التقنيات المساعدة للمكفوفين

الذكاء الاصطناعي ليس بديلاً لتعويض البصر
محمد الحسن الشيباني
October 19, 2024

التقنيات المساعدة للمكفوفين

الذكاء الاصطناعي ليس بديلاً لتعويض البصر
محمد الحسن الشيباني
October 19, 2024
.

منذ بداية العام 2004، ظهرت سلسلة من الوسائل التقنية التي تعمل على تحويل الأيقونات المرئية على شاشة الجوال أو الكمبيوتر إلى كلام مسموع بأصوات إلكترونية مختلفة. ولعل من أشهر البرامج التي يستخدمها المكفوفون في العالم، هي: "Voice Over" التابع لشركة آبل العالمية، و"TalkBack" التابع لشركة جوجل، و"NVIDIA" التابع لشركة مايكروسوفت، بالإضافة إلى برامج تتبع شركات خارجية، مثل "Jieshuo" أو ما يعرف بالقارئ الصيني.

عيوب كثيرة تعترضها

يستعمل المكفوفون وضعاف البصر هذه التقنيات من خلال إمكانيات وصول خاصة وإيماءات مختلفة عن إيماءات الأوامر العادية التي يستعملها المبصرون. إضافة إلى ذلك، بدأت في الآونة الأخيرة تقنيات الذكاء الاصطناعي بالظهور والانتشار بصورة كبيرة، مع تطبيقات وبرامج متنوعة تتبع شركات عالمية مثل "Gemini" التابع لجوجل. وسط هذه الثورة التقنية الهائلة، بدأ الكثير من الأشخاص من ذوي الإعاقة البصرية باستعمال هذه الوسائل للاستعانة بها في حياتهم العلمية والعملية، بل والاجتماعية أيضًا، وهم على أمل بأن هذه التقنيات ستعوضهم بشكل كامل أو شبه كامل عن البصر أو تغنيهم عن الحاجة إلى المبصرين، لا سيما فيما يتعلق بوصف الصور أو قراءة الكتب الورقية أو تصوير أشياء محددة.

رغم أن هذه التقنيات عملت على حل العديد من المشاكل والعقبات التي تعترض المكفوفين بصورة نسبية، فإن هناك عيوبًا كثيرة تتركز معظمها على الاعتماد الكلي لهذه الوسائل على شبكة الإنترنت. عن ذلك يتحدث ناصيف ياسين، أحد المكفوفين من سوريا، حول هذه العقبة، قائلًا: "اعتماد هذه التقنيات على شبكة الإنترنت شكّل حاجزًا بيننا وبين استعمال هذه التقنيات؛ بسبب ضعف الإنترنت أو انقطاعه لأي سبب. وكنا نتمنى أن تكون هذه البدائل المساعدة تعمل بدون إنترنت؛ كي يتسنى لنا استعمالها في الحالات الحرجة".

وعن توافق هذه الوسائل مع احتياجاته، يرى ناصيف أنها إلى حدٍّ ما أسهمت وبذلت جهدًا كبيرًا في تغطية شيء من الاحتياجات الضرورية، مثل الاطلاع على الرسائل الواردة أو الاتصال أو ما شابه، مؤكدًا على حقيقة مفادها: "لا شيء يمكن أن يعوض عن البصر بصورة كاملة".

أما عن اعتماد التقنية على الإنترنت، فيرى مكفوفون آخرون أنّ هذا الموضوع؛ موضوع الاستغناء عن شبكة الإنترنت، قد يبدو مستحيلًا، إذ كيف لتقنيات متقدمة أن تستغني عن شبكة الإنترنت والإنترنت جزءٌ من التطور التكنولوجي؟

أمام هذه الإخفاقات التي يواجهها الأشخاص من ذوي الإعاقة البصرية، نجد مبررات من مطوري هذه البرامج، إذ يعانون من عدم الإلمام باحتياجات المكفوفين بشكل كافٍ أو صعوبة توفير بعض الميزات نظرًا لعدم استجابة البرامج الناطقة المدعومة من الشركات العالمية، مثل جوجل وسامسونج.

