تُعدّ الألعاب الأولمبية واحدة من أهم البطولات العالمية التي تقام كل أربع سنوات في مختلف عواصم الدول التي تحظى بتنظيم البطولة، وهي فرصة للتنافس وتمثيل الأوطان بين الرياضيّين؛ وذلك بتحقيق ميداليات لا يهم لونها بقدر أهمية تمثيل البلد المشارك.
هذه المرة تستضيف مدينة باريس النسخة الـ33 للألعاب الأولمبية خلال الفترة من 26 يوليو/ حزيران إلى 11 أغسطس/ آب، بمشاركة ما يزيد على 10 آلاف رياضيّ ورياضيّة من مختلف البلدان.
كالعادة، كانت مشاركة اليمن ضعيفة وخجولة في هذه النسخة من الأولمبياد، حيث شاركت ببطاقة دعوة تم منحها لأربعة رياضيّين، هم: ياسمين الريمي، لاعبة الرماية في تخصص مسدس هوائي (10 أمتار)، ولاعب الجودو هشام مكابر في وزن (60 كجم)، والسبّاح يوسف مروان (100 متر سباحة فراشة)، إضافة إلى العدّاء سمير اليافعي للمشاركة في سباق (100 متر).
بهذه الدعوة الإجبارية، تشارك اليمن في الألعاب الأولمبية الصيفية للمرة الثانية عشرة في التاريخ الأولمبي، حيث كانت البداية من أولمبياد لوس أنجلوس في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1984.
واقع الحال في اليمن
تعدّ هذه المشاركة بمثابة تسجيل حضور لتجنب خسارة اليمن مقعد العضوية، كما تؤكّد اللجنة الأولمبية اليمنية التي توضح أنّ المشاركة في هذه الدورة كانت ملزمة للجنة الأولمبية اليمنية ولكل اللجان الأولمبية في العالم؛ لأنّ أيّ لجنة تتخلف ستكون مهدّدة بخسارة مقعدها أو عضويتها في اللجنة الأولمبية الدولية.
أمين عام اللجنة الأولمبية اليمنية، محمد الأهجري، يقول في تصريح لـ"خيوط"، إنّ المشاركة في أولمبياد باريس كانت إجبارية وملزمة للحفاظ على المقعد وليس المنافسة، وهو الأمر الذي دفعه لوصفها بالمشاركة المتواضعة، كونها تعكس واقع الرياضة في اليمن وما تعانيه من صعوبات نتيجة الظروف الصعبة التي تعيشها البلاد.
يحمّل الملحقُ الأولمبي للبعثة اليمنية في باريس، اللجنةَ الأولمبية اليمنية مسؤوليةَ الإخفاق المتكرر في الأولمبياد؛ فعندما تريد صناعة بطل أولمبي عليك تجهيزه لمثل هذه المحافل، وليس لغرض المشاركة فقط؛ لا سيما أن اللجنة الأولمبية اليمنية تحصل على دعم من اللجنة الدولية، ويُفترض استخدامه في عملية التأهيل حتى يتسنى التغلب على هذه المشكلة، بالاهتمام بالمواهب والنشء.
يشير الأهجري إلى أن مرحلة الإعداد لهذه النسخة بدأت مباشرة بعد انتهاء أولمبياد طوكيو في 2018، نظرًا لما تخللها من مشاركات عربية وآسيوية، فكانت كل مشاركة بمثابة مرحلة من مراحل الإعداد للألعاب الأولمبية في باريس 2024.
كما تم إشراك عددٍ من الرياضيّين؛ لاعبات ولاعبين تم ترشيحهم من الاتحادات، من أجل المشاركة في الألعاب الآسيوية والعربية بغرض إعدادهم لمشاركات خارجية، إضافة إلى تنظيم معسكرات قبيل الألعاب الآسيوية في عدد من الدول، منها مصر والأردن والصين.
أما فيما يخص الألعاب العربية، بحسب الأهجري، فقد تم الاستعداد لها في الجزائر قبل أن يتم تدشين معسكر خاص استعدادًا لأولمبياد باريس، غير أنه كان محدودًا، استمر نحو 15 يومًا فقط، في العاصمة المصرية القاهرية.
تحديات تعترض المشاركة في باريس
واجهت اللجنة الأولمبية واللاعبين تحديات كبيرة في كل معسكر أو مشاركة؛ تنوّعت بين شحة الإمكانيات المالية، وصعوبة الحصول على تأشيرات دخول الدول التي أقيمت فيها المعسكرات والمشاركات، إلى جانب ما يتعرض له الرياضيّون من ضغط وانتقاد من وسائل الإعلام، يصل إلى الإساءة.
