يُعتبر التصوير الفوتوغرافي الرياضي فنًّا توثيقيًّا محوريًّا يعبر عن شغف الرياضيين وتفانيهم في المنافسة. يواجه المصوِّرون تحديات كبيرة من ظروف قاسية وأجواء متقلبة، مما يتطلب منهم التنافس مع الزمن لالتقاط اللحظات الفريدة. في هذا السياق، يبرز عبدالعزيز عمر، المعروف بلقب "زيزو"، بصفته مصوِّرًا بارزًا بخبرة معترف بها دوليًّا، حيث يُعتبر واحدًا من المصورين المعتمدين لدى الاتحادات الرياضية الكبرى، مثل الاتحاد الآسيوي للكرة الطائرة والاتحاد الأوروبي لكرة القدم. تعكس دعواته المتكررة لتغطية أبرز الأحداث الرياضية العالمية مكانته المرموقة بين نخبة المصورين الرياضيين.
كان والد زيزو يعمل محصل فواتير في مؤسسة المياه، لكنه كان أيضًا شغوفًا بالفن، وكان يتمنى أن يكون محترفًا في مجال التصوير، حيث عشق التصوير الفوتوغرافي بالأبيض والأسود.
الشغف العائلي
نشأ شغف زيزو بالتصوير الفوتوغرافي منذ صغره، حيث ترعرع مُحاطًا بالكاميرا والصورة بفضل والده، الذي كان له دورٌ بارز في إدخال آلة العرض السينمائية إلى مدينة كريتر. في حقبة الأربعينيات، التي جلبها من بريطانيا، شهدت المدينة ازدهارًا في دور العرض السينمائية، حيث كانت تُعرض العديد من الأفلام الأجنبية، وخاصة الهندية، التي كانت تحظى بشعبية كبيرة أثناء الاستعمار البريطاني.
كان والد زيزو يعمل محصل فواتير في مؤسسة المياه، لكنه كان أيضًا شغوفًا بالفن، وكان يتمنى أن يكون محترفًا في مجال التصوير، حيث عشق التصوير الفوتوغرافي بالأبيض والأسود. لهذا تركت هذه التجارب بصمة عميقة في ذاكرة عبدالعزيز، وأثّرت في مسيرته الفنية لاحقًا وساهمت في تشكيل رؤيته الفنية، التي بدأت بمراقبة الصور في المجلات العربية والعالمية التي تصل إلى عدن، لا سيما تلك التي تُعنى بالتصوير الرياضي.
اليوم، يُعتبر زيزو بارعًا وملهمًا في مجال التصوير الفوتوغرافي، وهو عضو في نقابة الصحفيين اليمنيين والعرب، ومنظمة الصحفيين العالمية، ونادي التصوير الضوئي العربي. كما أنه عضو مؤسس في الاتحاد اليمني للإعلام الرياضي، وعضو في الاتحاد الدولي للصحافة الرياضية والجمعية اليمنية للإعلام الرياضي، وعضو شرفي في الجمعية اليابانية للتصوير الفوتوغرافي ومجلة "ناشيونال جيوغرافيك" العربية.
اختير ضمن أفضل عشرة مصوِّرين في كأس العالم للناشئين بفنلندا عام 2003، خلال مشاركة منتخبنا الوطني. وحصل على لقب أفضل مصور صحفي رياضي في اليمن.
الرحلة الطويلة
في حديث لـ"خيوط"، استعرض مسيرته المهنية التي بدأت بعد تخرجه من الخدمة العسكرية. في عام 1981، حين انضمّ إلى وكالة أنباء عدن، حيث خضع لدورة تدريبية قصيرة تحت إشراف المصور الراحل علي راوح، الذي كان يشغل حينها منصب رئيس قسم التصوير بالوكالة. تبع ذلك دورة متقدمة في المعهد الإعلامي في عدن، حيث تعلم على يد أحد أبرز المصورين من ألمانيا.
