"الأرضة" تتغذى على محتويات المنازل في الحديدة

معاناة تشمل النجارين والمزارعين في ظل محدودية طرق المكافحة
ياسمين الصلوي
December 19, 2024

"الأرضة" تتغذى على محتويات المنازل في الحديدة

معاناة تشمل النجارين والمزارعين في ظل محدودية طرق المكافحة
ياسمين الصلوي
December 19, 2024
.

يبحث المواطن وهيب عبده عن منزل للإيجار بعدما داهمت "الأرَضة" أو ما يسمى بالنمل الأبيض، المنزلَ الذي يسكنه، وبدأت تُتلف أثاثه الخشبي، وانتشرت في المنازل المجاورة وسط مخاوف ساكنيها من القضاء على أسقفها وشبابيكها وأبوابها الخشبية.

يتحدث وهيب لـ"خيوط"، قائلًا: "منذ أن سكنت هذا المنزل وأحد جيراني يرش الجدار الذي نتشارك فيه بمبيدات وأدوات يقال إنها تحارب "الأَرَضة"، التي لاحظ ظهورها بين فترة وأخرى، مشكِّلةً مستعمرات تمتد من أرضية المنزل، وقبل شهرين قرر بناء غرفة في نفس المكان، فلاحظنا أن الأرضة قد بنت مستعمراتها من أسفل الحائط إلى منزلنا".

يعيش وهيب في أحد الأحياء الشعبية بشارع الأربعين بمديرية الحالي (وسط محافظة الحديدة)، في منزل يعمل مالكه بدراجة نارية، جل ما يستطع توفيره من هذا الدخل هو الاحتياجات اليومية لأسرته، أما عن الإيجار الذي يتقاضاه وقدره ثلاثون ألف ريال، فيخصصه لشراء المواد الغذائية من دقيق وزيت وأرز.

آثار من حشرة الأرضة في الجدران الداخلية للمنازل- الحديدة

يقول وهيب إنه لم يجرؤ على مطالبة مالك المنزل بأن يجد حلًّا للأرضة التي باتت تنتشر في جميع أرجاء البيت؛ لأنه غير قادر على شراء مبيدات لمكافحتها، نظرًا لارتفاع سعرها؛ لذا قرر البحث عن منزل آخر آمن من وجود هذه الحشرة التي قضت على بيوت الكثير من السكان، وعجزوا عن إيجاد حلول جذرية للقضاء عليها؛ نظرًا للتكلفة الباهظة للمبيدات التي تستخدم لمكافحتها.

معاناة متفاقمة 

لا تتوقف معاناة فاطمة وشقيقاتها الأربع جراء تآكل أخشاب الغرفة الوحيدة التي تعد ملاذهن الوحيد والآمن، بسبب الأرضة المنتشرة في المنطقة التي يعشن بها.

تعيش الفتيات الخمس في منزل شعبي ورثنه عن أبويهن في مديرية الجراحي (جنوب محافظة الحديدة)، يتكون المنزل من غرفة أثرية يزيد عمرها على مئة عام، وقد تم بناؤها على الطراز المعماري الذي تتفرد به المنطقة، سطحها مسقوف من الخشب وهو ما جعله موبوءًا بالأرضة.

تقول فاطمة لـ"خيوط": "السطح أصبح متآكلًا بالكامل، بدأت الأرضة تنتشر في الأطراف منذ أكثر من عامين، ولأننا لم نستطع شراء المبيدات الخاصة بمحاربتها؛ نظرًا لارتفاع أسعارها، فقد عجزنا عن إيقاف توسعها في سقف الغرفة، حتى أتلفت الأخشاب جميعها، وبات السطح آيلًا للسقوط في أي لحظة على رؤوسنا".

الظروف المادية الصعبة التي تمر بها فاطمة وشقيقاتها، لم تساعدهن على بناء السطح من جديد بالمواد الخرسانية التي تقاوم الأرضة، نظرًا لتكلفتها الباهظة، أما عن بنائه بالأخشاب فهو مكلفٌ أيضًا بالنسبة لهن، فمصدر دخلهن الوحيد هو بيعهن وجبة الكدر والكبان من المنزل، (وهي وجبة شعبية تشتهر بها الحديدة).

