إعداد/ جيريمي سكاهيل، ورايان غريم، و دانيال بوغوسلاو
ترجمة: خيوط
يظهر في الصورة كتابات على الجدران تشير إلى الهجوم المفاجئ الذي شنه مسلحو حماس على مهرجان موسيقي وعلى مستوطنات قرب الحدود مع قطاع غزة، في 13 أكتوبر 2023 ، في تل أبيب ، إسرائيل. تصوير: أليكسي جي روزنفيلد / غيتي إيماجيز
نشر موقع "ذي إنترسبت" الأمريكي تقريرًا يناقش فيه القصة التي تقف وراء تحقيق "نيويورك تايمز" حول أحداث السابع من أكتوبر، مسلطًا الضوء على القرارات التحريرية والعملية التي أدت إلى نشر التحقيق، وتأثيره الكبير على الحرب في غزة، وردود الفعل المختلفة حوله، داخل الصحيفة وخارجها.
وذكر الموقع في هذا التقرير الذي ترجمته "خيوط" من اللغة الانجليزية، أن صحيفة "نيويورك تايمز" قامت بتكليف المخرجة الإسرائيلية والمسؤولة السابقة في الاستخبارات الجوية بالجيش الإسرائيلي آنات شوارتز، للعمل مع ابن شقيق شريكها، آدم سيلا، والصحفي المخضرم في الصحيفة جيفري جيتلمان، للتحقيق في العنف الجنسي الذي ارتكبته حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، والذي قد يعيد تشكيل طريقة فهم العالم للحرب الإسرائيلية المستمرة في قطاع غزة. وبحلول شهر نوفمبر، كان هناك تصاعد في المعارضة العالمية ضد الحملة العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة، التي اسفرت بالفعل عن مقتل آلاف الأطفال والنساء وكبار السن. وعلى صفحاتها في وسائل التواصل الاجتماعي، التي قالت نيويورك تايمز منذ ذلك الحين إنها تقوم بمراجعتها، قامت شوارتز ب"الإعجاب" بمنشور يعبّر عن التحريض على الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين في غزة، ويدعو إلى "تحويل القطاع إلى مسلخ".
"انتهكوا أي قاعدة، في طريقكم الى النصر"؛ هكذا جاء في المنشور، و" إن الذين يقفون أمامنا هم حيوانات بشرية، فلا تترددوا في انتهاك أدنى القواعد."
وأشار الموقع الأمريكي - في هذا التقرير المشترك بين جيريمي سكاهيل وريان غريم و دانيال بوغوسلاو إلى أنه على الرغم من أن صحيفة "نيويورك تايمز" لديها قواعد ومعايير صحفية صارمة في التعاقد مع الصحفيين والمراسلين، إلاّ أنه لم يكن لدى شوارتز أي خبرة سابقة في مجال إعداد التقارير الصحفية، ولم تكن صحفية من الأساس، وأن شريكها في التحقيق، جيتلمان، شرح لها الأساسيات فقط، وذلك حسب ما أقرّت به شوارتز في مقابلة بثتها القناة 12 الإسرائيلية في 3 يناير/كانون الثاني الماضي.
وأكدت آنات شوارتز؛ إن جيتلمان كان مهتمًا بضمان "الحصول على مصدرين على الأقل لكل التفاصيل التي سيتم إدراجها في التقرير، والتحقق المتبادل من المعلومات؛ هل لدينا أدلة الطب الشرعي؟ هل لدينا أدلة مرئية؟ بصرف النظر عن إخبار قارئنا بأن 'هذا حدث، ما يمكننا قوله؟ هل يمكننا أن نوضح ما حدث ولمن؟".
وتضيف إلى أنها كانت في البداية مترددة في قبول المهمة، لأنها لم تكن ترغب في مشاهدة الصور المحتملة للاعتداءات، ولأنها كانت تفتقر إلى الخبرة اللازمة لإجراء مثل هذه التحقيقات. وأضافت: "ضحايا الاعتداء الجنسي هُن نساء تعرضن لتجربة مؤلمة، وبعد ذلك أن تأتي وتجلس أمام امرأة مثل هذه، من أنا لأفعل ذلك؟ ليس لدي أي مؤهلات."
ومع ذلك، قالت شوارتز بأنها بدأت العمل مع الصحفي جيتلمان على التحقيق، وذلك استنادًا إلى ما ذكرته في المقابلة. ويعمل جيتلمان – المراسل الدولي الحائز على جائزة بوليتزر – عادة مع مساعدي الأخبار والصحفيين المستقلين على القصص والتقارير عندما يتم إرساله إلى أحد مكاتب الصحيفة حول العالم. ولكن في هذا التحقيق، بحسب عدة مصادر مطلعة على العملية في غرفة الأخبار، قاما شوارتز وأدم سيلا بالغالبية العظمى من التقارير الميدانية، بينما ركز جيتلمان على التأطير والكتابة فقط.
داخل غرفة الأخبار في نيويورك تايمز، قوبل التقرير بالثناء من إدارة التحرير ولكنه في الوقت نفسه، قوبل بالتشكيك من الصحفيين الآخرين. وقد حاولت الصحيفة بتكليف منصتها الرقمية للبودكاست اليومي "ذا دايلي" بتحويل المقال إلى حلقة، لكنه لم يتمكّن من اجتياز اختبار التحقق من صحة الوقائع.
ومنه التقرير الذي نُشر في أواخر ديسمبر/كانون الأول، تحت عنوان "صرخات بلا كلمات": كيف استخدمت حماس العنف الجنسي كسلاح في السابع من أكتوبر"، والذي كان له أثر كبير في تعاطف نسبة كبيرة حول العالم مع الرواية الإسرائيلية –على خلفية الادعاءات بقيام حركة حماس بالاعتداء الجنسي واغتصاب إسرائيليات أثناء هجوم حماس– وكان بمثابة قنبلة حفّزت الجهود الحربية الإسرائيلية، في وقت كان فيه حتى بعض حلفاء إسرائيل يعرِبون عن قلقهم إزاء قتلها للمدنيين على نطاق واسع في غزة. ويذكر موقع "ذي إنترسبت" الامريكي أنه "داخل غرفة الأخبار في نيويورك تايمز، قوبل التقرير بالثناء من إدارة التحرير ولكنه في الوقت نفسه، قوبل بالتشكيك من الصحفيين الآخرين. وقد حاولت الصحيفة بتكليف منصتها الرقمية للبودكاست اليومي "ذا دايلي" بتحويل المقال إلى حلقة، لكنه لم يتمكّن من اجتياز اختبار التحقق من صحة الوقائع.
وأوضح الموقع أن مخاوف موظفي صحيفة التايمز الذين انتقدوا النهج الذي تتبعه الصحيفة في تغطيتها لقطاع غزة، هو أن تصبح الصحفية الإسرائيلية أنات شوارتز بمثابة كبش فداء وذريعة لما هو أعمق من مجرد فشل، والتي ربما تحمل عداء تجاه الفلسطينيين، وتفتقر إلى الخبرة في الصحافة الاستقصائية، وتشعر بضغوط متضاربة بين كونها مؤيدة لجهود الحرب الإسرائيلية وبين كونها مراسلة لصحيفة "النيويورك تايمز"، لكن شوارتز لم تقم بالعمل من تلقاء نفسها ولا بتكليف نفسها هي وابن شقيق شريكها، أدم سيلا، بتغطية واحدة من أكثر قصص الحرب أهمية، بل كلّفتها القيادة العليا في صحيفة "نيويورك تايمز" بذلك.
وقد أكدت شوارتز ذلك في مقابلة مع إذاعة الجيش الإسرائيلي في 31 ديسمبر/ كانون الأول. وأفادت كذلك قائلًة: "قالت صحيفة نيويورك تايمز: لنقم بتحقيق حول العنف الجنسي، ولكن في الواقع كان الأمر يتعلق أكثر بالحاجة إلى إقناعي بالمشاركة في هذا التحقيق."، استدرك مقدم البرنامج بالسؤال :"هل كان مقترح إجراء التحقيق والأمر برمته من قبل صحيفة نيويورك تايمز؟"
"بالتأكيد، بالتأكيد"، نعم بالطبع. هكذا كان جوابها. وأضافت بالقول: "وقفت الصحيفة بجانبنا بنسبة 200 في المئة وقدمت لنا الوقت والاستثمار والموارد اللازمة للتحقيق بعمق في هذا الموضوع بقدر الحاجة."
