تحضر اليمن في جلسة أخرى لمجلس الأمن الدولي في ضوء تطورات متلاحقة وتصعيد عسكري في الأسابيع الأخيرة، تعتبره الأمم المتحدة أسوأ ما شهده اليمن منذ أعوام، الأمر الذي زاد من تعريض حياة المدنيين للخطر.
وتجتذب محافظة شبوة منذ منتصف الشهر الماضي أنظار جميع اليمنيين، بعد تحولها إلى نقطة ساخنة لتصاعد الأحداث منذ صدور قرار بتعيين عوض الوزير محافظًا جديدًا للمحافظة التي اختارها التحالف بقيادة السعودية والإمارات أمس الثلاثاء 11 يناير/ كانون الثاني، للإعلان عن عملية عسكرية واسعة في اليمن أطلق عليها "حرية اليمن السعيد" في كافة المحاور والجبهات القتالية.
ودعا المبعوث الأممي إلى اليمن السويدي هانس غروندبرغ، في الإحاطة التي قدمها أمام مجلس الأمن، إلى وقف التصعيد العسكري، وكرر نداءه للأطراف المتحاربة لاحترام التزاماتهم طبقًا للقانون الإنساني الدولي بما يتضمن حماية المدنيين والمنشآت المدنية، والحفاظ على الطابع المدني للبنى التحتية العامة.
وقال غروندبرغ لمجلس الأمن: "يبدو أن الاعتقاد السائد لدى الأطراف المتحاربة هو أن إلحاق ما يكفي من الضرر بالآخر سيجبره على الخضوع. ولكن لا يمكن التوصل إلى حل مستدام على المدى الطويل في ساحة المعركة. ويمكن للأطراف المتحاربة، بل يجب عليها، أن تتحاور مع بعضها حتى لو لم تكن مستعدة لوضع السلاح".
تصاعد القتال بشكل غير مسبوق مؤخرًا في اليمن، والذي تركز في محافظة مأرب شرقي اليمن وشبوة جنوب البلاد
وفي هذه الجلسة الدورية لمجلس الأمن تحدثت الناشطة اليمنية عُلا الأغبري، والتي أحاطت المجلس بما يواجه المدنيين في اليمن من تحديات بسبب الحرب الدائرة في البلاد منذ سبع سنوات وما ألحقته من كلفة باهظة تتحملها النساء والشباب والفئات الضعيفة.
تبعات الصراع
ركز المبعوث في إحاطته، على ما يقوم به في تطوير إطار عمل شامل وجامع متعدد المسارات يغطي القضايا السياسية والاقتصادية والأمنية، بهدف تيسير تحقيق تقدم تدريجي على تلك المسارات بشكل متوازٍ. وتتوجه العملية كلها نحو التوصل إلى "تسوية سياسية مستدامة."
وأضاف: "يبدو أن الاعتقاد السائد لدى الأطراف المتحاربة هو أن إلحاق ما يكفي من الضرر بالآخر سيجبره على الخضوع. ولكن لا يمكن التوصل إلى حل مستدام على المدى الطويل في ساحة المعركة. يمكن للأطراف المتحاربة، بل يجب عليها، أن تتحاور مع بعضها حتى لو لم تكن مستعدة لوضع السلاح".
كما أن استمرار فرض إغلاق الطرق، ونقاط التفتيش في جميع أنحاء اليمن- وفق غروندبرغ، واستمرار وجود العوائق التي تعترض الاستيراد والتوزيع المحلي للسلع الضرورية للمدنيين، بما في ذلك الوقود، يضر السكان بطرق لا يمكن تبريرها، إضافة إلى ما تسبب به إغلاق مطار صنعاء على مدى ما يقرب من 6 أعوام في منع المواطنين في شمال اليمن من السفر للخارج، حتى للحصول على الرعاية الطبية المنقذة للحياة، وهو أمر لا يمكن أن يكون مستدامًا، إذ تقع على القادة اليمنيين والإقليميين والدوليين مسؤولية التعامل مع تلك القضايا.
