توغل مستمر للبحرية الإريترية في المياه الإقليمية

عمليات اختطاف وقرصنة بحق صيادي الأسماك اليمنيين
علي ميّاس
September 13, 2024

توغل مستمر للبحرية الإريترية في المياه الإقليمية

عمليات اختطاف وقرصنة بحق صيادي الأسماك اليمنيين
علي ميّاس
September 13, 2024
.

منذ اندلاع النزاع المسلح في اليمن أواخر عام 2014، تحول صيد الأسماك إلى واحدة من أكثر المهن خطورة في البلاد. فعلى مدار العشرية المنصرمة من عمر الحرب، تكبد الصيادون اليمنيون في غرب اليمن خسائر فادحة في الأرواح والأصول ووسائل العيش. فيما تمثل عمليات الاختطاف والقرصنة الممنهجة التي تنفذها القوات البحرية الإريترية إحدى أبرز التحديات عالية الخطورة التي تواجه الصيادين الذين يفتقدون وسائل حماية، إذ تتعقب هذه القوات صيّادي الأسماك اليمنيين باستخدام السفن والزوارق الحربية، وتقوم بإطلاق النار عليهم، واحتجازهم تعسفيًّا وإخفائهم قسريًّا لفترات زمنية طويلة وتعذيبهم. 

عسكرة المياه الإقليمية اليمنية

مما لا شك فيه، أنّ مجتمع الصيد تأثر بشكل حادّ بسبب الاضطرابات المستمرة في اليمن، حيث فقدَ العديد منهم سبل عيشهم وقواربهم ومعداتهم، وقد تركهم هذا غير قادرين على إعالة أنفسهم وأسرهم. وأدّت عسكرة المياه الإقليمية اليمنية والدولية من قبل الأطراف المتصارعة إلى تحويل البحار إلى ساحات معارك، فيما تم حظر مصائد بحرية أخرى معروفة لدى فئة صيادي الأسماك. هذا جعل رحلات الصيد البحري في هذه المياه محفوفةً بالمخاطر بقدر كبير. وقد فقدَ العديدُ من الصيادين حياتهم في البحر الأحمر بسبب انتهاكات قوانين الحرب من قبل الأطراف المتحاربة، مثل: القصف الجوي على القوارب وأسواق الأسماك، والألغام البحرية، وإطلاق الرصاص الحي، والإغراق حتى الموت، والتعذيب. 

ومن أبرز الأخطار التي تهدّد حياة الصيادين اليمنيين، توغلُ القوات البحرية الإريترية في المياه الإقليمية اليمنية، حيث تقوم هذه القوات التي لم تبدِ أيّ احترام لسيادة اليمن على مياهها، بمطاردة الصيادين اليمنيين، وإطلاق النار عليهم واحتجازهم تعسفيًّا، ممّا يشكّل عائقًا كبيرًا أمام توفير سبل عيشهم. وأفاد صيادون أنهم يمارسون الصيد ضمن مناطق اصطياد مسموحة ومحددة، ويمتلكون تصاريح رسمية تسمح لهم بالعمل، مع الوفاء بالتزاماتهم المالية تجاه السلطات المحلية.

مع ذلك، تخترق القوات الإثيوبية المياهَ الإقليمية اليمنية لملاحقتهم واختطافهم من المساحات المائية التي اعتادوا على الصيد فيها، سواء في المياه الإقليمية التي تسيطر عليها جماعة أنصار الله (الحوثيين) المدعومة إيرانيًّا، أو السواحل والجزر التي تسيطر عليها القوات المشتركة المدعومة إماراتيًّا غرب اليمن.

تشير تقارير حقوقية إلى أن القوات البحرية الإريترية ارتكبت جملة من الانتهاكات البشعة ضد العديد من الصيادين اليمنيين، بمن في ذلك الأطفال. وتشمل هذه الجرائم أعمال القتل والتشويه والاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري لفترات زمنية طويلة، دون السماح لهم بإجراء اتصال لعائلاتهم أو محامين، وفي ظروف احتجاز مزرية.

