منذ أواخر سبعينات القرن الماضي بدءاً من الحرب في أفغانستان إلى ما بعد الحرب على الإرهاب في 11 أيلول/ سبتمبر، اعتمدت استراتيجية حرب الظل الأميركية على شخصيات استخباراتية بارزة من أنظمة متهمة بالفساد والتعذيب. القاسم المشترك بين عدد من هؤلاء الرجال وعائلاتهم هي العلاقات مع بنك “كريدي سويس”.
إضافة إلى المشير الأردني عمر خير، هناك ثلاثة مديرين لأجهزة مخابرات يظهرون في البيانات وتشهد حيواتهم المهنية مراحل متشابهة: عمر سليمان من مصر والجنرال أخطر عبد الرحمن من الباكستان وغالب القمش من اليمن.
هؤلاء الأربعة أداروا أجهزة وكانت تحت سيطرتهم موازنات “سود” ضخمة كانت خارج إطار رقابة السلطات التشريعية والتنفيذية. هذه الشخصيات جميعاً أو أعضاء من أسرها، امتلكوا حسابات شخصية بمبالغ كبيرة من دون مصادر واضحة لتفسير الثراء.
وفي وقت من الأوقات، عمل الاربعة مع جهاز الاستخبارات الأميركي “سي أي ايه”. وارتبطت أسماؤهم بصراعات سياسية بدأت مع تدخل الاستخبارات الأميركية في أفغانستان بداية عام 1970، مروراً بحرب الخليج الأولى عام 1990، وما سمي بعدها “بالحروب اللامتناهية” التي سادت أفغانستان والعراق منذ 2001.
ثلاثة منهم: القمش وسليمان والمشير خير، كانوا يديرون مؤسسات عرف عنها أنها انخرطت في التعذيب. بينما 8 أعضاء في أسرهم كانت لهم أيضًا حسابات في "كريدي سويس".
رجل تفكيك الخلايا
بينما كانت وكالة الاستخبارات المركزية والجنرال أخطر يتعاونان في أفغانستان، بدأ رئيس جهاز الأمن السياسي اليمني غالب القمش صعوده المهني في اليمن.
وبحلول عام 1980، ترأس اللواء القمش جهاز الأمن الوطني اليمني، المعروف باسم جهاز الأمن السياسي. وكما كان يفعل الجنرال أخطر في باكستان، فقد نسق اللواء القمش عملية تجنيد اليمنيين الجهاديين في الحرب الأفغانية ضد السوفيات.
كانت شخصية اللواء القمش تطغى على جهاز الأمن اليمني لعقود، كمنفذ رئيسي للمهمات المطلوبة من الرئيس القوي علي عبد الله صالح، الذي حكم البلاد من عام 1978 إلى عام 2012. عندما قصفت القاعدة المدمرة الأميركية “يو أس أس كول” ميناء عدن اليمني عام 2000، كلف الرئيس السابق علي عبد الله صالح اللواء القمش الذي كان متردداً في البداية بمساعدة وكالة الاستخبارات المركزية في ملاحقة المشتبه بهم.
وفقاً لثلاثة ضباط عملوا تحت قيادة اللواء القمش في جهاز الأمن السياسي اليمني، كان اللواء القمش هو المسؤول الأمني الأكثر إثارة للرعب في البلاد. ووصفوه بأنه “الصندوق الأسود” للرئيس صالح. المصادر الثلاثة، التي طلبت عدم الكشف عن هويتها، أبلغت مشروع OCCRP وشركاءه أن اللواء القمش كان يملك “ميزانية أولية تتكون من ملايين الدولارات” للتصرف بها كما يحلو له.
وبحلول الوقت الذي أصبح فيه اللواء القمش كبير رجال المخابرات في اليمن، ومساعداً للأميركيين على تفكيك الخلايا الإرهابية في أوائل القرن الحادي والعشرين، كان لديه ملايين الدولارات التي لا يمكن معرفة مصادرها مخبأة في بنك كريدي سويس.
كان القمش قد سحب آخر أمواله من كريديت سويس – 3,834,643 فرنك سويسري – في كانون الثاني/ يناير 2011، بينما كانت الحشود تنزل إلى شوارع اليمن عشية إطلاق أول شرارة للربيع العربي
كان أحد حساباته، الذي تم فتحه في عام 1999، أي قبل عام من الهجوم على المدمرة كول، يحوي ما يقرب من خمسة ملايين فرنك سويسري بحلول عام 2006، وهو العام الذي فر فيه بعض المشتبه بهم في حادثة “كول” من سجن يمني. وقدر راتب اللواء القمش بما يتراوح بين 4000 و5000 دولار شهرياً، بما في ذلك بدل العلاوات والمكافآت.
اتُهم القمش بانتهاكات مختلفة، بما في ذلك المشاركة في برنامج التسليم الاستثنائي الأميركي (الترحيل السري)، الذي شهد إنفاق الملايين من أموال وكالة الاستخبارات المركزية على المسؤولين في الدول الحليفة لتعذيب مشتبه بهم بالإرهاب واستنطاقهم. وتظهر الوثائق الرسمية أن مبالغ ضخمة دفعت إلى البلدان التي استضافت المواقع السود، وإلى الشركات التي قامت برحلات جوية، وأولئك الذين قاموا بالتعذيب والاستجواب.
