حذرت جهات صحية رسمية من تشكل الموجة الرابعة من فيروس كورونا بالقرب من اليمن، التي من المتوقع أن تتأثر بها، وهو ما يتطلب عدم التهاون بالإجراءات الاحترازية الممكنة للوقاية من الفيروس.
ولا يزال وباء كورونا يقتل آلاف اليمنيين دون وجود أي إجراءات احترازية لمكافحته من قبل السلطات الصحية في البلاد. بحسب بيانات وزارة الصحة في عدن، فقد وصل إجمالي أعداد المصابين حتى منتصف ديسمبر/ كانون الأول، قرابة 10 آلاف مصاب، تُوفي منهم حوالي 20 شخصًا وحوالي 6 آلاف شخص تماثل للشفاء، وفي مناطق سيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيين) لم تكشف السلطات عن وجود أي حالات رغم أن هناك آلاف المصابين، وسط تحذيرات متكررة من قبل المنظمات المتخصصة في هذا المجال.
في السياق، أعلنت وزارة الصحة العامة والسكان في الحكومة المعترف بها دوليًا توزيع اللقاحات الخاصة بكوفيد ١٩ لعموم المحافظات الواقعة تحت سيطرتها.
وقالت الوزارة إنها أرسلت للمحافظات أكثر من ٣٦٨ الف جرعة لقاح منها ١٦٨ الف جرعة لقاح جونسون آند جونسون و٢٠٠ ألف جرعة من لقاح سينوفاك.
وتؤكد مصادر طبية في أكثر من محافظة خصوصًا في المدن الرئيسية أن حالات الإصابة بفيروس كورونا لم تتوقف عن الظهور طوال الفترة الماضية، بالرغم من انخفاض حدة انتشار الفيروس على مستويات عدة، بالتوازي مع اهمال مجتمعي في اتباع الإجراءات الاحترازية التي كانت قائمة بداية انتشاره في اليمن.
قطاع متدهور
في سبيل رفع القدرات التشخيصية لمختبرات وزارة الصحة والسكان ، تؤكد وزارة الصحة والسكان في حكومة عدن أنها تعمل بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية على جلب جهاز فحص جيني لكوفيد 19 للمختبر المركزي بعدن وتدريب كوادر الوزارة على هذه التقنية الحديثة.
تشير التقارير التي تتناول الوضع الصحي لليمنيين إلى تدهور الأوضاع الصحية وسط ظروف الصراع الجاري. ويشمل ذلك ارتفاع مستويات سوء التغذية بين الأطفال، وانخفاض معدلات التحصين، وتفشي الأمراض السارية
وأدى انتشار فيروس كورونا منذ مطلع العام 2020 ، إلى تفاقم احتياجات السكان في اليمن بشكل عام، من المياه والنظافة الصحية، وبالتالي زيادة الضغط على الاحتياجات الخدمية والسلعية من المياه والأدوية والمواد الغذائية، وكذا أدوات النظافة الصحية والمعقمات، إذ تعد الفئات الأكثر فقرًا والمهمشة الأكثر عرضة بشكل خاص للمخاطر.
كما ان انتشار فيروس كورونا في اليمن منذ منتصف العام الماضي كشف عن معاناة القطاع الصحي المتدهور في جميع المحافظات اليمنية، إذ اتضح أنه لا يزال غير مؤهل للاستجابة السريعة والمبكرة لانتشار الأوبئة والأمراض المعدية ومنها جائحة كورونا؛ مما ساهم في تفشي الكثير من الأوبئة.
وبشكل عام في اليمن، لا يزال النظام الصحي دون المستوى المطلوب، وقد تعرض لصدمات قوية بالتوازي مع ضغوط الطلب على المرافق الصحية.
عواقب الصراع
يصف تقرير حديث صادر عن البنك الدولي أن قطاع الصحة في اليمن يعاني من عواقب الصراع المسلح، والتدهور الاقتصادي، والانهيار المؤسسي، وكل ذلك مستمر منذ فترة طويلة. وقد بات توفر مرافق البنية التحتية الصحية العاملة، مثل المستشفيات ومراكز الرعاية الأولية أمراً صعب المنال تحت وطأة الصراع، إذ تواجه نسبة كبيرة من السكان تحديات في الحصول على الرعاية الصحية المناسبة.
ويقول البنك الدولي إنه في الوقت الحالي، لا يعمل سوى 50% من المنشآت الصحية بكامل طاقتها، ويواجه أكثر من 80% من السكان تحديات كبيرة في الحصول على الغذاء ومياه الشرب وعلى خدمات الرعاية الصحية.
ويُعَد نقص الموارد البشرية والمعدات والمستلزمات حجر عثرة في سبيل تقديم خدمات الرعاية الصحية. علاوة على ذلك، فقد أدى الصراع إلى تفاقم التحديات الصحية، كما أفضى إلى ضعف إدارة قطاع الرعاية الصحية بشكل كبير.
وتتجلَّى الصعوبات في تقديم الخدمات الصحية في تدهور النواتج الصحية، حيث تشير التقارير التي تتناول الوضع الصحي لليمنيين إلى تدهور الأوضاع الصحية وسط ظروف الصراع الجاري. ويشمل ذلك ارتفاع مستويات سوء التغذية بين الأطفال، وانخفاض معدلات التحصين، وتفشي الأمراض السارية.
وتتأثر صحة الأم والطفل على وجه الخصوص بتفاقم الأوضاع، إذ تشير أحدث التقديرات إلى وفاة أم واحدة وستة أطفال حديثي الولادة كل ساعتين. علاوة على ذلك، فقد ألحق الصراع كذلك ضررًا مباشرًا بصحة السكان، ويقدَّر الآن أنه السبب الرئيسي الثالث للوفاة في اليمن، بعد مرض تروية القلب (نقص وصول الأكسجين إلى القلب) وأمراض حديثي الولادة.
ويرى البنك الدولي أن انخفاض التمويل الخارجي لقطاع الصحة، مقترنًا بتحديات غير مسبوقة مثل جائحة كورونا، يثيران حالة من عدم الاستقرار بشأن مستقبل الخدمات الصحية في اليمن.
ويعوِّل النظام الصحي في اليمن كثيرًا على التمويل الخارجي، وتُقدَّم الخدمات الصحية في المقام الأول من خلال المنظمات التي تنفذ مشروعات صحية، وذلك في ظل ضعف النظام الصحي والاعتماد المفرط على شركاء التنمية الذين ينفذون برامج صحية رأسية. وشهد التمويل الخارجي لقطاع الصحة انخفاضًا كبيرًا عن السنوات السابقة، ما جعل النظام الصحي في اليمن عرضة لمخاطر وخيمة مثل فيروس كورونا.