يشكو مالك محلٍّ لبيع الحلويات بمدينة ذمار (شمال اليمن)، يدعى إبراهيم الكولي، من تضاؤل إقبال الزبائن على شراء الحلويات. ويتردد كثيرًا في إنهاء مهنته والتحول إلى مهنة أخرى، والذي يقف عائقًا أمامه أنه لا يعرف مهنة أخرى، فقد أفنى حياته في صناعة بيع الحلويات.
يقول لـ"خيوط": "كل يوم والأسعار في ارتفاع؛ الغاز والسكر والدقيق، وليس هناك أي استقرار. نحن نضطر إلى أن نتماشى مع السوق، مع ذلك الناس لم تعد تشتري كثيرًا الحلويات في رمضان أو في غير رمضان".
ويؤكد أن ارتفاع الأسعار، وتوقف صرف رواتب الموظفين لعدة أعوام، وانتشار الفقر بشكل كبير، أثّر على القوة الشرائية للمواطنين. وعرج في حديثه إلى سكان الأرياف وعجز الكثير منهم عن التسوق من المدينة. وقال: "بسبب قلة الأمطار والجفاف تأثر الكثير من المزارعين، ما انعكس في وضعهم الاقتصادي".
يتذكر الكولي الأعوامَ السابقة وحجم الإقبال على الحلويات: "كان المحل يفرغ من أصناف الحلويات عند الخامسة عصرًا، أما اليوم فتبقى الكثير من الحلويات لعدة أيام حتى الانتهاء من بيعها"، مضيفًا بألم: "كان يحل المساء وقد الدرج مليان فلوس. اليوم بالكاد يغطي عشرين ألف".
لدى الرجل الستيني ثلاثة من العمال، بالإضافة الى أربعة من أبنائه، يعملون جميعًا في المعمل والمحل الخاص به، تمتد ساعات العمل من الرابعة فجرًا وحتى موعد حلول المساء، بين صناعة أصناف الحلويات وبيعها للزبائن.
يعتقد باعة وعاملون في هذه الصناعة أنّ الكساد الذي أصاب صناعة وبيع الحلويات سينتهي بمجرد تحسن الأوضاع الاقتصادية وصرف رواتب موظفي الدولة ووجود انخفاض في الأسعار وتحسن صرف العملة.
يتنوع عرض الحلويات بمدينة ذمار، بين الأصناف التقليدية وأصناف أخرى من الحلويات الشامية والعربية والغربية، تتميز بدقة وجودة صناعتها، رغم ذلك يتضاءل الإقبال على شرائها، ويُحجم الكثير عنها؛ بسبب أسعارها المرتفعة، هذا ما يفسره عبدالله مصطفى -سائق دراجة نارية- وقال: "قطعة صغيرة من حلوى البسبوسة كانت العام الماضي بمئة ريال، الآن بمئتي ريال، وعندما أريد أن أشتري حلويات لأسرتي المكونة من 12 شخصًا، بالكاد تكفي خمسة آلاف ريال".
(خمسة آلاف ريال) مبلغٌ كبير بالنسبة لمهنة قيادة الدراجة النارية، فهو متوسط ما يحصل عليه السائق طوال يوم عمل يصل إلى عشر ساعات.
أم ريتاج، وهي سيدة بدأت مشروعها "معمل ريتاج" قبل خمس سنوات، كأول سيدة تعمل في هذا المجال بمحافظة ذمار، تعتقد أن استمرار الوضع الاقتصادي للناس يخلق كسادًا في مختلف المجالات التجارية؛ منها قطاع صناعة الحلويات. وقالت لـ"خيوط": الإقبال ضعيف للغاية عكس العام السابق، وكل عام يتضاءل الإقبال، ونحن مضطرون إلى مراعاة الزبائن والبيع بأسعار مناسبة، حتى وإن كان ذلك يسبب لنا أحيانًا خسائر".
تتفنن معامل الحلويات في مدينة ذمار بصنع أصناف متنوعة وابتكار حلويات جيدة، لإرضاء الزبائن، من خلال الديكورات والتقليل من السكر في الحلويات، والاكتفاء بصنع مذاق جيد بأقل كمية من السكر.
وتشير أمّ ريتاج إلى أن السكر مادة أساسية في صنع أي حلويات، لكن إيجاد بدائل أخرى مثل السكر المستخلص من المواد الطبيعية أمر جيد، ويحقق إقبالًا كبيرًا عكس الحلويات التي يطغى على مذاقها السكر.
وفي الوقت الذي تحرص فيه أمّ ريتاج على ابتكار أنواع جديدة للحلويات والاستفادة من مقاطع الفيديو التي تعرض كيفية صناعة الحلويات، يشعر عمر العصار، مالك محال لبيع الحلويات، أن الكساد الذي أصاب صناعة وبيع الحلويات سينتهي بمجرد تحسن الأوضاع الاقتصادية وصرف رواتب موظفي الدولة ووجود انخفاض في الأسعار وتحسن صرف العملة.
ويوضح لـ"خيوط"، أن الناس ترغب كثيرًا في أن تُنهي وجبة العشاء في رمضان، والغداء في الأيام العادية، بالحلويات، لكن ارتفاع الأسعار وقلة الدخل يجعلهم ينصرفون إلى شراء الأشياء الأساسية فحسب.
ثلاثة محال بمدينة ذمار، تقوم بصنع الحلويات في معامل منزلية، على يد نساء، يتم التعاقد معهن على صنع كميات من أنواع الحلويات على رأسها "القطائف، والروحاني، والبسبوسة، والبسيمة"، ليتم بيعها في تلك المحال، وأصناف أخرى تصنع في المحل نفسه.
ويعتقد محمد ساري، عامل في محل حلويات بشارع "13 يونيو" بذمار، أن الأصناف التي تُصنع في المنازل أكثر جودة ونظافة من غيرها التي تصنع على يد شباب، وقال لـ"خيوط": "الحلويات التي تصنع على يد نساء تكون جيدة جدًّا، ومقاديرها مضبوطة من ناحية السكر أو الدقيق أو حتى وضعها في الفرن".