وقالت روث بلاكلي من مشروع الترحيل السري- مشروع يضم مجموعة من الأكاديميين البريطانيين الذين حققوا في البرنامج الأميركي- “إذا كان هناك دليل على أن كبار مسؤولي الاستخبارات كانوا يتكسبون مالياً من التواطؤ في برنامج الترحيل والاعتقال والاستجواب الذي قادته وكالة الاستخبارات المركزية، فإن ذلك يستدعي إجراء تحقيق شامل”.
تسليم استثنائي
بعد أحداث 11 أيلول/ سبتمبر، أنشأت وكالة الاستخبارات المركزية “مواقع سوداء” في البلدان الحليفة حول العالم -سجون سرية حيث يحتجز فيها المشتبه في أنهم إرهابيون بمعزل عن العالم الخارجي. كما أسند الأمريكيون مهام الاستجوابات إلى أنظمة قمعية مثل مصر والأردن واليمن، حيث تعرض المحتجزين للتعذيب للحصول على معلومات لتعزيز الحرب على الإرهاب. كشف التحقيق التاريخي الذي أجراه مشروع الترحيل السري بقيادة الأكاديميين بالتعاون مع مكتب الصحافة الاستقصائية عام 2019، عن أدلة مستفيضة حول 60 “مسار” لطائرات الترحيل السري شملت أكثر من 120 عملية تسليم فردية.
إذا كان بنك “كريدي سويس” قد شكك في مصدر أموال اللواء القمش أو ملاءمته كعميل، فإن ذلك لم يمنع البنك من التعامل معه. استمرت حساباته لفترة طويلة بعد تورطه في برنامج التسليم السري وفي قمع المعارضين السياسيين اليمنيين.
قال أحد كبار الضباط ممن خدم مع اللواء القمش: “من خلال جهاز الأمن السياسي، كان (القمش) مسؤولاً عن اعتقال جميع العناصر التي كان يُنظر إليها على أنها معارضة لنظام صالح”، في حين أضاف آخر: “لم يكن أحد يعرف كيف أنفقت أموال جهاز الأمن السياسي”.
تراجعت علاقة اللواء القمش مع الرئيس صالح عندما بدأ الرئيس في إعداد ابنه لتولي مسؤولية البلاد. كما أنشأ صالح وحدة استخبارات محلية جديدة، هي جهاز الأمن القومي عام 2002، تحت قيادة ابن أخيه، والذي سرعان ما طغى على جهاز الأمن السياسي. ببطء، بدأ الزعيم في سحب البساط من تحت قدمي اللواء القمش. نجا اللواء القمش حين تمت الإطاحة بصالح عام 2012، ولكن يبدو أنه أدرك أن الكتابة كانت على الحائط وأنه كان في طريقه لفقدان منصبه.
كان القمش قد سحب آخر أمواله من كريديت سويس – 3,834,643 فرنك سويسري – في كانون الثاني/ يناير 2011، بينما كانت الحشود تنزل إلى شوارع اليمن عشية إطلاق أول شرارة للربيع العربي. أقيل من منصبه كرئيس لجهاز الأمن السياسي في عام 2014 من قبل الرئيس عبد ربه منصور هادي، الذي كان قد وصل إلى السلطة بعد الإطاحة بالرئيس على صالح. الرئيس منصور عين اللواء القمش برتبة سفيراً في الخارجية. لغاية اليوم لم يتم تعيينه رسمياً في أي مكان ، إلا أن اسمه يظهر على قائمة السفراء العاملين ، كما ذكرت مصادر ديبلوماسية يمنية لـOCCRP.
في الوقت الحاضر، يعيش القمش في اسطنبول في عقار قام بشرائه. وفي السنوات الأخيرة، بقي بعيداً من الأضواء، لكن أبناءه لا يزالون نشطين في الأعمال التجارية في اليمن والبحرين والبرازيل وتركيا.
حسابات ممتلئة
في فيلم الجاسوسية “جسد الأكاذيب” Body of Lies، لعام 2008، قام الممثل البريطاني الصارم مارك سترونغ بدور الشخصية الخيالية هاني سلام الذي يساعد عملاء جهاز الاستخبارات الأميركية “سي اي ايه”، على الإمساك بالإرهابيين. لعب دور العملاء الممثلان راسل كرو وليوناردو دي كابريو. ما لم يدركه رواد السينما على الأرجح، هو أن هاني سلام كان مبنياً على شخصية حقيقية: رئيس جهاز مخابرات أردني اسمه سعد خير.
معظم العملاء الـ15 كانوا يحتلون مناصب كبيرة في أجهزة المخابرات العامة في دولهم. تضمنت البيانات أسماء لعدد آخر من كبار الشخصيات الاستخبارية لكنه تقرر عدم ذكر أسمائهم، لأن فريق الصحافيين لم يستطع تأكيد هويتهم بشكل يقطع الشك باليقين.