انتهاكات متكررة بحق الصيادين

خلال تسعينيات القرن الماضي، أبرمت اليمن مع إريتريا تفاهمات تشمل تنظيم صيد الأسماك بين البلدين، تتيح للصيادين، من الجانبين، العملَ في المياه الإقليمية لكلٍّ منهما، عقب حكم محكمة العدل الدولية في عامي 1998 و1999 التي نظمت عملية الصيد التقليدي بين البلدين الجارَين؛ ما يجعل الممارسات الإريترية ضد الصيادين اليمنيين تمثل خروقات صارخة لهذه الأحكام الدولية.

وتشير التقارير الحقوقية إلى أنّ القوات البحرية الإريترية ارتكبت جملة من الانتهاكات البشعة ضد العديد من الصيادين اليمنيين، بمن في ذلك الأطفال. وتشمل هذه الجرائم أعمال القتل والتشويه والاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري لفترات زمنية طويلة دون السماح لهم بإجراء اتصال لعائلاتهم أو محامين، وفي ظروف احتجاز مزرية، إلى جانب التعذيب والمعاملة القاسية والمهينة، مثل: الضرب بالعصي، والعمل القسري الشاق، وحجب الطعام والماء، وترتكب هذه الانتهاكات داخل مجمعات عسكرية في إريتريا، خصوصًا في منطقة مرسى فاطمة وجزيرة ترمة وحرمل الإريترية.

ووفقًا لإحصاءات من الهيئة العامة للمصائد السمكية في البحر الأحمر الخاضعة لجماعة "الحوثيين"، فقد بلغ عدد الصيادين المختطفين في عام 2021، 882 صيادًا. أمَا في عام 2022، فبلغ عددهم 750 صيادًا. وخلال عام 2023، أطلقت السلطات الإريترية سراح أكثر من 350 صيادًا يمنيًّا كانوا محتجزين لديها.

وفي أحدث واقعة تتعلق بالإفراج عن الصيادين اليمنيين، في 27 أغسطس/ آب 2024، أطلقت السلطات الإريترية سراح 72 صيادًا يمنيًّا اختُطفوا من المياه الدولية، في وقت سابق من ذلك الشهر. وعاد الصيادون إلى ميناء الخوخة، الواقع جنوب الحديدة. 

افتقاد الصيادين للخيارات البديلة

يعيش الصيّادون اليمنيون مأساة فعلية، في ظلّ الانتهاكات المتكررة التي يتعرضون لها من القوات البحرية الإريترية، ومصادرة معداتهم، إضافة إلى التحديات مرتفعة الخطورة الناجمة عن الحرب المحتدمة في اليمن. في حين يفتقرون إلى الخيارات البديلة المتاحة لهم؛ فهم مجبرون على مواصلة صيد الأسماك، حتى المخاطرة بحياتهم، تحت وطأة الظروف المعيشية المزرية وارتفاع كلفة المعيشة ونقص مصادر الدخل البديلة، وهذا يشير إلى حالة اليأس، والقرارات الصعبة التي يضطرون إلى اتخاذها، في ظل فشل السلطات في اليمن عن الوفاء بمسؤوليتها وحمايتهم.

إضافة إلى إنّ عدم قدرة منظمات حقوق الإنسان على الوصول إلى مراكز الاحتجاز الإريترية التي تحتجز الصيادين اليمنيين، أمرٌ مقلق للغاية. ويثير هذا الافتقار إلى الشفافية مخاوف جدية بشأن المعاملة وظروف الاحتجاز التي يعانيها هؤلاء الصيادون، والتي تنتهك المعايير الدولية لحقوق الإنسان. في حين يتوجب على الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًّا التحرك دبلوماسيًّا بالقدر الكافي، وتحمل مسؤولياتها حيال ما يتعرض له الصيادون اليمنيون، خصوصًا أنّ لدى أسمرة المئات من الصيادين اليمنيين رهن الاحتجاز التعسفي حتى اللحظة.

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English