تشهد المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيين) موجة زيادة كبيرة غير معلنة في أسعار الدقيق والقمح سيكون لها تبعات كارثية في مضاعفة معاناة المواطنين القاطنين في تلك المناطق. خصوصًا مع استمرار الظروف الاقتصادية الصعبة التي خلفتها الحرب في البلاد مُنذ أكثر من ستة أعوام، إضافة إلى فقدان مصادر الدخل المعيشي للسكان، بل وغيابها، تحديدًا مع استمرار توقف صرف رواتب موظفي الدولة لأكثر من أربع سنوات، في مناطق سيطرة أنصار الله (الحوثيين).
ويرى خبراء اقتصاد أن هذه الزيادة التي وصلت إلى 17 ألف ريال لكيس الدقيق (50 كيلوغرام) من 13 ألف ريال ستعمل على تضرر فئات كثيرة في المجتمع، خاصةً ممن هم تحت خط الفقر، وتعرضهم لمجاعة حتمية، والتي سبق أن تم التحذير من مخاطرها من قبل عدة منظمات دولية مهتمة.
وفي ظل الأزمات الاقتصادية المتتالية، التي تفتك بأرواح اليمنيين دون رحمة، صار الملايين منهم غير قادرين على شراء الطعام الضروري من الأسواق، فيما قلص البعض عدد وجباته اليومية خصوصاً مع انعكاس هذه الأزمة على إقدام المخابز والأفران على رفع أسعار رغيف الخبز وأقراص "الروتي" المسطحة.
ويبقى الفقر هو التحديث الوحيد في الواقع اليمني، حيث ساهمت الأطراف المختلفة في تفاقمه واستفحاله، مع تضرر المواطن من تلك الممارسات أكثر من تضرره من الحرب ذاتها.
نهب للمواطن بلا رحمة
يشكو العديد من المواطنين، من ارتفاع أسعار القمح الأخيرة، ويرونها تهدف لمضاعفة معاناتهم المستمرة منذ بدأت الحرب. المواطن خالد البهلولي (50 سنة) يقول لـ"خيوط": "كله هذا بسبب جشع التجار ، كل جرعة لظهر المواطن المسكين".
بحسب عبدالرحمن الزريقي، المسؤول في قطاع العمليات والرقابة على التجارة الداخلية بوزارة الصناعة والتجارة الخاضعة لسيطرة أنصار الله (الحوثيين)، فإن الوزارة وضعت خطة لمراقبة وضبط جميع المخالفين العاملين في بيع الخبز، وتحديدًا أصحاب الأفران والمخابز
ونظرًا للحالة المعيشية الصعبة لغالبية المواطنين، فهُم بالكاد يستطيعون توفير قوتهم الأساسي من مادة القمح بصورة يومية. فواز نجاد (44 سنة)، موظف، قال لـ"خيوط": "لا نعرف ما هو سبب هذه الزيادة في أـسعار الدقيق، هل التجار أنفسهم، أو هناك من تواطأ معهم ضد قُوت الناس".
ويأتي هذا الارتفاع في أسعار الدقيق في ظل استقرار سعر صرف الريال مقابل العملات الأجنبية في صنعاء ومختلف المناطق الخاضعة لسيطرة أنصار الله (الحوثيين)، إذ يبلغ قيمة الدولار الواحد (600) ريال يمني.
وتبدو الزيادة أشبه بعملية تواطؤ بصورة رسمية، هدفها الأساسي تجويع المواطنين، ناهيك عن التلاعب في الوزن الحقيقي لقرص الخبز، من قبل بعض ملاك الأفران والمخابز.
في هذا السياق، يرجع خبير اقتصادي فضّل عدم الكشف عن هويته، تحدث لـ"خيوط": " السبب الرئيس في الأزمة الحاصلة حالياً في أسعار الغذاء إلى زيادة الجبايات التي فرضتها السلطات في صنعاء على كل من يعمل في مجال تجارة القمح والدقيق، بالإضافة إلى الضغوطات والتعسفات المستمرة على القطاع التجاري".
تفاقم الأزمة الغذائية
بحسب عبدالرحمن الزريقي، المسؤول في قطاع العمليات والرقابة على التجارة الداخلية بوزارة الصناعة والتجارة الخاضعة لسيطرة أنصار الله (الحوثيين)، فإن الوزارة وضعت خطة لمراقبة وضبط جميع المخالفين العاملين في بيع الخبز، وتحديدًا أصحاب الأفران والمخابز.
ويضيف في حديثه لـ"خيوط": "حدثت أزمة في الأيام الماضية، تمثلت في العجز داخل المطاحن، لكننا تجاوزناها، وعملنا على مضاعفة الزيادة في الإنتاج، بحيث رفعنا الكمية إلى (6000) كيس مخصصة للعاصمة صنعاء، وتمت السيطرة على الوضع"، إضافة إلى تحديد رقم هاتف مجاني للإبلاغ عن جميع المخالفين.
وتأثرت بسبب هذه الزيادة في أسعار الدقيق الأفران والمخابز العاملة في صنعاء مع إقدام بعضها على الإغلاق لعدم قدرتها على العمل والبيع بالسعر والوزن المحدد من قبل الجهات المعنية مثل وزراة الصناعة والتجارة الخاضعة لسيطرة أنصار الله (الحوثيين)، بينما قلصت بعضها فترات عملها مع تخفيض في أقراص "الروتي" المسطحة وأرغفة الخبز ورفع الأسعار من 20 ريال إلى 25 ريال.
وسيم عبده قائد، (45 سنة)، مالك أحد المخابز التي أغلقت، يقول لـ"خيوط": "ما عاد يخارجش، كل شيء غالي وعلينا التزامات كثيرة، وقد العمل كله خسارة".
وتنعكس هذه الأزمة والارتفاعات الحاصلة في أسعار الغذاء على تردي الأوضاع المعيشية للمواطنين الذين الذين يفتقدون لمصادر الدخل.
المواطن الخمسيني، خالد الطمشة، شكا لـ"خيوط " قائلًا: "لم تعد هذه عيشة، أصبحنا نأكل بألفين روتي للعشاء فقط، الحياة بهذا الشكل مضنية".
من جانبه، يقول المواطن محمد عبده ناشر (40 سنة)، لـ"خيوط": إن هناك عملية إفقار وتجويع ممنهجة ضد المواطن اليمني المقهور، ولا أحد يراعي الأوضاع المعيشية القاسية والصعبة للناس في ظروف حرب لم يستطع أحد تحمل تبعاتها".
وتأتي الزيادة الأخيرة في أسعار أقراص "الروتي" المسطحة ورغيف الخبز، رغم التحذيرات التي أطلقتها الأمم المتحدة في يناير/ كانون الثاني 2021، من خطر تفاقم الأزمة الغذائية على اليمنيين في حالة استمرار الحرب وعدم وضع الحلول الممكنة لعمليات الإغاثة وإنقاذ اليمنيين من الخطر المحدق بهم.
* تحرير خيوط