"أحملها في حضني لمسافة طويلة حتى أصل "فرزة" السيارات ثم أتوجه إلى المستشفى"؛ بهذه الكلمات تحكي أم عدي لـ"خيوط"، قصتها مع ابنتها التي أصيبت بحمى الضنك، وكفاحها المضني لعلاجها خارج المخيم بسبب انعدام المرافق الصحية في مخيمات النزوح، عدا صيدلية توفر بعض الأدوية والمسكنات.
هذه المرأة، النازحة تقيم مع أولادها في مخيم الجفينة بمأرب، بعد أن فقدت زوجها في المعارك الدائرة هناك.
تقول أن طفلتها رهف البالغة من العمر 6 سنوات، تعاني من ضمور في الدماغ أفقدها الحركة منذ ولادتها، وتعاني أكثر بعد إصابتها مؤخرًا بحمى الضنك، وليس هناك من خيارات لعلاجها سوى خارج المخيم.
يطالب سكان مخيمات النزوح في مأرب، المنظمات الدولية ومكتب الصحة، بالقيام بدورهم في تقديم ما أمكن من الرعاية الصحية وتوعية النازحين بهذا الفيروس، الذي بدأ بالانتشار في أوساط النازحين.
وتشهد محافظة مأرب (شرقي صنعاء) انتشار حمى الضنك وتزايد حالات الإصابة بهذا الفيروس، حيث تم تسجيل أكثر من 312 حالة في مديرية الوادي لوحدها، في حين تتجاوز عدد الحالات المسجلة أكثر من 600 حالة.
معاناة مع غياب الرعاية والوقاية
تشرح أم عدي معاناتها، والتي تشترك فيها مع جميع النازحين في مثل هذه المخيمات، ليس في مأرب فقط، بل في جميع المحافظات اليمنية: "عانيت بشدة للوصول إلى أقرب مرفق صحيّ سيرًا على الأقدام تحت حرارة الشمس"، وذلك في ظلّ بُعد المسافة وصعوبة الحصول على مواصلات وتفاقم معاناتها بصورة لا تستطيع وصفها، لكنها تحملت ذلك، كما تقول: "من أجل ابنتي وصحتها؛ كوني وحيدة بعد فقدان زوجي".
يعدد أطباء ومعنيّون في القطاع الصحي عوامل انتشار حمى الضنك، خصوصًا في مخيمات النزوح، المتمثلة في: قنوات الصرف الصحي المكشوفة، إلى جانب البرك والمياه الراكدة التي يتكاثر فيها البعوض، خصوصًا خلال أشهر فصل الصيف.
بعد وصولها إلى أقرب مرفق صحي، تم الكشف عن (رهف) وتشخيص إصابتها بـ(حمى الضنك)، لكن المشكلة الأهم كانت بسبب الجهل بالمرض ومخالطة بقية أولادها الثلاثة لأختهم المصابة بالحمى التي قال لها الأطباء أنها معدية، وإصابة بعضهم بعدوى المرض واردة أيضًا.
يقدر مكتب الصحة في محافظة مأرب (شرقي صنعاء)، عدد الحالات المصابة بحمى الضنك والتي سجّلها المكتب بنحو 672 حالة، في حين لم يتم تسجيل أيّ حالة وفاة حتى الآن.
يقول مدير إدارة الإحصاء بالمكتب ناصر السعيدي، لـ"خيوط"، إنّ التوعية الصحية والنوم تحت الناموسيات والتخلص من مصادر المياه الراكدة، وحماية الشبابيك بالعوازل، من أهم الطرق للوقاية من انتشار المرض.
ونفذت الجهات المختصة في مأرب عددًا من الحملات للتوعية الصحية، والرش الضبابي، والذي شمل أيضًا "حصون مديرية الوادي"، وتوزيع بعض الملصقات، بحسب حديث السعيدي، وصرف الأدوية الخاصة بهذا الوباء؛ للحدّ والوقاية من انتشاره، كما رافقها حملة تثقيف صحي في المناطق الموبوءة.
عوامل الانتشار وجهود المكافحة
يعدّد أطباء ومعنيّون في القطاع الصحي عوامل انتشار حمى الضنك، خصوصًا في مخيمات النزوح، المتمثلة في: قنوات الصرف الصحي المكشوفة، إلى جانب البرك والمياه الراكدة التي يتكاثر فيها البعوض، خصوصًا خلال أشهر فصل الصيف.
ويتطلب الأمر إطلاع الجهات الصحية المعنية بالحالات التي تظهر، وتوعية النازحين بمخاطر المرض وضرورة التوجه إلى المستشفى عند الإصابة بالحمى، وعدم التساهل في المرض، وعزل المريض عن باقي أفراد الأسرة، كون المرض معديًّا.
وناقشت السلطة المحلية في اجتماعها الأخير، تطورات الوضع الصحي بالمحافظة، وأهمية تضافر جهود المكاتب المعنية إلى جانب مكتب الصحة لعمل رش ضبابي بالمبيدات الفعّالة للقضاء على البعوض الناقل لحمى الضنك والملاريا.
في السياق، يقول مدير الإعلام في الوحدة التنفيذية للنازحين بمأرب، أيمن عطاء، لـ"خيوط"، إنّ الوحدة التنفيذية بناءً على عملها المتمثل بالتنسيق وتسهيل ورفع احتياجات النازحين؛ قامت بمخاطبة المنظمات ومكتب الصحة بمأرب وتابعت عمليات "الرش" التي قام به المكتب، مناشدًا في ذات الوقت الوحدة التنفيذية للمخيمات، والجهات المختصة والمنظمات الدولية، لدعم المرافق الحكومية وإيجاد وحدات صحية قريبة من المخيمات للتخفيف من معاناة النازحين.