خلال سنوات الحرب والصراع المتواصل في اليمن للعام الثامن على التوالي، برزت أعمال وأنشطة عديدة حملت على عاتقها قضايا اليمنيين وما يتعرّضون له من انتهاكات مختلفة، ومعبرة عن المجتمع وهمومه ومشاكله.
في هذا السياق، كان للنساء الدور الأبرز في مجابهة الصراع الدائر في اليمن، والذي مكّنهن من نيل تقدير واهتمام عالمي. من هؤلاء: الفنّانة هيفاء سبيع، والتي حصلت مؤخرًا على جائزة "سيدز أوورد 2022"، من مؤسسة الأمير كلاوس الهولندية، عن نشاطها الفنّي خلال السنوات الأخيرة، ومناهضتها، من خلال الفنّ التشكيلي، وحملات الرسم على الجدران، للحرب ومآسيها، والتعبير عن قضايا النساء، والأطفال.
بداية الموهبة
اتخذت هيفاء سبيع موهبتها في الرسم وسيلةً للتعبير عمّا تريد، لكن فيما يخصّ بدايتها في ممارسة هِوايتها، ونوع الرسم الذي تقدّمه، تتحدث هيفاء لـ"خيوط" عن ذلك، بالقول إنّها بدأت الرسم منذ سنّ مبكرة، وكانت أعمالها الفنية تركز على السريالية قبل أن تتجه لفنّ الجرافيتي، في حين حملت أعمالها رسائل توعية بقضايا مهمة تمسّ المجتمع اليمني، وتعبّر عمّا يمرّ به اليمنيّون.
رغم بداياتها المبكرة في الرسم، والفنّ التشكيلي، إلّا أنّ حملات الرسم التي تقوم بها للتعبير عن القضايا، لم تبدُ إلّا مؤخرًا وتحديدًا في العام 2017، وتتحدث هيفاء عن ثلاث حملات؛ "ضحايا صامتون، و"حمامة- السلام من أجل اليمن"، وحملة النساء والحرب.
وعن نشاطها في الرسم، ومشاركاتها العالمية أيضًا؛ سبق أن تمت دعوتها عام 2019 في سنغافورة، للمشاركة في أبرز حدثٍ فنِّي هناك، والذي يقام كل ثلاثة أعوام فقط، وقامت بالرسم على مساحة 22 مترًا في إطار معرضي "الحرب، والبشر"، والذي رسمت خلاله تسع جداريات تحكي عن اليمن، وكانت أول فنانة ترسم على جدران متحف الفنّ السنغافوري الشهير.
مرت سبيع بظروف خاصة شديدة الصعوبة، عكستها في عمل فنِّي يعبّر عن أوضاع النساء في اليمن بشكل عام بحسب حديثها؛ "واجهت وضعًا صحيًّا غير جيد أثناء حملي بطفلتي نادين، إلّا أنّني أحببت أن أرسم تجربتي في فترة الحمل، ورسمت نفسي في الشهر السادس من الحمل، لأرسل رسالة أننا كنساء، وأمهات بالرغم ممّا نمر به من صعوبات عامة، وشخصية، فإنّنا ما زلنا قادرات على العطاء، والعمل، بجهد كبير، وشغف".
لكن شهر أكتوبر/ تشرين الأول من العام الحالي 2022، حمل لها تقديرًا عالميًّا مهمًّا، بحصولها على جائزة "سيدز أوورد 2022"، والتي تُمنح للفنانين، والناشطين، والصحفيين، والكتّاب حول العالم.
تعبّر سبيع عن سعادتها وفخرها بهذه الجائزة وما نالته من تقدير من مؤسسة عالمية عريقة كمؤسسة الأمير كلاوس، بالمقابل تعتبر سبيع هذه الجائزة بمثابة تقديرٍ عالميّ لليمنيين بشكل عام، وللنساء والأطفال بشكل خاص، وكل من يعاني ويلات هذه الحرب.
