تجارب الفائزين باللوتري الأمريكي

من حلم الهجرة إلى مرارة خسائر الرفض
جهينة عبده
December 30, 2024

تجارب الفائزين باللوتري الأمريكي

من حلم الهجرة إلى مرارة خسائر الرفض
جهينة عبده
December 30, 2024
.

تمثّل الهجرة حلمًا للكثير من اليمنيين الذين يسعون للهروب من الأوضاع الاقتصادية والسياسية المتدهورة في بلادهم، ويُعدّ الفوز في قرعة اللوتري الأمريكي (DV Lottery) فرصة نادرة لتحقيق هذا الحلم.

مع ذلك، فإن الفوز باللوتري لا يعني دائمًا تحقيق الحلم؛ فقد واجه عددٌ من الفائزين تحديات كبيرة خلال رحلتهم إلى جيبوتي لإجراء المقابلة في السفارة الأمريكية هناك، حيث تم رفضهم بعد ذلك لأسباب متعددة.

العودة لنقطة الصفر 

لأجل الرحلة إلى جيبوتي، استعد الفائزون باللوتري، بجمع الوثائق اللازمة وتحضير أنفسهم للمقابلة، مما تطلب منهم وقتًا وجهدًا كبيرين، كانت الرحلة إلى جيبوتي مليئة بالأمل، حيث اعتقد الفائزون أنهم على أعتاب بداية جديدة في بلد الفرص، الولايات المتحدة الأمريكية.

العديد من الفائزين في اللوتري قرروا بيع ممتلكاتهم، بما في ذلك المنازل والأراضي، لجمع الأموال اللازمة للسفر، وحتى الاستقالة من الوظيفة، حيث كان دافعهم الأساسي هو الأمل في حياة أفضل. 

يقول أحد المتقدمين: "تركت عملي لأجل السفر والمقابلة، مرّ عام كامل وأنا أنتظر الرد، وأجّلت الزفاف، وأوقفت البحث عن وظيفة؛ لأنني متأمل بالعيش والاستقرار في بلاد الفرص، لكن تم رفضي للأسف لأسباب لم أدركها، الآن أحاول أن أكمل طريقي".

"كانت خسارتي كبيرة؛ ابتداء من السفر إلى عدن لقطع الجوازات، وبعدها السفر لجيبوتي، واستغنائي عن كل القضايا التي كنت أعمل عليها، بالإضافة إلى تكلفة المعيشة في جيبوتي، بدءًا من إيجار الشقة التي كلفتني 1500 دولار إلى مصاريف الأكل والشرب والكهرباء، لكنني عدت بلا عمل ولا مال، وأنا الآن أعيد تأسيس نفسي من الصفر"؛ هكذا يشرح المحامي علي غالب لـ"خيوط"، تفاصيل رحلته منذ أُعلن عن فوزه عام 2023، حيث استعد هو وعائلته جيدًا للسفر والمقابلة بعد إعلان فوزه، وجهزوا الشهادات الجامعية والفيش والتشبيه وشهادات الميلاد وكل ما لزم من تعميدات من الوزارة الخارجية والتعليم العالي.

يضيف غالب: "سافرت مع زوجتي وأولادي الثلاثة لجيبوتي، كانت المقابلة لا ريب فيها، عدا سؤالًا يتضمن الإجابة عن الفرق بين حكومة أنصار الله والحكومة السابقة. انتظرنا الرد شهرًا كاملًا في جيبوتي، لكن التكلفة كانت باهظة جدًّا؛ لذا عدنا إلى صنعاء من مطار عدن. وبعد تواصل مستمر مع القنصلية، تم الرد بالرفض بسبب نهاية العام، وإصدار جميع الفيز".

الرفض والقبول

تعكس تجربة علي غالب الواقع المؤلم الذي يعيشه الكثيرون في سعيهم لتحقيق حلم الهجرة، ويشاركه كذلك حميد فتحي (32 عامًا)، يعمل في التسويق، قائلًا في حديثه لـ"خيوط"، متجاوزًا خيبة الفوز: "أنا راضٍ بنصيبي"، موضحًا أن حاله أقل وطأة مما عانى منه آخرون التقى بهم في رحلة السفر إلى جيبوتي من خسارة مادية كبيرة ومعنوية، كانوا برفقة عائلاتهم.

سجل حميد عام 2022، وجاء إعلان فوزه بعد خطبته؛ لذا اضطر إلى تأجيل زفافه حتى هذه اللحظة، إذ يضيف قائلًا: "تركت عملي لأجل السفر والمقابلة، مر عام كامل وأنا أنتظر الرد، وأجّلت الزفاف، وأوقفت البحث عن وظيفة؛ لأنني متأمل بالعيش والاستقرار في بلاد الفرص، لكن تم رفضي للأسف لأسباب لم أدركها، الآن أحاول أن أكمل طريقي".

يتحدث محمد ناجي، مهندس برمجي، يعمل على تسجيل المتقدمين في اللوتري الأمريكي منذ أكثر من سبع سنوات لـ"خيوط"، يتحدث عن أن المتقدمين بعد الحرب، وتحديدًا في آخر خمس سنوات، زاد بنسبة 100%؛ مما يعكس الأمل المستمر في الهجرة رغم الصعوبات التي قد تواجه الفائزين.