تضيف فاطمة في حديثها لـ"خيوط": "في موسم الأمطار تتسرب المياه بكميات كبيرة إلى داخل الغرفة، نظرًا لهشاشة الأخشاب وتآكلها، فنضطر إلى إخراج كل محتوياتنا إلى منزل شقيقي، وهي معاناة تتكرر معنا في كل موسم أمطار".

كغيرهم من المواطنين والمزارعين، يواجه النجارون في مختلف مناطق الحديدة معاناة كبيرة جراء انتشار "الأرضة" في أروقة محلاتهم، حيث تجدهم في صراع مستمر معها، يحاولون رش المبيدات باستمرار وتفقد أماكن وجود أثاثهم وأخشابهم بين الحين والآخر حتى لا تكون خسارتهم باهظة قد يكون ثمنها الإفلاس.

سعاد محمد هي الأخرى، تعاني من وجود أرضة في منزلها، فقد بنَت مستعمراتها بكامل أسقف الغرف في منزلها الذي يتكون من غرفتين ودورة مياه ومطبخ، استأجرته بـ15 ألف ريال، ولأنه بذلك السعر اضطرت إلى البقاء رغم مخاوفها على أثاثها من التلف، فدَخْلُ زوجِها لا يكفي لسد احتياجاتها وأطفالها، إذ يعمل بأجر يومي يصل إلى ثلاثة آلاف ريال في أحد المطاعم الشعبية في مديرية الحالي (وسط المدينة).

تقول لـ"خيوط": "التهمت الأرضة الأبوابَ والنوافذ وأسقف الغرف، عانينا هذا العام كثيرًا بسبب الأمطار التي تسلل ماؤها من الأسقف والنوافذ إلى داخل البيت، فاستدعاني الوضع إلى ترك المنزل أيامًا والمبيت في منزل أهلي".

كابوس يؤرق السكان

يحرص سكان الحديدة على رش الأراضي قبل بنائها بمواد مخصصة لمكافحة "الأرضة"، ورشها على الجدران العلوية قبل سقفها، إلى جانب طلاء الأخشاب قبل وضعها في الأسقف؛ حرصًا على عدم وصول الأرضة إليها، لا سيما أن الأرضة كابوس يؤرق سكان الحديدة منذ سنوات بعيدة، ورغم ذلك يفاجؤون بظهورها وإتلافها لأثاث ومحتويات المنازل المصنوعة من الأخشاب، تمامًا كما حدث لأسرة رقية دنانة، وهي من سكان حارة الزعفران بمديرية الحالي، حيث تكررت معاناتهم جراء انتشار الأرضة في المنزل، ومواجهتها بمبيدات سامة تستخدم للوقاية منها، وأخرى لمحاربتها.

تتحدث رقية لـ"خيوط"، بالقول: "في العام 2013، قرر أبي أن يبني لنا منزلًا، ونظرًا لشكاوى الكثير من الأهالي جراء إتلاف الأرضة لأخشاب منازلهم وأثاثهم، حرص على أن يرش الأرضية قبل البناء والأخشاب التي سوف يبني بها السقف، بمبيد كلّفنا ثلاث مئة دولار، حتى نتجنب ما يعانيه الآخرون".

تتابع: "لكننا في العام 2018، فوجئنا بأنها قد كوّنت مستعمرات في أماكن مختلفة داخل البيت، لم يكن أمام والدي إلا رش المنزل مرة أخرى بمبيد آخر وبنفس التكلفة".

