استبشر سكان مدينة تعز بخبر إعلان فتح طريق الحوبان المغلق منذ العام 2017، بعد معاناة طويلة من تبعات الحصار المفروض من قبل الحوثيين على مدينة تعز، إذ يأملون استمرار هذه الجهود المعلَن عنها، إلى نهايتها دون عراقيل، حيث فاقم الصراع مأساتهم في المعيشة والتنقل.
وأدّى حصار جماعة أنصار الله (الحوثيين)، وقطع الطرق، إلى تقييد فرص كسب العيش، خصوصًا سكان مدينة تعز، وانخفضت قدرتهم في الحصول على الخدمات الأساسية، وسط ارتفاعٍ حادّ في أسعار السلع في مدينة تعز، ووصولها إلى مستويات قياسية، نتيجة تقييد التنقل والسفر إلى المحافظة الواقعة جنوب غربي اليمن.
وأغلق الحوثيون منذ سبع سنوات، الطريقَ البري الذي يربط مدينة تعز بمنطقة الحوبان (شرقي المحافظة)، البالغ طوله ستة كيلومترات؛ الأمر الذي أدّى إلى استخدام المسافرين طريقًا بديلًا طوله يزيد على 100 كيلومتر، حيث أصبحت الرحلة التي كانت مدتها لا تزيد على 10 دقائق، تستغرق من 5 إلى 7 ساعات، في حين تستغرق عملية نقل البضائع أيامًا؛ بسبب استخدام طرق التفافية وعرة.
إعلان فتح الطريق
وأعلنت سلطة أنصار الله (الحوثيين)، عن فتح طريق الحوبان- قصر الشعب- الكمب، ويخصص للمسافرين ووسائل النقل الخفيفة، وكذا فتح طريق الستين- الخمسين- مدينة النور- بئر باشا، وتخصيصه لشاحنات النقل الثقيل والمتوسط. وأكّدت أنّ ذلك يأتي في إطار الحرص على توفير جوانب الأمن والسلامة للمواطنين وتخفيف معاناتهم، خاصة قبل حلول عيد الأضحى المبارك، بالرغم من عدم استجابة الطرف الآخر للمبادرات السابقة؛ على حد وصف مسؤولين في الجماعة.
منذ بداية الحرب، توجب على البضائع التي تنتقل من عدن إلى المناطق الأخرى التي يسيطر عليها الحوثيون عبر تعز، أن تمر عبر طرق جبلية لم تتم صيانتها بشكل جيد إلى جنوب تعز، ومن ثم الطريق البديل إلى الحوبان، في حين زادت أسعار النقل داخل المدن بمتوسط 12–14% خلال الحرب، حيث تنتقل هذه التكاليف المتزايدة إلى المستهلكين.
من جانبه، أوضح رئيس لجنة التفاوض لفتح الطرقات بتعز، في الحكومة المعترف بها دوليًّا، عبدالكريم شيبان، أنّ فتح طريق جولة القصر، يعد استجابة لدعوات ومطالب الحكومة في المؤتمرات المحلية الدولية بفتح الطرقات منذ سنوات، مؤكّدًا أنّ جميع الطرقات في تعز مفتوحة من قبل الجانب الحكومي، وحمّل الحوثيين مسؤوليةَ سلامة المواطنين، لافتًا إلى أنّ مطالب أبناء تعز المستمرة أكثر من تسع سنوات، هي فتح الطرقات الرئيسية، المغلقة من قبل جماعة الحوثي، التي تتوقف اعتداءاتها وحصارها للمدينة وسكانها.
بحسب هذا المسؤول الحكومي، فإن فتح طريق جولة القصر- الكمب- جامع الخير، التي تطالب بها اللجنة الحكومية منذ سنوات، وتحرص على دخول الناس وخروجهم بكل يُسر وسهولة، وبدون أية معاناة، هو طلب أبناء تعز منذ سنوات، وبالرغم -وفق تصريحاته- من عدم تنسيق الطرف الآخر مع الجانب الحكومي حول فتح الطرق، فإنه تمنّى أن يكونوا صادقين، وجاهزين للتنسيق لوضع نقاط عسكرية لتأمين عبور المواطنين عبر الطرقات التي تم الإعلان عن فتحها.
وطالب شيبان الحوثيين بإزالة الألغام المزروعة في الطرقات، محملًا إياهم سلامة المواطنين من تعرضهم لأي إصابات نتيجة الألغام المزروعة.
وأثّرت قيود التنقل في مدينة تعز وحولها وبين تعز والمحافظات المجاورة، على حوالي أربعة ملايين شخص من سكان المحافظة، بعد أن أغلق "الحوثيون" جميعَ الطرق السريعة الرئيسية المؤدية إليها؛ من الشمال إلى الجنوب، ومن الشرق إلى الغرب.
في حين يقع المدخل الوحيد الذي يربط المدينة بمديرية التربة، في الجزء الجنوبي الغربي من المدينة، حيث يوفر هذا الطريق منفذًا إلى مناطق البلاد الأخرى الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دوليًّا. ويسيطر الحوثيون على الحوبان، وتمثل الحوبان المركزَ الاقتصادي في تعز، الذي يضم بعض الصناعات الغذائية الرئيسية في اليمن، ويعمل فيه معظم سكان تعز.
قيود التنقل
منذ بداية الحرب، توجب على البضائع التي تنتقل من عدن إلى المناطق الأخرى التي يسيطر عليها الحوثيون عبر تعز، أن تمر عبر طرق جبلية لم تتم صيانتها بشكل جيد إلى جنوب تعز، ومِن ثَم الطريق البديل إلى الحوبان.
ويؤكّد البنك الدولي في تقرير صادر في العام 2022، أن أسعار النقل زادت داخل المدن بمتوسط 12–14% خلال الحرب، حيث تنتقل هذه التكاليف المتزايدة إلى المستهلكين، بينما أدّى ضعف الوصول إلى الطرق، إلى تقييد تدفق البضائع وحركة الأشخاص، ومن ثم التسبب بارتفاع تكاليف المعيشة بشكل كبير، كما تُعدّ الأسعار والقدرة التنافسية في اليمن حسّاسةً للغاية لجودة شبكة الطرق، وإمكانية الوصول إليها؛ نظرًا لأنّ اليمن يعتمد بشكل كبير على السلع المستوردة، ولعدم وجود بدائل للشاحنات البرية لنقل البضائع.
وأضرّت الغارات الجوية والقصف والألغام الأرضية بالطرق والجسور في جميع أنحاء اليمن؛ ممّا أدّى إلى تدميرها، كما أدّت الحدود الداخلية التي تشكّلت بين المناطق ذات السيطرة السياسية والعسكرية المختلفة إلى قطع الطرق وإغلاق الحدود البرية التي كانت في السابق تمثّل حصة كبيرة من التجارة والسياحة، بحسب ما ورد في تقرير البنك الدولي.
علاوة على ذلك، قيّد الصراعُ الوصولَ إلى الأسواق الدولية والمحلية بشدة، وزاد من طول سلسلة التوريد وتعقيدها، وترك مئات الآلاف من اليمنيين يعانون من حصار جزئي في البلدات والمدن. وأدّت البنية التحتية للطرق المدمرة والحواجز المادية إلى زيادة الانقطاع الاقتصادي، مع تفاقم الانقسام المادي والسياسي في اليمن.