على مدى الأسابيع الماضية، كانت المسلسلات اليمنية التي أنتجتها القنوات المتعددة، أحد أبرز مواضيع النقاشات بين اليمنيين خلال شهر رمضان، التي امتدت إلى متاهات الجدال العقيم، والسجال المفتوح.
معظم موجات التفاعل ورياح النقد التي طالت هذه المسلسلات، لم تغص في جذورها السحيقة، والتي حاولت "خيوط" تتبعها بتحليل بيانات المسلسلات التي أنتجتها سبع قنوات فضائية؛ هي: يمن شباب، السعيدة، المهرية، الغد المشرق، حضرموت، المسيرة، الهوية، وشملت 11 مسلسلًا، لتحديد مدى التباين الواضح في حضور الأسماء النسوية، والتفاوت في أعداد نجومها، الذي لا يعني بالضرورة الإجادة في التمثيل والأداء كلما زاد أو تقلص.
اليمن في جوجل تراند
بلغ عدد المشاركين في مسلسلات رمضان هذا العام، من ممثلين وممثلات 431 ممثلًا وممثلة، كما بلغ عدد الممثلين/الممثلات الذين ظهروا بأكثر من دور وأكثر من مسلسل 37 ممثلًا وممثلة.
واحتلت قناة المهرية التي أنتجت اثنين من المسلسلات، هما: "رحلة ذهاب"، بطولة سالي حمادة، ومسلسل "عيال قحطان"، الأعلى في عدد الممثلين/ات 86، بما نسبته نحو 20% من إجمالي الممثلين، وتلتها قناة الغد المشرق، التي أنتجت مسلسلين: "حبة بالكرتون"، و"ميمي كما ويوا 2" بعدد 76 ممثلًا، فيما أنتجت قناة السعيدة مسلسلي "خلف الشمس"، و"مخلف صعيب"، شارك فيهما 56 ممثلًا وممثلة، واحتلت قناة "الهوية" الأقل بعدد الممثلين، حيث بلغ عدد الممثلين في مسلسلها "كلام في محله"، 12 ممثلًا وممثلة، بنسبة 3%.
وتصدر مسلسل "خلف الشمس"، عبارات البحث كما تظهر البيانات التي تم مراجعتها عن المسلسلات اليمنية في جوجل تراند، تلاه "ليالي الجحملية". إذ أن أغلب كلمات البحث عن المسلسلات كانت من المدن الرئيسية أمانة العاصمة، تعز، عدن، إب، حضرموت، الحديدة.
تقول الناقدة هدى جعفر إن "غياب المرأة خلف الكاميرا ظاهرة موجودة في العالم ككل، وما يحدث في اليمن هو جزء من هذه الظاهرة، فالدراما اليمنية وفق المتحدثة، بعيدة عن أصول الكتابة الدرامية
أما عن البحث من اليمن عن المسلسلات العربية، أظهرت بيانات جوجل ثلاثة مسلسلات في الصدارة على التوالي، وهي: موسى، ونسل الأغراب، وأمينة حاف.
الوجوه النسوية هن الأقل
من بين 11 مسلسلًا تم إنتاجها، كانت أنثى واحدة في صدارة المسلسل كمؤلفة وهي سالي حمادة في مسلسل "رحلة ذهاب"، بينما شاركت بلقيس العودي في تأليف مسلسل "ليالي الجحملية"، وانحصرت أغلب أدوار فريق العمل كالتصوير والمكساج والمونتاج والإخراج وتصحيح الألوان، وغيرها على الذكور، إذ توزعت أدوار التمثيل هي الأخرى على 27 امرأة مقابل 73 من الذكور.
في تفاصيل الأعمال الدرامية كان مسلسل "ميمي كما ويوا 2" الأقل بنحو 11% إناث مقابل 89% ذكور، وفي المرتبة الثانية جاء مسلسل "خلف الشمس" بين الأقل عددًا 19 ممثلة مقابل 81 ممثلًا ذكور، فيما احتل مسلسل "كابتشينو" المرتبة الأولى في عدد الإناث بنسبة 43% مقابل 57% للذكور، ثم مسلسلا "مخلف صعيب" و"عيال قحطان" في المرتبة الثانية، بنسبة 33% للإناث، مقابل 67% للذكور لكلٍّ منهما.
كما كانت النساء بين الأقل أسماء في فريق العمل بحسب البيانات التي حللتها "خيوط"، والتي أظهرت أربع إناث مقابل 96 من الذكور استحوذوا على أغلب الأعمال فيها، بما في ذلك فريق العمل في مسلسل "قلوب مقفلة" الذي أنتجته قناة المسيرة، ومسلسل "مخلف صعيب" الذي أنتجته قناة السعيدة.
بالمقابل، كان مسلسل عيال قحطان إنتاج قناة المهرية، الأعلى في نسبة عدد الإناث بـ14 أنثى مقابل 86 من الذكور، تلاه مسلسل "كلام في محله" بعشر إناث مقابل 90 للذكور.
وفي حديثها لـ"خيوط"، تقول الناقدة هدى جعفر إن "غياب المرأة خلف الكاميرا في الأعمال الدرامية ظاهرة موجودة في العالم ككل، وما يحدث في اليمن هو جزء من هذه الظاهرة.
وتقول جعفر في ذات السياق، إن الدراما اليمنية لاتزال بعيدة ليس عن الواقع فقط، بل بعيدة عن أصول الكتابة الدرامية كما يجب أن تكون، وما يحدث في الغالب وفق حديثها، عبارة عن تجميع "لمانشيتات صحفية" ومنشورات "فيسبوكية".
ولا تستغرب هدي من ظهور النصوص الدراميّة خالية من أي مشاركة حقيقية للنساء، إذ ليست صورة النساء هي المشوهة في الدراما بل صورة الرجال أيضًا". وتؤكد أن هناك مواضيع مكررة يتناسخها الكُتاب من عامٍ إلى آخر، فيغلب عليها الاستسهال والنسخ والتقليد مع وجود استثناءات قليلة جدًّا في بعض الأعمال، إضافة إلى ذلك تنتقد هدى عملية التركيز على مناقشة القضايا كهدف وحيد للأعمال الدراميّة.
من جانبه، يرى الصحفي توفيق الشرعبي في حديثه لـ"خيوط"، أن الصفة الملازمة للإعلام اليمني بشكل عام (حكومي - خاص) هو قلة وجود الكادر النسائي وهذا يعود لسببين، الأول أن المجتمع وإلى وقت قريب كان ينظر بعين عدم الرضا لمجال الإعلام، لذا لم تكن الأسر تسمح للمرأة أن تدخل في هذا المجال إلا نادراً.
إلى جانب ذلك، يأتي السبب الثاني وفق الشرعبي والمتمثل بعدم وجود الفرص الوظيفية في مجال الإذاعة والتلفزيون، لذا تختار أغلب الفتيات تخصص الصحافة أو العلاقات العامة، كما أن هناك سببًا ثالثًا يخص المرأة نفسها حيث تفضّل أغلب الفتيات مجال التقديم أو الإعداد، بينما نادراً ما يحترفن التصوير التلفزيوني أو المونتاج أو الإخراج وغيرها من التخصصات الفنية.