في العام نفسه، قررت الأسرة النزوح إلى مدينة عدن (جنوب البلاد)، وتركت المنزل لأحد الأقارب، مع بقاء أثاثهم في إحدى الغرف حتى عودتهم. في العام 2019، تواصل بهم وأخبرهم بأن الأرضة ظهرت في جدران المنزل، ويطلب الأذن منهم بالدخول إلى الغرفة لتفقد الأثاث المركون بها، فوجدها قد أتلفت بالكامل، وتتمثل في غرفة نوم ومكتبيتين ودولاب، إلا أن عدم وصولها للأسقف هوّن على الأسرة خسارتها.

اضطرت الأسرة إلى إرسال مئتي دولار، وهي تكلفة مبيد ورشه لكافة أجزاء المنزل. وفي العام 2022، كانت قد ظهرت في أماكن أخرى من المنزل، وأجبرت الأسرة على محاربتها مرة أخرى.

يقول مختصون إن النمل الأبيض أو ما يعرف بـ"الأرَضة"، تتكيف بشكل كبير في الأماكن الرطبة، والسبب في ذلك هو أن الرطوبة تساعدها على البقاء، أما إذا كانت البيئة جافة للغاية، فقد تصبح الأرضة أقل نشاطًا أو تبحث عن أماكن أخرى أكثر رطوبة.

في هذا الخصوص، يوضح عبدالرقيب شمسان العكيشي، المدير الفني لوحدة تغير المناخ بوزارة المياه والبيئة في الحكومة المعترف بها دوليًّا، لـ"خيوط"، أن كل نوع من 25 نوعًا الموجودة في اليمن، لها بيئتها الخاصة، وتتشابه مع بعضها في الحياة والتغذية عندما تكون من جنس واحد أو عائلة واحدة.

الأرضة تقضي على أشجار المواطنين- الحديدة

يضيف أن بعض هذه الأنواع تعيش في المناطق الرطبة، وبعضها في المناطق الجافة، وبعضها في الجبال، وبعضها في الساحل، وبعضها تأكل أخشابًا حية، وبعضها تأكل فقط غلاف الشجرة. 

كما يؤكد العكيشي أن الأرضة تنقسم بحسب التغذية إلى آكلات الأخشاب، سواء أخشاب حية أو ميتة، وآكلات المخلفات الخشبية، وأخرى آكلات التربة، سواء التربة الطينية أو المعدنية، وآكلات الأخشاب والتربة، وهي التي تأكل التربة وتأكل الأخشاب المتهالكة.

 وسائل متاحة أمام الفقراء 

ظن والد رنا علي، أنه قد وجد حلًّا لمحاربة "الأرضة" التي انتشرت في أغلب غرف الطابق السفلي لمنزله المكون من دورين، بدلًا من شراء المبيدات المخصصة لذلك، التي تتطلب مبالغ كبيرة، كانت مادة الديزل هي الوسيلة التي لجأ إليها عندما لاحظ بناءها مستعمرات إلى الدور العلوي.

تقول رنا لـ"خيوط": "طلب منا والدي تفريغ كافة الغرف في الدور الأول، حيث بدأت الأرضة تلتهم كتبي وشهاداتي المدرسية التي كانت في إحدى الغرف، وقمنا برش الحيطان ومسح الأرضية بمادة الديزل وتركناها يومين، بعدها قمنا بغسل المنزل بأكمله، وبذلك كنا نظن أننا استطعنا القضاء على مستعمراتها، لكننا فوجئنا بظهورها مرة أخرى".

أما أحمد زياد، فكان قد لجأ إلى طريقة أخرى لمحاربة الأرضة التي انتشرت في كل أرجاء منزله المكون من طابق واحد، بداخله ثلاث غرف ودورة مياه ومطبخ، حيث وجد طبشورًا يُستخدم لمكافحة الصراصير وسيلةً مناسبة لمحاربتها.

بحسب أحمد في حديثه لـ"خيوط"؛ بنَت "الأرَضة" مستعمرات كثيرة في جميع أجزاء المنزل حتى أفياش (توصيلات) الكهرباء لم تسلم، فقد ظهرت جانبها وبدأت تُتلف بعض الأثاث الخشبي، مثل دولاب المطبخ ودولاب الملابس وقواعد الأبواب، يقول: "قلقت كثيرًا على بقية الأثاث، وعندما أخبرت صديقي، دلّني على مبيد قال إنه يقضي على الأرضة".