وأشار التقرير، الذي ترجمته "خيوط"، إلى أن بعض المحررين والمراسلين اشتكوا بعد وقت قصير من اندلاع الحرب، من أن معايير التايمز تمنعهم من الإشارة إلى حماس على أنها "إرهابية". وكان الأساس المنطقي من قسم المعايير، الذي يديره فيليب كوربيت منذ 14 عاما، هو أن حماس تمثل الإدارة الفعلية لمنطقة جغرافية معينة، وليست جماعة إرهابية عديمة الجنسية. ووفقا لهذه الحجة، فإن قتل المدنيين عمدا لم يكن كافيا لوصف مجموعة ما بأنها إرهابية؛ لأن هذه التسمية يمكن أن تنطبق على نطاق واسع.
وقالت مصادر في غرفة الأخبار، إن كوربيت، بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول، استمر بالدفاع عن هذه السياسة في مواجهة الضغوط، لكنه خسر في النهاية. وفي 19 أكتوبر/تشرين الأول، أُرسل بريد إلكتروني نيابة عن المحرر التنفيذي 'جو كان، يفيد بأن كوربيت طلب التنحي عن منصبه، وأوضحت قيادة التايمز بشأن ذلك، بالقول: "بعد 14 عاما من العمل على ضمان تطبيق معايير التايمز، أخبرنا فيليب كوربيت بأنه يود التنحي قليلا، والسماح لشخص آخر بأخذ الدور القيادي في هذا الجهد الحاسم". وقالت ثلاثة مصادر في غرفة الأخبار؛ إن هذه الخطوة مرتبطة بالضغوط التي يتعرض لها لتخفيف معايير التغطية لصالح إسرائيل، وقد أوضح أحد المنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي التي نالت إعجاب شوارتز، والتي أدت إلى مراجعة التايمز، أنه لأغراض الدعاية الإسرائيلية، يجب تشبيه حماس في جميع الأوقات بتنظيم الدولة الإسلامية. وقال متحدث باسم التايمز لموقع "ذي إنترسبت"؛ "إن فهمكم لفيليب كوربيت غير صحيح على الإطلاق".
ومنذ كشف النقاب عن نشاط شوارتز الأخير على وسائل التواصل الاجتماعي، لم يظهر اسمها في الصحيفة ولم تحضر اجتماعات التحرير. وأشارت الصحيفة؛ إلى أن عملية استعراض ومراجعة "إعجاباتها" التي قامت بها على وسائل التواصل الاجتماعي ما زالت جارية. وقال المتحدث باسم الصحيفة: "تمثل هذه الإعجابات انتهاكات غير مقبولة لسياسة مؤسستنا.
ويضيف الموقع: "قد تكمن الفضيحة الأكبر في التقرير نفسه – عن الاعتداءات الجنسية المزعومة دون دليل– والعملية التي سمحت بنشره، والتأثير الكبير الذي أحدثه هذا التقرير في حياة الآلاف من الفلسطينيين، حيث تم تبرير قتلهم بزعم قيام حماس بالعنف الجنسي المنهجي، والذي زعمت الصحيفة أنها كشفته.
وقال مراسل آخر من صحيفة التايمز، والذي يشعر بخيبة الأمل لما آلت إليه الامور: "كما هو متوقع، سيُوجَّه الكثير من التركيز بشكل مفهوم ومبرر على شوارتز، لكن من الواضح أنه كان بسبب قرار تحريري سيئ وفاشل، يقوّض كل الأعمال العظيمة الأخرى التي يتم إنجازها بلا كلل في كل المجالات عبر الصحيفة، سواء تلك المتعلقة بالحرب أو غيرها - والتي تعتبر مصدرًا للتحدي والإلهام لقرائنا وتلبية معاييرنا."
" كما هو متوقع، سيُوجَّه الكثير من التركيز بشكل مفهوم ومبرر على شوارتز، لكن من الواضح أنه كان بسبب قرار تحريري سيئ"
اذ تفتح مقابلة القناة 12 مع شوارتز، والتي ترجمها موقع "ذي إنترسبت" من العبرية، نافذة على عمليّة إعداد التقرير في القصة المثيرة للجدل، والتي تشير إلى أن مهمة صحيفة نيويورك تايمز كانت لتعزيز رواية محددة مسبقا.
وفي استجابة لتساؤلات موقع "ذا إنترسبت" حول مقابلة شوارتز في حلقة البودكاست، أفاد الموقع بأن متحدثًا باسم صحيفة نيويورك تايمز قد تراجع عن الادعاء والقول بأن حركة حماس استخدمت العنف الجنسي كسلاح، واستخدم تعبيرًا أكثر ليونة بالقول "ربما كان هناك استخدام منهجي للاعتداء الجنسي."
في تصريح له، أكد فيل بان، محرر نيويورك تايمز إنترناشيونال، دعمه للعمل الذي قامت به شوارتز، مشيرًا إلى أنها كانت جزءًا من عملية إعداد وتحرير التقرير بشكل دقيق وصارم. فقد قدمت مساهمات قيمة، ولم نرَ دليلاً على وجود تحيز في عملها، وما زلنا واثقين من دقة تقاريرنا وندعم تحقيق الفريق. ولكن كما أشرنا، فإن 'إعجاباتها' بالمنشورات المسيئة والمتحيزة على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تعود إلى قبل عملها معنا، غير مقبولة."
وبعد نشر هذا التقرير، قامت شوارتز ،التي رفضت التعليق حول ذلك، بنشر تغريدة على حسابها في منصة "اكس" تشكر فيها صحيفة نيويورك تايمز على " دعمها ووقوفها وراء القصص الهامة التي نشرناها". وأضافت: "لن تثنيني الهجمات الأخيرة ضدي عن مواصلة عملي." وفيما يتعلق بنشاطها على وسائل التواصل الاجتماعي، قالت شوارتز: "أتفهم سبب شعور الأشخاص الذين لا يعرفونني بالاستياء من "الإعجاب" غير المقصود الذي ضغطت عليه في 10/7 وأعتذر عن ذلك." حيث وتعرضت على الأقل ثلاثة من "إعجاباتها" لانتقادات علنية واسعة.
تقول شوارتز ؛كان لدي الكثير من المقابلات التي لم تسفر عن أي نتيجة"؛ على سبيل المثال، ذهبت إلى جميع فئات المستشفيات النفسية، وجلست أمام الموظفين، الذين كانوا جميعًا ملتزمين تمامًا بالمهمة، ولكن جميعهم أبلغوني بانهم لم يلتقوا بأي ضحية للاعتداء الجنسي
وفي مقابلة بثتها القناة 12 الإسرائيلية في يناير/كانون الثاني الماضي، أوضحت مخرجة الأفلام الإسرائيلية أنات شوارتز - ذات الخبرة الضعيفة في المجال الصحفي- بالتفصيل كيف سعت للحصول على تأكيدات من المستشفيات الإسرائيلية ومراكز أزمات الاغتصاب ومرافق التعافي من الصدمات النفسية، ومن الخطوط الساخنة للاعتداءات الجنسية في إسرائيل، ثم بعد ذلك رغم الجهود، عن عدم تمكنها من الحصول حتى على تأكيد واحد من الحالات المزعومة. حيث "قيل لها إنه لم يتم تقديم أي شكاوى بشأن الاعتداءات الجنسية"، واقرّ المتحدث باسم التايمز بعد أن لفت موقع "ذي إنترسبت" انتباه الصحيفة إلى حلقة البودكاست على القناة 12، أنها أُخبرت أنه لم تكن هناك أي شكاوى عن اعتداءات جنسية. "ومع ذلك، أكد المتحدث بالقول: "كانت هذه مجرد الخطوة الأولى في بحثها. ثم تصف بعد ذلك الظهور تدريجيًا للأدلة والشهادات، وأدلة محتملة على وجود استخدام منهجي للاعتداء الجنسي". "وتوضح خطوات بحثها وتشدد على المعايير الصارمة للنيويورك تايمز لتأكيد الأدلة، واجتماعاتها مع المراسلين والمحررين لمناقشة أسئلة الاستقصاء والتفكير بشكل نقدي حول القصة."
