تغيرت طرق الحلاقة وقصات الشعر مع تطور الأدوات، عما كان يعرفها يحيى عبدالله جابر، وهو مالك أقدم صالون للحلاقة في ذمار (شمال اليمن)، منذ نحو 45 عامًا، ضمن أوائل صالونات قصات الشعر بالمدينة، وهي خطوة يراها جابر نقلةً نوعية لمهنة الحلاقة في ذمار.
يضيف في حديث لـ"خيوط"، بالقول: "كان الحلاقون في ذلك الوقت يحلقون للناس في الدكة -الرصيف- بأدوات بسيطة، لكن عندما بدأت صالونات الحلاقة بالظهور تغيرت الأوضاع كثيرًا لصالح الحلاق ولصالح الزبون أيضًا.
يؤكد أنّ المهنة تطورت بشكل كبير، خاصة أن المحلات كان يوجد فيها مرايا كبيرة وكراسيّ وأدوات حديثة، وهي أمور لم يتعود عليها بعدُ المجتمع.
ارتبطت الحلاقة وقصات الشعر الحديثة بجيل الشباب على مدى خمسة عقود، فعندما ظهرت "التالة" في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، كانت تجد لها معارضة من كبار السن، باعتبار ذلك تطورًا غير مرغوب، فقد اقتصرت الحلاقة وقص الشعر في ذلك الزمن على استخدام الموس والمشط والمقص فقط.
الآلاف من الوجوه، التي وَجدت في جدران الصالون الصغير مكانًا لتبقى في أعين المجتمع المحلي بمدينة ذمار، تتنوع بين مواطنين عاديين ورجال دين وشخصيات اجتماعية وأصحاب حرف وتجار وأدباء وشعراء وشخصيات سياسية، منها: الرئيس إبراهيم الحمدي، وعدد هائل من الوجوه التي لم يعد الكثير من أبناء المدينة يعرفها
هكذا يسرد يحيى جابر، مراحل تطور أدوات الحلاقة، كما يتذكرها: "في البداية، كنا نحلق بالموس ثم ظهرت ماكينة حلاقة بواسطة اليد، وكانت شيئًا جديدًا، وكان من يمتلكها في ذلك الوقت من الحلاقين، يُقبِل عليه الزبائن، كونه يمتلك أدوات حديثة، وكان الناس قبل الثورة -26 سبتمبر- تحلق فقط بالموس "صلعة" وبعد الثورة ظهرت أنواع من حلاقة الشعر، منها ما يسمى "التالة"، وهي قص أغلب أجزاء شعر الرأس وترك المقدمة، ثم تطورت أدوات الحلاقة كثيرًا مع ظهور الكهرباء.
مراحل وأدوات
بين حلاقة "التالة" و"الخط" خمسة عقود من الزمن، وما بينهما سلسلة طويلة من الأنواع والأشكال للحلاقة وقصات الشعر، يعجز أحد أقدم حلاقي مدينة ذمار عن سردها.
علي الشعري، وهو موظف حكومي، يتذكر جزءًا من التطور في الحلاقة، بالإشارة إلى أن فترة التسعينيات ونهاية الثمانينيات ظهرت حلاقة "السكسوكة" وبعض الحلاقات الحديثة، والتي جلبها المغتربون اليمنيون في دول الخليج من مناطق اغترابهم إلى مدنهم وقراهم.
يوضح الشعري في حديثه لـ"خيوط"، أن المجتمع في ذلك الوقت لم يكن قد اعتاد تلك الأنواع، وكانت حلاقة الذقن تتم بالموس، مع الإبقاء على الشارب فقط، لكن مع حركة الاغتراب ظهرت أشكال جديدة من الحلاقة.
لم تتغير هوية المحل، الذي افتُتح قبل 45 عامًا، عما هو عليه اليوم، باستثناء تطورات بسيطة، رافقت العمل اليومي للصالون. على مدى تلك السنوات، عمل وتعلم في الصالون الصغير العشراتُ من الحلاقين والذين باتوا اليومَ يمتلكون صالونات في مدينة ذمار ومدن أخرى.
في إحدى زوايا سوق الربوع في مدينة ذمار، وتحديدًا عند مدخل سوق الحَبّ، تتكدس الذكريات مع تفاصيل الحاضر، فالدكان لا تتجاوز مساحته مترين ونصف طولًا، ومترًا ونصف عرضًا، وبُنِي وَفق نمط البناء المعماري للسوق القديم بمدينة ذمار، هو أيضًا معرض مفتوح لصور الموتى.
الآلاف من الوجوه، التي وَجدت في جدران الصالون الصغير مكانًا لتبقى في أعين المجتمع المحلي بمدينة ذمار، تتنوع بين مواطنين عاديين ورجال دين وشخصيات اجتماعية وأصحاب حرف وتجار وأدباء وشعراء وشخصيات سياسية، منها: الرئيس إبراهيم الحمدي، وعدد هائل من الوجوه التي لم يعد الكثير من أبناء المدينة يعرفها.