أزمة إيجارات في إب

سماسرة يساهمون في ارتفاعها واستغلال النازحين
محفوظ الشامي
May 25, 2022

أزمة إيجارات في إب

سماسرة يساهمون في ارتفاعها واستغلال النازحين
محفوظ الشامي
May 25, 2022
Photo by: Ahmed Alaromi- © Khuyut

في منتصف سنة 2018، قدم المواطن محمود فارع (43 سنة )، من محافظة الحُديدة (غربي اليمن) إلى محافظة إب (وسط البلاد)، نازحًا بسبب احتدام الاقتتال الذي نشب في 13 يونيو/ حزيران 2018، بين قوات الحكومة المعترف بها دوليًّا من جهة، وجماعة أنصار الله (الحوثيين) من جهة أخرى في محافظة الحديدة.

 يقول فارع لـ"خيوط": "أجبرتنا الحرب على الرحيل من منازلنا، إذ تساقطت وقتها القذائف على عدة مساكن قريبة منا، وهو ما اضطرنا للنزوح صوب محافظة إب على نحو عاجل للبحث عن الأمان والاستقرار الذي فقدناه مذ سمعنا أزيز الرصاص"، ويضيف فارع: "حين وصلنا مدينة إب لم تكن الحياة مستقرة كما كنا نتخيل، بل فوجئنا بغلاء شقق الإيجار نتيجة لكثرة الطلب وقلة العرض وقتها".

جشع المؤجرين

يتذكر محمود أيامه قبل الحرب في الحديدة ويصفها بـ"الأيام السعيدة"، حيث كان يعمل صيادًا ويعيل أسرته المكونة من خمسة أفراد. 

على النقيض، وجد فارع نفسه في مدينة إب عاطلًا عن العمل، عاجزًا عن دفع إيجار الشقة المتواضعة التي يقطنها في حي (السبل) بمدينة إب، بمبلغ خمسين ألف ريال.

هذا وكانت الحرب قد نشبت في 25 مارس/ آذار 2015 بين الحكومة المعترف بها دوليًا المدعومة من التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات وبين جماعة أنصار الله (الحوثيين)، ما جعل مدنًا عدة عرضة للقصف والقذائف، الأمر الذي دفع المواطنين للنزوح، وكانت أبرز المحافظات المتضررة والتي شهدت موجات نزوح كبيرة هي: الحديدة، تعز، عدن، نزح هؤلاء إلى مناطق مختلفة، أهمها مدينتا إب وصنعاء، حيث ازداد الطلب على استئجار الشقق والمنازل، ما تسبب بخلق أزمات وخلافات بين المؤجر والمستأجر.

"الحرب غيرت النفوس وزادتها جشعًا"، بهذه الجملة تصف المواطنة إنتصار البريهي (50 سنة)، معاناتها إزاء إشعارها من قبل صاحب الشقة بأنه سيرفع الإيجار من 60 ألف إلى 75 ألف ريال.

تُرجع البريهي أسباب هذا الارتفاع إلى ما وصفته بـ"طمع" المؤجر، الذي يؤجر لمن يدفع أكثر، بصرف النظر عن الجوانب الأخلاقية والإنسانية.

طلب وهمي للإيجار

ووفقًا للدكتور علي الطارق، عميد مركز الإرشاد النفسي والتربوي في كلية الآداب بجامعة صنعاء، فإن المقصود بالسكن هو البيت الهادئ الذي يضم أعضاء الأسرة، وما يحدث من خلافات بين المؤجر والمستأجر لها آثارها النفسية على المستأجر وعائلته ككل، فعبء دفع الإيجار نهاية كل شهر، وعبء التنقل من حارة لأخرى ومن مدينة لأخرى، وتعدد مدارس الأولاد وانقطاعهم عن الروابط التي ألفوها في البيت الأول، أمور تخلق شعورًا بالكآبة والفشل عند الأب والأم وعند الأطفال على حد سواء. ويضيف الطارق لـ"خيوط": "الابتزاز الذي يتعرض له المستأجر وشعوره بالضعف لعدم امتلاكه منزلًا قد يدفع لتفكك أسري في بعض الأحيان يدفع ثمنه الأبناء والأطفال.

في المقابل قد يتعرض المؤجر لابتزاز المستأجر أحيانًا. يقول علي العماري (47 سنة)، مالك عقار في شارع العدين بمدينة إب، لـ"خيوط": "لم أتوقع أن يصل بي الحال للمحاكم من أجل قضية المستأجر الذي رفض أن يغادر بيتي بحجة أن الدولة في قرارها وصت إلى عدم إخراجه ومراعاة ظروفه في زمن الحرب"، ويضيف العماري: "لا يدفع المستأجر سوى 45 ألفًا، وهو المبلغ الذي كان يدفعه قبل خمس سنوات، بينما السعر المقدر لإيجار الشقة المكونة من ثلاث غرف وصالة جلوس ودورتي مياه ومطبخ هو سبعون ألف ريال، وفقًا للسعر العقاري في الزمان والمكان".

في السياق، يرى المحامي عبدالفتاح حمنه، أن سوق إيجار المنازل والشقق في إب يتعرض للطلب الوهمي، وبالتالي فإن الازدحام الذي تسبب به النازحون قد انتهى وقت عودة معظمهم من محافظة إب إلى الحُديدة.

ويشير حمنه إلى أن غاية الطلب الوهمي هو ازدياد أسعار الإيجار، حيث يُشعِر "سماسرة" التأجير والمؤجرين، من أراد أن يستأجر بأن الشقق والبيوت منعدمة، ليضغطوا عليه بالدفع أكثر. يقول حمنه لـ"خيوط": "حتى بخصوص التعديل القانوني الجديد الذي صادق عليه مجلس نواب صنعاء، إلا أنه لا يقف مع المستأجر بالصورة المطلقة التي فهمها البعض، حيث تبقى الهيمنة وقطع المنافع من ماء وكهرباء على المستأجر، في تصرف المؤجر، دون وجود أي رادع جزائي عليه، في حال أخل بالخدمات". ويستطرد حمنه: "الأمر معقد كثيرًا، ولا توجد محددات قانونية تضبط العلاقة بين المؤجر والمستأجر، وهو ما يجعل هذه العلاقة أخلاقية بالدرجة الأولى".

تقلبات المؤجر

"لا يلتزم المؤجر بوعده ولا يُقدر الظروف"، هكذا استهلّ المستأجر علي الحزمي حديثه لـ"خيوط"، ويضيف: "استأجرت شقة بداية سنة 2021، كان الاتفاق بيني وبين المؤجر ألا يرفع الإيجار لأنني طالب وأعيل أسرة، ولا أقدر على تحمل أي زيادة فوق مبلغ 60 ألف ريال، شامل لخدمتَي الماء والكهرباء، فوافق ووعد بذلك، لكنه مع بداية العام الحالي يطالبني بزيادة مبلغ عشرة آلاف ريال قيمة الاشتراك الشهري للماء بلا تقدير لوعده ولا لظروفنا".

•••
محفوظ الشامي

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English