"انقطاع شبكة يمن موبايل عن مناطق أبين الوسطى، عرقلَ عملي وجعلني غير قادر على إعالة أسرتي بحكم عملي المرتبط بالإنترنت"؛ بهذه الكلمات المؤلمة يجسّد الصحفي علي عبدالعزيز النجدي، معاناته مع انقطاع شبكة يمن موبايل والإنترنت عن قريته "النجدة"، وما حولها من مناطق أبين الوسطى.
سرد علي معاناته المتكررة مع شبكة يمن موبايل المرتبطة بها شبكة الإنترنت (Wi-Fi)، حين التقيناه في مقهى شعبي بمدينة لودر -أكبر مديريات أبين الوسطى- يقول علي الذي يعمل محرِّرًا صحفيًّا في إحدى الصحف الصادرة بمدينة عدن، في حديثه لـ"خيوط": "إنّ انقطاع الشبكة عن مناطق أبين الوسطى بشكل متكرر، تسبّب في توقّف عملي بالكامل، فأنا لا أستطيع العمل مع الانقطاع، حيث إنّ نشر المواد الصحفية في الصحيفة تتطلب وجود إنترنت"، متعجبًا من الصمت المريب الذي تتّبعه الجهات المختصة في المحافظة أو الحكومة إزاء هذه المعضلة.
ملامح علي تدل على حزنٍ كبير؛ بسبب ما تلاقيه هذه المناطق من أبسط الخدمات، ومنها الإنترنت الذي أصبح سلعة كونية سهلة الوصول ورخيصة، عدا هذه المناطق المنكوبة، كما يقول.
بعد صمت قليل، يعاود الحديث بقوله: "تخيل أنّنا لم نعد نذكر أن لدينا شبكة يمن موبايل في مناطقنا هذه؛ وذلك من شدة الضعف الذي رافقها طوال السنوات الأخيرة، فالحكومة أصبحت عاجزة عن تركيب برج اتصال واحد فقط".
معاناة متصلة منذ 2015
تعاني المنطقة الوسطى في أبين من رداءة الاتصالات وخدمة الإنترنت منذ فترة طويلة، ولا سيما بعد الحرب التي شهدتها البلاد في مارس من العام 2015، حيث تشهد المنطقة بين الحين والآخر انقطاعات متكررة، بعضها يستمرّ أيامًا في ظلّ عجز تام من الجهات المعنية لمعالجة المشكلة جذريًّا أو عمل حلول ناجعة للحيلولة دون حدوث مثل هذه المعضلة.
وعلى إثر ذلك، فإنّ الانقطاعات تتسبّب في تعطل مصالح الكثيرين وتوقف أعمالهم، لا سيما من يستخدمون خدمتي الاتصال والإنترنت، فضلًا عن رداءة خدمات الهاتف النقّال التي تشهد هي الأخرى تدنّيًا كبيرًا ورداءة لم تشهدها قط، لا سيما شبكة يمن موبايل التي تشهد إقبالًا كبيرًا عليها من المشتركين إلا أن خدماتها محدودة، لعدم مقدرتها على تغطية مناطق المنطقة المترامية الأطراف، ما زاد في الأمر صعوبة. وفي اعتقادي أنّ الاتصالات ربما ستُقبِل على انهيار تام في حال ظلّ وضعها كما هو عليه ولم يقم المعنيون بما هو منوط بهم من أجل تحسين هذه الخدمة ومعالجة المشكلات التقنية المرتبطة بها.
مدير الاتصالات لـ"خيوط": "انقطاعات الإنترنت في مناطق أبين الوسطى والمحافظة بشكل عام، تعود لعمليات تخريبية لكابلات الألياف في (محافظة الضالع، وقعطبة، وخور عميرة الساحل)، وهي مستمرة ولا تتوقف إلا مدة قصيرة ثم يعود الانقطاع بسبب الأيادي التي تطال الكابلات وتقوم بتقطيعها".
