تلجأ كثير من السيدات بعد رحلة حملهن وولادتهن، إلى استخدام موانع حمل تجنبًا لحدوث حمل جديد، وخلال هذه التجارب الاستكشافية تستخدم النساء وسائل عدة للمنع، إلى أن يثبتن على إحداها، ليس بوصفها مناسبة، ولكن نزولًا عند اعتبارات أخرى كثيرة، بينها سهولة استخدامها، وانخفاض ثمنها مقارنة بوسائل أخرى، وليس انتهاءً بتوافرها في السوق المحلية، لكن تبعات هذه التجارب ومسؤولية نتائجها وأعراضها تتحمل أعباءها الزوجة بمفردها، إذ تدفع الثمن من صحتها الجسدية والنفسية.
موانع عشوائية
إبتسام أمين، تتحدث لـ"خيوط" عن معاناتها مع وسائل منع الحمل، قائلة: "عندما وضعت مولودي الثالث، قررت استخدام حبوب منع حمل ذات نوعية ممتازة وغالية، كحل لتنظيم الأسرة وضمان الجودة، لكنها سببت لي تحسسًا شديدًا في الصدر، فتركتها بعد عام كامل من استخدامها، ومع ذلك لم أشفَ من التحسس الذي تطور بفعل عوامل أخرى إلى ربو مزمن".
"عندما وضعت مولودي الثالث، قررت استخدام حبوب منع حمل ذات نوعية ممتازة وغالية، كحل لتنظيم الأسرة وضمان الجودة، لكنها سببت لي تحسسًا شديدًا في الصدر، فتركتها بعد عام كامل من استخدامها، ومع ذلك لم أشفَ من التحسس الذي تطور بفعل عوامل أخرى إلى ربو مزمن".
إبتسام كغيرها من السيدات اللاتي لم يستشرن الطبيبة قبل اختيار المانع،اعتمدت على تجارب من حولها، وبحسب استبيان أعدته "خيوط"، على عينة من النساء قوامها 102 امرأة، تبين أن 62.7% من النساء اللاتي تم استطلاع آرائهن ممن استخدمن موانع للحمل، لم يستشرن الطبيبة عند اختيار وسيلة منع الحمل.
تبعات صحية سيئة
تتعدد وسائل منع الحمل المتاحة أمام السيدات، لكنها قد لا تتلاءم مع كل النساء، فما يناسب سيدة قد لا يناسب أخرى، ولذلك كانت استشارة طبيبة نسائية من الأهمية بمكان، بحيث تعرف السيدة الوسيلة الآمنة والمناسبة لها، تجنبًا للأضرار الصحية جراء استخدام وسيلة غير متوافقة مع جسم المرأة، ووفقًا للاستبيان السابق فإن ما نسبته 67.3% من النساء تعرضن لأضرار صحية ناتجة عن استخدام موانع حمل دون استشارة طبيب.
تتحدث ريم أحمد (اسم مستعار)، لـ"خيوط"، عن مشكلة متأخرة ظهرت لها عقب استخدامها حبوب منع الحمل مدة أربع سنوات، إذ بدأت تظهر عليها أعراض السمنة، حيث ارتفع وزنها إلى أكثر من 20 كيلو، وبدت كأنها متورمة، علاوة على أعراض نفسية، مثل العصبية والتوتر وتقلبات حادة في المزاج صاحبتها باستمرار، وتضيف ريم: "ذهبت لطبيبة نساء وولادة أخبرتني أن أتوقف عن استخدام حبوب منع الحمل، لكن المشكلة كانت قد تفاقمت ونتج عنها تشكل أكياس دهنية في منطقة الإبط، كان الأطباء قد أجمعوا أنها نتاج استخدام حبوب منع الحمل، اضطررت لاستئصالها لاحقا عبر إجراء عمليتين جراحيتين".
وتتابع ريم: "التغيرات الهرمونية هذه لم تتوقف عند تكون أكياس دهنية، وأتوقع أن مشكلة الغدة الدرقية التي أعاني منها حاليًّا هي نتيجة للسبب ذاته".
في هذا السياق، تقول رانيا العبسي، اختصاصية النساء والتوليد في حديث لـ"خيوط": "الحبوب وسيلة منع حمل هرمونية؛ لذا نحتاج إلى أخذ الحالة المرضية للمستفيدة، فقد تبين أن لديها مشاكل صحية، أو أمراض مزمنة، مثل: الشقيقة، الضغط، السكر، أمراض القلب أو الكلى وغيرها، فنحن نعمل على منع المستفيدة من أخذ الحبوب ونقرر لها وسيلة أخرى".
كثير من الذكور يقفون ضد مسألة تنظيم الأسرة، لأسباب لا علاقة لها بصحة المرأة، بل لدوافع دينية، وأخرى تتعلق بنقص الوعي بأهمية تنظيم الأسرة، إذ كشف الاستبيان الذي نفذته "خيوط"، أن 54.9% من الأزواج لا يوافقون على تنظيم الأسرة، وهو مؤشر يعكس ضيق الخيارات أمام السيدات اللواتي يترتب على هذا الرفض تحميلهن أعباء كبيرة لا تقتصر على قضية الحمل والولادة بشكل متكرر، بل يطال حتى قضية تركهن وحيدات يتدبرن مسؤولية تنظيم الأسرة بمعزل عن الشريك.
