قصة المدرسة، أي مدرسة، هي قصة التعليم، وقصة التعليم هي قصة "الثابت والمتغير". في فلسفة التربية والتعليم اليمنية، كان وما يزال الثابت والحي فيها، عنصرَي الدين والطاعة (إخراج وإنشاء جيل مؤمن وصالح). أما المتغيّر، بل الذي مات ودفن، فهو التأهيل للفكر والتفكير العلمي والتجريبي ورعاية الإبداع وتنمية المواهب.
بداية القصة
أول مدرسة للتعليم الحديث بنيت في مدينة ذمار، هي مدرسة بلقيس، وكان اسمها "المدرسة العلمية" عندما بنيت بين العامين 1964 و1965. أول ضربة معول في حفر أساسها كانت بيدي الرئيس عبدالله السلال، ويومها تبرّع براتب شهر كامل من أجل نفقات البناء، وبعده تقاطر المتبرعون من ميسوري المدينة وتجارها حتى اكتمل البناء على نفقة الأهالي؛ مبنى أمامي يضم الإدارة، الإرشيف، وفصلين، ومبنى جنوبي لستة فصول. لاحقًا تم هدم مبنى الفصول الستة لتوسعته رأسيًّا من الداخل، وبقي المبنى الآخر ماثلًا بطرازه الأول: رواق طويل ينهض على أقواس وأعمدة من حجر "الحَبش".
في فترة رئاسة السلال (1962-1967)، كان يتم إرسال "عسكري" (حارس المدرسة) للبحث عن أي طالب تغيب عن المدرسة، وإبلاغ ولي أمره في نهار اليوم نفسه.
كانت المدرسة للبنين حين كان اسمها "العلمية"، وكان أول مدير لها الأستاذ حسن الأبيض، ومع مطلع العام 1970، أصبح اسمها "بلقيس". ومنذ 1973، صار التعليم فيها مختلطًا (بنين وبنات)، وكان جميعهم يتعاركون على صنبور واحد لمياه الشرب. حينها عُيّنت أول مديرة للمدرسة، كانت تربوية فلسطينية اسمها نور أحمد حمّود، وعُرفت بحنانها وحبها لجميع الطلبة.
بعد "المدرسة العلمية"، بُنيت مدرسة الكويت (الثورة حاليًّا) في 1970، على نفقة دولة الكويت. ثم مدرسة الكوفة (1973) على نفقة الجمهورية العراقية، يليها معهد المعلمين، وأخيرًا ثانوية عقبة بن نافع، على نفقة الجماهيرية العربية الليبية.
ومما يجدر ذكره دومًا، أنه لا يمكن بتر الدلالات الرمزية لأسماء المدارس، ولا الأسباب السياسية لتغيير أسمائها، عن قصة فلسفة التربية والتعليم اليمنية. إنها جزء أصيل من القصة.
الأستاذ محمد أحمد الأكوع
كان يعمل في إذاعة صنعاء مدققًا لغويًّا ومعدًّا للبرامج، في أواسط السبعينيات، وكان الوحيد المفوض بمراجعة وتعديل نصوص الدكتور عبدالعزيز المقالح الإذاعية، وبعدها تم تعيينه مديرًا لثانوية عقبة بن نافع بمدينة ذمار (تم بناؤها بين عامي 1974 و1975). أهمية هذا المربي القدير تكمن في كونه يمثل مرحلة ذروة قصة التعليم التي شهدتها مدينة ذمار. فحتى النصف الأول من ثمانينيات القرن العشرين الماضي، كان في المدرسة غرفة لتعليم الموسيقى، تحتوي على عدد كبير من الآلات الموسيقية، وكانت حصة "الفنية" مساحة زمنية لاستكشاف وتنمية مهارات الطلبة في العزف والغناء والرسم، الذي كان له مدرّس متخصص. أما المعمل، فكان مفتوحًا طيلة اليوم الدراسي للطلاب والمعلمين لإجراء وتعلّم التجارب العلمية.
مؤخرًا، قام مجموعة من طلاب مدرسة عقبة، المتخرجين في العام الدراسي 1988/1989، بتكريم الأستاذ محمد أحمد الأكوع، بعد أن اتفقوا على أن ذلك تكريمًا لتلك المرحلة من تاريخ التعليم في المدينة
كان للمدرسة مخزنٌ زاخر بأدوات الألعاب الرياضية، كالقرص والجُلّة والرمح ومضارب التنس، وأنواع من الكرات حسب اللعبة. كما كان ذلك المخزن يحتوي على ملابس وإكسسوارات التمثيل اللازمة للمسرحيات المدرسية التي كانت تقام في المناسبات الوطنية والدينية.
مؤخرًا، قام مجموعة من طلاب مدرسة عقبة، المتخرجين في العام الدراسي 1988/1989، بتكريم الأستاذ محمد أحمد الأكوع، بعد أن اتفقوا على أن ذلك تكريمًا لتلك المرحلة من تاريخ التعليم في المدينة.
نبذة عن الأستاذ محمد أحمد الأكوع الذي خنقته العبرة -حرفيًّا- أثناء التكريم، فلم يستطع قول أكثر من «شكرًا.. شكرًا لكم جميعًا»:
في نهاية سبعينيات القرن العشرين وبداية الثمانينيات، وأثناء دراسته في جامعة صنعاء، عمل في المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون، ومارس الكتابة الإبداعية: الشعر وتأليف المسلسلات والبرامج ذات الطابع الوطني والشعبي والتوعوي في إذاعة صنعاء. كما شارك في صياغة وتأسيس المنهاج العام للخارطة البرامجية لإذاعة صنعاء، مع الرواد الإعلاميين الأوائل، أمثال حسن العزي، يحيى الدرة، ثابت الغياثي، صالح العابد، أحمد السياغي، إبراهيم المقحفي، حسن الشرفي، أحمد سعدان، كما أعدّ برامج توعوية خفيفة قدمت في الإذاعة بصوت حسن العزي.
من البرامج التي أعدها وشارك في إعدادها لإذاعة صنعاء: "صباح الخير"، "كلام أخضر"، "أشواق وأشواك"، "الحاج رمضان"، مسلسل "زمن الليل الدائم"، "معي لك خبر"، "الأسرة"، "ألوان"، "اليمن السعيد"، "حكاية".