منى، أم وزميلة مثابرة

أكملت دراستها الجامعية مع ولدها ليحققا حلما مشتركا
أشرف الصوفي
August 30, 2024

منى، أم وزميلة مثابرة

أكملت دراستها الجامعية مع ولدها ليحققا حلما مشتركا
أشرف الصوفي
August 30, 2024
.

لم تكن مجرد أم ترافق ابنها للمدرسة أو الجامعة، بذلك المشهد الذي طالما اعتدنا على رؤيته. لكنها كانت أم وزميلة على مقاعد الدراسة في نفس الوقت. منى غالب ذات الخمسة والأربعين عاما لم يقف العمر عائقا أمامها في سعيها لإكمال تعليمها. وبرفقة ولدها شادي أكملت منى تعليمها الجامعي، لتتخرج هي وولدها بشهادة بكالوريوس في طب الأسنان من إحدى الجامعات الخاصة في تعز.

أم وزميلة

تروي منى قصتها بابتسامة عريضة، قائلة لخيوط: "لطالما حلمت بدراسة طب الأسنان، لكن ظروف الحياة حالت دون ذلك. عندما كبر شادي، ووصل إلى سن المراهقة، وجدت فيه الشغف نفسه، فقررت أن أحقق حلمي وحلمه معا. أريد أن أكون له صديقة ومعلمة، وأن أشارك معه كل لحظة في هذه الرحلة العلمية."

 تؤمن منى أن العلم لا يقتصر على سن معين، وأن الرغبة في التعلم هي التي تدفعنا للأمام. "أعلم أن البعض قد يستغرب قراري، لكنني أريد أن أثبت للجميع أن العمر مجرد رقم، وأن الإرادة القوية هي التي تحقق المستحيل،" كذلك تضيف لخيوط.

لم تكن رحلة منى وشادي خالية من التحديات والعوائق. فالفارق العمري الكبير بينهما، والضغوط الاجتماعية، والمسؤوليات الأسرية، كلها عوامل كانت تهدد استمرار هذه التجربة الفريدة. تقول منى: "بصفتي أما لستة أبناء، و زوجة، لدي الكثير من الالتزامات الأسرية التي يجب أن أقوم بها، وهذا كان أكبر تحدٍ بالنسبة لنا جميعا.." ومع ذلك، تمكنت منى من التغلب على كل هذه الصعوبات بفضل دعم زوجها وأبنائها، وإيمانها القوي بما تقوم به. تضيف "لولا فضل الله أولا، ومن ثم دعم عائلتي لي، لكان تحقيق هذا الحلم صعبا."

شادي في إحدى عيادات طب الأسنان بتعز

دعم أسري 

يشعر زوج منى بالفخر والسعادة بتحقيق منى وشادي حلمهما، ويؤكد على أهمية دعم الأسرة في تحقيق مثل هذه الإنجازات، قائلا: "أنا فخور بزوجتي، لقد أثبتت أنها امرأة قوية وإرادتها حديدية. لقد قدمنا كل الدعم لها ولأبنائنا لتحقيق أحلامهم."

أما عن شادي فيعبر عن فخره بوالدته، مؤكدا أنها كانت مصدر إلهام له وداعما له في كل خطوة. ويقول: "لم أكن لأحقق هذا الإنجاز لولا وجود والدتي إلى جانبي. لقد كانت شريكتي في هذه الرحلة، وكانت تدفعني دائما إلى الأمام."

يشير محمد قحطان، رئيس الجامعة، إلى أن قصة منى وشادي تعد ملهمة وطَموحا، وقَل أن تظهر مثلها. ويؤكد محمد أن الجامعة قامت بمنح منى وشادي مستلزمات لفتح عيادة للأسنان، وذلك تكريما للعزيمة والإرادة القوية التي يتحليان بها.

لم أكن لأحقق هذا الإنجاز لولا وجود والدتي إلى جانبي. لقد كانت شريكتي في هذه الرحلة، وكانت تدفعني دائما إلى الأمام.

التحدي الأول

في اليمن تلعب الظروف المعيشية والأعراف القبلية دورا مهما في حرمان النساء من حقهن في التعلم. تشير الأخصائية الاجتماعية سهام ناجي إلى أن الأسرة اليمنية هي العائق الأول الذي تصطدم به الفتاة في سبيل حصولها على حقها القانوني في التعلم. وتؤكد أن الزواج المبكر في اليمن حرم الكثير من الفتيات من إكمال تعليمهن، والتزامهن بمسؤوليات أكبر من قدرتهن. 

تقول لخيوط: "للأسف، الكثير من الأسر اليمنية تصبح التحدي الأول أمام تعليم النساء، فالكثير من الأسر تسمح للفتاة بالتعلم إلى المستوى الثانوي، وتكتفي بذلك."

لا تختلف كثيرا عنها وداد البدوي، ناشطة حقوقية في مجال المرأة. فهي ترى أن الأسرة هي النواة الأولى إما للدعم أو القمع. تشرح لخيوط: "يعد الدعم الأسري الركيزة الأولى لبناء الثقة لدى الفتاة لأن تكون قوية وتواجه كل الصعاب والمشاكل في المجتمع والعمل وفي بيئة الدراسة، وبالتالي تعزيز الثقة لديها وقدرتها على مواجهة العراقيل."

تعتقد وداد أن الكثير من النساء اليوم أصبحن لديهن القدرة على إحداث التغيير، سواء على مستوى الأسرة، أو المجتمع، ومساندة غيرهن من النساء، لتحقيق أحلامهن.

طبيب الإسنان شادي- تعز

قدرة المرأة

يشير التقرير الأخير والصادر عن منظمة اليونسيف، بعنوان "تعويض التعليم المفقود،" إلى أن أكثر من 30% من الفتيات في اليمن يتزوجن قبل بلوغهن سن 18 عاما، ونتيجة لتزايد الالتزامات الأسرية فإن تسربهن من المدرسة يُضائل فرص عودتهن واللحاق مجددا بالتعليم، مما يؤدي -بحسب التقري- إلى حلقة مفرغة من الأمية والفقر عابرة للأجيال.

ترى الصحفية لميس قاسم في قصة منى وشادي أكثر من مجرد قصة نجاح فردي، وتشير إلى كونها رسالة أمل لكل الأمهات اللاتي يحلمن بالتعليم، ولكل الفتيات اللاتي يواجهن تحديات في تحقيق طموحاتهن. وتعتقد أنه من خلال إصرار منى وعزيمتها، اللذين حظيا بدعم مثالي من زوجها وبقية أفراد عائلتها، أثبتت منى أن العمر ليس عائقا أمام الرغبة في تحقيق الأحلام، وأن المرأة قادرة على تحقيق التميز -إن أرادت- في كل المجالات.

•••
أشرف الصوفي

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English