ترأس المشير خير “دائرة المخابرات العامة ” في الأردن بين عامي 2000 و2005، حيث عمل حليفاً رئيسياً للولايات المتحدة في الحرب على الإرهاب. ولكن على رغم الاحتفاء به كبطل استخباري يساعد الولايات المتحدة في القبض على الأشرار، إلا أن أنشطة خير في الحياة الواقعية كانت موضع شك من الناحية الأخلاقية. إضافة إلى مزاعم قيامه بتهريب النفط من العراق، أشرف المشير خير على دور الأردن في برنامج التسليم الاستثنائي الأميركي، حيث كان يدير وكالة أمنية متهمة بتعذيب السجناء والإشراف على محاكم صورية.
وعام 2003، فتح حساباً شخصياً في بنك “كريدي سويس”. ونما الحساب على مدى سبع سنوات ليبلغ في نهاية المطاف 28.3 مليون فرنك سويسري، قبل إغلاقه بعد أشهر من وفاته، عام 2009.
لم يكن خير رجل المخابرات الوحيد الذي خبأ ثروته في بنك كريديه سويس . وجد الصحافيون أن 15 من كبار الشخصيات المخابراتية البارزة من جميع أنحاء العالم، وبعض أفراد أسرهم، كانوا أيضاً عملاء للبنك.
تأتي هذه الاكتشافات من مجموعة ضخمة من البيانات المصرفية المسربة الخاصة ببنك “كريدي سويس”. وتغطي البيانات المصرفية لهذا البنك من الأربعينات حتى نهاية العقد الماضي.
أسرار سويسرية
“أسرار سويسرية” هو مشروع صحافي تشاركي قام على تسريبات خاصة ببيانات حسابات مصرفية من البنك السويسري العملاق "كريديه سويس"
قام مصدر غير معرف بمنح هذه المعلومات لصحيفة “زود دويتشه تسايتونغ” الألمانية التي شاركتها مع “مشروع تغطية الجريمة المنظمة والفساد العابر للحدود” OCCRP.ORG و46 مؤسسة إعلامية شريكة في المشروع. قام صحافيون يعملون في خمس قارات بتمشيط آلاف الحسابات البنكية، وقابلوا مصادر داخلية ومنظمين للسوق المصرفية وأعضاء في سلك النيابة الجنائية وبحثوا داخل أوراق المحاكم وفي إشهارات الذمم المالية لمقارنة ما سرب إليهم مع ما خلصوا إليه. تغطي البيانات أزيد من 18000 حساب بنكي فتحت منذ أربعينات القرن الماضي لغاية العقد الأخير. حملت هذه الحسابات أموالاً بقيمة 100 مليار دولار على الأقل.
وقال المصدر الذي سرب البيانات في بيان، “أعتقد أن قوانين حماية السرية المصرفية في سويسرا غير أخلاقية”. وأضاف المصدر: “استخدام ذريعة حماية الخصوصية المالية هو مجرد ورقة توت تغطي الدور المخزي للبنوك السويسرية كمتعاون مع المتهربين من الضرائب. ويسمح هذا الوضع بالفساد ويحرم البلدان النامية من الإيرادات الضريبية التي تشتد الحاجة إليها”. وبما أن بيانات “كريدي سويس” التي حصل عليها الصحافيون غير كاملة، هناك عدد من المحاذير المهمة التي يجب مراعاتها عند تفسيرها. أنقر هنا لتقرأ المزيد عن المشروع، من أين أتت البيانات، وماذا تعني.
معظم العملاء الـ15 كانوا يحتلون مناصب كبيرة في أجهزة المخابرات العامة في دولهم. تضمنت البيانات أسماء لعدد آخر من كبار الشخصيات الاستخبارية لكنه تقرر عدم ذكر أسمائهم، لأن فريق الصحافيين لم يستطع تأكيد هويتهم بشكل يقطع الشك باليقين.
وكأشخاص مكشوفين (معروفين) سياسياً وكذلك أقاربهم من الدرجة الأولى، كان ينبغي أن تثير تلك الحسابات أسئلة كثيرة تتعلق بالعناية والتدقيق الواجبة لبنك “كريدي سويس”. ووفقاً لخبيرة الامتثال السويسرية مونيكا روث، تعتبر البنوك عادة عملاء المخابرات السرية عملاء حساسين بشكل خاص.
قالت روث، “لن آخذهم كعملاء- فهذا أمر محفوف بالمخاطر للغاية”، مضيفةً أن رؤساء المخابرات غالباً ما يكونون “أشخاصاً يملكون سلطة كبيرة وعلاقات مشكوكاً بها ومصادر أموال غامضة للغاية.
من غير الواضح ما هي الطريقة التي اتبعها البنك للتعامل مع هذه الحسابات بعناية وتدقيق أكثر.
ورفض “كريدي سويس” التعليق متذرعاً بالسرية المصرفية التي يوفرها القانون السويسري والتي تمنع البنوك من البوح بأي معلومات أو التعريف بعملائه وإعطاء معلومات عنهم.
