في أكتوبر 2022، استحدثت "خيوط" زاوية جديدة في نافذة (يمنبيديا)، وأسمتها (شدو)، تُعنى بالأغنية اليمنية لجهة التوثيق لها، بعد أن بلغ تجريفها الممنهج مداه، في ظل غياب قانون الحماية وتقاعس الجهات الرسمية عن أداء أدوارها في تسجيل وتوثيق هذا المنتج منذ أول يوم امتدت فيها أيادي العبث والمصادرة في دول الجوار لهذا الكنز، ونسبه إلى غير جغرافيته اليمنية المتنوعة، وغير أصحابه الفرادى من مطربين وملحنين وشعراء.

وعلى مدى واحد وعشرين شهرًا، قدّمت "خيوط" أكثر من ثمانين أغنية يمنية رائدة من كل الجغرافيا، وبأصوات أهم المطربين الذي شكّلوا ذاكرة اليمن الموسيقية خلال سبعين عامًا، ومع كل أغنية تقدمها كل خميس من الأسبوع، كانت هناك كلمات الأغنية حاضرة، واسم الشاعر الذي أنتجها، إلى جانب الملحن الذي أبدع في تكوينها موسيقيًّا، وأخيرًا صوت المطرب الذي عطَّر بها وقت اليمنيين ومجالسهم، مع تقديم سيَر مكثفة لهذه الأطراف التي أسهمت في إنتاج ورواج هذه الأغاني. 

وحتى يصير التوثيق على قدر عالٍ من المصداقية، بذل مُحرِّرو الزاوية الكثيرَ من الجهد لتحري الدقة وتصحيح المعلومات وضبطها، اعتمادًا على مراجع ومصادر موثوقة، وفتحت الباب أيضًا أمام القراء والمتابعين لتصحيح أي معلومات غير دقيقة أو ناقصة أو مربكة، ولهذا السبب غدت التفاعلات مع منشورات "شدو" حيوية ومتصلة.

المتصفح لزاوية شدو، وكذا المواد المنتجة والمتصلة بالأغنية والموسيقى، سيقف تقريبًا على كل ألوان الغناء في اليمن وحواضنه الثقافية التي شكّلت خصوصية هذه الألوان ومرجعياتها الموسيقية واللغوية، من حضرموت شرقًا إلى تهامة غربًا، ومن رازح شمالًا إلى عدن ولحج وأبين جنوبًا، وتقديم هذه الأغاني بكل تنوُّعِها لم يقف في حدود صوت المطرب الرجل، بل امتدّ لأصوات المطربات اليمنيات الرائدات اللواتي قدّمن صورة مقتدرة للكفاح ضد قوانين "التكبيح" التي أنتجها وفرضها المجتمع، وصمّم منها مصدّات وعوازل صلبة ضد محاولات الاختراق والتجديد والعصرنة.

ومع الأول من يوليو/ تموز، وهو اليوم الذي جعله اليمنيون يومًا للأغنية في مجابهة واعية للعقل الظلامي الصلب الذي تفرضه وتسهّل مهامه قوى التخلّف بلبوسها الكهنوتية والعنصرية من أجل تبديد مساحات النور والتسامح التي تفرضها الأغنية والموسيقى عمومًا، تعيد "خيوط" التذكير بالأغاني التي قدّمتها في زاوية "شدو"، كجزءٍ من رسالتها الثقافية والإعلامية في الحفاظ على بعض إرث اليمن، وأحد عناوين ثرائها وتنوعها اللامحدود.

 وكل عام والجميع بخير

‍