قام أحمد بشراء مبيد حشري يبلغ سعره 15 ألف ريال، واستخدمه في رش المنزل، لكنه وفقًا لتأكيده، لم يأتِ بنتائج إيجابية، بل لاحظ بناء مستعمرات في أماكن جديدة داخل المنزل.

يتابع: "صديق آخر اقترح لي استخدام الطباشير، وقمت بوضع خطوط على أماكن وجودها وانتشارها، وبالفعل لاحظنا توقف انتشارها، وتناقلت كثيرٌ من الأسر تلك الوسيلة في محاربتها؛ كونها أقل تكلفة، فسعر الطبشور الواحد 600 الريال، وبذلك تكون تلك الوسيلة في متناول الكثير من السكان في مدينة يعد أغلب مواطنيها من الفقراء، لكننا وجدناها تنتقل إلى أماكن أخرى داخل المنازل".

أما عن المواطنة رحاب غالب، فهي تحارب الأرَضة بطريقتها الخاصة، حيث تعرض قطعة من الخبز لحشرة "الذر" (النمل الصغير) حتى تأكل جزءًا منه، ثم تضع تلك القطعة في مستعمراتها للقضاء عليها، إلا أنها ظهرت في زوايا أخرى من المنزل.

مشكلة محلات النجارة

كغيرهم من المواطنين، يواجه النجارون في مختلف مناطق الحديدة معاناة كبيرة جراء انتشار الأرَضة في أروقة محلاتهم، حيث تجدهم في صراع مستمر معها، يحاولون رش المبيدات باستمرار وتفقد أماكن وجود أثاثهم وأخشابهم بين الحين والآخر؛ حتى لا تكون خسارتهم باهظة قد يكون ثمنها الإفلاس.

يقول عمران عيسى، الذي يعمل في إحدى محلات النجارة (وسط المدينة)، إن الكثير من النجارين يحرصون على عدم إبقاء الأخشاب فترة طويلة؛ لأن ذلك يجعلها معرضة لخطر الأرضة.

ويوضح بالقول: "نحرص على أن نشتري ما نحتاجه من الأخشاب في تجهيز الأثاث أولًا بأول، أما عن وجود الأثاث مثل الدواليب وغرف النوم والمكاتب وغيرها، وإن بقيَت فترة طويلة، فإن الأرَضة لا تصلها لأننا نضع عليها طلاء، وهو عبارة عن مواد كيماوية، مثل: السيلار والتينار والرنج، وهذه المواد عادةً تنفر منها الأرضة".

فيما يقول منصور سعيد، وهو مالك ورشة النجارة في مديرية الحوك في الحديدة، لـ"خيوط"، إن من أكبر المعوقات التي تواجههم في عملهم هي "الأرضة"، ومكافحتها تتطلب عملًا مكثفًا دون إهمال، فهو منذ افتتاحه للمحل وهو يكافح الأرضة من خلال رش السموم والمبيدات المخصصة للقضاء على الأرضة بشكل دوري، ما يعادل ثلاث مرات في الشهر.

يحرص منصور على أن يتخلص من مخلفات العمل (قش الأخشاب) في الورشة، وهي وسيلة مهمة للحماية من انتشار ووجود الأرَضة في ورشهم، مؤكدًا أنه يتبع وسيلة أخرى، هي رش زيوت المحركات في محاربة الأرضة.

آثار حشرة الأرضة على المفاتيح الكهربائية داخل منازل المواطنين في الحديدة

يقول بلال عيسى، وهو مالك ورشة حدادة في مديرية الحالي، لـ"خيوط": "من المعروف أن أبواب ونوافذ منازل الحديدة مصنوعة من الأخشاب، حيث ظل السكان يتوارثونها، غير أنه في السنوات الأخيرة بدأ الكثير منهم يستبدلونها بالحديد والألمنيوم، بعدما باتت الأرَضة تلتهم المنازل في مختلف مناطق المدينة؛ لذا يلاحظ تراجع الطلب بشكل كبير على النوافذ والأبواب الخشبية".