محسن المرخي، كاتب صحفي بمديرية لودر، عبّر عن معاناة، قائلًا: "لا يمرّ شهر إلا ويحدث انقطاع للإنترنت في مديريات أبين الوسطى، لتخرج كل تلك المديريات عن العالم الخارجي".
ويضيف: "تؤثر الانقطاعات المتكررة عليّ، فأنا صحفي ومُثقِّف صحيّ لدي أعمال وأخبار وتقارير أقوم برفعها، أظل عاجزًا حتى عودة الإنترنت إلينا، إذ يظلّ مقطوعًا في أحايين كثيرة يومين أو ثلاثة، كما يعاني آخرون مثلي من المشكلة نفسها، فكل انقطاع للإنترنت أو ضعف يسبِّب إرباكًا حقيقيًّا لجميع مستخدمي الإنترنت في منطقتنا الوسطى".
وفي سياق حديثه، دعا المرخي الجهات المختصة بهذا الشأن، إلى المعالجة السريعة للانقطاعات: "يجب وضع حلٍّ سريع لانهيارها المتواصل، ومشكلة الإنترنت هذه ليست وليدة اليوم، فنحن في مناطقنا نعيش عذاب الإنترنت منذ عام 2015، والانقطاعات التي ما زالت متكررة إلى يومنا هذا".
عمليات تخريبية متصلة
وحصل موقع "خيوط" الإخباري على تصريح حصري من مدير عام مكتب فرع وزارة الاتصالات بمحافظة أبين، محمد رويس السقاف، الذي أكّد لنا خلال التواصل معه أنّ "انقطاعات الإنترنت في مناطق أبين الوسطى والمحافظة بشكل عام، تعود لعمليات تخريبية لكابلات الألياف في (محافظة الضالع، وقعطبة، وخور عميرة الساحل) باتجاه تعز. وأوضح أنّ عمليات التخريب في هذه المناطق مستمرة ولا تتوقف إلا مدة قصيرة ثم يعود الانقطاع؛ بسبب الأيادي التي تطال كابلات الألياف وتقوم بتقطيعها.
رويس في تصريح لـ"خيوط"، لفت إلى أن مكتب الاتصالات يعمل بوتيرة عالية، حيث قام قبل أسبوعين بعمل توسعة في مديريتي (لودر، ومودية) ومن العاصمة المؤقتة عدن، مبينًا أن الإنترنت سيتحسن خلال الفترة القادمة في المحافظة، عقب التوسعة الأخيرة.
من أجل جيجا واحد
رأفت مخشم، مصمم جرافيك، يقول لـ"خيوط": "أعمل في مجال التصميم الجرافيكي وبرمجة وتصميم المواقع الإلكترونية، وأمتلك مكتبة في سوق مديرية مودية، عملها الأساسي في المطبوعات والتصميم، ولهذا فعملي يعتمد بشكل أساسي على توفر الكهرباء والإنترنت باستمرار، لكن للأسف هذه الخدمات غير مستقرة، وجعلت عملنا كذلك غير مستقر، لا يمر شهر بالكثير إلا وفاجأتنا واحدة منهما بالانقطاع، الذي يستمر في كثير من الأحيان أيامًا، وفي بعض الحالات أسابيع، مثلما حدث في آخر مرة انقطع فيها الإنترنت عن المنطقة؛ نتيجة إصلاحات وعمليات توسعة، حيث استمر الانقطاع تقريبًا أسبوعين".
ويضيف: "فكّرت بشكلٍ جدّي بعد مرور أسبوع، أن أقطع مسافة طويلة جدًّا قاصدًا محافظة عدن، لعدم قدرتي على إرسال ملفات حجمها يقارب الجيجا الواحد".
يختتم رأفت: "نأمل في تحسين هذي الخدمة بصورة أكبر، وتطويرها في المنطقة، خصوصًا إدخال إنترنت الفور جي، أسوة ببقية المحافظات، حتى لا تتوقف أعمالنا في المستقبل".