قال أحد المديرين التنفيذيين السابقين في “كريدي سويس” لـOCCRP وشركائه: “في حالة رئيس جهاز استخبارات مثل سعد خير، فإن فتح حساب كهذا هو علامة حمراء ولن تقبله بنوك كثيرة في سويسرا، لكن بنك كريدي سويس سيفعل ذلك”.
أخطر عبد الرحمن وتدفقات الأموال السرية
قبل أن يفتح المشير خير حسابه في “كريدي سويس”، قامت شخصيات استخبارية عملت على مساعدة أميركا في حربها بالوكالة ضد القوات السوفياتية في أفغانستان على بناء علاقاتها مع المصرف. في نهاية سبعينات القرن الماضي قامت الولايات المتحدة بدعم سبع مجموعات مختلفة من المجاهدين كانوا يقاتلون السوفيات في أفغانستان . قامت المملكة العربية السعودية بمضاهاة هذا التمويل الأميركي (على اساس دولار من السعودية مقابل دولار من أميركا)، وغالباً ما أرسلت الأموال إلى الحساب المصرفي السويسري الخاص بوكالة الاستخبارات المركزية. وكان المستفيد النهائي من هذه العملية هو “وكالة الاستخبارات الباكستانية”، بقيادة الجنرال أخطر عبد الرحمن.
بحلول الوقت الذي تم فيه فتح حسابات بنك “كريدي سويس” بأسماء أبنائه الثلاثة في منتصف الثمانينات، كان أخطر بارعاً في إيصال أموال وكالة الاستخبارات المركزية إلى أيدي المتمردين الأفغان. كما كتب محمد يوسف، زميل أخطر في الاستخبارات الباكستانية الذي ألف لاحقاً كتاباً عن تلك الحقبة: “الأموال الأميركية والسعودية مجتمعة التي تصل إلى مئات الملايين من الدولارات سنوياً، تم تحويلها من قبل وكالة المخابرات المركزية إلى حسابات خاصة في باكستان تحت سيطرة المخابرات الباكستانية”..
يزعم كل من يوسف وستيف كول- مؤلف كتاب “حروب الأشباح” الحائز جائزة “بوليتزر” لعام 2005 – أن أخطر كان الرجل الذي يقرر إلى أين ستذهب هذه الأموال بعد ذلك.
لتدريب المجاهدين على الأسلحة المتطورة، وثقت وكالة الاستخبارات المركزية بأخطر عبدالرحمن وسلمته مبالغ بالملايين. وبحلول عام 1984، كانت ميزانية وكالة الاستخبارات المركزية في أفغانستان، حتى قبل أخذ التمويل السعودي في الحسبان، تبلغ نحو 200 مليون دولار.
قال مصدر استخباراتي من جنوب آسيا لـOCCRP: “كان من السهل في تلك المرحلة فتح حسابات مصرفية سويسرية بأي شكل أو نوع لتحويل الأموال العلنية”.
وقال المصدر إن “الجنرال أخطر كان يفعل ذلك لكي يملأ جيوبه”. “الكثير من الأموال تم اختلاسها من حرب أفغانستان لتجد طريقها إلى حساباته المصرفية".
أحد حسابي عائلة الجنرال أخطر في بنك “كريدي سويس”- الذي يشترك في إدارته أبناء أخطر الذين كانوا في بدايات العشرينات من العمر وهم أكبر وغازي وهارون- فتح في 1 تموز/ يوليو 1985، وهو العام الذي أثار فيه الرئيس الأميركي رونالد ريغان مخاوفه حول الوجهة النهائية للأموال التي كان يفترض أن تصل للمجاهدين.
وبحلول عام 2003، عندما أصبح أبناء الجنرال أخطر رجال أعمال، كان هذا الحساب يملك أكثر من 5 ملايين فرنك سويسري. أما الحساب الثاني، الذي فتح في كانون الثاني/ يناير 1986 تحت اسم الجنرال أكبر وحده، فكان يحتوي على أكثر من 9 ملايين فرنك سويسري بحلول تشرين الثاني/ نوفمبر 2010.
وتوفي الجنرال أخطر في حادث تحطم طائرة عام 1988 أودى أيضاً بحياة رئيسه الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق.
لم يرد أكبر وهارون على طلبات للحصول على تعليق منهما. وقال غازي خان في رسالة إلى occrp إن المعلومات التي وصلته لم تكن “صحيحة”. وقال: “أنفي ذلك”. وأضاف: “هذا السياق تخميني".
“عش الطير المصري”
في برقية ديبلوماسية سربت الى موقع وكيليكس في كانون الثاني 2009، قالت مارغريت سكوبي، السفيرة الأميركية لدى مصر، إن رئيس المخابرات اللواء (أركان حرب) عمر سليمان كان يتم استخدامه كمنفذ من قبل نظام الرئيس حسني مبارك الديكتاتوري. وأضافت أن مبارك “لم يفقد النوم بسبب أساليبه”.
كما لم يبد بنك كريدي سويس قلقا مفرطا بشأن اللواء عمر سليمان أيضا. وعلى الرغم قيام ضحايا الترحيل القسري الأميركي بربطه شخصيا بالتعذيب الذي أحاط هذا البرنامج. احتفظت عائلة اللواء سليمان بالكثير من ثروتها لدى البنك.