في الحقيقة، لم يكن السؤال أبداً عما إذا كانت وقعت أفعال فردية من الاعتداء الجنسي في السابع من أكتوبر. فالاغتصاب ليس شيئًا نادرًا في الحرب، وكان هناك أيضًا مئات من المدنيين الذين تدفقوا الى إسرائيل من غزة في ذلك اليوم في "الموجة الثانية"، مما ساهم في زيادة الفوضى والعنف. لكن القضية المحورية والمركزية، هي ما إذا كانت صحيفة نيويورك تايمز قد قدمت أدلة قوية لدعم ادعائها بأن هناك تفاصيل جديدة تم الإبلاغ عنها حديثاً "تثبت أن الهجمات ضد النساء لم تكن حوادث معزولة، بل جزء من نمط أوسع للعنف القائم على النوع الاجتماعي في السابع من أكتوبر" - وهو ادعاء ورد في العنوان الرئيسي بأن حماس استخدمت العنف الجنسي عمدا كسلاح حرب.
واوضح التقرير بأن شوارتز بدأت تحقيقها في البحث حول العنف الذي وقع في السابع من أكتوبر في المكان المتوقع، من خلال الاتصال بمرافق "الغرفة 4" المخصصة في 11 مستشفى إسرائيلي لفحص وعلاج ضحايا العنف الجنسي المحتملين، بما في ذلك الاغتصاب والاعتداءات الجنسية. وذكرت في مقابلة البودكاست، أن أول شيء فعلته هو التواصل معهم جميعا، وكان ردهم بالنفي، إذ لم يتلقوا أي شكوى بشأن اي اعتداء جنسي. وأضافت: "كان لدي الكثير من المقابلات التي لم تسفر عن أي نتيجة". على سبيل المثال، ذهبت إلى جميع فئات المستشفيات النفسية، وجلست أمام الموظفين، الذين كانوا جميعًا ملتزمين تمامًا بالمهمة، ولكن جميعهم ابلغوني بانهم لم يلتقوا بأي ضحية للاعتداء الجنسي."
وكانت الخطوة التالية لها، الاتصال بمدير الخط الساخن لضحايا الاعتداء الجنسي في جنوب إسرائيل، وهو الأمر الذي لم يثمر أيضًا عن أي نتائج. حيث أن المدير أخبرها بأنهم لم يتلقوا أي تقارير عن حالات عنف جنسي. وقد وصفت شوارتس المكالمة بأنها "محادثة متعمّقة ومجنونة"، حيث طالبت وضغطت من أجل تزويدها بحالات معينة من الضحايا. وتذكرت بأنها سألت: "هل اتصل بكم أحد؟ هل سمعتم شيئًا؟" قبل أن تعرب عن استغرابها قائلة: "كيف يمكن ألا تتلقوا أي حالة؟!"
ويوضح الموقع الأمريكي؛ عندما بدأت شوارتز جهودها الخاصة للعثور على أدلة على الاعتداء الجنسي، بدأت أول الادعاءات التي تخص الاغتصاب في الظهور. حيث ادعى شخص تم التعريف به في 'مقابلات إعلامية مجهولة' على أنه مسعف من الوحدة الطبية '669' التابعة للقوات الجوية الإسرائيلية، وأنه رأى أدلة على تعرض فتاتين مراهقتين في بلدة كيبوتس ناحال عوز للاغتصاب والقتل في غرفة نومهما. إلا ان الرجل أعقب ذلك بادعاءات شنيعة أخرى، مما أدى إلى التشكيك في شهادته؛ فقد زعم أن مسعفا آخر "أخرج من القمامة" طفلا كان قد تعرض للطعن عدة مرات، وقال أيضا؛ إنه رأى "عبارات عربية مكتوبة على مداخل المنازل بدماء الناس الذين كانوا يعيشون" فيها؛ لكن لا وجود لمثل هذه الحالات على أرض الواقع، وقد تم بعد ذلك فضح زور قصة الطفل المزعومة منه، والمشكلة الأكبر أنه لا يوجد حالة لفتاتين في الكيبوتس المذكورة تتناسب مع تصوير ووصف هذا المسعف. وفي مقابلات لاحقة، قام الرجل بتغيير موقع حدوث قصته الفتاتين- إلى كيبوتس بئيري، إلا انه لم يتطابق أي من الضحايا الذين قُتلوا هناك مع الوصف أيضا، وذلك حسب ما ذكره موقع "موندوايس".
بعد مشاهدة هذه المقابلات، بدأت شوارتز بالتواصل مع أشخاص في كيبوتس بئري وغيرها من الكيبوتسات والبلدات التي تعرضت للاستهداف في السابع من أكتوبر، في محاولة لتتبع القصة والبحث عن المعلومات، لكنها قالت: "لم ينكشف أي شيء، ولم يسمع أحد شيئًا هناك." بعد ذلك، قامت بالتواصل مع مسعف الوحدة '669'، والذي روى لشوارتز نفس القصة التي كان قد رواها لوسائل الإعلام الأخرى، التي تقول شوارتز انها اقنعتها بوجود طبيعة منهجية للعنف الجنسي." وخلال حديثها، أشارت شوارتز إلى أنها قالت حينها: " حسنًا، لقد حدث ذلك، لقد رأى شخص ما يحدث ذلك في بئيري، واستشهدت شوارتز بهذه الحادثة كسبب رئيسي خلصت منه إلى وقوع عنف جنسي منظم في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ولأنهما فتاتان أختان وفي غرفة واحدة، "فهناك شيء ما منهجي، شيء ما يبدو لي أنه ليس عشوائيا".
وقالت شوارتز؛ إنها بدأت بعد ذلك سلسلة من المحادثات المكثفة مع مسؤولين إسرائيليين من "زاكا"، وهي منظمة إنقاذ أرثوذكسية خاصة يهودية متشددة، تم توثيقها بأنها أساءت التعامل مع الأدلة ونشرت العديد من القصص الكاذبة حول أحداث 7 أكتوبر، بما في ذلك الادعاءات الكاذبة بأن حماس قامت بقطع رؤوس أطفال وإسقاط جنين من بطن أمه. فالعاملون فيها ليسوا علماء طب شرعي مدربين أو خبراء في مسرح الجريمة. حيث قال يوسي لانداو، أحد كبار مسؤولي زاكا، واصفا عمل المجموعة في المواقع التي تعرضت للهجوم في تاريخ 7 أكتوبر: "عندما نذهب إلى منزل، فنحن نستخدم خيالنا. ويضيف: "كانت الجثث تخبرنا بما حدث، وهذا ما حدث بالفعل". وقد ظهر لانداو في تقرير التايمز، على الرغم من عدم ذكر سجله الموثق جيدا في نشر القصص المثيرة عن الفظائع التي ثبت زيفها لاحقا. وقد أكدت شوارتز؛ إنه في مقابلاتها الأولية، لم يقدم أعضاء زاكا أي ادعاءات محددة بالاغتصاب، لكنهم وصفوا الحالة العامة للجثث التي قالوا إنهم رأوها، "قالوا لي فقط: "نعم، رأينا نساء عاريات"، أو "رأينا امرأة من دون ملابس داخلية‘ وهن عراة مقيدة بأربطة واحيانا بحبال ".
واصلت شوارتز التحقيق في مواقع الهجوم المختلفة بحثًا عن أدلة، ولكنها لم تجد شهودًا يؤكدون قصص الاغتصاب. وأوضحت قائلة: "وهكذا قمت بالبحث بشكل مكثف في الكيبوتسات والبلدات التي تعرضت للهجوم، بصرف النظر عن شهادة 'المسعف العسكري الإسرائيلي'، وكذلك روايات أشخاص من زاكا، هنا وهناك، والتي تبين عدم وقوع قصص مماثلة لها على أرض الواقع".
