من يقرأ تاريخ اليمن، يجد حقيقة النشأة المبكرة للحركة الوطنية اليمنية، ماثلة أمامه بكل وضوح وجلاء، ويجد الأسباب التي جعلت الثوار وحركات التحرر تنطلق من مواقف وطنية وليس من أي منطلقات أخرى.
لقد ذكر عدد غير قليل من الثوار الكبار في مذكراتهم أن أحداث الثورة اليمنية مليء بالبطولات والأمجاد والكفاح والنضال رغم ما عاصرها من المآسي والأحداث التي يهتز لها ضمير الإنسانية، وتضع العبرة أمام من يعتبر. فقد كان وراء هذه البطولات والأمجاد والتضحيات هامات وطنية تحررية نذروا أنفسهم فداءً للوطن وشعبه المكلوم الذي عانى الأمرين من الحكم الإمامي.
محمد قائد سيف أحد هؤلاء الثوار الأحرار، فقد عاش حياة حافلة بالنضال والعطاء من أجل ثورة اليمن المجيدة 26 سبتمبر، وأحد رواد الجمهورية، ومن الرعيل الأول من المناضلين الذين كان لهم اسهاماتهم البارزة في مسيرة النضال الوطني والانتصار لإرادة الشعب في الثورة والتحرر والانعتاق من الحكم الإمامي المستبد والاستعمار ونيل الحرية والاستقلال.
اللواء محمد قائد سيف القُباطي من مواليد يوم الثلاثاء 10 أكتوبر 1933م في قرية الحنجرة - مديرية القبيطة - قضاء الحجرية - لواء تعز. تخرج من الكلية الحربية بالقاهرة عام 1954م، وشارك في حركة الثلايا عام 1955م، وهو عضو مجلس قيادة ثورة 26 سبتمبر 1962م الذي شكل في 28 سبتمبر، وعضو مجلس قيادة الثورة الذي شكل في 31 أكتوبر 1962م، وعضو مجلس الرئاسة الذي شكله المشير عبد الله السلال في أبريل 1963م، وشغل وزارة الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية في حكومة اللواء حمود الجائفي، وأنهى خدمته العامة سفيراً للجمهورية العربية اليمنية في روما خلال الفترة 1964 - 1968م.
انتقل إلى عدن وعمره خمس سنوات ودرس في مدارسها حتى المرحلة الثانوية، ثم أتم دراسته الثانوية في القاهرة.
التحق المناضل محمد قائد سيف بالكلية العسكرية في القاهرة من عام 1950م إلى 1954م وكان أول طالب يمني يتخرج من هذه الكلية، بعد استكمال دراسته العسكرية عاد إلى مدينة تعز وأسس كلية الشرطة. وتولى مهام قيادة المحور الجنوبي، عمل ضابط اتصال بين البعثة العسكرية المصرية والإمام. وقد شارك بثورة الثلايا عام 1955م، ولكن بعد فشل الثورة وإعدام الثلايا فر إلى عدن حتى قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م.
قبل قيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر كان أحد المناضلين الذين ساهم في إدخال السلاح القادم من مصر لدعم قيام الثورة اليمنية بالتعاون مع المناضلين الأستاذ محمد مهيوب ثابت والشيخ عبد القوي حاميم والشيخ علي محمد سعيد والطيار عبد الرحيم عبد الله.
بعد قيام الثورة عين عضواً في مجلس قيادة الثورة ثم عضواً في أول تشكيل لمجلس الرئاسة الذي تم تشكيلة بعد قيام الثورة في عام 1962م كوزير لشؤون رئاسة الجمهورية ورئيساً للجنة الشؤون الخارجية في المجلس، ثم عين وزيراً للاقتصاد والإعلام، وبذلك كان ثاني وزير إعلام خلال الفترة من 1962/10/31م - 1963/4/24م في حكومة الثورة بعد علي محمد الأحمدي، ثم وزيراً للدفاع، ونائباً للقائد العام للقوات المسلحة في نهاية عام 1963م، ووزيراً للاقتصاد والإعلام وشؤون رئاسة الجمهورية بعهد رئيس الوزراء حمود الجائفي، ثم عين بالآخر سفيراً لليمن لدى إيطاليا خلال الفترة من 1964 – 1968.
توفي في بيروت 3 يوليو 2007م، عن عمر ناهز الرابعة والسبعين عاماً، وقد انطلق الموكب الجنائزي الذي شهدته مدينة كريتر من جامع «الخواف» إلى مقبرة القطيع في كريتر بمديرية صيرة في محافظة عدن الثلاثاء 5 يوليو 2007م حيث دفن إلى جوار والده. وهو متزوج وله خمسة أبناء ولدان وثلاث بنات.