في شباط/ فبراير 2003، وبينما كان أصدقاء والدهم في وكالة الاستخبارات المركزية والبنتاغون يخططون لغزو العراق، كانت عائلة اللواء سليمان تقوم بالاستعدادات المالية الخاصة بها. في ذلك الشهر، تم فتح حساب “كريدي سويس” بأسمائهم، وتضخم في وقت لاحق بالملايين.
على غرار اللواء أخطر والمشير خير واللواء القمش من قبله، كان ينظر إلى اللواء سليمان على أنه حليف موثوق به للولايات المتحدة.
قبل أسابيع من فتح حساب عائلة اللواء سليمان، أوضح وزير الخارجية الأميركي كولن باول، في حديثه إلى الأمم المتحدة، سبب الحاجة الملحة للإطاحة بنظام الرئيس صدام حسين في العراق. وعندما قال باول للأمم المتحدة إن لديه أدلة على تدريب العراق لتنظيم القاعدة على الأسلحة الكيميائية، ربما كان المصدر الذي اعتمد عليه هو الضحية الأكثر شهرة لنظام اللواء سليمان الاستخباراتي: ابن شيخ الليبي.
وكان الليبي قد اعتقل في باكستان عام 2001 قبل أن تسلمه وكالة الاستخبارات المركزية إلى مصر. قال له المسؤولون المصريون إنه سيعترف، لأن “ثلاثة آلاف شخص كانوا على الكرسي قبله”، وقد فعلوا ذلك جميعاً. بعد حشره داخل صندوق صغير، قال الليبي لاحقا إنه أخبر المصريين “ما يريدون سماعه”.
عادة ما كان اللواء سيلمان يحصل على ما يريد.
وبعدما تحولت الحرب العراقية من معارك متقطعة الى ضارية لمحاربة التمرد، تنامت ثروة عائلة اللواء سليمان. وبحلول عام 2007، أي بعد أربع سنوات من سقوط نظام صدام حسين، كان حساب عائلة اللواء سليمان في بنك كريدي سويس يحتفظ بـ63 مليون فرنك سويسري. استمر هذا الحساب حتى بعد ديكتاتورية مبارك في مصر، التي سقطت عام 2011 تحت وطأة الربيع العربي. بعد الإطاحة بمبارك، تحركت السلطات السويسرية ضد 12 من المقربين من الديكتاتور، وجميعهم استثمروا بكثافة في النظام المصرفي في البلاد. لكن الحملة لم يتم تطبيقها على عائلة اللواء سليمان. وواصل مصرف “كريدي سويس” الاحتفاظ بحساباتهم على رغم المخاوف التي أثيرت في أماكن أخرى بشأن هذه الجرائم.
وإلى جانب الإشراف على التعذيب، تضمن ملف اللواء سليمان جرائم مالية.
وفي محاكمة مبارك، نقل قاض عن اللواء سليمان وغيره من المسؤولين قولهم إن حسين سالم- رجل أعمال بارز وواجهة معروفة لجهاز الاستخبارات- تملك شركات في مجال النفط وقطاعات أخرى لمصلحة الجهاز الأمني. وكتب القاضي أن اللواء سليمان اعترف بأن وكالة استخباراته أنشأت شركات واجهة لأسباب تتعلق “بالأمن القومي”، وقامت باستخدام سالم في كثير من الأحيان.
كان سالم أيضا عميل كريدي سويس. كان لديه حسابات عدة، واحتفظ أحدها بـ105 ملايين فرنك سويسري بحلول عام 2003. وورد هذا الحساب ضمن الإجراءات القانونية عندما زعم المحققون أنه استخدم للدفع وتلقي ما يشبه العمولات الفاسدة للمديرين التنفيذيين في شركة “فلو تكس” FlowTex، وهي شركة ألمانية تمت مقاضاتها بتهمة الاحتيال واسع النطاق.
قد لا يكون مصدر ثرواتهم معروفاً نهائياً، لكن الخبراء يقولون إن حالات مثل الجنرال أخطر واللواء القمش والمشير خير وعائلة اللواء سليمان تثير شكوكاً حول كيفية استفادة قادة الاستخبارات من مخالفة القانون.
وقال روبرت باير العميل السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية الذي خدم في الشرق الأوسط في مقابلة: “لا تنسوا أن مبارك أراد من جنرالاته ورؤساء الاستخبارات أن يسرقوا الأموال”. “لأنه لا يمكن الوثوق بأي شخص لا يجني أموالاً في مناصب كهذه. فهؤلاء هم الأشخاص الذين يقومون بانقلابات”.
جسد الأكاذيب
تم صنع شخصية المشير الأردني سعد خير للشاشة الكبيرة. وقد وصفه ديفيد إغناطيوس من صحيفة “واشنطن بوست”، الذي قابله مرات عدة وكتب الرواية التي استند إليها فيلم “جسد الأكاذيب“، بأنه شخص “رائع ولكنه مجروح عاطفياً”.