وخلال فترة استمرارها في التواصل مع المسؤولين في فرق الإنقاذ عبر الهواتف، لاحظت شوارتز بداية بث قنوات الأخبار الدولية لمقابلات مع شاري مينديس، وهي مهندسة معمارية أمريكية تخدم في وحدة حاخامية دينية تابعة لجيش الدفاع الإسرائيلي. حيث زعمت مينديس، التي تم إرسالها الى مشرحة لتحضير الجثث للدفن بعد هجمات 7 أكتوبر، أنها شاهدت أدلة وافرة على وقوع اعتداءات جنسية.
في الحقيقة وعلى أرض الواقع، لم تُقتل أي امرأة حامل في ذلك اليوم وفقا للقائمة الإسرائيلية الرسمية للقتلى عقب الهجمات، وقالت مجموعة الأبحاث المستقلة المعنية بالتحقق مما حدث في 7 أكتوبر " فاكت تشيك"؛ إن قصة مينديز مفبركة وغير صحيحة
في إحدى المقابلات، قالت مينديز: "لقد رأينا أدلة على الاغتصاب، حيث يوجد حالات لديها كسر في الحوض، اذ ان عملية كسر الحوض تستغرق الكثير من الوقت… وقد لوحظ هذا أيضا بين كبيرات السن 'الجدات' وحتى بين الأطفال الصغار. وهذا ليس مجرد شيء رأيناه على الإنترنت، بل رأينا هذه الجثث بأعيننا". وكان اسم مينديز حاضرًا في روايات الحكومة الإسرائيلية ووسائل الإعلام الرئيسية حول العنف الجنسي الذي وقع في السابع من أكتوبر، على الرغم من أنها لا تملك أي أوراق اعتماد طبية أو شرعية لتحديد وكشف الاغتصاب بشكل قانوني. وتحدثت أيضًا عن أعمال عنف أخرى في 7 أكتوبر، حيث قالت لصحيفة "دايلي ميل": " لقد قاموا بإسقاط جنين من بطن امرأة حامل وقطعوا رأسه، ثم قطعوا رأس الام بعد ذلك ". لكن في الحقيقة وعلى أرض الواقع، لم تُقتل أي امرأة حامل في ذلك اليوم وفقا للقائمة الإسرائيلية الرسمية للقتلى عقب الهجمات، وقالت مجموعة الأبحاث المستقلة المعنية بالتحقق مما حدث في 7 أكتوبر " فاكت تشيك"؛ إن قصة مينديز مفبركة وغير صحيحة.
"ظللت أتساءل طوال الوقت، هل إذا ما سمعت عن الاغتصاب وشاهدته وفكرت فيه، هل هذا فقط لأنني أميل نحو ذل؟"
وطبقا لموقع إنترسبت؛ بعد مشاهدة شوارتز لعدد من المقابلات مع مينديز، أصبحت أكثر اقتناعا بصحة الرواية حول الاغتصاب المنهجي. وقالت: "كنتُ أتساءل، بشعور الفرح، ما هذا؟"، وبدا لي الأمر بأنه يقترب نحو الظهور، حتى ولو لم تكن تعرف بعد الأرقام الدقيقة لذلك."
في الوقت نفسه، أعربت شوارتز عن شعورها بالتضارب أحيانًا، متسائلة عما إذا كانت تقتنع بحقيقة صحة القصة الكاملة برمتها، تمامًا، لأنها كانت تبحث عن دلائل تدعم هذا الادعاء. وقالت: "ظللت أتساءل طوال الوقت، هل إذا ما سمعت عن الاغتصاب وشاهدته وفكرت فيه، هل هذا فقط لأنني أميل نحو ذلك "، ولكنها دفعت هذه الشكوك جانبًا. وبحلول الوقت الذي أجرت فيه شوارتز مقابلة مع مينديز، كانت قصة جندي الاحتياط في جيش الدفاع الإسرائيلي، قد انتشرت في جميع أنحاء العالم، وقد تم دحضها بشكل قاطع: اذ لم يتم إسقاط أي طفل من بطن أمه ولا قطع رأسه. ومع ذلك، استمرت شوارتز وصحيفة نيويورك تايمز في الاعتماد على شهادة مينديز، بالإضافة إلى شهادات شهود آخرين لديهم سجلات حافلة في تقديم ادعاءات غير موثوقة، والذين هم أصلا يفتقرون إلى أوراق اعتماد الطب الشرعي كي يدلو بمثل هكذا شهادات. ولم يتم طرح أي أسئلة حول مدى مصداقية مينديز.
وبحسب التقرير، الذي ترجمته "خيوط"؛ ليس من الواضح تماما كيف وصلت شوارتز إلى مثل هذا المنصب الاستثنائي في لحظة حاسمة من الحرب. أما بالنسبة ل أدم سيلا، فقد كان قبل انضمامه إلى صحيفة التايمز كمراسل مؤقت في الخريف الماضي، صحفيًا حرًا يغطي قصصًا حول مواضيع تتنوع بين "الطعام والتصوير الفوتوغرافي والثقافة إلى جهود السلام والاقتصاد والاحتلال"، وفقًا لملفه الشخصي على موقع LinkedIn. حيث كان أول تعاون لسيلا مع جيتلمان، هو المقال الذي نُشر في 14 أكتوبر، تحت عنوان 'نظرة على الصدمة التي يعانيها الطلاب في احدى الجامعات في جنوب إسرائيل. وبالنسبة لشوارتز، فقد ظهر اسمها لأول مرة في 14 نوفمبر.
في تقريرها، أفادت شوارتز بأن "مسؤولي الشرطة الإسرائيلية شاركوا المزيد من الأدلة يوم الثلاثاء حول الفظائع التي اُرتكبت خلال الهجمات التي قادتها حماس في 7 أكتوبر، حيث أكدوا أنهم جمعوا شهادات من أكثر من ألف شاهد وناجٍ حول العنف الجنسي وغيره من أشكال الانتهاكات." وتابعت القصة باستشهاد رئيس الشرطة الإسرائيلية، كوبي شبتاي، الذي وضح سلسلة من الأدلة عن عمليات القتل البشعة والاعتداءات الجنسية في 7 أكتوبر.
وأكد شبتاي في مقال شوارتز: "هذا هو التحقيق الأكثر شمولا الذي عرفته دولة إسرائيل على الإطلاق"، ووعد بتقديم أدلة كافية قريبا.
ووفق الموقع، أنه عندما نشرت صحيفة نيويورك تايمز بعد ذلك تحقيقها النهائي بعنوان "صرخات بلا كلمات"، أفادت شوارتز وشركاؤها أنه على الرغم من مزاعم شبتاي، فإن الأدلة الجنائية عن العنف الجنسي غير موجودة. ودون الاعتراف بالتصريحات السابقة لشبتاي في نيويورك تايمز؛ أفادت الصحيفة بأن الدفن السريع للضحايا وفقًا للتقاليد اليهودية تعني عدم الاحتفاظ على الأدلة. وأكد خبراء للتايمز أن العنف الجنسي في الحروب غالبًا ما يترك "أدلة جنائية محدودة".
في حلقة البودكاست، أفادت شوارتز بأن خطوتها التالية هي الذهاب إلى منشأة علاجية شاملة جديدة تم إنشاؤها لمعالجة صدمة ضحايا هجوم 7 أكتوبر، وخاصة أولئك الذين عانوا من المذبحة في مهرجان نوفا الموسيقي. تم افتتاح المرفق بعد أسبوع من الهجمات، وبدأ في استقبال مئات الناجين، حيث يمكنهم طلب المشورة، وممارسة اليوغا، وتلقي الطب البديل، بالإضافة إلى الوخز بالإبر، والشفاء الصوتي، والعلاجات الانعكاسية. سُمي هذا المرفق "مرهف مربي"، أو مكان الشفاء.
وبعد عدة زيارات إلى هذا المرفق الصحي،"مرهف مربي"، أعادت شوارتز التأكيد في مقابلة البودكاست أنها لم تجد دلائل مباشرة على حدوث حالات اغتصاب أو عنف جنسي. وعبرت عن إحباطها من المعالجين والاستشاريين في المركز، مشيرة إلى أنهم شاركوا في "مؤامرة الصمت". وأضافت: "كل شخص، حتى أولئك الذين سمعوا مثل هذه الأمور من الناس، شعروا بالتزام شديد تجاه مرضاهم، أو حتى مع الأشخاص الذين ساعدوا مرضاهم، بعدم الكشف عن الأمور".
