وافقت الأطراف اليمنية على اقتراح الأمم المتحدة على تمديد الهدنة السارية في اليمن، لشهرين إضافيين وَفق أحكام الاتفاقية الأصلية نفسها، والتي دخلت حيّز التنفيذ الساعة السابعة مساء الخميس 2 يونيو/ حزيران 2022، وهو موعد انتهاء الهدنة الأساسية المعلنة في 2 أبريل/ نيسان الماضي.
ورحّب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، بالاتفاق على تجديد الهدنة التي مكَّنت الأطراف من الالتقاء تحت رعاية الأمم المتحدة لبَدء مفاوضات لإعادة فتح طرق في تعز وغيرها من المحافظات، وتنفيذ آليات لخفض التصعيد العسكري في جميع أنحاء اليمن.
وحثّ غوتيريش الأطرافَ، بكل قوة، على استكمال تنفيذ أحكام الهدنة بالكامل دون إبطاء إعلاءً لمصالح جميع اليمنيين ممّن ما زالوا يرزحون تحت المعاناة في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.
في السياق، أكّد المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، بحسب بيان صادر عنه، اطلعت عليه "خيوط"، على أهمية هذا التجديد بعد ما شهد اليمنيون الفوائدَ الملموسة للهدنة خلال الشهرين الماضيَين؛ فقد انخفض عدد الضحايا المدنيين بشكل كبير، ودخل المزيد من الوقود إلى اليمن عبر ميناء الحُديدة، واستُؤنِفت الرحلات التجارية من مطار صنعاء الدولي وإليه، بعد ما يقرب من ست سنوات على الإغلاق.
إضافة إلى ذلك اجتمعت الأطراف وجهًا لوجه، تحت رعاية الأمم المتحدة، للمرة الأولى منذ سنوات لإحراز تقدُّمٍ نحو فتح الطرق في تعز وفي محافظات أخرى، ولتنفيذ آليات خفض التصعيد العسكري على مستوى البلاد.
نحو حل مستدام
الموافقة على تنفيذ الهدنة وتجديدها الآن، فإن الأطراف قدّموا بصيص أمل لليمنيين بأنه من الممكن إنهاء هذا النزاع المدمّر، وهو ما يتطلب استغلال هذا الزخم المتاح لتوفير مستقبل يعم فيه السلام في اليمن.
يرزح اليمنيون منذ فترة طويلة تحت طائلة المعاناة من أثر إغلاق الطرق، وهو ما يجعل فتح الطرق في تعز وغيرها من المناطق عنصرًا جوهريًّا من الهدنة، إذ سيسمح ذلك بلمّ شمل العائلات التي فرّقتها جبهات النزاع، وللأطفال أن يذهبوا إلى المدارس، وللمدنيين أن يصلوا إلى أماكن عملهم والمستشفيات، ولاستعادة حركة التجارة الحيوية.
وأشاد غروندبرغ باتخاذ الأطراف هذه الخطوات، وبموافقتهم على تجديد الهدنة، التي قال إنها تمثل تحوّلًا كبيرًا في مسار الحرب تم تحقيقه من خلال اتخاذ قرارٍ مسؤول وشجاع من قبل الأطراف، لافتًا إلى ضرورة اتخاذ خطوات إضافية لكي تحقق الهدنة إمكاناتها بالكامل، لا سيما فيما يتعلق بفتح الطرق وتشغيل الرحلات التجارية. وستتطلب مثل هذه الخطوات قيادة ورؤية لليمن كله.
وكثّف غروندبرغ في إطار الاهتمام الذي توليه الأمم المتحدة بملف الأزمة في اليمن، جهودَه من خلال العمل مع الأطراف لتنفيذ وترسيخ عناصر الهدنة كاملةً، والتوجُّه نحو حل سياسي مستدام لهذا النزاع يلبي تطلعات ومطالب اليمنيين المشروعة، رجالًا ونساءً.
ورحّبت اليونيسف بإعلان أطراف النزاع في اليمن عن اتفاقهم على مقترح الأمم المتحدة، والذي يقضي بتجديد الهدنة الحالية لشهرين إضافيَين، إذ أكّدت المنظمة الأممية المعنية بالطفولة في بيان، تلقّت "خيوط" نسخة منه، أنه سيكون لتجديد الهدنة أثرٌ إيجابي على رفاه الأطفال وعائلاتهم في اليمن بعد سنوات طويلة من المعاناة، وأن يقود ذلك إلى سلام دائم في اليمن، حيث إنّ هذه هي السبيل الوحيدة لإنقاذ حياة الأطفال، ومنع المزيد من المعاناة والحزن للأسر المحاصرة في هذا الصراع.
وبرز ملف الطرقات وفتح طريق تعز عقبةً رئيسية خلال الشهرين الماضيين من الهدنة التي تم تجديدها بعد ما شهدت أيامها الأخيرة اجتماعَ ممثلين عن الطرفين؛ الحكومة المعترف بها دوليًّا، وأنصار الله (الحوثيين) في العاصمة الأردنية عمّان، لمناقشة حلحلة هذا الملف الذي سيتم بحثه بشكل أكبر خلال الفترة القادمة بعد تجديد الهدنة وعقد أول اجتماع مباشر هو الأول للجنة التنسيق العسكرية التي ضمّت ممثلين عن الطرفين.
القضايا الشائكة
يرزح اليمنيون منذ فترة طويلة تحت طائلة المعاناة من أثر إغلاق الطرق، وهو ما يجعل فتح الطرق في تعز وغيرها من المناطق عنصرًا جوهريًّا من الهدنة، إذ سيسمح ذلك بلمّ شمل العائلات التي فرّقتها جبهات النزاع، وللأطفال أن يذهبوا إلى المدارس، وللمدنيين أن يصلوا إلى أماكن عملهم والمستشفيات، ولاستعادة حركة التجارة الحيوية، وهو ما يتطلب -وَفق مراقبين- التفاوضَ بحسن نية للتوصل بشكل عاجل إلى اتفاق يُسَهِّل حرية التنقل ويؤدي إلى تحسين ظروف المدنيين.
وكانت الأطراف اليمنية قد أحرزت تقدّمًا ملموسًا مهمًّا في الاتفاق على استئناف الرحلات التجارية الجوية من وإلى مطار صنعاء الدولي. حيث سافر حتى الآن أكثر من 1000 راكب على هذه الرحلات، كما أنه ازداد تردد الرحلات التجارية، وتسيير أول رحلة تجارية بين صنعاء والقاهرة. في حين انخفض كثيرًا حدة التوتر العسكري، بالرغم من بروز تقارير مثيرة للقلق بحسب المبعوث الأممي، تفيد باستمرار القتال وسقوط الضحايا المدنيين في بعض أنحاء اليمن خلال الأسابيع الماضية، داعيًا جميع الأطراف إلى ممارسة أعلى درجات ضبط النفس للمحافظة على الهدنة والوفاء بالتزاماتهم ضمن القانون الدولي لحماية المدنيين.
فيما يسود إجماع على الهدنة التي قدّمت نافذة لكسر دوامة العنف ومعاناة الماضي، للانطلاق نحو مستقبل سلمي في اليمن، وهو ما يتعين على جميع الأطراف اغتنام هذه الفرصة والتفاوض على حلول أكثر ديمومة حول القضايا الأمنية والسياسية والاقتصادية، بما في ذلك تلك المتعلقة بالإيرادات والرواتب من أجل دعم تسوية سياسية شاملة للنزاع.