مع دخول اليمن عامًا جديدًا، سبقته ثماني سنين عاشها اليمنيّون في ضبابيّة أكثر قتامة نتيجة كوارث الحرب العقيمة التي نشبت بين أطراف النزاع القائم على السلطة- هنا تتفتح أزهار آمال وأحلام جيّاشة من قبل مختلف الفئات العمرية، في سعيها إلى إزالة صور البؤس والمعاناة التي ازدادت مع الحرب، وصناعة فضاء رومانسيّ واسع تعبق فيه الطلال الندية، وتُجنّح في سماه طيور السلام والمحبة.
ويأمل اليمنيّون في العام الجديد، بعودة الحياة إلى مجراها الصحيح، ليعيشوا مثل غيرهم من المجتمعات الأخرى التي يسود فيها الاستقرار السياسي والمواطنة وحتى الشراكة في الثروة والسلطة، بعد ثماني سنوات ساهم فيها الصراع الدائر بتشظي النسيج الاجتماعي، وأثقل في أرجائه كوابيس التشرّد وعدم الاستقرار المعيشي.
إحلال السلام
يدعو يمنيّون، في هذا الاستطلاع الذي قامت به "خيوط"، القوى السياسية إلى فتح صفحة جديدة وتغليب المصلحة الوطنية على المصالح الشخصية والأغراض النفعية، لكي يعيش هذا الشعب حياتَه الحقيقية في كنف دولة قائمة على أسس النظم والقوانين.
رئيس مؤسسة تمدين شباب، والمنسق العام لمبادرة توطين العمل الإنساني وائتلاف منظمات المجتمع المدني، حسين السهيلي، يناشد الأمم المتحدة ودول العالم بالضغط على أطراف الحرب في اليمن، وتكثيف كلِّ ما لديهم من جهود ونفوذ لوقف الحرب وإحلال السلام في اليمن، ووضع حدٍّ لمعاناة اليمنيين.
ويشير في حديثه لـ"خيوط"، إلى أهمية الضغط على أطراف الحرب للرضوخ إلى السلام والتفكير باليمنيّين وحقّهم في التعليم والصحة والحياة والعيش الكريم، فالتراخي مع هذا الوضع هو مشاركة فيه، إذ يجب أن يعمل الجميع -بحسب السهيلي- وَفقَ هدفٍ واحد في العام الجديد، أولويته السلام والتعافي الاقتصادي.
يضيف بالقول: "تعبنا من هذا الوضع، قلوبنا تئن من الحالات الإنسانية التي أثّرت فيها الحرب بشكلٍ مباشر، والتي نشاهدها بقلوب مشبعة بالأسى والأحزان".
يتطرق ناشطون إلى معاناة الشباب والفئات الضعيفة والمرأة كأكثر المتضررين من استمرار الصراع الدائر في اليمن، عامًا بعد آخر منذ ما يزيد على ثماني سنوات.
ويرى كثيرٌ من اليمنيين والناشطين والفاعلين أنّ على دول الإقليم، البَدء بتصميم وتنفيذ استراتيجية واضحة لإعادة إعمار ما دمّرته الحرب في اليمن، والقيام بمشاريع حيويّة تشمل كافة القطاعات المختلفة.
كما يجب على مجلس الأمن، وَفقَ حديث السهيلي، إصدار قرارٍ يتبنّى تنفيذ هدنة اقتصادية، ويكلف المبعوث الأممي بالعودة إلى المفاوضات الاقتصادية على الفور من أجل إعادة توحيد البنك المركزي اليمني، وتنفيذ إصلاحات حقيقية في المؤسسات الإيرادية، وتعبئة الموارد العامة للدولة، وعلى رأسها إنتاج وتصدير النفط والغاز، لاستعادة الدورة النقدية في الاقتصاد، ودفع الرواتب لجميع القطاعات المدنية، يلي ذلك القيام بفرض عقوبات على أي طرف يعرقل إنهاء الانقسام المالي للمؤسسات الاقتصادية في البلاد.
إضافة إلى مناشدة المؤسسات المالية الدولية أن تخفف من قيود العزلة عن البنوك اليمنية للاتصال بالنظام المالي العالمي، من أجل تسهيل استيراد المواد الأساسية.
يقتضي الوضعُ والتعقيدات الراهنة الرجوعَ إلى المرجعيات المشروعة قانونيًّا ودستوريًّا، إذ لا يمكن حلّ المشكلة السياسية وتحقيق الإرادة العامة للمجتمع اليمني إلّا بالمحافظة على السلطات المرجعية للدولة.
ويؤكّد الكاتب الصحفي عبدالملك الشرعبي، في حديثه لـ"خيوط"، على ضرورة إيجاد حلٍّ سياسيّ في هذا العام، قائلًا: "لا يمكن إعادة الوضع المجتمعي كما كان عليه قبل الحرب، إلّا بسلطة جامعة تستطيع لَمّ كلّ التكتلات الصغيرة ضمن إطار هُوية وطنيّة واحدة، لكي تتم إزالة كل عوائق التطور التي أنتجتها الحرب الناشبة في البلاد، خلال السنوات الماضية".
حاجز أمام المستقبل
ويتطرق ناشطون إلى معاناة الشباب والفئات الضعيفة والمرأة كأكثر المتضرِّرين من استمرار الصراع الدائر في اليمن، عامًا بعد آخر منذ ما يزيد على ثماني سنوات.
الناشطة الاجتماعية ريم فهد، تقول في هذا السياق لـ"خيوط"؛ إنّ أصوات الحرب مستمرّة حتى اللحظة في محاولاتها لإقصاء صوت المرأة من الوسط السياسي، فقد تكرس ذلك نتيجةً للأفكار التقليدية التي اصطنعت عبارات، مثل المرأة كائنٌ سلبيّ، وجنسها يهدّد البنية الاجتماعية.
وتضيف أنّ كلّ ذلك أدّى إلى غياب الدولة الحقيقية بفعل الحرب، وهو بدوره عمل على غياب الدور الاجتماعي للمرأة اليمنية، المتضمنة للدور الإنتاجي والإنجابي والاجتماعي فقط، وهو ما أدّى إلى قصورٍ في الوظيفة العامة للدولة.
في حين يشير الشاب عمر سعد، في حديثه لـ"خيوط"، إلى أنّ الحرب من أهم العوامل التي وقفت حاجزًا بين الشباب الطموحين في اليمن ومستقبلهم، إذ يشبهها بالعلة الجوهرية التي سلبت منهم استقرارهم المعيشي، حتى أخمدت شموع قدرتهم وملكاتهم العالية، بسبب ما وضعته من حاجزٍ أمامهم في طريق تحقيق أحلامهم الجيّاشة التي زرعوا بذورها منذ المهد.