أعباء إضافية
المثير للاهتمام أن كثيرًا من الذكور يقفون ضد مسألة تنظيم الأسرة، لأسباب لا علاقة لها بصحة المرأة، بل لدوافع دينية، وأخرى تتعلق بنقص الوعي بأهمية تنظيم الأسرة، إذ كشف الاستبيان الذي نفذته "خيوط"، أن 54.9% من الأزواج لا يوافقون على تنظيم الأسرة، وهو مؤشر يعكس ضيق الخيارات أمام السيدات اللواتي يترتب على هذا الرفض تحميلهن أعباء كبيرة لا تقتصر على قضية الحمل والولادة بشكل متكرر، بل يطال حتى قضية تركهن وحيدات يتدبرن مسؤولية تنظيم الأسرة بمعزل عن الشريك.
وبحسب مدير إدارة الصحة الإنجابية، الدكتور صالح المسوع؛ فإن تنظيم الأسرة يعتبر ركيزة أساسية لحماية المرأة من تبعات ومخاطر الولادات المتكررة، إذ يخفف عنها الإجهاد،ويمنح جسدها فرصة مواتية لاستعادة ما استهلكه الحمل السابق، إلى جانب تحمل عناء التربية وإعطاء كل طفل حقه من الرعاية والاهتمام.
في المقابل، لا ترقى مساهمة الأزواج الموافقين على تنظيم الأسرة إلى مستوى يليق بمبدأ الشراكة التي تراعي الظروف الصحية للشريكات،إذ بلغت نسبة الأزواج الموافقين على تنظيم الأسرة 43.9% من الأزواج الموافقين على التنظيم شرط أن يختاروا بأنفسهم وسيلة التنظيم، تقابله نسبة 39.8% موافقين على التنظيم ولا يتدخلون في خيار الزوجات بخصوص اختيار الوسيلة،أما الأزواج الموافقون على تنظيم الأسرة، ويتناقشون مع زوجاتهم بخصوص الوسيلة الأنسب، فتبلغ نسبتهم 16.3% فقط.
مفاهيم مغلوطة
سمر (اسم مستعار)، إحدى النساء اللاتي يحدد أزواجهن وسيلة منع الحمل التي تستخدمها، تقول لـ"خيوط": "رفض زوجي أن أستخدم اللولب لاعتقاده أنه يسبب العقم، واقترح علي استخدام الحقن، بعد شهرين فوجئت بأني حامل، في حين لم يكن مضى على ولادتي الأولى إلا أشهر قليلة".
في السياق، أكدت الدكتورة العبسي أن كثيرًا من المعلومات المنتشرة في أوساط الناس بخصوص موانع الحمل،غير دقيقة، وتتابع: "هناك من يعتقد أن اللولب يسقط عند العمل، وأن الغرسة -وهي عبارة عن شريحة صغيرة توضع في الذراع- تتحرك من مكانها مع حركة اليد، وهذا غير صحيح بالمطلق".
ولزيادة وعي الرجال بأهمية تنظيم الأسرة، وتصحيح بعض الأفكار المغلوطة، تشدد العبسي على عدم الارتجال في اللجوء للموانع: "في عموم المدن اليمنية، يوجد في كل مستشفى أو مركز صحي عيادة اسمها المشورة، هذه الغرفة هي خاصة بوسائل منع الحمل، يتم فيها مناقشة الأمر مع المستفيدة وعمل فحوصات إن لزم الأمر، أحيانًا، وبحسب ثقافة المنطقة يسمح للزوج بالدخول مع زوجته واختيار الوسيلة المناسبة، ويُشرح لهما أهمية تنظيم الأسرة ومعايير استخدام الوسيلة".
الجدير بالذكر أن الزواج والإنجاب في سن مبكرة، إحدى العادات التي تتحمل مخاطرها الفتيات، خصوصًا في الأرياف التي تشهد ضعفًا في الخدمات الطبية المقدمة وصعوبة الوصول إلى المراكز الصحية.
رقية (اسم مستعار)، تبلغ من العمر (15 سنة)، أنجبت للمرة الأولى مولودًا فارق الحياة، وتكرر الأمر في المرة الثانية، وفي المرة الثالثة نجا الجنين من الموت، لكن رحمها هبط.
تسببت مسؤوليات الأمومة في سن مبكرة والحمل المتكرر بتبعات صحية جسيمة على رقية، مؤثرة على حياتها الزوجية التي انهارت إثر تراكم المشكلات الزوجية والصحية والنفسية. هذا الأمر، وبحسب مصادر طبية يهدد حياة العديد من الفتيات، حيث تتزايد احتمالات الإصابة بأمراض صحية ك سكري الحمل وضغط الحمل، إضافة إلى تعرض نسبة كبيرة منهن لمخاطر الإجهاض المتكرر، بالإضافة إلى مخاطر الولادة وتبعاتها. يفاقم كل هذه المخاطر، انعدام الخلفية الصحية الكافية للتعامل مع الأمهات الصغيرات من قبل المجتمع.