لكن في النهاية، خرجت شوارتز فقط بتلميحات وبيانات عامة من الأخصائيين حول كيفية تعامل الأفراد مع الصدمات، بما في ذلك العنف الجنسي والاغتصاب. وأشارت إلى أن الضحايا المحتملين قد يشعرون بالخجل من الإفصاح والتحدث في العلن، أو يعانون من شعور الناجين بالذنب، أو يكونون لا يزالون في حالة من الصدمة. وقالت: "قد يكون من المحتمل أيضًا بسبب طابع المجتمع الإسرائيلي المحافظ أن يكون هناك ميل للصمت بشأن هذه المسألة من الإساءة الجنسية". وأضافت: "بالإضافة إلى ذلك، ربما تكون هناك بعدًا إضافيًا يتعلق بالجانب الديني والوطني، وهو لأن الفعل كان من قبل إرهابي، شخص من حماس". واختتمت: "كان هناك العديد من العوامل التي جعلت الأفراد لا يتحدثون".
ووفقًا للمقال المنشور في صحيفة التايمز، "أكد اثنان من الأخصائيين المعالجين أنهما كانا يعملان مع امرأة تعرضت للاغتصاب الجماعي في الحفلة، وأنها ليست في حالة تسمح لها بالتحدث مع المحققين أو الصحفيين."
وقالت شوارتز إنها ركزت على البلدات والكيبوتسات التي وقع فيها الهجوم، لأنها اعتبرت في البداية أنه من غير المرجح وقوع حوادث اعتداء جنسي في مهرجان نوفا الموسيقي. وتضيف: "كنت متشككة للغاية في حدوث ذلك في منطقة الحفل، لأن كل الناجين الذين تحدثت إليهم أخبروني عن مطاردة، سباق، والتنقل من مكان إلى آخر". "كيف سيكون لديهم الوقت للاعتداء على امرأة؟ هذا مستحيل. إما أن تختبئ، أو تموت. وبالإضافة إلى ذلك، فمهرجان نوفا كان في مكان عام، وفي مساحة مفتوحة ".
شاهدت شوارتز مقابلات أُجريت مع راز كوهين، الذي حضر مهرجان نوفا، مع وسائل الإعلام الدولية. وهو من قدامى المحاربين في القوات الخاصة الإسرائيلية، وقد اجرى عدة مقابلات حول زعمه بشأن شهادته على حادثة اغتصاب. وبعد أيام قليلة من الهجمات، قال لقناة "بي بي إس نيوز أور"؛ إنه شهد العديد من حالات الاغتصاب. وأضاف: " الإرهابيون من غزة قاموا باغتصاب فتيات، ثم قتلوهن بالسكاكين بعد الاغتصاب، أو قتلوهن ومن ثم ارتكبوا هذه الأفعال". وفي مقابلة له على قناة "سي إن إن" في 4 يناير، وصف رؤية حالة اغتصاب وقال؛ إن المهاجمين كانوا "خمسة رجال؛ خمسة مدنيين من غزة، رجال عاديون، وليسوا جنودا، وليسوا النخبة"، في إشارة إلى قوات كوماندوز النخبة التابعة لحماس. "كانوا أشخاصا عاديين من غزة ويرتدون ملابس عادية."
إن وصف كوهين للمهاجمين المزعومين بأنهم ليسوا أعضاء في حماس يقوض العنوان الرئيسي، لكنه بقي دون تغيير. ولم تتطرق الصحيفة الى مزاعم كوهين السابقة حول شهادته على حالات عديدة من الاغتصاب.
في المقابلة التي أجراها كوهين مع شوارتز لصحيفة "تايمز"،
"قال إنه بعد ذلك شاهد خمسة رجال، يرتدون ملابس مدنية، وجميعهم يحملون سكاكين وأحدهم يحمل مطرقة، ويسحبون امرأة على الأرض. حيث كانت هذه المرأة شابة، وعارية وتصرخ."
"وبينما كانوا يتجمعون حولها، وهي تحاول النهوض، بدأوا في اغتصابها، ورأى كوهين الرجال وهم يقفون في نصف دائرة حولها، وأحدهم يقوم بدأ باغتصابها جنسياً، مما جعلها تصرخ بشدة، ولا زلت اتذكر صوت صراخها دون كلمات."
"وفي النهاية، قام أحدهم برفع سكين بذبحها دون تردد."
وكانت هذه المقابلة هي التي ألهمت التايمز عنوان تقريرها: "صرخات بلا كلمات" : كيف استخدمت حماس العنف الجنسي كسلاح في 7 أكتوبر." إن وصف كوهين للمهاجمين المزعومين بأنهم ليسوا أعضاء في حماس يقوض العنوان الرئيسي، لكنه بقي دون تغيير. ولم تتطرق الصحيفة الى مزاعم كوهين السابقة حول شهادته على حالات عديدة من الاغتصاب.
وأفادت شوارتز في مقابلة البودكاست بأنه نظرًا لإصرار الصحيفة على وجود مصدرين على الأقل، فقد طلبت من كوهين تزويدها بمعلومات الاتصال بالأشخاص الآخرين الذين كانوا يختبئون معه في المكان الذي كان فيه، لتتمكن من تأكيد قصته حول الاغتصاب. وذكرت: "يختبئ راز، وبجواره يستلقي صديقه شوام، في مكان بين الأشجار، كان قد وصلا إليه. وكان هناك شخصان آخران على الجهة الأخرى بنفس المكان ينظرون في اتجاه مختلف، وهناك شخص آخر، الخامس، بالقرب منهم. أي كان هناك خمسة أشخاص في نفس ذلك المكان. إلا أن راز هو الوحيد الذي رأى كل ما شاهده، حيث كان الآخرون ينظرون في اتجاه آخر." حد تعبيره.
على الرغم من تأكيد شوارتز في المقابلة بأن كوهين هو الشاهد الوحيد على الحدث وأن الآخرين كانوا ينظرون في اتجاهات مختلفة، إلا أن القصة المنشورة في "نييورك تايمز" تصوِّر شوام جويتا كشاهد يؤكد على الاغتصاب. ووفقًا لقوله، رأى ما لا يقل عن أربعة رجال يخرجون من الشاحنة ويهاجمون المرأة، التي انتهت بين ساقيهم. كما أشار جويتا إلى أنهم كانوا يتحدثون ويضحكون ويصرخون، وأن أحدهم طعنها بالسكين بشكل متكرر، أي حرفيا لقد "ذبحها". ورغم ذلك، لم يذكر جويتا شهادته على الاغتصاب في مقابلة مع "إن بي سي نيوز" في 8 أكتوبر، اليوم التالي للهجوم، لكنه وصف رؤيته لامرأة تم ذبحها بالسكين. وفي تصريح لـ "إن بي سي نيوز"، قال جويتا: "رأينا إرهابيين يقتلون الناس، ويحرقون السيارات، ويصرخون في كل مكان. فإذا تفوهت بكلمة، إذا أصدرت أي ضجيج، ستُقتل". قام جويتا بنشر العديد من مقاطع الفيديو على "تيك توك" تظهره وهو يفتش في منازل فلسطينية. ولم يستجب لا كوهين ولا جويتا لمطالبات التعليق عن ذلك.
وبحسب الموقع، فقد أشار كل من "الموقع المستقل المعني بالتحقق مما حدث في 7 أكتوبر وموندوايس، والصحفيّان علي أبو نعمة من "الانتفاضة الإلكترونية" وماكس بلومنتال من "ذا غري زون"، إلى وجود العديد من التناقضات في القصص التي وردت في تقرير نيويورك تايمز، بما في ذلك رواية كوهين، الذي قال في البداية، "إنه اختار ألا ينظر، لكنه كان يسمع ضحكاتهم باستمرار".
