انصدمت زينب (اسم مستعار) والبالغة من العمر 27 عامًا، من سكان مدينة تعز، من ردّ الموظف المختص في مصلحة الهجرة والجوازات بطلبه منها إحضار ولي أمرها كشرط لحصولها على جواز سفر خاص بها.
وتبدي في حديثها لـ"خيوط"، استغرابها من الاشتراطات الموضوعة لممارسة حقها القانوني في امتلاك وثيقة السفر، وهو ما تكفله لها مختلف التشريعات اليمنية النافذة في هذا الخصوص.
تؤكد سيدة أن والدها لم يأتِ معها إلى مصلحة الهجرة والجوازات لأنها لم تقابله منذ سنوات، بسبب انفصاله عن والدتها منذ أن كان عمرها 6 سنوات، بينما لم يكن شقيقها في تعز حيث تعيش مع والدتها لتواجده خارج المدينة، ويصعب عودته إليها لأجل أخذ بصمته بحسب الإجراءات التي تتبعها الجهات المختصة بمعاملات استصدار جواز السفر للمرأة بعكس الرجل الذي يتم منحه وثيقة السفر بدون أي اشتراطات أو عراقيل.
تروي سيدة لـ"خيوط"، أنها ذهبت إلى مصلحة الجوازات برفقة والدتها، لاستكمال الإجراءات لكن مدير المصلحة نعتها بألفاظ سيئة أمامها، ورفض التخاطب معها.
ترددت سيدة إلى مصلحة الهجرة والجوازات لمدة أسبوع، قبل أن يتعاون معها موظفون في مصلحة الهجرة والجوازات، لتحصل أخيرًا على وثيقة سفر، عانت كثيرًا في الحصول عليها.
وتعبر عن شعورها بالقهر على معاناة المرأة ووضعيتها في اليمن، إذ ليس لها الحق في الحصول على وثيقة سفر، بالرغم أنها مواطنة مثلها مثل الرجل، ويحق لها أن تحمل هوية شخصية ووطنية خاصة بها.
يرى مختصون أن من حق المرأة الحصول على جواز سفر بدون اشتراطات، وهو ما تكفله لها كل القوانين النافذة في هذا الخصوص، إضافة إلى عدم وجود أي تشريعات وقوانين تربط حصولها على جواز السفر بموافقة ولي الأمر.
بالمقابل، يرى مسؤول في مصلحة الهجرة والجوازات في تعز -تحفظ عن ذكر اسمه- أن الإجراءات في هذا الشأن لها مبرراتها، علاوةً على أنها تتوافق مع الشرع والقانون.
ويرجع أسباب ذلك إلى حدوث مشاكل من قبل أولياء الأمور، حال حصول المرأة على جواز سفر دون موافقتهم، وقد تصل إلى رفع دعاوى قضائية من قبل الأزواج أمام المحاكم، حيث يرفضون حصول زوجاتهم أو بناتهم على وثيقة السفر دون موافقتهم.
مبررات واهية
زينب واحدة من عشرات النساء اللواتي يترددن على مصلحة الهجرة والجوازات يوميًّا، دون أن يحظين بوثيقة السفر رغم أن القانون اليمني رقم (7) بشأن الجوازات والسفر، يسمح لكل حاملي الجنسية اليمنية ممن بلغوا سن السادسة عشر، بالحصول على جواز السفر .
ووفقًا للائحة قانون الجوازات، لا يوجد نص قانوني يشترط موافقة ولي الأمر، إلا أن إجراءات موافقة ولي الأمر صدرت من جهة الاختصاص، حرصًا على الحفاظ على المرأة بحسب تصريح المحامي مشير الجهلاني، مؤكدًا أن هذه القرارات سليمة، وتتوافق مع الشرع والقانون، لما فيها من مصلحة عامة.
ويشير إلى عدم وجود مساواة بين الرجل والمرأة في إجراءات استخراج وثائق سفر، إلا أن الجهات المختصة لها أسبابها في تلك الشروط الصادرة وفق القانون، حد تعبيره.
في السياق ذاته، تشدد ألطاف الأهدل، كاتبة صحفية، لـ"خيوط"، على أن إجراءات الحصول على وثيقة سفر بموافقة ولي الأمر، حق مشروع وخاضع لمعايير دينية وأخلاقية واجتماعية للحفاظ على المرأة اليمنية.
ويرى مختصون أن من حق المرأة الحصول على جواز سفر بدون اشتراطات، وهو ما تكفله لها كل القوانين النافذة في هذا الخصوص، إضافة إلى عدم وجود أي تشريعات وقوانين تربط حصولها على جواز السفر بموافقة ولي الأمر، بحسب الخبير المختص في النوع الاجتماعي، معتز الشرجبي.
ويستطرد الشرجبي أن التشريعات لا تقر إلا من مؤسسة تشريعية كمجلس النواب الذي يصيغ القوانين ثم تعرض على رئاسة الجمهورية للموافقة عليها، وعليه فإجراءات مصلحة الجوازات في تعز تتعارض كليًّا وبشكل صريح مع القوانين اليمنية والدستور الذي ساوى بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات، التي صادقت عليها اليمن، ومنها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، بالإضافة إلى اتفاقيتي حقوق الإنسان، والحقوق المدنية والسياسية.
حملة لرفع المعاناة
تواجه نساء اليمن عوائق كبيرة أثناء محاولتها الحصول على وثيقة سفر؛ ونتيجة لتلك الإجراءات قد تحرم المرأة من فرص المساواة مع الرجل، إذ يرى كثيرون أن معاناة المرأة اليمنية أثناء استخراج وثيقة سفر هو شكل من أشكال التمييز بينها وبين الرجل، إذ يحصل الرجل على وثيقة السفر بسهولة، بينما أمام المرأة إجراءات معقدة للحصول على تلك الوثيقة.
وتحت شعار "جوازي بلا وصية" يستعد ناشطون حقوقيون لإطلاق حملة خلال الأسابيع القادمة، تسعى إلى أن ترى اليمنيات متمتعات بحقوقهن كاملة.
ويشير الناشط الحقوقي المحامي ياسر المليكي، في حديث لـ"خيوط"، أن الحملة تهدف إلى استصدار تعميم من وزارة الداخلية يلزم كافة موظفي مصلحة الهجرة والجوازات الالتزام بالقانون رقم 7 لسنة 1991 بشأن الجوازات.
يضيف المليكي أن الحملة ستتعرض لعراقيل، منها ما هو متعلق بالأعراف المسيطرة على تفكير العاملين في مصلحة الجوازات، وعلى رأسها تلك التي تقول إنه لا يجوز للمرأة استخراج جواز السفر إلا بموافقة ولي الأمر، لكن هناك إصرار على استمرارها وتبديد هذه الأعراف التي أدت إلى حرمان شريحة واسعة من العديد من الفرص في التعليم والسفر.
* تحرير/ خيوط