من جانبها، تفيد هدى المقدي، من ذوات الإعاقة البصرية من حضرموت، أنه بالرغم من أن هذه الوسائل سهلت الأمور، فإنها متخوفة من انتشارها وقد لا تفضلها؛ لأنها -بحسب هدى- ستلغي البشرية تدريجيًّا، وسيكون الاعتماد على الذكاء الاصطناعي بشكل كامل حتى على مستوى الأشخاص المبصرين.

نظارات ذكية مطورة

كما تعاني هذه الوسائل المساعدة من خضوعها لقوانين الشركات ومزودي الخدمات، إذ يقوم المطورون بتنزيل إصدارات وتحديثات بين فترة وأخرى، وفي كل فترة يقلصون الخدمات أو يحدّدون مساحة معينة لتكون مجانية، ويُجبرون المستخدمين على الدفع أو تحصيل رسوم للاستمتاع بباقي الميزات.

صعوبة شراء هذه الوسائل وغلاء أسعارها هي إحدى المشاكل التي تعترض المكفوفين. يشير ناصيف ياسين إلى وسائل كثيرة، ليست تطبيقات بالجوال أو الكمبيوتر، وإنما نظارات ذكية مطورة مزودة بمكبر صوت وكاميرا وعدسة وبعض الذبذبات التي تسبب اهتزازات توحي إلى أشياء معينة. تعرف هذه النظارات باسم "نضارة الأمل"، بيد أنها غالية الثمن ويستحيل شراؤها إلا من جهات داعمة؛ بحسب حديث ناصيف.

يتفق المكفوفون على أنّ هذه الوسائل غير دقيقة رغم أنها استطاعت أن تساعدهم بنسبة متوسطة. تتحدث هدى المقدي عن مشكلة أخرى، وهي عدم توافق بعض البرامج مع نظام تحويل النص إلى كلام أو ما يعرف بالنظام الناطق. تذكر هدى، على سبيل المثال: تطبيق "إنستجرام" غير المتوافق بنسبة كبيرة مع "فويس أوفر"، إضافة إلى بعض البرامج التي لا تدعم اللغة العربية أو الصوت الناطق بالعربية. وبحسب هدى، فإن هناك برامج تكون متوافقة مع النظام الخاص بالمكفوفين، فتأتي تحديثات تحد من التوافق أو تلغيه نهائيًّا، وأحيانًا تكون هذه البرامج متوافقة بلغة دون أخرى.

هذا، ويشير إبراهيم المنيفي، أحد الصحفيين المكفوفين، في مؤتمرات نقاشية، إلى صعوبة إمكانية الوصول في بعض التطبيقات الحديثة، لافتًا إلى ضرورة التطوير المستمر مع فتح خط يربط بين المكفوفين ومطوري هذه البرامج، لا سيما إذا كانت تغطي احتياجات ضرورية، مثل وصف الصور وقراءتها وقراءة الكتب الورقية أو اعتماد المكفوفين على ذواتهم في تصويرها بناءً على إرشادات يقدّمها التطبيق.

أمام هذه الإخفاقات التي يواجهها الأشخاص من ذوي الإعاقة البصرية، نجد مبررات من مطوري هذه البرامج، إذ يعانون من عدم الإلمام باحتياجات المكفوفين بشكل كافٍ أو صعوبة توفير بعض الميزات، نظرًا لعدم استجابة البرامج الناطقة المدعومة من الشركات العالمية مثل جوجل وسامسونج.

لكن في الأخير، نعود ونعترف بالحقيقة القاطعة بأنه لا شيء يمكن أن يعوض عن البصر بنسبة مئة بالمئة. 

•••
محمد الحسن الشيباني

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English