وعبر غروندبرغ لمجلس الأمن، عن قلقه من الاتهامات باستخدام موانئ الحديدة لأغراض عسكرية، كما أن التهديد بالهجوم على تلك الموانئ مقلق بالقدر نفسه؛ لأن تلك الموانئ تمثل شريان حياة بالنسبة للعديد من اليمنيين. وتراقب بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة، الوضعَ، كما طلبت إجراء تفتيش.
كان المتحدث باسم التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات في اليمن، تركي المالكي، قد أكد في وقت سابق أن التحالف يعتقد أن استخدام جماعة أنصار الله (الحوثيين) لمواقع مدنية سيحوِّل ميناءي الحديدة والصليف غربي اليمن إلى أهداف عسكرية مشروعة، متهمًا الجماعة باستخدامها نقطتي انطلاق لعمليات عسكرية وبحرية.
وتنفي جماعة أنصار الله (الحوثيين)، هذه الاتهامات، بحسب القيادي في الجماعة ونائب وزير الخارجية في حكومة صنعاء حسين العزي، الذي يؤكد أن بعثة أممية تقوم بتنفيذ زيارات إلى موانئ الحديدة بشكل يومي وأسبوعي منذ اتفاق ستوكهولم، وفقًا لما نقله تلفزيون المسيرة التابع للجماعة عقب المؤتمر الصحفي للتحالف.
وتخضع موانئ الحديدة لاتفاق ستوكهولم الموقَّع بين الحكومة المعترف بها دوليًّا وبين أنصار الله (الحوثيين) برعاية وإشراف أممي في العام 2018، والذي يبقيها تحت إدارة بعثة أممية تشرف عليها، في حين يفرض التحالف بقيادة السعودية والإمارات قيودًا على واردات الوقود وغيرها من البضائع المنقولة لليمن، خصوصًا عبر ميناء الحديدة، حيث تفاقمت أزمة حادة مؤخرًا في الوقود بالعاصمة اليمنية صنعاء، بعد أيام من اتهام التحالف بقيادة السعودية والإمارات لأنصار الله (الحوثيين) باحتجاز سفينة عسكرية يقول الحوثيون إنهم استولوا عليها أثناء دخولها إلى المياه اليمنية في الحديدة.
قتال متصاعد
وتصاعد القتال بشكل غير مسبوق مؤخرًا في اليمن، والذي تركز في محافظة مأرب شرقي اليمن وشبوة جنوب البلاد، والتي أعلنت ألوية العمالقة التي تم نقلها الشهر الماضي من الساحل الغربي لليمن للقتال في شبوة، عن استعادتها لمديريات بيحان الثلاث التي كانت تسيطر عليها القوات التابعة لأنصار الله (الحوثيين) منذ نحو أربعة أشهر.
وقالت ألوية العمالقة المحسوبة على الحكومة المعترف بها دوليًّا والمدعومة من الإمارات، إنها استعادت السيطرة الكاملة على المحافظة بعد قتال على مدى عشرة أيام.
واشتدت المعارك منذ بداية العام الحالي في اليمن، بعد أن أرسل التحالف تعزيزات إلى شبوة، حيث أدى تقدم الحوثيين في سبتمبر/ أيلول الماضي 2021، إلى قطع الوصول إلى مأرب آخر معقل الحكومة المعترف بها دوليًّا شمال اليمن.
كانت مأرب، الواقعة في وسط اليمن، محور الحرب لأكثر من عام، حيث تسببت المعركة للسيطرة عليها في تعطيل جهود السلام التي تقودها الأمم المتحدة.
وترى الأمم المتحدة أن تصاعد القتال في اليمن في الأسابيع الأخيرة، ولا سيما في محافظات مأرب وشبوة ، له أثر مدمر على المدنيين. وتؤكد معاناة نحو 16 مليون فرد من نقص الغذاء، فيما يقف ملايين آخرون على حافة الجوع.