المكان: ميدان الحبيشي، كريتر عدن.
الزمان: مطلع ثمانينيات القرن العشرين.
كان لديّ كاميرا واحدة حديثة حينها وفيلم واحد ملون، والبقية في ثلاجة الفندق حفاظًا عليها من الرطوبة والحرارة. المكان يعج بالناس؛ فنانين وسياسيين وقادة، ووفد من الشمال، وأنا أتحرّق شوقًا لتسجيل كل الوجوه وكل حركة هناك.
رجال أمن الدولة يحيطون بالمكان من كل اتجاه وعيونهم عليّ أيضًا وبعضهم بجانبي. أنا متوتر وقدماي ينغرسان في الأرض وأعصابي أسمع صوتها كصرير باب لمبنى مهجور منذ زمن بعيد. أشاهد الجميع بمن فيهم أعضاء وفد الشمال الذين قدِموا إلى عدن لحضور ذلك الاحتفال، بينما أدرك أنهم لا يستطيعون مساعدتي للخلاص من رجال الأمن وأخذ حرّيتي في التصوير، لكن تركيزي كان على العميد صالح مصلح قاسم (تولى وزارة الدفاع ثم وزارة الداخلية في دولة اليمن الجنوبي قبل الوحدة). أبديت حركة وقلت في نفسي عسى أن يساعدني العميد، لكن رجل الأمن شدّني من الكتف، بهدوء طبعًا.
شاهدني العميد صالح مصلح، فنهض من مكانه وأخذ بيدي إلى أمام الحضور، وقال لرجال الأمن: دعوه يصور كيفما شاء. هذا فنان وصحفي أعرفه، ثم همس في أذني: صورني وأنا أرقص مع الرفاق. صورته وهو يرقص مع الرفيقات والرفاق، صوّرته بذلك الفيلم الذي تأثر بالرطوبة والحرارة، رغم أني أخرجته ليلًا من الثلاجة وكان التصوير أيضًا في الليل.
انشرح صدري وأحببت صالح مصلح قاسم وصوّرته وهو يرقص، وبالزّيّ العسكري أيضًا.
على يمين المشاهد، كما أتذكر، الأستاذ عبدالعزيز عبدالولي، الأستاذ محمد عبدالله البطاني، العميد صالح مصلح قاسم، المهندس أحمد الآنسي وزير الاتصالات في دولة الشمال قبل الوحدة، الأستاذ أحمد عبدالرحمن السماوي وزير المالية في الشمال أيضًا حينها.
Negative- مطلع ثمانينيات القرن العشرين.