تعرّض متحف ظفار بمحافظة إب، للاعتداء وسرقة مجموعة من القطع الأثرية النادرة من قبل مجهولين، في حين تؤكد الأجهزة الأمنية في المحافظة الواقعة وسط اليمن، أن التحقيقات لا تزال جارية لتتبع الجناة وكشفهم، وإعادة ما تم سرقته من قطع أثرية، من أحد أهم متاحف اليمن، الذي يحتوي على قطع تاريخية نادرة.
وتؤكد الجهات المعنية في محافظة إب أنه تم سرقة قطعتين أثريتين؛ الأولى ختم مصنوع من العقيق يحمل ثلاث صور قد تكون لملوك حميريين، والثانية لوحة أثرية من البرونز تحمل نصًّا وأسماء كتبت بخط المسند.
المتحف التاريخي الواقع على مدخل قرية ظفار، يضم أكثر من 300 قطعة أثرية قيّمة ونادرة، إضافة إلى ما يقارب أربعة آلاف قطعة أثرية ، تحتاج إلى الترميم وإعادة التأهيل؛ إذ تقول مصادر عديدة، إنه تم جمعها عن طريق سكان المنطقة خلال العقود الماضية.
عبدالكريم البركاني، مدير حماية الآثار والممتلكات الثقافية في الهيئة العامة للآثار والمتاحف، يؤكد في تصريح خاص لـ"خيوط"، أن الهيئة العامة للآثار ووزارة الثقافة تعملان، رغم ظروف البلاد الحالية وفي ظل الحرب، على بذل كل الجهود لحماية تراث اليمن كاملًا، من متاحف وآثار ومخطوطات، ونشر الوعي بأهمية المتاحف والآثار؛ لأنها ذاكرة للشعوب ووعاء مهمًّا للتاريخ والحضارة.
ووجّه البركاني دعوته لكل مواطن يمني بمختلف شرائحه ولكل إعلامي حر إلى أن يكونوا جزءًا من حماية تراث اليمن والمتاحف؛ لأنها تراث وملك أبناء اليمن، بل تراث إنساني للأمة جمعاء، لافتًا إلى أن الحفاظ عليها مسؤولية الجميع.
وذلك وفق البركاني؛ كونها إحدى وسائل الاتصال الروحي، التي تَعرِض ثقافة وتاريخ وآثار وتقاليد حياة الشعوب.
ما تعرض له متحف ظفار، بمنطقة السدة التابعة لمحافظة إب، من اعتداء، يدق ناقوس الخطر بضرورة تكاتف الجهود للحفاظ على المتاحف اليمنية التاريخية
وتحتفل اليمن دائمًا، في الثامن عشر من مايو كل عام، باليوم العالمي للمتاحف تحت رعاية اليونسكو، وهو اليوم الذي حدده المجلس الدولي للمتاحف (الأيكوم) عام 1977، بهدف زيادة الوعي بأهمية المتاحف في تنمية وتطوير المجتمع، باعتبارها الذاكرة الحية للشعوب.
الوعي الأثري
تعد المتاحف ذاكرة الشعوب، وهويتها، والوعاء الآمن للتراث، والآثار، والحضارة، بل أهم مكان لعرض التاريخ والحضارة، ورمزًا لهوية الدول، وجسر اتصال بين الماضي والحاضر. واليمن تعد أصل الحضارة ومنبعها، وهناك العشرات من المتاحف المهمة التي تعبر عن هوية اليمن التاريخي والحضاري. وما تعرّض له متحف ظفار بمنطقة السدة التابعة لمحافظة إب، من اعتداء، يدق ناقوس الخطر بضرورة تكاتف الجهود للحفاظ على هذه المتاحف؛ لأن هناك هجمة شرسة من قبل مافيا الآثار على المواقع الأثرية في جميع ربوع اليمن، فضلًا عما تتعرض له بعض المتاحف من تكرار للاعتداء على القطع الأثرية.
يقول صادق علي، وهو خبير في مجال الآثار، بحسرة وتألم: "أصحاب البقالات وبيع المواد الغذائية يضعون كاميرات مراقبة على تلك المعلبات والمواد الاستهلاكية، بينما تظل المتاحف دون وجود مثل هذه الأجهزة".
ويؤكد لـ"خيوط"، أهمية الوعي الأثري، ونشر قيمة تراث اليمن من أهم الركائز للحفاظ على تراث البلاد من التهريب والسرقة والتغريب أيضًا.
ويرى مراقبون أن الحكومة المعترف بها دوليًّا تكتفي دائمًا بالبيانات ورمي التهم، في حين دمجت ثلاث وزارات في وزارة واحدة، وغيبت الثقافة والتراث، وهذا بحد ذاته خطورة على تراث وهوية اليمن، في الوقت الذي على الجميع تحمل مسؤوليتهم في الحفاظ على اليمن وتراثه الكبير.
خلفية تاريخية
تعد ظفار حمير، مدينة يمنية أثرية مهمة، تقع على رأس جبل (العرافة) الواقع في جنوب مدينة يريم التابعة لمحافظة إب وسط اليمن بمسافة 17 كم، وكانت العاصمة الثانية للدولة الحميرية، بين عامي 115 قبل الميلاد و527 بعد الميلاد، وكان بها قصر "ريدان" المشهور ، وهي اليوم قرية صغيرة تتبع مديرية "السدة" بمحافظة "إب"، بجوار قرية "بيت الأشول"، ويوجد بها متحف يحتوي على بعض آثار مدينة ظفار التاريخية.
عصيبية السدة
وتعد المقبرة التي تعرضت للعبث مرات عديدة من أهم المقابر لملوك الدولة الحميرية، وكانت عبارة عن متحف مفتوح تحت الأرض مكونة من عدة غرف. وعثر بداخلها على توابيت حميرية أثرية. وفي كل غرفة منها مصطبة لحفظ أجساد الموتى.
وتعد القبور أغلبها في الصخر ومنحدرات الجبال، وتبرز أهمية صاحب القبر ومكانته الاجتماعية؛ فهناك القبور الملكية الخاصة بالملوك وعِلية القوم، والتي كانت أكثر فخامة وإتقانًا عن تلك التي خُصّصت لعامة الناس. وتذكر كتب التاريخ البقعة الخضراء من أرض يحصب، مشيرة إلى أنه كان فيها أكثر من 80 سدًّا وأغلب هذه السدود منحوتة في أصل الجبال، إلا أن بعض تلك السدود تحولت إلى مدرجات زراعية ويعود بناؤها إلى عصر الدول الحميرية.