في أحد أسواق الجملة بالعاصمة صنعاء، يؤكّد تاجر الخضروات والفواكه، علي المطري (43 عامًا)، أنّ فاكهة الفراولة تتدفق إلى الأسواق بكثرة في الثلاثة الأعوام الأخيرة، موضحًا أنّ مصدرَ قدومها منطقتا بلاد الروس وسنحان في محافظة صنعاء. وبحسب المطري، هناك تجارب متعددة لزراعة الفراولة بأماكن مختلفة، إلا أنه يقول إن منطقة بلاد الروس هي المصدر الأشهر لتسويق المنتج للعاصمة صنعاء وعدة محافظات.
لُقّبت الفراولة بفاكهة الرشاقة، وتصنف من المحاصيل البستانية التي تعود بالربح الوفير على مزارعيها، ويمكن تصديرها بطرق مختلفة، سواء أكانت مجمدة أو مصنعة أو طازجة، وهي فاكهة غنية بالحديد والفسفور وحامض الليمون وحامض التفاح والكالسيوم وكميات عالية من فيتامينات A, B, C.
مؤخرًا، تزدهر زراعة الفراولة في اليمن، إذ اتخذت منحى جديدًا يرى من خلاله باحثون زراعيون أنّ مستقبلَ زراعة المنتج سيكون واعدًا، وسيفتح آفاقًا جديدة لخلق فرص العمل، ويضمن تحقيق الأرباح للمزارعين.
لا يكاد الملاحظ يمر من جولة في العاصمة صنعاء إلا ويرى باعة الفراولة يحملون الأوعية الممتلئة بالفاكهة الطازجة وينادون المارّة لشرائها، وإذا ما أردت سؤال أحدهم عن مصدر الفراولة سيقول لك إنها من بلاد الروس.
تعود أصول فاكهة الفراولة إلى القرن الثامن عشر في أوروبا حيث تشير المعلومات إلى أنها ظهرت في أمريكا الشماليّة ويطلق عليها في كثير من مناطق العالم اسم الفراولة، أما الاسم العلمي لها فهو "فراجاريا أناناسا" "Fargaria ananassa". ومؤخرًا شاعت زراعة الفراولة في اليمن، إذ يختار المزارعون زراعتها عن طريق استخدام الأشتال بدلًا من البذور، لفاعلية الأشتال في توفير الوقت وإنضاج الثمر في زمن قياسي.
متحدثًا إلى "خيوط"، يقول ياسين علي، أحد مزارعي الفراولة في بلاد الروس: "إن العناية بالفاكهة تحتاج جهدًا كبيرًا"، مؤكدًا أنّ التجربة كانت ناجحة رغم تشاؤمه في البدء. ويضيف: "الزراعة التقليدية للفراولة غير مربحة؛ ما اضطرنا إلى استخدام المحميات التي تُحسّن الجودة وتضاعف من كم المنتج".
أما محمد البهلولي، وهو مزارع فراولة في بلاد الروس أيضًا، فيؤكد قائلًا: "جهودنا في تحقيق النجاح بزراعة المنتج كانت وما تزال فردية وأهلية، إذ لا وجود لجهات معنية من قبل وزارة الزراعة أو مكاتب الزراعة في المنطقة لتقديم الإرشاد الزراعي والاستشارات التي يفترض أن تُحسّن من مستوى إنتاج المحصول بشكل أكبر".
وبدورها وجهت "خيوط" سؤالًا للمهندس الزراعي محمد عبدالحميد المنتصر، حول أسباب ومقومات نجاح زراعة الفراولة في بلاد الروس، إذ أجاب قائلًا: "مقومات نجاح زراعة الفراولة في بلاد الروس هي المساحات الشاسعة المتاحة والمناخ الملائم للمنتج، وكذلك وجود التربة الخصبة الغنية بالمغذيات التي تسمح بنمو الفراولة وتطويرها بشكل صحيح، حيث إنها تفضل التربة الحمضية الضعيفة إلى المحايدة، مع درجة حموضة مناسبة 5.5-6.5".
ويضيف المهندس المنتصر: "ومن أسباب نجاح زراعة الفراولة في بلاد الروس أيضًا، استخدام التقنيات الحديثة في الزراعة، كشبكات الري والبيوت المحمية التي تستخدم عندما تشتد البرودة، وتزال عندما تكون درجة الحرارة معتدلة وملائمة للفاكهة عالية الحساسية".
حرصًا منها على إفادة مزارعي الفراولة في بلاد الروس، تواصلت "خيوط" بالمحاضِر في كلية الزراعة بجامعة صنعاء، الدكتور عصام المدحجي، المتخصص في فسيولوجية وإنتاج الفراولة، وذلك لتقديم الوعي والإرشاد لزيادة الإنتاج وتجاوز المشكلات، إذ أفاد قائلًا: "إنّ التسميد بالكالسيوم والبورون يزيد من الإنتاج، وغسل الفراولة يتسبّب في إفسادها".
ويستكمل الدكتور المدحجي: "أمّا بالنسبة لمسائل القطف والفرز والتدريج، فيكون كلّ هذا بنفس الوقت حتى لا تفسد الفراولة". ويوصي الدكتور المزارعين باستخدام "الملش" وهو الغطاء البلاستيكي الذي يلغي طعم التراب من الفراولة، ويقلل من نمو الحشائش حولها، ويحافظ على رطوبة التربة لضمان إنتاجية أعلى وأجود.