ظهرت المتاجر الإلكترونية نتيجة للتقدم المتسارع في التكنولوجيا وتطور وسائل التواصل الاجتماعي وخدماتها على شبكة الإنترنت التي أزاحت الكثير من المتاعب عن كاهل الناس، إذ صار بإمكان الشخص أن ينجز العديد من المهام مثل عقد الندوات والمؤامرات والدورات التدريبية، دون الخروج من المنزل مستخدمًا شبكة الإنترنت.
إضافة للتجارة الإلكترونية (الترويج والتسويق والبيع والشراء) التي انتشرت بشكل لافت في العقد الأخير، وذلك عبر منصات إلكترونية تعرض عددًا متنوّعًا من المنتجات أو السلع أو الخدمات للبيع، لتكون بمتناول المتسوقين دون الحاجة لبذل أي جهد يذكر، كما أنها تعتبر استثمارًا ناجحًا لكل من يرغب بتوسعة إطار عمله ولمن لا يستطيع افتتاح متجر على أرض الواقع.
وبالتزامن مع تفشي جائحة كوفيد-19 تعاظم وجود المتاجر الإلكترونية، حيث أجبر الناس حول العالم على الجلوس في المنازل.
في اليمن، الذي لا يتجاوز مستخدمو الإنترنت فيه حاجز 8 ملايين مستخدم، حسب إحصائيات "إنترنت لايف ستاتس"، قد لا يبدو الإقبال على المتاجر الإلكترونية كبيرًا مقارنة بدول أخرى.
اختلاف التسوق
أمة الغفور الشرفي، موظفة، تقول لـ"خيوط": "من الممكن أن أتسوق من المتاجر الإلكترونية بعض المنتجات التجميلية مثل الكريمات، الشامبوهات، الموصوفة بشكل واضح مسبقًا، لكن يستحيل أن أجازف وأشتري ملابس، لأن الصور لا تعطيني كل مواصفات المنتج كالخامة، ودرجة اللون والمقاس عن قرب.
لكن أسعار المنتجات تكون أحيانًا أغلى مقارنة بنفس الأصناف التي يتم شراؤها من السوق مباشرة، إذ توضح الشرفي أن التسوق يتطلب وقتًا وجهدًا أكبر، ولا تقرر الشراء إلا بعد معاينة المنتج من جميع الجوانب والرضا عنه.
وفرت الأسواق الإلكترونية العديد من المزايا؛ أهمها توفير فرص عمل ليست بالقليلة، خاصة للنساء، فقد لوحظ أن الفئة غير المؤهلة للعمل تلجأ إلى فتح هذه المتاجر عبر وسائل التواصل الاجتماعي بأبسط الطرق وأسهلها
من ناحيته يؤكد لـ"خيوط"، حمزة جمال، مصور، إنه يفضل الخروج إلى السوق بنفسه، لأن التسوق الإلكتروني في اليمن ما يزال ضعيفًا جدًّا، ولا يوجد أي رقابة حكومية عليه، إضافة إلى أن "التسوق بهذه الطريقة يعتمد على الحظ فقد يكون المنتج جيدًا وتستفيد من خدماتهم، أو يخيب ظنك، خصوصًا فيما يتعلق بنوعية البضاعة وجودتها، علاوة على أنه قد يتم خداعك بالمبلغ الذي تودعه لحساب بعض المتاجر"، وبالتالي يؤيد جمال النزول إلى السوق إلا إذا كان الشخص الذي يتعامل معه ذا ثقة ومعرفة مسبقة.
اعتبارات مغايرة
يسرى الشامي، تركز على نقطة أخرى فيما يتعلق بمعوقات التسوق الإلكتروني في اليمن تحديدًا، وتذكر لـ"خيوط"، أن عدم استقرار الأوضاع الأمنية في البلاد قد يتسبب بقطع الطريق ومنع وصول الشاحنات أو عرقلتها ما يؤدي لتأخر طلبيات العديد من الناس، خصوصًا إذا كان لديك مناسبة محددة كالأعياد مثلًا.
في المقابل، يرى عماد البرعي، صحافي، أن التسوق الإلكتروني أفضل بكثير لعدة أسباب يذكرها لـ"خيوط"، بالقول: "التسوق الإلكتروني يوفر الوقت والجهد، خاصة في حال وجود ارتباطات والتزامات، ويجنب عناء الازدحامات، خصوصًا مع انتشار أمراض الجهاز التنفسي".
تتفق معه إشراق العنسي (28 سنة)، التي تعتبر التسوق الإلكتروني أفضل؛ كونه يجعل السلع والخدمات متوفرة بأسعار وأذواق متفاوتة، بحيث بإمكان المرء البحث واختيار كل ما يتوافق مع ميزانيته وذوقه، وترى في حديث لـ"خيوط"، أنه بديل مريح، خاصة فترة الأعياد والمناسبات الدينية والمواسم الاجتماعية.
