تمثّل الطاقة الشمسية، الحل الوحيد -تقريبًا- لكيلا يترك العديد من المزارعين مهنتهم، كما يقول يحيى النصيف، لكنّ هذا الحل، لا يلقى دعمًا وتشجيعًا من قبل المنظمات الدولية المعنية بدعم قطاع الزراعة في اليمن.
النصيف، مزارع أربعينيّ من أبناء محافظة ذمار، تحدّث لـ"خيوط"، عن تجربته باستغلال الطاقة الشمسية، ويقول إن "أكثر ما يعاني منه المزارع هو ارتفاع أسعار الوقود"، في حين أن منظومة الطاقة الشمسية تخفض تكاليف الزراعة لدرجة كبيرة جدًّا، "تصل إلى أكثر من 70% تقريبًا".
برأي النصيف، الذي يمتلك أرضًا زراعية في محافظة ذمار، تقدر بحوالي 20 هكتارًا، يزرع فيها الحبوب والخضروات، فإن أزمات الوقود بدأت في اليمن منذ العام 2011، وخلال ثلاث سنوات من عمله في الزراعة، استخدم الديزل لتشغيل مضخة الري، قبل أن يلجأ لتركيب ألواح منظومة طاقة شمسية.
ويضيف: "بكل صراحة هنالك فرق كبير جدًّا؛ من حيث التكاليف، يتم البيع بحسب سعر السوق، سواء كان المزارع يستخدم منظومة طاقة شمسية أم مواد نفطية".
تتكون المنظومة في مزرعة النصيف، مِن 64 لوحًا شمسيًّا، (330 وات، ومحرك 18 كيلو مع المراوح)، ويقول إنه أحيانًا "يكون هناك انعدام مادة الوقود بسبب الأزمات، وهذا يجعل المزارع يتعرض لخسائر باهظة جدًّا"، وأحيانًا قد يترك العمل بالزراعة ويبحث له عن مصدر رزق آخر.
تراجع استخدام الديزل والغاز
تظهر بيانات إحصائية، تزايد إنتاج الطاقة الشمسية في اليمن تصاعديًّا خلال فترة الحرب (2014-2019)، ووصلت ذروتها في العام 2019.
بسبب الحرب المتصاعدة منذ مطلع العام 2015، وما رافقها من أزمات حادّة في الوقود وارتفاع أسعارها، تأثر الكثير من المزارعين في مختلف المناطق اليمنية، وعزفوا عن الزراعة، خصوصًا في الأعوام الثلاثة الأولى للحرب.
وحسب بيانات منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة "ألفاو"، فقد تراجع استخدام مادتي الديزل والغاز المستخدمتين للزراعة في اليمن، حيث أظهر تحليلها هبوطَها من 22% في العامين 2013 و2014 إلى 3% خلال الفترة (2015-2018).
كما تكشف بيانات رصد برنامج الغذاء العالمي لأسعار مادة وقود الديزل لمحافظة ذمار خلال العامين الماضيين، عدم استقرارها واستمرار صعودها وهبوطها، خصوصًا في العام 2021، حيث تجاوز سعر اللتر الواحد خلال ثلاثة أشهر متتالية 650 ريالًا يمنيًّا.
البديل المناسب
في حديثه لـ"خيوط"، يقول فؤاد الكوري، مسؤول الإرشاد الزراعي في مكتب الزراعة في ذمار، إن الجهات المسؤولة عملت سابقًا في العام 2014، على الترويج لمنظومة الطاقة الشمسية المستخدمة للري وتأمين مياه الشرب، من خلال عقد اجتماع مع مجموعة من مزارعي الخضار في مديرية جهران، وأيضًا مع مجموعة من مزارعي البُن بمديرية جبل الشرق.
لكن التفاعل والإقبال على شراء واستخدام الطاقة الشمسية في الري آنذاك، لم يكن بالشكل المطلوب، فضلًا عن ارتفاع قيمة المنظومة، بالإضافة إلى غياب تأثير المشتقات النفطية لكونها متوفرة.
فيما تلا ذلك، وبسبب الحرب المتصاعدة منذ مطلع العام 2015، وما رافقها من أزمات حادة في الوقود وارتفاع كبير في أسعارها، تأثر الكثير من المزارعين، حسب الكوري، وعزفوا عن الزراعة، خصوصًا في العام 2016، ومطلع العام 2017.
في السياق، جاءت الطاقة الشمسية كبديل مناسب، وذلك لـ"التخفيف عن أنفسهم من غلاء المشتقات النفطية"، إلى جانب تسهيلات للمزارعين للحصول على منظومة الطاقة الشمسية وشرائها بالتقسيط، كبنك التسليف، وكاك بنك، وبنك الكويت واليمن، وبنك الكريمي، وبنك آزال، وبعض المؤسسات الحكومية، مثل مؤسسة الخدمات الزراعية.
استخدامٌ في معظم المديريات
ويتابع الكوري، أنه نتيجة لما حقّقه استخدام منظومة الطاقة الشمسية في التخفيف من معاناة المزارع، وحتى توفير الجهد الذي كان يصرفه في الطوابير والانتظار طويلًا للحصول على مادة الديزل، ازداد استخدام الطاقة الشمسية في معظم مديريات المحافظة، ويقدر عدد المزارعين الذين أصبحت مزارعهم يُستخدَم فيها الطاقة الشمسية، حوالي 375 مزارعًا.
وعلى صعيد الدعم من قبل المنظمات، يقول الكوري إنه لا يوجد؛ باستثناء منظمة اليونيسف التي قدمت منظومة الطاقة الشمسية لآبار الشرب فقط، في بعض المديريات".
يشار إلى أن الطاقة الشمسية تواجه انتقادات، بسبب تقارير حذرت من أن انخفاض التكاليف أدت إلى زيادة استنزاف الآبار، بما يؤثر على الاستقرار المائي.