متصل، تشدد سلوى الجبرتي، ممرضة في مركز الجلال في مديرية بني الحارث صنعاء، على أهمية اختبار التحسس قبل حقن أي إبرة من المحتمل تسبّبها في مضاعفات ومن بينها حقن الروماتيزم.
وقالت الجبرتي في حديث لـ"خيوط": "حدثت معي مرة، حيث قمت بحقن مريضة دون اختبار التحسس لديها، وسرعان ما أغمي عليها، جراء هبوط حادّ جدًّا في الدم، ليتضح لاحقًا أنّ المريضة كانت تعاني من تحسس ضد الدواء الذي حقنتها به، علاوة على ذلك كانت المريضة وقتها شبه صائمة". وتضيف الجبرتي: "سلّم الله في تلك المرة، لكن الثابت أنه يتوجب على المريض وعلى المعالج أخذ الحيطة والحذر والتنبّه لهذه الأمور؛ حتى لا يحدث ما لا يحمد عقباه، أو تسوء حالة المريض".
اختبارات ضرورية
عصام أحمد النجاشي، استشاري أول أمراض وجراحة العظام والمفاصل، تحدث لـ"خيوط" عن خطورة استخدام حقنة الروماتيزم وحُقن المضادات الحيوية بشكل عام عشوائيًّا، قائلًا: "حقن الروماتيزم عبارة عن (بنزاثين بنسلين - Benzylpenicillin) أي مضادّ حيوي، يعطى كل 21 يومًا، أو قد تخفض المدة إلى كل 14 يومًا، بمعنى أن استخدامه دون مراعاة الفترة الزمنية وبدون وصفة طبيب يسبب للمريض تسمم؛ لأنّ المضاد يتراكم في الدم، إضافة إلى خطورة عدم تجربة إبرة التحسس، لأنّ المريض قد يصاب بصدمة تحسسية تؤدّي للوفاة بسبب ردة فعل الهيستامين في جسمه الرافض لأي شيء، سواء كان دواء أو طعامًا أو غازًا أو مادة موضعية".
ويؤكّد النجاشي أن إبرة الروماتيزم تعطى للمريض بحسب علامات الميجور والمينور، فإذا وجد الطبيب علامتين أو علامة ميجور وعلامتين مينور، فيصف الإبرة كل 14 يومًا لمدة 5 سنوات، أما إذا كانت الميجور والمينور أقل من (2)، فلا تعطى بشكل منتظم.
الجدير بالذكر أنّ الميجور هي الأعراض التي تشير إلى وجود حالة خطيرة أو مهددة للحياة، قد تشمل مثلًا صعوبة شديدة في التنفس، وانخفاضًا حادًّا في ضغط الدم، أو نزيفًا شديدًا داخليًّا أو خارجيًّا، أو صدمة وفقدان للوعي.
أما علامات المينور، فهي الأعراض التي لا تشكّل خطرًا كبيرًا على حياة المرضى، وقد تكون أقل شدة من علامات الميجور، قد تشمل مثلًا صعوبة في التنفس، خفيفة إلى متوسطة، وارتفاعًا طفيفًا في درجة الحرارة، وألمًا في المعدة أو الصدر بشدة متوسطة، وتورمًا خفيفًا في الأطراف.
"بعض المرضى الذين شخصت حالتهم بحالات روماتيزم، يستمرون في شرائها واستخدامها حتى بعد انقضاء الفترة الممنوحة لهم، والتي لا تتجاوز الشهور الثلاثة، ظنًّا منهم أنهم على صواب، وهو الخطأ بعينه، إذ يتوجب عليهم العودة للطبيب فور انتهاء المدة المحددة ليقرر ماذا بشأنها، ويحدد تطورات الحالة المرضية".
أين تقف الوزارة؟
وحول دور وزارة الصحة في ضبط المخالفين، ومحاسبة المستهترين بأرواح الناس، سواء كان من خلال بيع الأدوية المهربة أو بشكل عشوائي، يؤكد عبدالقوي الجنيد، نائب مدير الإمداد الدوائي بوزارة الصحة بصنعاء، في حديث لـ"خيوط"، أنّ لوزارة الصحة دورًا هامًّا في ضبط الأدوية المهربة والمغشوشة، والتوعية من خلال برنامج الإعلام والتثقيف الصحي حول استخدامات الأدوية بشكل عام، بالإضافة إلى تقدم الإجراءات اللازمة للتأكد من صلاحية وسلامة الأدوية بما فيها حقن الروماتيزم المستخدمة في السوق المحلية. الجنيد أضاف أنهم في الوزارة يتعاملون مع الشكاوى المتعلقة بحقن الروماتيزم أو غيرها من الشكاوى بشكل حازم وصارم، في حال وجود إثباتات وأدلة.
يرى محمد عثمان، صيدلاني، في حديث لـ"خيوط"، أن بعض المرضى الذين شخصت حالتهم بحالات روماتيزم يستمرون في شرائها واستخدامها حتى بعد انقضاء الفترة الممنوحة لهم، والتي لا تتجاوز الثلاثة شهور، ظنًّا منهم أنهم على صواب، وهو الخطأ بعينه، إذ يتوجب عليهم العودة للطبيب فور انتهاء المدة المحددة ليقرر ماذا بشأنها، ويحدد تطورات الحالة المرضية".