ولكن على رغم هذا المديح والإطراء الذي طاول المشير خير، كانت الاستجوابات التي أجرتها دائرة المخابرات العامة التي يرأسها المشير خير غير قانونية إلى حد كبير، وفقاً لتقارير منظمة العفو الدولية ومنظمة “هيومن رايتس ووتش”.
أفادت “هيومن رايتس ووتش” بأن دائرة المخابرات العامة كانت بمثابة “سجان بالوكالة” لوكالة الاستخبارات المركزية، “حيث تحتجز السجناء الذين يبدو أن وكالة المخابرات المركزية تريد بقائهم خارج التداول”، تماماً كما فعلت قوات استخبارات سليمان في مصر. وثقت المنظمة الحقوقية ما لا يقل عن 14 سجيناً أرسلتهم الولايات المتحدة إلى السجون الأردنية تعذيب المحتمل بين عامي 2001 و2003.
وذكرت منظمة العفو الدولية في تقريرها الذي اعتمد على شهادات الضحايا أن دائرة المخابرات العامة حصلت على أكثر من 100 اعتراف من طريق التعذيب، ثم أحيلت هذه القضايا إلى محكمة أمن الدولة الأردنية التي أصدرت تهم إعدام بحق البعض.
في سنوات لاحقة، أنكر كبار مسؤولي دائرة المخابرات العامة احتجاز سجناء للولايات المتحدة، أو أن التعذيب حدث.
كما طاردت المشير خير شائعات عن الفساد تتعلق بتجارة النفط لكن لم يتم توجيه أي تهم إليه.
وفقاً لبرقيات ديبلوماسية سرية حصل عليها موقع “ويكيليكس”، وضع رئيس الوزراء الأردني السابق علي أبو الراغب (2000-2003) المشير خير في قلب صفقات النفط التي تشمل المملكة العربية السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة لدعم احتياطيات النفط الأردنية قبل بدء حرب 2003 على العراق الذي كان يزود المملكة المجاورة بمعظم احتياجاتها من النفط بأسعار تفضيلية لسنوات.
نفط عراقي رخيص
المشير سعد خير، رئيس المخابرات الأردني السابق، اتُهم بالتربح من تجارة النفط منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين فصاعداً. حتى إن نواباً معارضين طالبوا بمحاكمة المشير خير. بينما كانت القصة تلاحق المشير خير، لم يتم تقديم أي دليل ضده.
بحث مراسلو OCCRP مع الشركاء في المشروع عن أدلة. ما وجدوه كان مثيراً للاهتمام، ولكنه ليس قاطعاً. كرر عدد قليل من المصادر القريبة من الوضع والتي وافقت على التحدث إليهم بشرط عدم الاقتباس أن المشير خير ودائرة المخابرات العامة أشرفوا على شركة واجهة كانت تتاجر في النفط من العراق، لكن أياً من هذه المصادر لم يظهر أي دليل قاطع على ذلك.
من خلال الاطلاع على السجلات التجارية والسير خلف تسريبات، حدد الصحافيون شركة تدعى “الحرانة” ويديرها رجل الأعمال الأردني عبد الرحمن (عبود) أبو حسان، وهو صديق قديم للمشير خير. نفى أبو حسان بشكل قاطع في مقابلة مسجلة مع OCCRP وشركائها تورط المشير خير في شركته، لكنه قال إنه سمع منذ فترة طويلة الشائعات ذاتها: أنه أصبح ثرياً بسبب المشير خير ودائرة المخابرات العامة.
اعترف أبو حسان بأنه حصل بالفعل على زيت الوقود من العراق “بالمجان تقريباً”، وهو النفط الذي باعه في الخارج بأسعار السوق الدولية. وقال إن رئيس الوزراء العراقي آنذاك، إياد علاوي، زود النفط بثمن بخس لرد الجميل لأن الأردن منحته ملاذاً آمناً بعد محاولة اغتيال من قبل حكومة صدام حسين.
قال أبو حسان إن شحنات شركته من زيت الوقود كانت تأتي بواسطة الشاحنات، نحو 300 في اليوم. كانت هذه الشاحنات ترفق بحماية عند عبور الحدود من قبل دائرة المخابرات العامة التي كان المشير خير يديرها. لكن هذا كان قدر ما وصلت إليه العلاقة مع الدائرة بحسب ما قال. وبدلاً من أن يستفيد المشير خير من الأعمال التجاري، قال أبو حسان إن قدراً كبيراً من الأرباح ذهب إلى مؤسسة العسكريين المتقاعدين في الأردن. وقال أيضاً إن وزارتي المالية والطاقة في الأردن جنتا مئات الملايين من هذه التجارة لقاء السماح لشركته بالتخزين في خزانات شركة البترول الوطنية الأردنية.
لم يعثر الصحافيون على دليل على تورط المشير خير في تجارة النفط، أو أنه ناقش هذا الأمر مع أي شخص قبل وفاته. بالنسبة إلى أبو حسان، ما تردد عن “الحرانة” كواجهة لدائرة المخابرات العامة ما هو إلا محض هراء.
قال أبو حسان: “اتهم الجميع دائرة المخابرات الأردنية لأنها كانت تسهل (التجارة) لنا”. “(لكن) أنا من طلبت منهم ذلك”.
