ازدادت في الآونة الأخيرة قيادة الأطفال للسيارات، حيث يأخذ الطفل سيارة والده بموافقته ليجوب بها الشوارع والأحياء بدون رقيب. الطفل في الغالب لم يتعلم أصول القيادة، وقبل ذلك من غير المسموح له قانونًا أن يقود أي وسيلة مواصلات قبل أن يبلغ السن القانونية المسموح بها، ويكون لديه إثبات هوية شخصية مستقلة عن والديه، ويكون قد تدرب على قيادة السيارة في مركز مختص بتعليم القيادة واستخراج رخصة القيادة.
الآباء والأمهات والإخوة الكبار يعرفون مدى خطورة قيادة أطفالهم للسيارات وتبعات ذلك إلا أن ظاهرة قيادة الأطفال للسيارات تزداد انتشارًا واتساعًا، ولا مبالاة بالأرواح التي تزهق بسبب هؤلاء الأطفال الذين لا يجدون من يردعهم أو يمنعهم أو يوعيهم بخطورة ذلك.
أصبحت قيادة الأطفال للسيارات نوعًا من التفاخر من قبل بعض الآباء، وكذا الأطفال مع أقرانهم، ونتج عن ذلك حوادث مرورية بشعة أودت بحياة الكثير من المواطنين الأبرياء.
على سبيل المثال أرعبت حادثة مقتل فتاة تعمل معيدة بكلية الهندسة بجامعة صنعاء من قبل طفل يقود سيارة، أهلَها وزملاءها وزميلاتها في العمل وكل من عرف بالحادثة الأليمة، فالفتاة خرجت إلى البقالة القريبة من البيت، وما إن همت بقطع الشارع حتى صدمتها سيارة يستقلها طفل ويسير بسرعة جنونية فهشم رأسها، وقد ارتعب الطفل من الحادثة ونزل من سيارته لإسعافها ويتواصل بتلفونها مع أهلها، لكنها كانت قد فارقت الحياة.
أغمي على أم الفتاة القتيلة، وأصيبت أسرتها بصدمة قاسية، وكل من عرف تلك الشابة تألم أكثر لهذه الحادثة المروعة. جاء أهل الطفل يطلبون الإعفاء عن طفلهم المتسبب في الحادثة، وأنهم مستعدون لدفع الدية، فما كان من والد الضحية إلا أن سامحه، والأم لم توقع على الإعفاء إلا بعد أن أمَّنتهم أن يحجوا لابنتها.
فقد رفض والد الفتاة أخذ الدية، مؤكدًا أن ابنته أغلى من أموال الدنيا كلها، فرحيلها المفجع، لا يعوضه شيء، فلم يعد مجديًا حبس ومعاقبة طفل بذنب والده الذي كان هو السبب فيما حدث للشابة التي قتلت دون ذنب اقترفته، والطفل تعرض لصدمة ربما قد تمنعه مستقبلًا من قيادة السيارة، أو العكس قد تجعله مستهترًا بأرواح الناس.
كل يوم تقريبًا يُفجع الناس بدهس وقتل إنسان من قبل طفل طائش يقود سيارة الموت، من ذلك حادثة مقتل الطبيب الشاب/ عمران القدسي الذي تخرج بتفوق من كلية الطب، وأهله بانتظار قدومه إليهم، والاحتفاء به، ليأتي طفل يقود سيارة أبيه بلا مبالاة وينهي حياة الطبيب الشاب.
لا يمر يوم إلا وأشاهد طفلًا أو أكثر يقودون سيارات آبائهم غالبًا، وأصبح الأمر عاديًّا جدًّا بالنسبة للجهات المعنية والتي لا تولي هذه المشكلة أهمية تذكر.
وهنالك العديد من حوادث القتل أو الإصابة بعاهة مستديمة تعرض لها أطفال ونساء وكبار في السن بسبب قيادة الأطفال للسيارات، وقد يهرب الطفل ولا يتم إسعاف المصاب، أو يتم معاقبته في حجزه بدار الأحداث أو دفع أسرته ديَّة الضحية.
ذات مرة كان زميل لي يقود سيارته، فشاهد طفلًا يقود سيارة بسرعة جنونية وشطحات فتوجه زميلي بمخاطبة رجل المرور طالبًا منه منع أمثال هؤلاء الأطفال من قيادة السيارات وإبلاغ الجهات المختصة، فرد عليه رجل المرور بكل برود ولا مبالاة: لا توجد لدينا تعليمات بإيقاف ومنع الأطفال من قيادة السيارات!
لا يمر يوم إلا وأشاهد طفلًا أو أكثر يقودون سيارات آبائهم غالبًا، وأصبح الأمر عاديًّا جدًّا بالنسبة للجهات المعنية والتي لا تولي هذه المشكلة أهمية تذكر، فهل قانون المرور يسمح للأطفال بقيادة السيارات، ولماذا لا تبدي الإدارة العامة للمرور أي أهمية لهذه الظاهرة السلبية التي تتسبب بحوادث مرورية مؤلمة وحتى وإن عوقب الطفل، فما جدوى ذلك بعد أن يكون قد حصد أرواح بشر أبرياء وآمنين؟!
يحتاج هذا الأمر إلى إجراء تحقيق استقصائي من قبل صحفيين لكشف المتسببين بذلك، وكيفية ردعهم، وتطبيق قانون المرور بجدية، بعيدًا عن المحسوبية والوساطات.