بعد ممارساتها التنكيلية بحق المرأة في العمل والتعلم والمشاركة في الفضاء المدني والسفر، ها هي ترتكب جناية أخرى باستبعاد النساء من كشوف المقبولين للدراسة في معهد القضاء العالي، الدفعة الـ(25)، بالرغم من تقدم أكثر من مئة طالبة لامتحانات القبول لقضاء المحاكم والنيابات، وقبول أكثر من ستِّ مئة طالب، معظمهم محسوبون على الجماعة والأُسَر القريبة من بنية سلطتها الاحتكارية. وهذه الخطوة التمييزية والعنصرية في آن، تفضح أفق تفكير الجماعة وظلاميتها، التي ترى في مشاركة المرأة في الحياة العامة عيبًا وخللًا اجتماعيًّا يتوجب معالجته بطرائقها الذكورية الفجّة.
إعادة تشكيل بنية القضاء برغائب الجماعة، وبعناصر محسوبة عليها، هو لتمكينها كسلطة تمييزية مغلقة، لتنفيذ مخططها الاستحواذي على الوظيفة العامة وفضاءاتها الحيوية، ولاستخدام القضاء أداة استبداد ضدّ خصومها السياسيين وسلطتها الاجتماعية التمييزية.
وفي بيان لمنتدى القاضيات اليمنيات، اعتبر هذه الخطوة انتهاجًا لتمييز عنصري ضد المرأة وتجاوزًا للمعايير الموضوعية التي دأب عليها المعهد العالي للقضاء منذ أن فتح أبوابه للمرأة اليمنية للدراسة فيه منذ عام 2006، وبعد أن كانت الكفاءة العلمية معيارًا للمفاضلة بين المتقدمين ذكورًا وإناثًا. وأكّد البيان أنّ مثل هذه التصرفات تعد مخالفة للدستور والقوانين النافذة التي كفلت تكافؤ الفرص لكل المواطنين دون تمييز بين الذكر والأنثى، كما اعتبرها تراجعًا إلى الوراء، بعد أن كانت اليمن من أوائل الدول العربية التي منحت المرأة حق الولوج في السلك القضائي منذ عام 1971.
أمّا أهم المطالب التي حملها البيان فهي التراجع عن هذه الخطوة التمييزية، وإعادة النظر في معايير قَبول الدفعتين على نحو يسمح للمرأة بالمنافسة، ويضمن اختيار القبول على أساس الكفاءة العلمية والشروط القانونية فقط.