في العام الماضي، قام بالتسجيل ما بين 700 إلى 800 شخص من مختلف الفئات؛ شباب وفتيات وعائلات بأكملها، وحتى كبار السن -بحسب ناجي- لكن ليس هناك رقم محدد للفائزين من اليمن أو أي دولة أخرى؛ لأن النتائج سرية، وقد لا يُفصح عنها صاحبها لأحد، وكل الأرقام التي يتم تداولها في وسائل التواصل الاجتماعي حول عدد المتقدمين والفائزين غير صحيحة، وإنما يمكن تقديرها.

بحسب القانون الأمريكي للهجرة والجنسية، فإن الرفض في منح تأشيرة اللوتري بموجب المادة  (g) 221يعني أن المعلومات الأساسية مفقودة أو أن الطلب يتطلب إجراءات إدارية إضافية.

بلاد الفرص 

يتم منح نحو 50 ألف تأشيرة كل عام للأفراد من دول مختلفة حول العالم، ويكون الاختيار عشوائيًّا للذين يلبون المتطلبات، بحسب ما توضحه الخارجية الأمريكية.

يودع الفائزون القرية بما فيها، والأصحاب والأهل جميعًا، ظنًّا منهم أنهم بقدومهم إلى جيبوتي ستكون الفيزا مضمونة؛ لذلك يبيعون كل ما بحوزتهم على أمل أن هناك تعويضًا أكبر، لكن عند الرفض يصاب الكثير بإحباط شديد، خوفًا من كلام الناس عند العودة. 

يشير علي العطاب، الذي يعمل في مكتب لترجمة الأوراق والملفات في جيبوتي، لـ"خيوط"، إلى أسباب عدة للرفض بعد المقابلة، منها: عدم توفر المؤهلات العلمية، شهادة ثانوية أو جامعية، أو فشل المتقدم بالإجابة عن الأسئلة العلمية أو الدراسية وقت المقابلة أو ارتباكه.

تصل عدد الطلبات المدخلة في اليانصيب، على وجه التقدير، إلى حوالي 50 ألف طلب من جميع المحافظات، حيث يتم اختيار قرابة أربعة آلاف شخص؛ أي بنسبة 80% من الذين تم إدخالهم. أما من يحصلون على مواعيد السفارات، فلا يتجاوزون 500 شخص؛ أي قرابة 10% من الذين تم اختيارهم.

بالإضافة إلى عدم توفر إثبات تعليم كافٍ، واختلاف المعلومات بين استمارة التقديم والأوراق التي تم تقديمها وقت المقابلة، فضلًا عن عدم تطابق تاريخ الميلاد أو محل الميلاد مع الجواز وبقية المستندات، في حين قد تكون هناك أسباب سياسية، أما بالنسبة لعدد الرفض والقبول -كما يوضح العطاب- فإن نسبة الرفض أكثر من القبول غالبًا؛ بسبب قلة معرفة المتقدمين بشروط التقديم.

ويقدر عدد المهاجرين اليمنيين في الولايات المتحدة الأمريكية بنحو 200 ألف مهاجر -بحسب بيانات منشورة على الإنترنت (على موقع ويكيبيديا) لم يتسنَّ التحقق من دقتها- حيث تعود أسباب الهجرة إلى الأزمات الاقتصادية والحروب والتوترات السياسية في اليمن، التي شهدت أيضًا ارتفاعًا كبيرًا في مستويات العنف منذ 2015، مما دفع الكثيرين إلى السعي نحو إيجاد ملاذ آمن في دول أخرى، مثل الولايات المتحدة.

أمل مفقود 

يتلقى بعض الفائزين خبر رفض طلباتهم بعد المقابلة بالإحباط واليأس، حيث قد يتعرضون لضغوط نفسية واجتماعية كبيرة، مما يؤدي إلى صدمة كبيرة، خاصة بعد كل التضحيات التي قاموا بها.

يقول مبارك رويدا، موظف سابق بالسفارة الأمريكية في كوالالمبور، لـ"خيوط": "تصل عدد الطلبات المدخلة في اليانصيب على وجه التقدير، إلى حوالي 50 ألف طلب من جميع المحافظات، حيث يتم اختيار قرابة أربعة آلاف شخص؛ أي بنسبة 80% من الذين تم إدخالهم".

أما من يحصلون على مواعيد السفارات فلا يتجاوزون 500 شخص؛ أي قرابة 10% من الذين تم اختيارهم، ومن بين هؤلاء، ينجح حوالي 200 شخص في الحصول على التأشيرة؛ مما يعني أن نسبة الذين يصلون إلى أمريكا لا تتعدى 0.5% من الذين يتم إدخالهم، حيث ينوّه رويدا بأن أكثر الفئات التي تقدّم على اللوتري هي فئة الشباب، تليها العوائل والفتيات، وأن معظم المتقدمين والفائزين هم من المناطق الوسطى، وتحديدًا من محافظة إب.

العديد من الأسر تفقد ممتلكاتها، ولا تستطيع العودة إلى وضعها السابق، مما يزيد من معاناتهم، وتصبح الأسرة في وضع مالي أصعب، حيث تعكس تجربة اليمنيين الذين فازوا باللوتري وواجهوا الرفض بعد المقابلة في جيبوتي، التحديات الكبيرة التي قد تواجه الأفراد والأسر أثناء سعيهم لتحقيق أحلامهم. ومن الأهمية أن يتم تقديم الدعم الكافي لهؤلاء الأفراد وعائلاتهم، وتعزيز الوعي حول قضايا الهجرة، لضمان عدم تكرار مثل هذه المعاناة في المستقبل.

•••
جهينة عبده

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English