قال ضابط استخبارات أوروبي طلب عدم الكشف عن هويته إن “هذه المصارف تمثل شيئاً ثميناً جداً بالنسبة إلى مجتمع الاستخبارات ألا وهو السرية. وهذه السرية المصرفية تجعل خدماتها مفيدة جداً للعمليات السرية” التي يقوم بها هؤلاء
قال سياسي أردني لـOCCRP وشركائها إن “لقام المشير خير إلى جانب رئيس الوزراء آنذاك أبو الراغب قاما بمأسسة الفساد الرسمي على أعلى المستويات وهو الأمر الذي ما زال يطارد الأردن حتى اليوم”. (اشتهرت حكومة أبو الراغب بالتشديد على الإعلام الرسمي والخاص وبتعليق البرلمان لما يقرب من عامين وإصدار أكثر من 200 قانون موقت).
ومع ذلك، انتهى نفوذ المشير خير. في أيار/ مايو 2005، أقاله الملك عبد الله من منصبه في دائرة المخابرات العامة.
عام 2009، دعا نائبان في مجلس النواب إلى محاكمة المشير خير وأبو الراغب في ما يتعلق بملف عملية احتيال النفط العراقي، لكن كليهما لم يتعرض لأي مساءلة.
توفي المشير خير وحيداً في غرفته في فندق فخم في فيينا في كانون الأول/ ديسمبر من ذلك العام.
قبل ذلك بثلاث سنوات، كان حسابه في البنك يحتفظ بـ28.3 مليون فرنك سويسري. وسيحتفظ حساب بنك “كريدي سويس” الذي افتتحه سعيد، شقيق المشير خير عام 2006، ، بـ13 مليون فرنك سويسري بحلول عام 2011، قبل إغلاقه عام 2014. ( سعيد خير خدم مهندس طيران أرضي لطائرتي الراحل الملك حسين الخاصتين). وكانت زوجة المشير خير وقت وفاته، النرويجية يانيكه فريح، تملك حسابها الخاص الذي كان فيه 6 ملايين فرنك سويسري عام 2010، وقد أغلق عام 2014.
في رسالة إلى OCCRP، قالت فريح إن الأسئلة حول حسابات العائلة في بنك “كريدي سويس” كانت “عجيبة وغريبة ومشينة”.
ووصفت خير بأنه “رجل شريف حارب الإرهاب طوال حياته حتى يتمكن أشخاص مثلي ومثل جماعتكم من العيش بأمان في هذه الحياة”. وأصرت على أنها لم تفتح حساباً في بنك كريدي سويس، ولم يكن لديها أي فكرة عن أي أموال هناك، وكانت مجرد “ربة منزل”.
“شيء ثمين جداً”
بالنسبة إلى شخصيات الاستخبارات العالمية، فإن العمل مع “كريدي سويس” قدم خدمة كان من الصعب تقديمها في زمن العولمة.
قال ضابط استخبارات أوروبي طلب عدم الكشف عن هويته إن “هذه المصارف تمثل شيئاً ثميناً جداً بالنسبة إلى مجتمع الاستخبارات ألا وهو السرية. وهذه السرية المصرفية تجعل خدماتها مفيدة جداً للعمليات السرية” التي يقوم بها هؤلاء.
قال مدير مخابرات ألماني سابق خدم في الشرق الأوسط لـOCCRP وشركائه إنه لم يفاجأ بأن موظفين رفيعي المستوى في جهاز المخابرات من بلدان غير ديموقراطية يتعاملون مع سويسرا. وأشار المصدر إلى أن مثل هذه الحسابات يمكن أن تكون بمثابة دعم احتياطي لهم، إذا ما تمت الإطاحة بالأنظمة التي يخدمها هؤلاء، أو أنهم هم أنفسهم قد يصبحون غير مرغوب بهم.
هذا التقييم ردده أيضاً باير، العميل السابق لوكالة الاستخبارات المركزية.
يقول العميل السابق لوكالة الاستخبارات المركزية: “في العالم العربي، أنت في وظيفتك لفترة طويلة فقط. يتعين عليك أنت وعشيرتك سرقة ما تستطيع وإنشاء عش بيض (لرعاية ذلك). سويسرا هي المكان الأكثر أماناً، بمجرد الانتهاء من إعداد عملية فتح حساباتك”.
يبدو أن فقدان الدعم الرسمي هو أحد المخاطر الرئيسية لعالم الاستخبارات. بعد سقوط مبارك عام 2011، ألقى اللواء سليمان بقبعته في الحلبة لقيادة مصر، لكنه استبعد كمرشح.
توفي اللواء سليمان في مستشفى كليفلاند كلينك المرموقة في ولاية أوهايو بعد أشهر، في تموز 2012 لأسباب طبيعية.
قال غراهام بارو، خبير الجرائم المالية ويقيم في المملكة المتحدة، إن المبالغ الهائلة الموجودة في حسابات “كريدي سويس” المرتبطة بشخصيات استخباراتية كان ينبغي أن ترفع “أعلاماً حمراً”- وهو مصطلح في المجال المصرفي يشير إلى التحذير من مخاطر عالية بشكل استثنائي.