بعد الوحدة، انتقل عبدالعزيز إلى العاصمة صنعاء بقرار وزاري، حيث تم تعيينه رئيسًا لقسم التصوير الفوتوغرافي في وكالة الأنباء اليمنية "سبأ". كانت هذه الخطوات بداية لمشواره المليء بالإنجازات في عالم التصوير.
حقّق المصور عبدالعزيز عمر إنجازات بارزة في مسيرته، حيث تم اختياره ضمن أفضل عشرة مصورين في كأس العالم للناشئين بفنلندا عام 2003، خلال مشاركة منتخبنا الوطني. وحصل على لقب أفضل مصور صحفي رياضي في اليمن من خلال استفتاء أجرته وكالة الأنباء اليمنية "سبأ". لم يكتفِ بذلك، بل حصل أيضًا على الدبلوم الفخري من موقع "فوتنيا" العالمي، بالإضافة إلى العضوية الفخرية في جمعية المصورين في اليابان.
علاوة على ذلك، أصبح عبدالعزيز مصوِّرًا رياضيًّا محترفًا بعد مشاركته في دورة خاصة نظمتها وكالة الصحافة الفرنسية (AFP)، تناولت كيفية تصوير مونديال فرنسا 1998. كانت هذه الدورة تمهيدًا لحضور كأس العالم، حيث جمع خلالها بين الخبرة والمعرفة.
غطّى زيزو العديد من البطولات والأحداث الرياضية البارزة عالميًّا، بما في ذلك بطولات كأس العالم في الأعوام 1998 و2002 و2010 و2014، و2022 مما أسهم في اكتساب خبرة واسعة في مجال التصوير الرياضي. وهذا ما مكَّنه من أن يصبح محترفًا بارعًا في هذا المجال المتخصص. ويعكس هذا المسار الاستثنائي الذي قطعه عبدالعزيز في مجال التصوير الرياضي، مدى التفاني والشغف الذي ينطوي عليه ممارسة هذا الفن. فقد تحوّل من مصورٍ هاوٍ إلى محترف بارز على الصعيد الدولي، من خلال تفانيه وإخلاصه المستمر لعمله وتطوير مهاراته على مدى أكثر من أربعة عقود.
هو خبير ومدرب ومحاضر في مجال التصوير الفوتوغرافي، حيث يُولي اهتمامًا كبيرًا بتدريب الشباب وصقل مواهبهم في هذا المجال المتميز. ويعكس ذلك حرصه على نقل خبراته وتجاربه إلى الأجيال الصاعدة.
التحديات الكبيرة
تواجه اللحظات المهمة في تغطية الأحداث الرياضية العديد من التحديات، كما يروي المصور عبدالعزيز عمر تجربته في افتتاح دورة الألعاب الآسيوية في كوريا الجنوبية. في ملعب بوسان الوطني، الذي كان قد استضاف مونديال كأس العالم عام 2002، واجه عبدالعزيز موقفًا مثيرًا أثناء إيقاد الشعلة. يقول عبدالعزيز: "اخترقتُ الطوق الأمني الذي كان أمامي دون أن أدري كيف تمكّنت من الصعود إلى المنصة". ووجد نفسه المصور الفوتوغرافي الوحيد هناك، بجانب مصور تلفزيوني كان يقوم بالبث المباشر للقنوات العالمية. بفضل خبرته الطويلة ومهاراته في التصوير، استطاع التغلب على هذه العقبة، ليكون قريبًا من توثيق لحظة إيقاد الشعلة، التي تمثل بداية دورة الألعاب الآسيوية.
يُعتبر المصور اليمني الشاب موهوبًا بالفطرة، لكنه يحتاج إلى التدريب والتأهيل لتطوير مهاراته. في ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح مجال التصوير الرياضي من أكثر المجالات جذبًا للمهتمين، حيث تتيح هذه المنصات نشر الصور دون قيود. في الوقت نفسه، بدأت الصحافة الورقية تتراجع بشكل ملحوظ في تغطية الأحداث الرياضية، وأصبحت نادرة في نشر الصور، مما يفتح المجال أمام المصورين الشباب لتوثيق لحظات مهمة ومشاركتها مع جمهور واسع عبر الإنترنت. إن الاستثمار في تطوير مهارات هؤلاء الشباب يمكن أن يُحدِث فرقًا كبيرًا في مستقبل التصوير الرياضي في اليمن؛ كما يقول.