وتحت ضغط داخلي للدفاع عن مصداقية التقرير، أُعيد تكليف جيتلمان، و شوارتز، وسيلا من قبل الصحيفة، لإعادة تحرير التقرير بشكل فعال، والذي أسفر عن نشر مقال في 29 يناير. وذكر التقرير أن كوهين رفض التحدث معهم، حيث قالوا: "في هذا الشهر، عندما سُئل لماذا لم يذكر الاغتصاب في البداية، أشار السيد كوهين إلى الضغوط التي تعرّض لها خلال تجربته، وأوضح في رسالة نصية أنه لم يكن يدرك آنذاك أنه كان واحداً من الشهود الناجين القلائل. ورفض أيضاً أن يجري مقابلة أخرى، مؤكداً أنه يعمل على التعافي من الصدمة التي تعرّض لها."
بالإضافة إلى شهادة كوهين، صرحت شوارتز في بودكاست القناة 12 بأنها شاهدت أيضًا فيديو لاستجواب أسير فلسطيني ألقت القوات الإسرائيلية القبض عليه، حيث وصف الأسير "فتيات" يتم سحبهن من قبل مهاجمين فلسطينيين إلى الغابة بالقرب من مهرجان نوفا. وأشارت إلى أنها تأثرت أيضًا بمقطع فيديو لمقابلة شاهدتها في نوفمبر خلال مؤتمر صحفي عُقِد من قبل مسؤولين إسرائيليين، والذي أصبح فيما بعد محور مقالها الأول في صحيفة "نيويورك تايمز".
وصرحت شوارتز بأن محاسبة تُدعى سابير، وصفت مشهدًا مثيرًا مروعًا للاغتصاب والتشويه، وأكدت أنها أصبحت مقتنعة تمامًا بوجود مخطط منهجي للعنف الجنسي من قِبَل حركة حماس. وقالت شوارتز: "شهادتها هي مجنونة ومرعبة وضخمة ووحشية. وليست مجرد حالات اغتصاب - إنها اغتصاب وبتر أطراف... وأدركت أن القصة أكبر بكثير مما تخيلت، بعد أن تبيّن لي حدوثها في العديد من المواقع، وبدأت الصورة تتضح، وما الذي يحدث هنا؟"
ويشير تقرير "النيويورك تايمز" إلى أنهم أجروا مقابلة مع سابير لمدة ساعتين في مقهى في جنوب إسرائيل، حيث وصفت شهادتها كشاهدة عيان على عدة حالات اغتصاب، بما في ذلك حادثة؛ حيث يغتصب أحد المهاجمين امرأة بينما يقوم آخر بقطع ثديها باستخدام مقص.
وفي المؤتمر الصحفي الذي عقد في نوفمبر، أعلنت السلطات الإسرائيلية؛ أنها تقوم بجمع وفحص مواد الطب الشرعي التي من شأنها أن تؤكد روايات سابير المفصلة على وجه التحديد. وقال أحد المراسلين الذين غطوا الحدث الصحفي: "تقول الشرطة أنها لا تزال تجمع الأدلة (الحمض النووي وما إلى ذلك) من ضحايا الاغتصاب، بالإضافة إلى الشهود العيان، وذلك من أجل بناء أقوى قضية ممكنة". ومن شأن مثل هذا المشهد، أن ينتج قدرا كبيرا من الأدلة المادية، إلا أن السلطات الإسرائيلية، حتى الآن، لم تتمكن من تقديمها. وقال المفتش آدي إدري، المسؤول الإسرائيلي الذي يقود التحقيق في العنف الجنسي خلال هجوم حماس في 7 أكتوبر، بعد أسبوع من نشر تقرير "نيويورك تايمز" على الإنترنت: "لدي أدلة غير مباشرة، ولكن في النهاية، من واجبي العثور على دليل داعم لقصتها واكتشاف هويات الضحايا". وأضاف: "في هذه المرحلة، ليس لدي جثث محددة".
وفي مقابلة بثتها القناة 12 الإسرائيلية، سُئلت شوارتز عما إذا كانت هناك شهادات مباشرة من النساء اللواتي نجحن في النجاة بعد تعرضهن للاغتصاب في 7 أكتوبر. أجابت قائلة: "لا أستطيع حقًا التحدث عن هذا، ولكن الغالبية العظمى من النساء اللواتي تعرضن للاعتداء الجنسي في 7 أكتوبر تم إطلاق النار عليهن مباشرة بعد ذلك، وتكمن الأرقام الكبيرة هنا، في هذا الصدد". وأضافت: "الغالبية هن جثث. بعض النساء تمكنن من الهروب والنجاة". وأشارت إلى أن هناك عنصرًا مهمًا للانفصال عندما يتعلق الأمر بالاعتداء الجنسي، حيث لا يتذكرن في كثير من الأحيان كل شيء. و يتذكرن فقط جزءًا من الأحداث، ولا يمكنهن دائمًا وصف كيف وصلن إلى الطريق وكيف تم إنقاذهن.
في أوائل شهر ديسمبر/كانون الأول، أطلق المسؤولون الإسرائيليون حملة عامة مكثفة، اتهموا فيها المجتمع الدولي، وخاصة القيادات النسوية، بالوقوف صامتين في مواجهة العنف الجنسي المنهجي واسع النطاق الذي نتج عن هجوم السابع من أكتوبر. وتم إطلاق جهود العلاقات العامة في الأمم المتحدة في الرابع من ديسمبر، من خلال حدث استضافته السفيرة الإسرائيلية والمديرة التنفيذية السابقة لشركة "ميتا"، شيريل ساندبرغ. وقد تعثرت المنظمات النسوية التي استهدفتها الشخصيات المؤيدة لإسرائيل، حيث لم تكن تُهم العنف الجنسي قد انتشرت على نطاق واسع بعد.
يقول التقرير أن المحققين جمعوا 'عشرات الآلاف' من الشهادات حول العنف الجنسي الذي ارتكبته حماس وذلك وفقا للشرطة الإسرائيلية، بما في ذلك في موقع مهرجان موسيقي تعرض للهجوم." ومع ذلك، لم يتم ظهور هذا العدد من الشهادات كما زعمت إسرائيل إطلاقًا
وُنقل عن ساندبرغ أيضًا في مقال نُشر في صحيفة نيويورك تايمز في 4 ديسمبر بعنوان "ما نعرفه عن العنف الجنسي خلال هجمات 7 أكتوبر على إسرائيل"، حيث انتقدت وهاجمت فيه منظمات حقوق المرأة، الذي تزامن نشره مع إطلاق حملة العلاقات العامة في الأمم المتحدة. حيث اعتمد المقال المنشور، الذي اعده ايضا جيتلمان وشوارتز وسيلا، على ادعاءات ومزاعم مسؤولين إسرائيليين فقط. وقد بين المقال بأن الصحيفة، لم تتمكن بعد من تأكيد هذه الادعاءات. واضطرت التايمز إلى إضافة تصحيح للتقرير، جاء فيه: "نسخة سابقة من هذا المقال ذكرت بشكل غير صحيح نوع الأدلة التي جمعتها الشرطة الإسرائيلية في التحقيق في الاتهامات بارتكاب العنف الجنسي في 7 أكتوبر في الهجوم الذي نفذته حماس ضد إسرائيل. موضحة أن الشرطة الإسرائيلية "تعتمد بشكل أساسي على شهادات الشهود، وليس على تشريح الجثث أو أدلة الطب الشرعي"
ويضيف التقرير بأن إسرائيل وعدت أن لديها عدد لا يستهان من شهادات شهود العيان. حيث أفاد كلا من شوارتز وجيتلمان وستيلا في 4 ديسمبر بأن "المحققين جمعوا 'عشرات الآلاف' من الشهادات حول العنف الجنسي الذي ارتكبته حماس في السابع من أكتوبر، وذلك وفقا للشرطة الإسرائيلية، بما في ذلك في موقع مهرجان موسيقي تعرض للهجوم." ومع ذلك، لم يتم ظهور هذا العدد من الشهادات كما زعمت إسرائيل إطلاقًا.
"أنا إسرائيلي، ولكنني أعمل أيضًا لصالح نيويورك تايمز. لذا طوال الوقت، اجد نفسي وكأنني بين المطرقة والسندان."
