الأُجْرة أو الأَجرة هي منح مالٍ، غالبًا ما يكون نقدًا، يسلمه المستفيد لشخص آخر مقابل خدمة. وقد ضاق هذا المفهوم في المجتمع اليمني، ليصبح مقصورًا على فئة الجنود العاملين في قوى الأمن. وهي في الأصل ظاهرة أسّسها حكم الإمامة المتعاقب، وأصبحت حقًّا عرفيًّا لا يمكن إبطالها؛ فقد ظلت مستمرة رغم أنف ثورة 26/ 9/ 1962، ونظامها الجمهوري الذي سنّ قوانين بعدم شرعيتها وقانونيتها، وأنّ على المواطن رفض تسليمها للعسكر، وكنّا نسخر في تعزية أنفسنا بالقول: "حسنًا، لقد كسبنا قانونًا".
لكن حتى هذا المكسب القانوني النظري، قد زال وانتهى بانتهاء النظام الجمهوري في اليمن (ذلك أنه انتهى في 2015)، بقيام سلطة "الحوثي"، التي ألغت الدستور وصادرت كل القوانين؛ ليعود الحق الإلهي ممسكًا بالحق العُرفي (الأُجرة) بقوة، ويعتمد عليه بدرجة 100%. في كل مرافق (الدولة) الخدمية والدوائر الحكومية، التي لا تخلو من الجنود.
لقد عاد (الحق الإلهي) ليواجه الشعب بمشروع عدلي مخالف للدستور والقوانين والأنظمة، وبكيانات قضائية غير شرعية؛ كـ(الحارس القضائي)، و(المنظومة العدلية)، و(لجنة المظالم)، التي فتحت لها مكاتب في كل محافظات سيطرة الحوثي باسم "مكتب اللجنة المشتركة لاستقبال الشكاوى المتعلقة بتزوير محررات بيع وشراء الأراضي"، ومركز اللجنة في صنعاء.
لجنة جمعت عشرات، بل مئات الملفات، ولم تفعل شيئًا أو تحقّق إنجازًا إلا لكل متظلم قادر على التسليم بالحقَّين الإلهي والعرفي، الذي سنراه -أي صاحب القضية- يواجه كلفة وأجور النزول الميداني لقُضاة (لجنة المظالم) من صنعاء إلى يريم، مثلًا، وكم أنها في كل مرة، مرهقة للمتظلم.
سترى عضو النيابة (ش. ك) يأمر المدعي، بنبرة حازمة، بتسليم أجرة العسكري فقط، ليسلم للمدعى عليه تكليف الحضور الطوعي، الذي غالبًا لا يتم الاستجابة له، بطبيعة الحال، ثم يعقب القاضي بتحرير أمر قبضٍ قهريّ. وعلى المدعي تسليم (أجرة) مرة أخرى للعسكري، وإذا كان للمدعى عليه ضامن، فعلى المدعي، إضافةً إلى الأجرة، تسليم ثمن الأقفال والبخاخ الأحمر لإقفال محل الضامن وتشميعه. وخلال كل ذلك، يتكفل المدعي بنفقات مواصلات العسكري، ومع ذلك، وبعد كل ذلك، لا يتحقق القبض إلا في حال واحدة: ذهاب المدعي مع العسكري.
يجب عليك تسليم مبلغ مالي لأمين السر لتحصل على صورة من محضر الجلسة، ولا يخفى على أحد أن جلسات التقاضي قد تمتد سنوات، أما عند صدور الحكم لصالحك، فعليك أن تسلم له مبلغًا كبيرًا يعتمد على نوع القضية، بل إنّ أحد المتقاضين أكّد أن أمين السر قد تدخل، لصالح غريمه، في قرار محضر الجلسة أكثر من مرة.
في المحاكم تجد غرامات على:
وللحق، أن عساكر المحكمة يقومون بتحذيرك مرتين قبل تغريمك، لكنهم في الثانية أو الثالثة، لا يتركونك خارج القاعة إلا بتسلُّمها، حتى لو عفا عنك القاضي.
كما أنّه يجب عليك تسليم مبلغ مالي لأمين السر لتحصل على صورة من محضر الجلسة، ولا يخفى على أحد أن جلسات التقاضي قد تمتد سنوات؛ أما عند صدور الحكم لصالحك، فعليك أن تسلم له مبلغًا كبيرًا يعتمد على نوع القضية، بل إنّ أحد المتقاضين أكّد أن أمين السر قد تدخل، لصالح غريمه، في قرار محضر الجلسة أكثر من مرة.
وإن كان تم استبدال معظم وكلاء وأعضاء النيابة –على مدى سنوات– بقضاة صغار السن وعديمي الخبرة، فستبكي على القضاء في ذمار وأنت ترى دهشة ممثل النيابة -الجالس إلى يسار قاضي محكمة الأموال العامة- حين يعرف أنّ النص: "ولا يُضَارَّ كَاتِبٌ ولا شَهِيدٌ، وإن تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ"، هو نصٌّ شرعي وجزءٌ من آية قرآنية.
كما سترى عضوًا جديدًا آخر مكلفًا بتنفيذ حكم شرعي باسترداد مبلغ، قدره مليون وخمسُ مئةِ ريال لصالح (ن. س)، بعد أكثر من عامين من التقاضي، من (ع. ص) المدان بالنصب، فيُمهله أربعة أشهر للسداد؛ لأن هذا العضو لم يشدّد إجراءاته على ضامن المدان.
هذا الوضع ينسحب على كل المحافظات الخاضعة لسلطة صنعاء.
ولأنّ هذه السلطة هي سلطة حرب وجباية، فإن هذا الوضع، سيظل ولن يتغير إلا إلى الأسوأ.