خطر يهدد الزراعة

يحاول حميد الصلوي، مثل غيره من ملاك المزارع في محافظة الحديدة، محاربة الأرضة التي تنتشر في كثير من المناطق الزراعية، حيث تقضي على الأشجار، وتبدأ بأكل الجذور ثم تنتقل إلى الساق.

يقول الصلوي لـ"خيوط"، إن قلة وجود المياه في جذور الأشجار يجعلها عرضة للإصابة بالأرضة، خاصة ذات الجذور والساق الكبيرة، مثل المانجو وأشجار الموز والبابايا.

أما عن الأشجار الصغيرة، مثل الفلفل والطماطم وغيرها، فهذه تتطلب من المزارع رش سيقانها والتربة المحيطة للشجرة، بالمبيدات الحشرية المخصصة لمحاربة "الأرضة" ما بين الفترة والأخرى.

يتابع: "الأرضة تنتشر بكثرة في المنطقة، وهذا يتطلب منا قبل زراعة أنواع كثيرة من الأشجار، ومنها الفلفل والمانجو والبابايا، أن نرش التراب بالمبيدات المكافِحة للأرَضة؛ وذلك بوضع حفرة ورش المبيد ثم وضع الغرسة وردمها بالتربة ثم رشها بالماء، وهذه الطريقة إذا لم نتبعها فإن نصف المغروسات ستذبل وتموت".

يتطرق خبراء ومختصون إلى أن هناك طرقًا وأدوات عديدة لمحاربة "الأرضة" لكنها مكلفة، وتحتاج ميزانية كبيرة، ما يجعلها تقف عائقًا أمام الأسر الفقيرة التي تعجز عن توفير هذه الأموال لشراء هذه المبيدات الفعالة لمكافحتها، في حين يشير مهندس زراعي إلى وجود صنف في الأسواق، عبارة عن مادة سامة فعالة مثل "كلوروبيرفوس 40%".

كما يؤكد الصلوي أنّ هذه المبيدات أسعارها متفاوتة، تتراوح حسب جودتها ومفعولها، فهناك أصناف من المبيدات يظل مفعولها في التربة أو على الأشجار فترة طويلة، في حين تظل أخرى مدة قصيرة وينتهي مفعولها، مثلًا هناك نوع يصل إلى 250 مليجرام، ويبلغ سعره خمسة آلاف ريال، مشيرًا إلى أن المزارعين يتكبدون صرف أموال كثيرة عند شرائها في بداية زرع المغروسات، خاصة التي تتطلب رشها أكثر من مرة.

إلى جانب معاناة المزارعين في الحديدة جراء "الأرضة" التي تشكّل خطرًا على مزارعهم، هناك كابوس آخر يؤرقهم، وهو التهامها للكثير من العشش والأكواخ الخشبية التي تعد مساكن لهم في تلك المزارع أو جوارها.

ويعيش المزارعون في حالة قلق جراء إتلاف "الأرضة" لمساكنهم، التي هي عبارة عن عشش وأكواخ مبنية من الأخشاب والقش، حيث يقومون برشها بمبيدات مكافحة الأرضة كل عامين على الأقل، وأحيانًا كل عام. 

من جهته، يقول أنور محمد، وهو فني زراعي في مديرية الخوخة بالحديدة، لـ"خيوط"، إن "الأرضة" تسبّب أضرارًا كبيرة وفادحة على المحاصيل الزراعية وأشجار الفاكهة، حيث تصنع أنفاقًا، سواء في الأرض أو في الأعمدة الخشبية،  وتتغذى على المجموع الجذري للنباتات، مما يؤدي إلى موت النبات والمحاصيل والأشجار، مشيرًا إلى أن مديرية زبيد وحيس والحسينية وبيت الفقيه والمنصورية وباجل والمراوعة والكدن، جميعها مناطق زراعية يشكو مزارعوها من تضرر مزارعهم جراء انتشار الأرضة فيها.