ومن جهة أخرى، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في خطاب ألقاه في تل أبيب في 5 ديسمبر: "أقول لمنظمات حقوق النساء، ومنظمات حقوق الإنسان، هل سمعتم عن اغتصاب النساء الإسرائيليات، والجرائم الوحشية، والتشويه الجنسي؟ أين أنتم بحق الجحيم من هذا؟" وفي اليوم نفسه، ألقى الرئيس جو بايدن خطابًا قال فيه: "لا يمكن للعالم أن يتجاهل ما يحدث. فالأمر يقع على عاتقنا جميعا حكومات ومنظمات دولية ومجتمعات مدنية ومواطنين أفراد، أن نُدين بقوة العنف الجنسي الذي يرتكبه إرهابيو حماس دون مراوغة، ودون استثناء"، حد قوله.
ووفقًا للتقرير، أعربت الصحفية الإسرائيلية شوارتز خلال حلقة البودكاست إلى قلقها المتزايد بسبب تأخر نشر التحقيق، حيث أوضحت أن التحقيق الذي استغرق شهرين ما زال قيد التحرير والمراجعة. وقالت: "لذلك قلت، 'نحن نفتقد الزخم. ربما لم تتناول الأمم المتحدة قضية الاعتداءات الجنسية لعدم وجود أي تغطية إعلامية تسلط الضوء على ما حدث هناك." وحذرت من أنه إذا لم يتم نشر تقرير "التايمز" في وقت قريب، فقد لا تكون مثيرة للاهتمام لاحقًا. وأوضحت شوارتز أن التأخير تم تبريره لها داخليًا بأنه "نحن لا نرغب في تسبب الحزن للناس قبل عيد الميلاد."
وأشارت أيضًا إلى أن مصادر الشرطة الإسرائيلية كانت تضغط عليها للنشر بسرعة، حيث سألوها: " ماذا، ألا تعتقد صحيفة "نيويورك تايمز" أنه كانت هناك اعتداءات جنسية هنا؟" فقد شعرت شوارتز حينها وكأنها كانت في المنتصف بين الجانبين.
وقالت: "أنا بالفعل في هذا المكان، فأنا إسرائيلية، ولكني أعمل أيضًا لصالح صحيفة نيويورك تايمز." وأضافت: "لذا طوال الوقت أشعر وكأنني بين المطرقة والسندان."
افتُتحت مقالة 28 ديسمبر بعنوان "صرخات بلا كلمات" بقصة غال عبدوش، التي وصفتها صحيفة "نيويورك تايمز " بأنها "المرأة ذات الرداء الأسود" والتي أظهر مقطع فيديو لجثتها المتفحمة. وذكرت صحيفة التايمز أن "مسؤولي الشرطة الإسرائيلية قالوا؛ إنهم يعتقدون أن السيدة عبدوش تعرضت للاغتصاب". ووصف المقال عبدوش بأنها "رمز للأهوال وللفظائع التي تعرضت لها النساء والفتيات الإسرائيليات خلال هجمات السابع من شهر أكتوبر". وأشار تقرير التايمز إلى وجود رسائل واتساب من عبدوش وزوجها إلى عائلتهما، لكنه لم يذكر أن بعض أفراد الأسرة يعتقدون أن الرسائل الهامة والحاسمة تجعل مزاعم المسؤولين الإسرائيليين غير قابلة للتصديق. وكما ذكر موقع "موندوايس" في وقت لاحق، أرسلت عبدوش رسالة نصية للعائلة في الساعة 6:51 صباحا، قائلة؛ إنهم يواجهون مشكلة على الحدود. وفي الساعة 7:00، أرسل زوجها رسالة ليقول لهم أنها قُتلت. حيث وقالت عائلتها؛ إن التفحم جاء نتيجة قنبلة يدوية.
وقالت شقيقة عبدوش،"لا يُعقل ذلك بأي حال من الأحوال"، "أن يتم اغتصابها، وذبحها، وحرقها في فترة زمنية قصيرة؟!" وحول مزاعم الاغتصاب، قال شقيق زوجها: "لقد اخترعته وسائل الإعلام."
وعلاوة على ذلك، أشار أحد أقارب العائلة إلى أن الاسرة تعرضت لضغوط، تحت ذرائع زائفة، للتحدث مع الصحفيين. وكتبت شقيقة عبدوش على إنستجرام أن مراسليي "النيويورك تايمز" ابلغوهم إلى رغبتهم في كتابة تقرير تذكاري عن غال عبدوش، وهذا كل شيء. فإذا كنا نعلم أن العنوان سيكون عن الاغتصاب والذبح، لما قبلنا ذلك أبدا." وفي تقريرها التالي، حاولت الصحيفة التشكيك في تعليقها الأول، مستشهدة بقول شقيقة عبدوش إنها "كانت 'مرتبكة بشأن ما حدث' وأنها كانت تحاول 'حماية أختها".
وذكرت المرأة التي صورت عبدوش في 7 أكتوبر لموقع "واي نت" الإسرائيلي أن شوارتز وسيلا قامتا بممارسة الضغط عليها لمنح الصحيفة إمكانية الوصول إلى صورها ومقاطع الفيديو الخاصة بها، بهدف خدمة الدعاية الإسرائيلية. وأضافت: " "لقد اتصلا بي مرارا وتكرارا وأوضحا لي مدى أهمية ذلك بالنسبة للدعاية الإسرائيلية"، مستخدمة مصطلح الدبلوماسية العامة، الذي يشير عمليا إلى جهود الدعاية الإسرائيلية الموجهة إلى الجماهير الدولية.
وطبقا لموقع "ذي إنترسبت"، في كل مرة كان يصادف فيها مراسلي صحيفة نيويورك تايمز عقبات في تأكيد المعلومات، يلجأون إلى مسؤولين إسرائيليين مجهولين الهوية أو شهود تم مقابلتهم مرارًا وتكرارًا في وسائل الإعلام. وبعد أشهر من البدء في مهمتهم، وجد الصحفيون أنفسهم حيث بدأوا بالضبط، بالاعتماد بشكل كبير على كلمات المسؤولين والجنود الإسرائيليين وعمال "زاكا" لتأكيد ادعاءهم بأنه تم العثور على أكثر من 30 امرأة وفتاة عليهن علامات اعتداء جنسي. وفي مقابلة بثتها القناة 12 الإسرائيلية، أكدت شوارتز أن آخر معلومة كانت بحاجة إليها لإكمال قصتها هي الحصول على رقم موثوق من السلطات الإسرائيلية حول أي ناجين محتملين من العنف الجنسي. حيث قيل لها من وزارة الرعاية الاجتماعية أن لديهم أربعة ناجين ويمكنهم التأكيد على هذا الرقم. ولكن لم يتم توفير أي تفاصيل إضافية. وفي النهاية، ذكرت قصة "التايمز" أن هناك "ما لا يقل عن ثلاث نساء ورجل واحد تعرضوا للاعتداء الجنسي وتمكنوا من النجاة".
وعندما نُشرت القصة أخيرا في 28 ديسمبر، وصفت شوارتز طوفانا من المشاعر وردود الفعل التي تلقتها عبر الإنترنت وفي إسرائيل. وقالت: "أولاً وقبل كل شيء، في الصحيفة، قمنا بإعطائها مكانًا بارزًا جدًا، وهذا، بما يتناسب مع كل مخاوفي - فلا يوجد أي مظهر أكبر من الثقة من أن توضع على الصفحة الأمامية". وأضافت: "في إسرائيل، فإن ردود الفعل كانت مدهشة. هنا أجد أنني وجدت نهاية جميلة لقصتي، عندما أرى أن جميع وسائل الإعلام يعاملون القصة ويعتبرونها شيئًا يُشكر عليه لتحديد العدد، ولقولك أن هناك العديد من الحالات وأنها كانت نموذجا، شكرا لإعطائها عنوانًا يشير إلى أنه ربما يكون هناك منطق منظم وراء ذلك، وأن هذا ليس بعمل فردي لشخص يتصرف بمبادرته الخاصة".
