حوار: سحر محمد
يشهد اليمن هجرة متواصلة منذ سنوات للكفاءات والكوادر المميزة والمؤهلة، خصوصًا في مجال الطب والذين يتم استقطابهم من قبل عدد من الدول، خاصة في دول الخليج العربي وأوروبا وأمريكا.
من هؤلاء، عالمة الميكروبولوجيا، بنت تهامة، (فتحية زخيم) التي زينت الحضور الباهت للمشاركين اليمنيين في المؤتمر الخامس للدول الأقل نموًّا، الذي عُقد مؤخرًا في العاصمة القطرية الدوحة.
إذ ساهمت المشاركة النسائية الفاعلة في تبديد هذا الحضور اليمني الخافت، وهو ما يعكس قدرات النساء اليمنيات ومشاركاتهن المتميزة التي تعكس قدرة المرأة اليمنية في التغلب على الظروف الاستثنائية التي تعيشها نساء اليمن، وخاصة بعد الحرب في البلاد.
كانت أبرزهن مشاركة زخيم كمتحدثة في المؤتمر الخامس للأمم المتحدة للبلدان الأقل نموًّا، إذ استعرضت من خلالها تجربتها كعالمة من الدول النامية، والتي خصّت منصة "خيوط" بحوار خاص تحدثت فيه عن سيرتها وكفاحها وتخصصها في هذا المجال الطبي النادر والنوعي، وتجربتها الثرية في هذا التخصص، إضافة إلى تشخيصها المكثف لوضع اليمن الصحي، وأسباب معاناة اليمنيين من الأمراض المعدية، وكيفية مواجهتها.
نبذة تعريفية
فتحية زخيم، من مواليد مدينة الحُديدة (شمال غربي اليمن). تخرجت من جامعة الموصل في العراق، في قسم الميكروبيولوجي، وعملت معيدة في كلية الطب والعلوم الصحية في جامعة الحديدة.
في 2004، حصلت على منحة كمبتعثة إلى خارج اليمن، وأكملت دراستها العليا بجامعة محمد الخامس في المغرب تخصص "الهندسة البيولوجية"، وهو التخصص المعني بدراسة التقنيات الحيوية واستخدامها في تشخيص السلالات المعدية، لتكون بذلك من النساء اليمنيات القلائل اللاتي تخصصن في تشخيص الأمراض المعدية. حصلت زخيم على عدد من المنح البحثية والزمالات، منها زمالة معهد التعليم الدولي- صندوق إنقاذ العلماء، ومنحة من الوكالة الوطنية الفنلندية للتعليم.
حرصت زخيم خلال مسيرتها البحثية، على التركيز على تطوير أدوات من شأنها المساعدة في تشخيص الأمراض المعدية في العالم النامي، واليمن على وجه التحديد.
تطوير حلول صحية مستدامة
تؤكّد زخيم لـ"خيوط"، أنّ الظروف الصعبة غير الإنسانية التي يمرّ بها نسبة من اليمنيين كالنازحين واللاجئين الذين يعيشون في مخيمات، ساهمت كبيئة خصبة لانتشار أمراض تجاوزها العالم منذ فترة طويلة، كحمى الضنك والجذام، التي تصنف كأمراض منسية بالنسبة للعالم.
تحاول زخيم بجهود فردية، نقل عينات لدراسة النواقل المرَضية من اليمن إلى مختبرها البحثي في جامعة هلسنكي، وهي أقدم وأكبر جامعة في فنلندا، بغرض دراستها بعد أن تم رصد نواقل مميتة تسبب الحمى النزفية في مناطق مجاورة لليمن.
لذا سعت زخيم، كما توضح، جاهدةً لتطوير أداة تشخيص عملية واقتصادية سهلة الاستخدام للتغلب على أزمة التشخيص لنواقل الأمراض المعدية في اليمن والدول النامية، تقول زخيم: "تم تطوير نموذج فكرة أداة تشخيص سهلة الاستخدام، وتم تجريبها على بعض النواقل، حيث يتم وضع عينة من المرضى، وبالتالي الحصول على نتيجة سلبية أو إيجابية؛ الأمر الذي سيسهل ضعف الوصول لأدوات التشخيص الدقيقة والمكلفة، فسوء التشخيص يتسبّب بوفيات كبيرة في اليمن".
يعد هذا النموذج أداة وتجربة واعدة لحل أزمة تشخيص الأمراض المعدية في العالم النامي، وحصدت بالمقابل زخيم جائزة OWSD-Elsevier Foundation لعام 2020، للعلماء في الدول النامية، إذ تأمل زخيم أن يتم تبنّي نموذج أداة التشخيص وتصنيعه ليكون متاحًا في الأسواق اليمنية.
أزمة الأبحاث والبيانات
ترى زخيم أنّ نموذج الحل المستدام لمواجهة الأمراض المعدية في اليمن، يكمن في عمل مسوحات شاملة للنواقل المرضية بإجراء فحوصات لعينات من النواقل والحيوانات والإنسان، وبالتالي الرصد الدقيق لنوعية النواقل والأمراض الحالية في اليمن، التي من شأنها أن تسهل تحديد نوعية الأدوية المستخدمة أو تطوير أدوية وعلاجات ولقاحات تتصدى للأوبئة قبل تفشيها.
تحاول زخيم بجهود فردية، نقل عينات لدراسة النواقل المرضية من اليمن إلى مختبرها البحثي في جامعة هلسنكي، وهي أقدم وأكبر جامعة في فنلندا، بغرض دراستها بعد أن تم رصد نواقل مميتة تسبب الحمى النزفية في مناطق مجاورة لليمن.
لا تستبعد (فتحية زخيم)، بحسب حديثها لـ"خيوط"، وصول نواقل خطيرة إلى اليمن؛ لذا قامت بمساعٍ ومحاولات متكررة لنقل عينات لغرض الدراسة، إذ تؤكّد في هذا الصدد أنّها لم تجد التعاون لا من الجهات المحلية ولا الدولية.
توحيد الجهود
تأمل زخيم أن يكون هناك تبني نماذج مستدامة لمعالجة الأزمة الصحية في اليمن والعالم النامي، فالأمراض المعدية -بحسب فتحية- لا تعرف الحدود، تقول: "الأمراض المعدية في العالم النامي تفوق خطورتها فيروس كورونا، ولكنها لا تحظى بالدعم الكافي من العالم المتقدم، مقارنة بفيروس كورونا"، إضافة إلى أنّ سياسة معالجة الوباء بعد انتشاره ليست بالحل المستدام الكفيل بالقضاء على الأمراض المعدية.
وتتصاعد الأصوات التي تدعو لتبني نماذج تنموية مستدامة في دول العالم الأقل نموًّا، كما تم ملاحظة ذلك في المؤتمر الخامس للأمم المتحدة الذي تتبناه الدوحة حاليًّا، ولكن الهشاشة السياسية في اليمن وضعف البيانات، قللت فرص التوجه للتنمية في اليمن.
الجدير بالذكر أنّ المؤتمر الخامس للأمم المتحدة للدول الأقل نموًّا يأتي كفرصة نوعية لا تتكرر إلا كل عشر سنوات، يجتمع فيها قادة العالم من مجموعة الدول الأقل نموًّا من رؤساء وقيادات حكومية مع شركائهم في التنمية من العالم المتقدم بحضور بارز لأصحاب المصلحة من القطاع الخاص والمنظمات الدولية العاملة في الدول الأقل نموًّا والمنظمات المحلية، بمشاركة الشباب، ولا سيما النساء.