ويتطرق محمد إلى الحديث عن طرق مكافحة الأرضة في المزارع، بقوله: "هناك طرق عدة يمكن للمزارعين اتباعها في القضاء على الأرضة، منها استخدام أوراق "المريمرة" مع البذور (المريمرة شجرة منتشرة في الحديدة، ولها اسم علمي يطلق عليه "النيم")، واستخدام مسحوقه أثناء الري، وهذا يقلل من الإصابة بالأرضة".

فضلًا عن أن هناك مبيدات على شكل مسحوق، مثل "الريجنت"، ويوجد منه سائل أيضًا، ومبيد آخر يسمى "الدورسبان فورتي"، وهذا الأخير يوجد منه نوعان للنباتات وآخر للمباني.

ويشير محمد إلى أنه كلما بعدت عن البحر ما يقارب 20 إلى 30 كيلومترًا، يزيد ضرر الأرضة، خاصة على الأراضي الخصبة والطينية الخالية من الأملاح، وكلما كانت الأرض تحتوي على ملوحة، يقل أثر الأرضة.

الوقاية منها ومحاربتها

يتطرق خبراء ومختصون إلى أن هناك طرقًا وأدوات عديدة لمحاربة "الأرضة" لكنها مكلفة، وتحتاج ميزانية كبيرة، ما يجعلها تقف عائقًا أمام الأسر الفقيرة التي تعجز عن توفير هذه الأموال لشراء هذه المبيدات الفعالة لمكافحتها.

في السياق، يتحدث المهندس الزراعي عبدالوهاب شرف عطا، لـ"خيوط"، عن وجود صنف في الأسواق، عبارة عن مادة "سامة" فعالة، مثل "كلوروبيرفوس 40%".

أما عن طريقة الاستخدام لهذا الصنف، وفقًا لعطا، فتتم من خلال حفر خندق حول المساحة التي تنتشر فيها "الأرضة" بعمق متر واحد، وبعرض نصف متر، ثم يُخلط المبيد سالف الذكر بالديزل، ويُرش جزءٌ منه في قاع الخندق (الحفرة) ثم يُدفن جزء من الحفرة بالتراب بحدود 30 سم، ثم يكرر الرش بالمبيد والديزل، ثم يُدفن جزء آخر من الحفرة بالتراب، بنحو 30 سم أيضًا، ثم يكرر الرش بالمبيد والديزل للمرة الثالثة، ويُردَم جزءٌ من الحفرة بالتراب بحدود 25 سم.

يضيف أن هذه الطريقة ليست فقط لمحاربة "الأرضة"، بل تستخدم للوقاية منها، أي لمنع انتشارها في المساحات الخالية منها.

يقول عطا إن هذه الطريقة من أفضل الطرق المتبعة حاليًّا، نظرًا لعدم وجود المبيدات المتخصصة للأرضة؛ بسبب منع دخولها اليمن، لافتًا إلى وجود أصناف أخرى، مثل: "فيوريدان"، و"كيوراتير"، و"ألدرين"، لكنها لا تتوفر في الأسواق المحلية.

وبخصوص طرق الوقاية، يشير عطا إلى أن الحطب والأخشاب المصابة بـ"الأَرَضة" يجب حرقها فورًا وعدم إدخالها إلى المنازل أو المزارع بتاتًا، مشدّدًا على ضرورة إزالة جذور الأشجار اليابسة الميتة من الأراضي الزراعية ومن جوار المنازل؛ لأن "الأرضة" ستستهدفها وستصبح مصدرًا لانتشارها في المساحات التي حولها، داعيًا إلى عدم ترك الأخشاب السليمة ملقاة على الأرض فترة طويلة، للسبب ذاته أيضًا.

•••
ياسمين الصلوي

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English