التقارير، التي حددتها التايمز في مراجعة داخلية، لم تخضع للتدقيق الكافي من قبل كبار المحررين ولم ترق إلى معايير الصحيفة بشأن ضمان الدقة، قد وصلت إلى الدور النهائي لجائزة بوليتزر لعام 2019. إلا انه تم إلغاء هذا التكريم، إلى جانب جوائز مرموقة أخرى، على خلفية الفضيحة
وقد وصف موظفو "النيويورك تايمز" الذين تحدثوا مع موقع "ذا إنترسبت"، شريطة عدم الكشف عن هويتهم خوفًا من العواقب المهنية، مقال "صرخات بلا كلمات" بأنه نتاج لنفس الأخطاء التي أدت إلى ملاحظة المحرر الكارثية وسحب برنامج "ركميني كاليماتشي" (الخلافة)، وسلسلة الطباعة حول تنظيم الدولة الإسلامية. كان المحرر التنفيذي الحالي، خان، معروفًا على نطاق واسع بوصفه مروجًا وحاميًا ل"كاليماتشي". وكانت التقارير، التي حددتها التايمز في مراجعة داخلية، لم تخضع للتدقيق الكافي من قبل كبار المحررين ولم ترق إلى معايير الصحيفة بشأن ضمان الدقة، قد وصلت إلى الدور النهائي لجائزة بوليتزر لعام 2019. إلا انه تم إلغاء هذا التكريم، إلى جانب جوائز مرموقة أخرى، على خلفية الفضيحة.
وقالت مارغريت سوليفان، آخر محررة عمومية لصحيفة "نيويورك تايمز" التي شغلت المنصب لفترة كاملة قبل أن تلغي الصحيفة هذا المنصب في عام 2017، إنها تأمل بأن يتم إجراء تحقيق في قصة "صرخات بلا كلمات". وأضافت: "أحيانًا أمزح عندما اقول 'إنه ل يوم جيد آخر لعدم كوني محرر عام لنيويورك تايمز'، ولكن الهيئة في الصحيفة تحتاج بالفعل إلى واحدة الآن للتحقيق نيابة عن القراء."
وفي بعض اجتماعات التحرير، أفادت شوارتز في بودكاست القناة 12 بأن هناك محررين لديهم خبرة في الشرق الأوسط كانوا هناك لطرح أسئلة محددة واستقصائية. وقالت: "كان لدينا اجتماع أسبوعي، نستعرض فيه مدى تقدم العمل في مشروعك"، مضيفةً: " يطرح عليك كُتاب ومحررو النيويورك تايمز، الذين يهتمون بشؤون الشرق الأوسط والقادمون من مختلف أنحاء العالم، أسئلة تجعلك في تحدي مع نفسك، وتحفز التفكير، وهو أمر رائع، لأنه يجبرك دائمًا على التحلي بالشك في الأمور، ويجعلك لا تصدق نفسك للحظة."
ووفقًا للتقرير، قالت شوارتز إن هذه الأسئلة كانت تمثل تحديًا كبيرًا في الإجابة عليها، مشيرة: "أحد الأسئلة الصعبة التي طُرحت علي هو: إذا حدثت هذه الأحداث في عدة مواقع، فكيف يمكن ألا توجد أدلة جنائية؟ وكيف يمكن ألا يكون هناك توثيق؟ وكيف يمكن ألا تكون هناك سجلات؟ أو تقارير؟ أو حتى جداول بيانات "إكسل"؟ تتحدث عن شاري [مينديس]، شخصية شهدت الأمر بنفسها، فهل لا يوجد تقرير مكتوب يجعل كلامها موثوقًا به؟"
قاطع المضيف وقال: "وفي ذلك الوقت، حين توجهتم إلى السلطات الإسرائيلية الرسمية، وطلبتم منهم أن يقدموا لكم - أي شيء، أي تفاصيل. كيف كانت استجابتهم؟"
قالت شوارتز إنه قيل لها: " لا يوجد شيء، لم يتم جمع أي أدلة من موقع الحادث."
ولكن بشكل عام، قالت بأن المحررين كانوا مؤيدين تمامًا للمشروع. وزعمت بأنه: "لم يكن هناك شك من جانبهم على الإطلاق." مضيفةً: "ولكن هذا لا يعني بأنني كنت أمتلك القصة بالكامل، لأنني لم أكن أمتلك 'مصدرًا ثانيًا' للعديد من الأمور."
وأشار متحدث باسم "نيويورك تايمز" إلى هذا الجزء من المقابلة كدليل على العملية الصارمة التي اتبعتها الصحيفة: "لقد قمنا بمراجعة النص الكامل، ومن الواضح أنكم تصرون على استخدام الاقتباسات خارج سياقها. وفي الجزء المشار إليه من المقابلة، تصف "آنات" تشجيع المحررين لها على تأكيد الأدلة والمصادر قبل نشر التحقيق. وبعد ذلك، تتحدث عن الاجتماعات الدورية مع المحررين حيث كانوا يطرحون عليها أسئلة صعبة وتحديات، والوقت الذي استغرقه تنفيذ المرحلة الثانية والثالثة من التحقق من المصادر. كل هذا جزء من عملية إعداد التقارير الصارمة والتي نستمر في دعمها."
وفي مقابلتها مع بودكاست القناة 12، أفادت شوارتز بأنها بدأت العمل مع جيتلمان بعد فترة وجيزة من تاريخ السابع من أكتوبر. وقالت: "كانت مهمتي مساعدته." حيث كانت لديه كل أنواع الأفكار حول ما يدور على الأرض، حول المقالات التي أراد كتابتها" وأضافت: "اتذكر في اليوم الأول من العمل، كان هناك بالفعل ثلاثة مواضيع محددة في الجدول، ولاحظت أن أحد هذه المواضيع، العنصر الثالث، كان العنف الجنسي." وأضافت شوارتز إنه في الفترة الأولى بعد هجمات السابع من أكتوبر، لم يكن هناك تركيز كبير على الاعتداءات الجنسية، ولكن مع بداية عملها مع جيتلمان، بدأت الشائعات تنتشر حول حدوث مثل هذه الأفعال، معظمها استنادًا إلى شهادات عمال "زاكا" ومسؤولي جيش الدفاع الإسرائيلي وجنوده.
بعد نشر التقرير، تمت دعوة جيتلمان للتحدث في جلسة حول العنف الجنسي في كلية الشؤون الدولية والعامة بجامعة كولومبيا. حيث وقد تم الإشادة بجهوده من قبل أعضاء الجلسة والمُضيف ساندبرغ، المديرة التنفيذية السابقة في فيسبوك. وبدلاً من التأكيد على مضاعفة التركيز على التقارير التي ساهمت في فوز صحيفة نيويورك تايمز بجائزة بولك المرموقة، رفض جيتلمان حاجة المراسلين إلى تقديم "الأدلة".
وقال جيتلمان لساندبرغ: "ما وجدناه، لا أريد حتى استخدم كلمة "دليل" له؛ لأن الدليل يشبه تقريبا مصطلحا قانونيا، يشير إلى أنك تحاول إثبات ادعاء أو إثبات قضية في المحكمة". لذا، هذا ليس دوري. لدينا جميعا أدوارنا الخاصة. ودوري هو التوثيق، وتقديم المعلومات، وإعطاء الناس صوتا. لقد وجدنا معلومات على طول سلسلة العنف بأكملها، بما في ذلك العنف الجنسي".
وأكد جيتلمان بأن مهمته هي تحريك المشاعر لدى الناس. وقال: "من الصعب حقًا الحصول على هذه المعلومات ومن ثم تشكيلها. هذا دورنا كصحفيين؛ الحصول على المعلومات ومشاركة القصة بطريقة تجعل الناس يهتمون. ليس فقط لإعلامهم، ولكن لتحريك مشاعرهم. وهذا هو دوري و ما اقوم به منذ زمن طويل."
وبحسب تقرير إنترسبت، الذي ترجمته "خيوط"، قال أحد مراسلي "نيويورك تايمز" بأن الزملاء يتساءلون عن الشكل الذي قد يبدو عليه النهج المتوازن: "أنا في انتظار معرفة ما إذا كانت الصحيفة ستقوم بتقديم تقرير شامل ومفصل، وباستخدام نفس المستوى من الموارد والوسائل، حول تقرير الأمم المتحدة الذي وثق الفظائع والجرائم المروعة التي ارتكبت بحق النساء الفلسطينيات."
المصدر باللغة الإنجليزية: إنترسبت
ترجمة: خيوط