وهو الأمر الذي ينعكس على معنوياتهم بدلًا من التشجيع والدعم، لكن هذه الصعوبات أكسبت الرياضيين خبرة لتجاوز التحديات في كل مرحلة من مراحل تمثيلهم لليمن.
يقول المبعوث الإعلامي للجنة الأولمبية اليمنية، ذو النورين الحربي، لـ"خيوط"، إنّ هناك صعوبات عديدة رافقت اللاعبين، خصوصًا في مرحلة الإعداد للسفر إلى باريس، حيث استطاعت اللجنة المنظمة للأولمبياد تفاديها، خصوصًا ما يتعلق بالسفر، حيث كان هناك عوائق عدة؛ أبرزها أن بطائق اعتماد اللاعبين صُرفت لهم قبل يومين فقط مِن بَدء الألعاب الأولمبية؛ ممّا أخّر وصول البعثة الرياضية.
يُرجع الحربي سبب هذا القصور إلى اللجنة المنظمة لأولمبياد باريس، فهناك قصور كبير في هذه النسخة من ناحية التنظيم، حتى فيما يخص الإعلاميين، وفق حديثه، مؤكدًا عدم وجود أيّ دعم حكومي للاعبين، باستثناء الزيارة التي قام بها وزير الشباب والرياضة، نايف البكري، للبعثة في باريس، وصرف حافزٍ مالي للّاعبين الأربعة.
في حين يشير الأهجري إلى أنّ كل المعسكرات والمشاركات تمت بإمكانيات اللجنة الأولمبية فقط، من خلال الدعم الذي تتلقّاه من اللجنة الأولمبية الدولية والمجلس الأولمبي الآسيوي، ولا يوجد داعمون آخرون بل ليس هناك أيّ اهتمامٍ أصلًا، فضلًا عن الدعم.
من يتحمّل مسؤولية الإخفاق؟
تشارك اليمن بشكل دائم، كما اعتادت، بالبطاقات البيضاء، وليس عن طريق التأهل والتنافس، يضاف إلى ذلك أنّ المشاركة في نسخة باريس من الألعاب الأولمبية إلزامية، ما لم فستفقد البلاد مقعدها في اللجنة الأولمبية الدولية.
لذا وفق الحربي، فإنّ جميع المشارَكات تعتبر رمزية وليست للمنافسة، إذ تمر البلاد بحالة حرب وصراع، أدّت إلى توقف الأنشطة الرياضية مع غياب الدعم، ما انعكس على انعدام الطموح والحافز لتحقيق المستحيل، وفق حديث المبعوث الإعلامي للجنة الأولمبية اليمنية.
في السياق، يؤكد عبدالسلام محمد، صحفي رياضي لـ"خيوط"، أنّ اللجنة الأولمبية تتحمل مسؤولية الإخفاق المتكرر في الأولمبياد؛ فعندما تريد صناعة بطل أولمبي عليك تجهيزه لمثل هذه المحافل، وليس لغرض المشاركة فقط.
وكما هو عليه الحال، يعتقد عبدالسلام محمد أنّ اللجنة الأولمبية كبقية اللجان، تحصل على دعم من اللجنة الأولمبية الدولية، متسائلًا: "لماذا لا نهتم بمجموعة من المواهب ونقوم بتأهليهم حتى يتسنى لنا التغلب على هذه المشكلة، فالاهتمام بالمواهب والنشء مع الاستعانة بذوي الخبرة في المجال الرياضي، سيضمن أبطالًا أولمبيين".
الجدير بالذكر، أنّ اللاعبة ياسمين الريمي، لاعبة الرماية، حقّقت تحسّنًا في رقمها السابق بالرغم من مركزها المتأخر، حيث احتلت المركز الـ40 من أصل 44 في منافسات الرماية، أما هشام مكابر، لاعب الجودو، فخسر من أول مباراة أمام بطل جاميكا بعد صموده أربع دقائق.
وفيما يخص مشاركة يوسف فرتوت، أصغر سبّاح عربي في الأولمبياد، فقد كسر رقمه الشخصي، وحقّق إنجازًا شخصيًّا حين أنهى تصفيات السباق بزمن قدرُه دقيقة وثماني ثوانٍ واثنان وسبعين جزءًا من الثانية، بينما حقّق العدّاء سمير اليافعي زمنًا أفضل من السابق بفارق 24 جزءًا من الثانية، في سباق 100 متر- ألعاب قوى، بذلك انتهت رسميًّا رحلة اليمن في أولمبياد باريس 2024، وللمرة الثانية عشرة في الألعاب الأولمبية.