دعا مجلس الأمن الدولي، استنادًا إلى التوصيات المقدمة للمجلس الخاصة بكل بلد، الواردة في المذكرة البيضاء- إلى دعم الاقتصاد اليمنيّ لجعل الغذاء في متناول المستهلكين اليمنيين.
وتشير المذكرة البيضاء إلى "النزاع المسلح والعنف بوصفهما الدافعين الأساسيين لهذه المخاطر" في جنوب السودان واليمن وشمال شرق نيجيريا وإثيوبيا، حيث يواجه ما مجموعه نحو 648,000 شخص انعدامَ الأمن الغذائي بمستوى كارثي.
وتحدد خطوات أوسع يمكن للدول الأعضاء اتخاذها للتصدي لانتشار انعدام الأمن الغذائي. هذه الخطوات تشمل، من بين أخرى، توصيات للدول الأعضاء بالضغط من أجل الحلول السياسية السلمية والتفاوضية للنزاع المسلح والعنف.
وعقد مجلس الأمن الدولي يوم الخميس 15 سبتمبر/ أيلول جلسة حول النزاع المسلح والأمن الغذائي تحت بند "حماية المدنيين في النزاع المسلح"، وتحدّث فيها ثلاثة مسؤولين أمميّين عن أربعة سياقات بعينها، وهي اليمن وإثيوبيا وشمال شرق نيجيريا وجنوب السودان، محذِّرين من حالة طوارئ عالمية ذات حجم غير مسبوق، بسبب تزايد خطر حدوث المجاعات المتعددة وارتفاع أعداد المتضوّرين جوعًا.
وشدّد المسؤولون في إحاطاتهم على أنّ منع الصراع هو أكثر الوسائل فعالية لمنع المجاعة. كما أنّ كبح العنف وانعدام الأمن لا ينقذ الأرواح على الفور فحسب، بل يفتح الطريق أمام تقديم فرصة للمساعدة الفورية، وبناء القدرة على الصمود والتنمية الدائمة.
مؤشرات خطيرة
وتؤكّد الأمم المتحدة أنّ النزاع الدائر في اليمن طوال السنوات السبع الماضية، تسبّبَ في إحداث الفوضى في جميع أنحاء البلاد، إذ يعاني حوالي 19 مليون شخص –ستة من بين كل عشرة أشخاص– من انعدام الأمن الغذائي الحادّ، في حين، يواجه ما يُقدّر بـنحو 160,000 شخص من مستويات خطيرة من انعدام الأمن الغذائي، ويعاني 538,000 طفل من سوء التغذية الحادّ.
وقد يتفاقم الوضع بسبب فجوات تمويل الاستجابة الإنسانية وعدم الاستقرار الاقتصادي المستمر. ويمكن أن تؤدّي الاضطرابات في الواردات التجارية إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي– وهو احتمال أصبح حقيقيًّا للغاية خلال الأسابيع الأخيرة، حيث يهدّد نقص التمويل عمليات آلية التحقق والتفتيش التابعة للأمم المتحدة، الذي يقوم بتفتيش جميع الواردات التجارية، بما في ذلك المواد الغذائية إلى موانئ البحر الأحمر اليمنية.
ويرى مسؤول في منظمة الفاو، أنّ حِدّة النزاع في اليمن خفّت إلى حدٍّ كبير بعد أن اتفقت الأطراف على هدنة اعتبارًا من أبريل/ نيسان الماضي، لكنّ القيود المفروضة على الحركة لا تزال تقيّد وصول المساعدات الإنسانية، بينما يشير برنامج الغذاء العالمي إلى تدهور الوضع الإنساني رغم الهدنة الهشة، بسبب الآفاق الاقتصادية المتدهورة.
وحسب "الغذاء العالمي"، فإنّ أسعار الغذاء زادت بنسبة 70% في شمال اليمن عمّا كانت عليه قبل عام، في حين ارتفعت بما يقارب 40% خلال الفترة نفسها في مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دوليًّا. وأكّد برنامج الغذاء العالمي أنه يسعى إلى توفير الطعام لـ18 مليون شخص في اليمن في عام 2022.
صندوق الأمم المتحدة للسكان، يشير من جهته إلى أنه من بين 4.3 مليون نازح داخل اليمن، أكثر من ثلاثة أرباعهم من النساء والأطفال، إضافة إلى حوالي 1.3 مليون امرأة حامل حاليًّا، منهن ما يقرب من 200,000 معرّضات لخطر الإصابة بمضاعفات تهدّد الحياة، ومع ذلك، لا يتمتعن سوى بقدرة محدودة –إن وُجدت أصلًا– على الوصول لخدمات الصحة الإنجابية.
وتم تفعيل آلية الاستجابة السريعة التي يقودها صندوق الأمم المتحدة للسكان في 16 محافظة متضررة من الفيضانات، وأكثر من 100 مديرية في جميع أنحاء اليمن.
تبعات تكتيكات الحرب
إلى ذلك، ذكر وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، مارتن غريفيثس، إحاطته من أنّ مدنيين قُتِلوا أو أصيبوا بجراح بسبب النزاعات الدائرة، فيما أُجبِرت عائلات على النزوح من الأرض التي تعتمد عليها في كسب قوتها وطعامها.
و"أدّت المتفجرات من مخلفات الحرب إلى تعطيل وصول الناس إلى الأسواق والإنتاج الزراعي وكسب الدخل. إضافة إلى ذلك، تعرّضت البنية التحتية المدنية والمعدات الأساسية التي توفر الأمن الغذائي للناس، للسرقة أو التلف أو التدمير، كما تم نهب مخزون المواد الغذائية وقُتلت المواشي.
كما أدّى التدهور الاقتصادي وارتفاع الأسعار إلى جعل الغذاء الكافي بعيدًا عن متناول الفئات الأكثر ضعفًا، وتعمدت الأطراف المتحاربة قطع الإمدادات التجارية والخدمات الأساسية التي يعتمد عليها المدنيون للبقاء على قيد الحياة. يُستخدم الجوع أحيانًا كتكتيك حرب".
الجدير بالذكر أنّ اجتماع مجلس الأمن جاء بطلب من البرازيل وأيرلندا، كجهتي الاتصال المشتركة المعنية بالصراع والجوع، عقب "المذكرة البيضاء" الصادرة عن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في 26 آب/ أغسطس والتي توفر تحديثًا بشأن انعدام الأمن الغذائي على نطاق واسع بسبب الصراع والعنف في شمال إثيوبيا، وشمال شرق نيجيريا، وجنوب السودان واليمن.
وأرسل مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية إلى أعضاء المجلس المذكرة البيضاء وَفقًا للقرار 2714 المؤرخ في 24 أيار/ مايو 2018، والذي يدعو الأمين العام للأمم المتحدة إلى إبلاغ المجلس سريعًا عندما يلوح خطر المجاعة الناجمة عن الصراع وانعدام الأمن الغذائي على نطاق واسع في سياق النزاع المسلح.