تمثّل مواقع التواصل الاجتماعي، مثل "فيس بوك" و"توتير"، الطريقَ المختصر والسهل للتعليق على ما يدور من أحداث على كافة المستويات، ويجد روّاد تلك المواقع وغيرها في العوالم الافتراضية فرصًا لا متناهية في عرض أفكارهم على جمهور متنوّع، يتوخى منه التفاعل مع ما يكتب، ومنها الخوض في القضايا الفنية.
ومع اقتراب شهر رمضان من كل عام، تبدأ الفضائيات اليمنية بحملات الترويج للمسلسلات والبرامج الموسمية التي قامت بإنتاجها، ويبدأ معها الناشطون في فضاء "السوشيال ميديا" في ممارسة هوايتهم في تشريح المسلسلات والبرامج، حتى قبل أن يكملوا مشاهدتها أحيانًا.
تأخذ الكتابة في هذا المنحى طابع السخرية من النصوص وطرائق معالجتها لقضايا المجتمع، ولا يسلم الممثلون أيضًا من ولائم النقد والسخرية. المثير للانتباه في هذا السياق، أن من يمارس النقد والسخرية هم في كثير من المناسبات، من الأسماء غير المتخصصة بالنقد الفنّي وقضايا الدراما. أما نقطة اتفاقهم الرئيسة فهي في قولهم بأن ما ينتج موسميًّا لا يزال محصورًا بقوالب نمطية، لا ترقى عمومًا إلى مستوى نضج التلقي عند الجمهور.
استنساخات مكرورة
يقول الصحفي علي القباطي، لـ"خيوط": "للأسف الشديد، أصبح النموذج الذي يُقدَّم في الدراما اليمنية، لا يعكس الواقع الذي نعيشه ولا يلتفت إلى التفاصيل اليومية لحياة الأفراد، وهو بذلك لا يساعد في تبني قضايا حيوية تخدم المجتمع، ولا يقدّم حلولًا لها، وصارت الدراما في كلِّ مرة تمثّل استنساخات مكرورة وتقليدية لأعمال سابقة ومقلدة. كما أنّ تسييس الموضوعات المُتناولة فيما يعرض من مسلسلات وبرامج، قد أضعف إنتاج الأفكار الحيوية التي تغوص في القاع".
ويرى القباطي، أنّ إغلاق معاهد الفنون والموسيقى، وغياب الاهتمام المؤسسي والحكومي بالجانب بالفنّي والمسرحي، جعل مستوى الدراما اليمنية هشّة وبهذه الركاكة مقارنة بغيرها في المحيط، رغم أنّ لها إرثًا تاريخيًّا معقولًا.
ويضيف: "خشبة المسرح في منطقة "حافون" تعاني من الإهمال المتعمد من قبل وزارة الثقافة، والتي كانت بمثابة المتنفس لسكان المدينة ومنها انطلق الكثير من الفنّانين، الذين صاروا أسماءً معروفة ومؤثرة. ويتساءل عن موانع ترميم دور السينما وتنشيط دورها في الحياة اليومية، ولا يستبعد دورًا تخريبيًّا تقوم بها مجاميع معينة في إفراغ الدراما من رسالتها الإنسانية والثقافية.
مع كل ذلك، هناك مشاريع فردية داخل المنتوج الدرامي الموسمي بدأت تخطو خطوات جادّة نحو تلبية جزء من اهتمامات الجمهور، ولكنها تحتاج إلى دعم مادي ومعنوي واهتمام من الجهات الرسمية والخاصة، حتى تستمر وتتطور.
من جانبهم، يرى مهتمون بالشأن المسرحي أنّ الدراما المحلية أصبحت لا تخاطب وعي واهتمامات الجمهور بتنوعه في مسعى للرقي به، بقدر ما تذهب إلى مساحات سطحية لاستجلاب اهتمامات آنية فقط خلال شهر رمضان، وأنّها منذ أكثر من ثماني سنوات تعمل على قضايا مكرورة وبزاوية معالجة نمطية ملَّها جمهور المشاهدة.
ويلاحظ البعض أنّه وخلال السنوات القليلة الماضية، ذهبت بعض الشركات والفضائيات المنتجة لهذه المواد لتغيير هيئة العنصر النسوي أو الصورة النمطية للمرأة وإظهارها بقوالب جديدة لا تعبِّر عن ثقافة المجتمع ومشاكله، وإنّما بهدف كسب الجمهور، وتمرير رسائل معينة.
بدائيّة في الإخراج والمعالجات
إلى ذلك، تعلق الدكتورة سامية الأغبري- رئيسة قسم الصحافة في جامعة صنعاء، بالقول: "الدراما اليمنية ما زالت تعاني من بدائية الإخراج أولًا، ومن ناحية النص ثانيًا؛ وما زالت واقعة تحت تأثير كبير من التصنع، وفي كثير من الأحيان لا تعكس الواقع الذي نعيشه، ولا تقارب الهموم الحياتية اليومية بشكلٍ عقلانيّ يحترم عقل المشاهد، وإنّ محاولة بعض المسلسلات تقديم الواقع بشكل ساخر وفكاهيّ تكون مملة وغير محبَّبة".
تدنٍّ في نسبة المشاهدة
ومع كلّ ذلك، هناك مشاريع فردية داخل المنتوج الدرامي الموسمي، بدأت تخطو خطوات جادّة نحو تلبية جزءٍ من اهتمامات الجمهور، ولكنها تحتاج إلى دعم مادي ومعنوي واهتمام من الجهات الرسمية والخاصة، حتى تستمر وتتطور.
ساهم الفضاء المفتوح والإنترنت في إشباع احتياجات ورغبات واهتمامات المهتمين اليمنيين الفنية، ومكّنهم من ملاحظة وتتبّع القصور في الأعمال المحلية، وأظهر للمشاهد الكم الهائل لسطحيته وهشاشته وتكراره الممل، والذي يقود من عام إلى آخر، إلى تدني نسبة متابعته ومشاهدته.