قال بارو لـ OCCRP: “يجب أن تخضع هذه الحسابات بالتأكيد لتدقيق معزز”.
وقال “لا يوجد سبب يمنع ضابط مخابرات كبيراً من فتح حساب مصرفي، لكن يتعين عليه تقديم سبب لرغبته في فتح هذا الحساب وووجهة استخدامه. إذا كان هناك تناقض في أي وقت ، فيجب أن يرفع البنك إشارات التحذير الحمر.
مربع مفتوح: مديرو استخبارات آخرون
وجد OCCRP وشركاؤه في تحقيق “أسرار سويسرية” نحو 40 حساباً في بنك “كريدي سويس” مملوكة لأكثر من 12 شخصية استخباراتية من جميع أنحاء العالم.
وكان من بينهم النقيب السابق في الجيش الفنزويلي كارلوس لويس أغيليرا بورخاس- المعروف بـ”الرجل الخفي”، والذي عمل حارساً شخصياً للرئيس هيوغو شافيز في تسعينات القرن الماضي.
بصفته مديراً لأجهزة المخابرات الفنزويلية لمدة عامين في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، عُرف أغيليرا باعتقاله السياسيين المعارضين. استقال عام 2002، بعدما فشل في منع محاولة انقلاب كادت تطيح بالرئيس.
ثم ركز أغيليرا بعد ذلك على الأعمال التجارية، ويقال إنه جمع نحو 90 مليون دولار من صفقة فاسدة لإصلاح خط مترو في كاركاس. عام 2013 تم تسريب مقطع صوتي سُمع فيه مذيع تلفزيوني شهير يتهم أغيليرا بـ”استنزاف البلاد” مع شركات وهمية مرخص لها بالحصول على دولارات أميركية كان يصعب الحصول عليها.
فتح أغيليرا حساباً واحداً في حزيران/ يونيو 2011 وفي غضون بضعة أشهر نقل نحو 8 ملايين دولار إليه. وافتتح في تموز 2011 حساباً آخر مرتبط بكيان قانوني يسيطر عليه، وكان رصيده الأقصى يبلغ نحو 5 ملايين دولار.
في هذه الاثناء في أوكرانيا، فتحت حسابات باسم فاليري خوروشكوفسكي، الرئيس السابق لجهاز الأمن، وهو الآن ملياردير وتعتبر حساباته من بين الحسابات الأعلى قيمة في هذه البيانات المصرفية، كان أحدها يحتوي مليار فرنك سويسري عام 2006، وهو العام الذي انضم فيه للمرة الأولى إلى مجلس الدفاع والأمن في أوكرانيا والذي يركز على مسائل تهم الأمن القومي.
في مصر، كان لأشرف مروان حساب، وهو رجل المخابرات كانت ولاءاته غامضة مثل موارده المالية. وعرف عنه أنه وأثناء عمله مستشاراً استخباراتياً لوالد زوجته، الرئيس جمال عبد الناصر، سرب معلومات استخباراتية إلى القوات الإسرائيلية خلال حرب يوم الغفران عام 1973- لكن البعض يزعم أن المعلومات كانت كاذبة.
فتح رجل المخابرات المصري أشرف مروان حسابه في “كريدي سويس” عام 2000. وبحلول ذلك الوقت، كان ترك العمل الاستخباراتي وراءه وانتقل إلى المملكة المتحدة حيث توسع في الأعمال التجارية. وبحسب ما ورد، فإنه اشترى حصة في نادي “تشيلسي” لكرة القدم. مات أشرف مروان بعد سبع سنوات إثر سقوط غامض من شرفة في لندن. وقالت زوجته للصحافة إن وفاته كانت انتقاماً لخيانته المخابرات الإسرائيلية.
ومن ألمانيا، كان ضابط الشرطة السرية السابق يورغن سيلينسكي يملك حساباً فيه نحو 150 مليون يورو في كانون الثاني/ يناير 2010. وكان سيلينسكي قد غادر ألمانيا بعد انهيار الشيوعية، ووصل إلى الكونغو، حيث أنشأ شركة لإدارة النفايات.
كما تتضمن البيانات روايات تخص شخصيات لها صلات بأجهزة الاستخبارات الأوزبكية، التي اتهمتها منظمات حقوقية متعددة بالتعذيب والاختفاء القسري والاحتجاز التعسفي. عام 2009، قال ضابط الاستخبارات السابق إكرام يعقوبوف لـ”بي بي سي نيوزنايت” إنه شهد هذه الانتهاكات مباشرة، وادعى أنه أُجبرعلى تلفيق أدلة ضد أشخاص يعرف أنهم أبرياء.
ارتبطت حسابات أخرى بشخصيات استخباراتية من العراق والجبل الأسود ونيجيريا وباكستان واليمن. ويعود أقدم حساب إلى منتصف السبعينات، حيث بلغ الحد الأقصى لرصيد خروشوفكسي أكثر من مليار فرنك سويسري.
إعداد منظمة تعقب الفساد المنظم والجريمة العابرة للحدود OCCRP وشريكها “زود دويتشه تسايتونغ” SZ