جائزة عالمية كهذه، لا بد بأنّها ستترك تأثيرها على هيفاء سبيع، سواء بدافع كبير للمواصلة، أو بإلقاء مسؤولية أكبر على عاتقها، عن ذلك، تجيب قائلة: "الاثنين معًا"، مضيفة: "بالتأكيد، ستكون الجائزة حافزًا كبيرًا لي للاستمرار، والمواصلة في أعمالي، وحملاتي الفنية، وفي الوقت ذاته هي مسؤولية أكبر لتحدي نفسي للقيام بأعمال مهمة لمناقشة قضايا كبيرة".
صعوبات النشاط الفنّي في اليمن
تحتاج مختلف الأعمال والأنشطة الفنّية إلى بذل جهدٍ شاقّ لممارستها في بلد مليء بالصراعات مثل اليمن، حيث تعبّر "سبيع" عن الوضع الصعب في اليمن، بالقول: "واجهت الكثير من تلك المصاعب؛ كفنانة وامرأة وأمّ، منها التهديد بالقتل، والسجن، وتلقّيت الكثير من التعليقات المسيئة، كما أنّ الوضع الاقتصادي أثّر على نشاطي الفنّي".
بالرغم من التهديدات والمخاطر التي يتعرّض لها الفنّانون، فإنّ الظرف هذا يزيد من أهمية النشاط بكل أنواعه، وبالأخص الفنّي، عن ذلك، تقول الفنانة هيفاء سبيع: "الفنّ يصنع الصورة التي نرغب بإرسالها للمجتمع، ويصل لكل متلقٍّ، ودور الفنّ في التعبير عن القضايا كبير ومهم في مثل هذه الأوضاع".
تؤكِّد سبيع أنّها تتعرض للتهديدات بشكلٍ دائم، ولم تعد قادرة على الرسم في صنعاء منذ عامين، سوى على جدار منزل والدها، بينما وجدت فرصة لممارسة هِوايتها الفنّية في الرسم على جدران مدينة عدن.
بالإضافة إلى الوضع الصعب الذي تعيشه البلد والفنّانين، هيفاء أيضًا مرّت بظروف خاصة شديدة الصعوبة، عكستها في عمل فنّي يعبر عن أوضاع النساء في اليمن بشكل عام، بحسب حديثها؛ "واجهت وضعًا صحيًّا غير جيد أثناء حملي بطفلتي نادين، إلّا أنّني أحببت أن أرسم تجربتي في فترة الحمل، ورسمت نفسي في الشهر السادس من الحمل، لأرسل رسالة أننا كنساء وأمهات، بالرغم ممّا نمرّ به من صعوبات عامة وشخصية، فإنّنا ما زلنا قادرات على العطاء، والعمل، بجهد كبير، وشغف".
رسالة الأعمال الفنية
يحاول الناشطون الفنّيّون في اليمن، تقديمَ أعمال معبِّرة وفاعلة بالرغم من اصطدامهم بتحديات وعوائق عديدة، إذ تشير سبيع إلى أنّ النشاط الفنّي في اليمن شبه متوقف، فالوضع الأمنيّ والاقتصاديّ، والإنسانيّ، ألقى بظلاله على كل المجالات، وليس مجال الفنّ فقط.
تتابع حديثها بالقول: "ما أقوم به بحكم تجربتي، رغم قلة الإمكانيات، والمخاطر الكبيرة إنجاز بحدّ ذاته، وتحدٍّ في الوقت نفسه للاستمرار في حمل رسالة الفنّ لمناهضة كل أشكال الانتهاكات وتبعات الصراع، والتعبير عن استمرار الحياة مهما كانت كلفة هذه الممارسات".
الناشطة الفنّية الحاصلة على جائزة "سيدز أوورد" العالمية، تختتم حديثها لـ"خيوط"، بتوجيه رسالة للنساء تؤكّد من خلالها أنّ المرأة اليمنية أثبتت طوال أعوام الحرب والصراع أنّها قوية وقادرة على مواجهة الصعوبات والتحديات، فيما وجهت رسالة أخرى تدعو فيها لإيقاف الحرب والصراع، وترك اليمنيين يعيشون في سلام.