زيزو هو خبير ومدرب ومحاضر في مجال التصوير الفوتوغرافي، حيث يُولي اهتمامًا كبيرًا بتدريب الشباب وصقل مواهبهم في هذا المجال المتميز. ويعكس ذلك حرصه على نقل خبراته وتجاربه إلى الأجيال الصاعدة، وتمكينهم من الاستفادة من هذا الفن الراقي. ما يجعله استثنائيًّا هو حبه العميق للرياضة وتفانيه في توثيق أبرز الأحداث الرياضية في اليمن. وقد أصبح بمرور الوقت بمثابة الأرشيف الحي لكل ما يتعلق بالحركة الرياضية في بلاده، مما منحه مكانة متميزة باعتباره رائدًا في مجال التصوير الرياضي على المستوى المحلي.
حصل زيزو على شهادات تقديرية من جهات عدة، فهو مصور محترف معتمد من الاتحادات الدولية والقارية لكرة القدم. بالإضافة إلى ذلك، فهو مستشار الإدارة العامة للأخبار لشؤون الخدمات المصورة في وكالة الأنباء اليمنية "سبأ"، وكبير المصورين لديها.
يعيش أيامًا صعبة مع أسرته بدون عمل نتيجة الأوضاع السياسية والاقتصادية المتدهورة في البلاد. ويعبر عن أسفه لندرة فرص إقامة دورات تدريبية في التصوير الرياضي، خصوصًا في مجال التصوير الرقمي.
الإنجازات المهنية
إن هذه الإنجازات المهنية الاستثنائية تعكس مدى خبرته وتمكّنه في التقاط اللحظات الحاسمة والمثيرة في المناسبات الرياضية الكبرى. فقد حظي بتقدير واسع على المستويين الآسيوي والدولي، حتى إنه تم اعتماده مصورًا محترفًا من الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، وحصل على تكريم من رؤساء الفيفا والاتحاد الآسيوي لكرة القدم.
ومع ذلك، لم يتمكن زيزو من تحقيق حلمه بتغطية نسخة كأس العالم 2018 في روسيا؛ وذلك بسبب الظروف السياسية الصعبة التي تمر بها بلاده اليمن، والتي أدّت إلى إغلاق المطارات. وهذا ما يعكس طبيعة مهنة التصوير الصحفي الرياضي، التي تجمع بين متعة التغطية والتحديات الناجمة عن الظروف السياسية والأمنية.
يعيش المصور عبدالعزيز عمر في صنعاء أيامًا صعبة مع أسرته بدون عمل نتيجة الأوضاع السياسية والاقتصادية المتدهورة في البلاد. ويعبر عبدالعزيز عن أسفه لندرة فرص إقامة دورات تدريبية في التصوير الرياضي، خصوصًا في مجال التصوير الرقمي.
تعدّ هذه الظروف تحديًا كبيرًا للمصورين الطموحين الذين يسعون لتطوير مهاراتهم والارتقاء بمستواهم الفني. ورغم هذه الصعوبات، يبقى الأمل معلقًا على تحسن الأوضاع، مما قد يتيح فرصة لهؤلاء الموهوبين لاستعادة نشاطهم وتحقيق تطلعاتهم في عالم التصوير.
في المجمل، يظهر زيزو بصفته شخصية مرموقة ضمن نخبة المصورين الصحفيين الرياضيين على الصعيدين الآسيوي والدولي؛ وذلك بفضل إنجازاته المتميزة وخبرته العريقة في توثيق اللحظات الحاسمة والمثيرة في البطولات الرياضية الكبرى.