تداولت عشرات الحسابات ليمنيين منذ أيام، على وسائل التواصل الاجتماعي، صورًا تدّعي أنّها تعود لاكتشاف معبد الملكة اليمنية "غيثم معديكرب" تحت منزل أحد المواطنين بالجوف مؤخرًا. لكن الادّعاء المتداول حاليًّا ليس الأول؛ حيث تم تداول الادعاء لأول مرة في سبتمبر 2021، على مواقع إلكترونية وصفحات ناشطين وصحفيين يمنيين قبل أن يثار مرة أخرى في ذات التوقيت.
وفي الحقيقة؛ وَجدَ مُعِدُّ التحقيق أنّ ما يتم تداوله عن اكتشاف معبدٍ لملكة تدعى "غيثم" ادّعاء مُضلل؛ إذ لا يوجد دليلٌ ماديٌّ واحد على صحته؛ لا نقوش، ولا دراسات يمكن الوثوق بها والاعتماد عليها، ولا يُعرَف من أين جاء هذا الاسم تحديدًا، سوى تلك الصورتين التي تُظهِر بقايا آثار مدفونة تحت الأرض، ومن المبكِّر جدًّا الحديث عن اكتشاف لم تعلن عنه الجهات المعنية في الهيئة العامة للآثار والمتاحف ووزارة السياحة رسميًّا.
البحث في نقوش التاريخ القديم
عاد مُعدّ التحقيق إلى قاعدة النقوش اليمنية المسجلة DASI، وبحث فيها، لنجد أنّ كلَّ النقوش اليمنية القديمة لم تسجل أيَّ وجود للمصطلح أساسًا ولا لملكة بهذا الاسم أساسًا، وزيادة في التدقيق والبحث عن مصدر لهذا الاسم، قام معدُّ التحقيق بالبحث في الأبحاث الفرنسية التي تناولت جانبًا مهمًّا وجوهريًّا من آثار الدولة القتبانية والمعينية والسبئية في الجوف، خلال العقود الماضية.
تواصل مُعدّ التحقيق مع الباحث والمؤرخ اليمني المختص بقراءة النقوش وخط المسند اليمني القديم، علي ناصر صوال، الذي أكّد أنه لم يأتِ أيُّ ذكر لاسم امرأة بهذا الشكل، لا ملكة ولا حتى امرأة عادية.
ملوك اليمن في الأبحاث الفرنسية
بالعودة إلى ما ذكره الباحث في مركز الأبحاث الفرنسي لشبه الجزيرة العربية، جان فرانسوا بريتون، في بحثه عن معبد الإله عَثْتَر في السَّوْدَاء (بالجوف)، ضمن كتاب اليمن موطن الآثار، تأليف: جيوم شارلو، وجيريمي شيتكات، فقد ذكر أنّه: "في فناء المبد، تذكر عددٌ من النصوص القديمة ملوكًا آخرين لنشّان فقد جاء ذكر سَمْهُو يفع يسران نجل لبأن، ملك نشّان في نقشين، كما جاء ذكر أربعة ملوك آخرين، هم: دَدّ كَرِب ومَعْدي كَرِب ويَدَع أبّ، والثلاثة جميعهم إخوة سَمْهُو يَفَع"، وهنا نجد أنه لم يُسجَّل أيُّ وجودٍ لملكة تدعى "غيثم" في الدراسات التي جرت على النقوش من محافظة الجوف.
اسم غير موجود
تواصل مُعِدّ التحقيق مع الباحث والمؤرخ اليمني المختص بقراءة النقوش وخط المسند اليمني القديم، علي ناصر صوال، الذي أكّد أنه لم يأتِ أيُّ ذكر لاسم امرأة بهذا الشكل، لا ملكة ولا حتى امرأة عادية.
وصف صوال ما يتم تداوله، بالخزعبلات، موضِّحًا أنّه صار بالإمكان اليومَ، البحثُ عن أيّ مفردة أو اسم ورد في النقوش اليمنية القديمة عبر مدونة النقوش العربية DASI والتي تضمّ نقوشًا وترجمات مؤرشفة من كل العصور.
لا ملكات في التاريخ اليمني القديم، غير ملكة سبأ
ويؤكّد البروفسور البلجيكي من أصول سورية، منير عربش، والذي تخصص على مدار عقد من الزمن بالآثار اليمنية في منطقة الجوف، إلى جانب مؤلفَي كتاب "اليمن موطن الآثار"، أنه لا يوجد ذكر لملكات في التاريخ اليمني القديم، عدا ملكة سبأ التي ذُكرت في القرآن والتوراة.
ويجد عربش أنّ ما يتم ترويجه ليس سوى كلامٍ لا معنى له، بدون دلائل قاطعة، مؤكّدًا أنّ الآثار في الصور المنشورة بالادعاء، تقع تحت منزل في الحزم (عاصمة الجوف حاليًّا)، وليس في قرناو معين.