"أنا لا أفضل نوعًا بحد ذاته على الآخر، بل ألجأ لاستخدام التسوق المباشر والتسوق الإلكتروني، إذ يوفر الإلكتروني خامات مستوردة جميلة وجديدة غير تلك المعروضة في السوق، كما أنه يكفينا عناء المشاوير خاصة مع انعدام المشتقات النفطية، بينما أحقق بالتسوق المباشر غرضين معًا؛ التسوق، والتنزه والتعرف على أماكن جديدة"، تقول سميرة الدرة لـ"خيوط".
فرص عمل
في السياق، تحكي أم أمير، مالكة بوتيك أزياء نسائية، لـ"خيوط"، بداية تجربتها في التسويق الإلكتروني، قائلة: "بدأت فكرة مشروعي الخاص بالشراكة مع أخي الذي استقر في تركيا بعد الحرب، حيث بدأ بتصدير ملابس تركية الصنع بكمية لا بأس بها، حينها قمت بإنشاء صفحات خاصة للترويج لمتجري الإلكتروني (فاشين أرينا) على مواقع التواصل الاجتماعي واستمرينا في التسويق الإلكتروني لمدة عامين حيث كانت أبرز التحديات التي تواجهنا في التسويق الإلكتروني هي تشكيك الناس في جودة الخامة، وإذا ما كانت الملابس التي نستوردها صنعت فعلًا في تركيا، أيضًا ارتفاع أسعار منتجاتنا مقارنة بما هو متواجد في الأسواق دون النظر إلى فارق الجودة والخامة".
"في الفترة الأخيرة، لاحظنا ازدياد المتاجر الإلكترونية بشكل كبير"، بحسب حديث الأكاديمية هيفاء المسيبي لـ"خيوط"، خاصة التي تملكها النساء، وهذه ظاهرة مفيدة جدًّا من وجهة نظر هيفاء.
وتضيف أن الأسواق الإلكترونية وفرت العديد من المزايا؛ أهمها توفير فرص عمل ليست بالقليلة خاصة للنساء، فقد لوحظ أن الفئة غير المؤهلة للعمل تلجأ إلى فتح هذه المتاجر عبر وسائل التواصل الاجتماعي بأبسط الطرق وأسهلها.
ويعتبر التسويق الإلكتروني تجارة مربحة وأقل تكلفة من المتاجر التقليدية، من ناحية توفير إيجارات المحلات والكهرباء، أما بالنسبة إلى الجمارك والضرائب، فإن الأمر يختلف كما يوضح عبدالقادر الوصابي (24 سنة)، مالك مشروع متجر الكتروني، لـ"خيوط": "نقوم بدفعها عند شحن البضاعة".
بالرغم من هذه الميزات إلا أن هناك العديد من الصعوبات التي تعترضهم كما يؤكد الوصابي، أهمها إقناع العملاء بالخامة ومواصفات المنتج أو الصنف وصعوبة التعامل مع شركات التوصيل، مثل تأخير إيصال البضاعة إلى العملاء وتأخير إرسال إيرادات المبيعات إلينا أو تقسيطها.
أما أسماء صالح، فترى في حديث لـ"خيوط"، أن التسوق الإلكتروني هو الأنسب لظروفها كأم لا تستطيع الخروج لساعات طويلة، كما أن انشغال زوجها هو الآخر، جعل من خروجها أمرًا معقدًا للغاية ، وبالتالي ليس لديها حل آخر غير التسوق عبر النت.
خيارات أوسع
"غالبًا ألجأ للتسوق الإلكتروني عندما لا أجد ضالتي في السوق"، تقول مروة نجيب، ربة بيت، ل"خيوط" مضيفة أن التسوق الإلكتروني والتقليدي كلاهما أهم من بعض، خصوصًا في السوق اليمني، وقد يكون التسويق التقليدي أهم من الإلكتروني في اليمن لعدة أسباب.
الجدير بالذكر أن عدد اليمنيين المتواجدين في جوجل يُقدر بنحو 8 ملايين مستخدم، وفق بيانات اطلعت عليها "خيوط"، معظمهم في فيسبوك، أي إن مستخدمي النت قرابة 40% من إجمالي عدد السكان الكلي الذي يبلغ قرابة 30 مليون نسمة؛ وبالتالي فإن التسويق التقليدي ما زال أفضل وأكثر ملائمة للغالبية من اليمنيين، بحسب رأي خباب معزب، مدير تسويق، الذي أكد لـ"خيوط"، أن المستقبل للتسوق الإلكتروني ، لكنه في اليمن ما يزال بعيدًا قليلًا بسبب الفقر والأزمات المتلاحقة على المواطن.
* تحرير خيوط