تزايد الاصابة بالكوليرا في "الخوخة"

أزمة إنسانية وصحية متفاقمة منذ أعوام
عمرو الأهدل
September 15, 2024

تزايد الاصابة بالكوليرا في "الخوخة"

أزمة إنسانية وصحية متفاقمة منذ أعوام
عمرو الأهدل
September 15, 2024

تشهد مديرية الخوخة بمحافظة الحديدة التي تخضع لسلطة الحكومة المعترف بها، تفشيًا واسعًا لوباء الكوليرا، مما يضع السكان المحليين والنازحين أمام تحديات صحية وإنسانية جسيمة مع ضعف البنية للقطاع الصحي وهشاشته، وعدم الاستجابة الفعّالة للأزمات الصحية المتلاحقة التي تجتاح القرى ومركز المديرية.

وباء وعدم توعية

يقول أحد النازحين في مخيمات الخوخة، لـ"خيوط": "أُصيب ابني بإسهال شديد مدة يومين دون أن أدرك أن هناك وباءً قد انتشر في المخيم، بينما كنت أراقبه وهو يصارع المرض. كنت على وشك فقدانه دون أن أعي خطورة الوضع". 

هذا المواطن ليس الوحيد الذي واجه هذه المعاناة، فقد أصبحت قصص المرضى تتكرر في كل ركن من أركان المخيم، حيث يعاني الناس من نقص التوعية والمعلومات الصحية.

وأضاف: "عندما سمعت من المارّة في السوق أن هناك وباءً ينتشر، عدت مسرعًا إلى المخيم لأصطحب ابني إلى مركز الإسهالات الذي دلني عليه الناس، وجدت المكان مزدحمًا بالمرضى، معظمهم يفترشون أرضية جدران المركز بانتظار العناية الطبية". هذا الوضع يعكس التحديات الكبيرة التي يواجهها القطاع الصحي في المديرية، حيث يعاني من نقص الكوادر الطبية والمعدات والأدوية الضرورية للتعامل مع الأزمة.

ويذكر أحد السكان لـ"خيوط"، بقوله: "ذهبت إلى المركز عندما أصابني إسهال شديد، وعندما وصلت لم أجد إلا طبيبًا واحدًا كشف عليّ وسجل لي المحاليل لأذهب إلى الممرض، أخذتها ومن شدة ازدحام المرضى انتظرت حتى جاء دوري ويركب لي المغذية، وعندما ركّبها خرجت من المركز واستندت على الجدار الخارجي، معلقًا المغذية في الشّباك حتى يتسنى لي عناية الممرض الذي يتفقد الحالات".

وذكر المواطن محمد بهيدر أنّهم يعانون من الأوبئة والأمراض، ولا يوجد مركز صحي حكومي متوفر فيه كل الإمكانات التي تساعد على تغطية معاناتهم الصحية طوال الفترة السابقة والحالية، مضيفًا: "بعد إعلان الحكومة الشرعية أن الخوخة أصبحت عاصمة ومركز محافظة الحديدة للمناطق المحررة، تواجه إهمالًا من المعنيين، وفوقها يأتي مسؤولو السلطة المحلية يطالبون بنداءات خفيفة وكأنهم مواطنون مثلنا، وليسوا أصحاب مراكز مؤثرة في السلطة".

يقول محمد علي لـ"خيوط"، وهو أحد سكان الخوخة، إنّ غالبية المواطنين في أرجاء اليمن كلها مشكلتهم قلة التوعية، وحصرها في نطاق الحملات المصغرة، ولا تصل إلى بعض المناطق، وعدم إدراك المخاطر قبل حصولها يؤدي إلى ارتفاع عدد الحالات، وقد توجد حالة وفاة دون دراية من أهل المتوفَّى أنه توفِّي بهذا المرض، وأضاف: "أطعمة السوق والمياه لا يوجد فيها رقابة من السلطة؛ ولذلك يُنقل المرض بكل سهولة"، موضحًا أن الكوليرا مرض مُعدٍ يسبب إسهالًا حادًّا وتقيؤًا شديدًا، يؤدي إلى فقدان كبير في السوائل والأملاح، بسبب بكتيريا تنتقل عادةً عن طريق المياه الملوثة أو الطعام الملوث.

يقع مركز الإسهالات أمام مكتب الصحة، وهو عبارة عن غرفتين غير مجهزتين لاستقبال الحالات بالشكل المطلوب. وقد سُجلت أكثر من 50 حالة مصابة بالكوليرا في يوم واحد، يأتي ذلك في ظل تدهور للقطاع الصحي وانعدام الإمكانيات، وعدم توفر الكادر الصحي والأدوية الضرورية.

دعم وحيد لليونيسف 

يقول مدير المركز حسن عنبري، لـ"خيوط": "نستقبل من 40 إلى 50 حالة وأكثر في اليوم، وهناك نقص كبير بالكادر الطبي والأدوية لعلاج المصابين، واستقبل المركز خلال شهر يوليو الماضي فقط، ١٥٠٠ حالة أصيبت بالوباء"، مضيفًا: "تم دعمنا مرة واحدة من منظمة اليونيسف بالمحاليل وبعض المستلزمات الطبية، أما غالبًا فيتم تمويننا من مخازن الصحة في المحافظة ببعض الأدوية المتوفرة"، موضحًا أنّ الكادر يعمل بدون رواتب منذ انقطاعها عنهم خلال الأشهر الأخيرة؛ مما يجعل الوضع أكثر تعقيدًا.

ويقع مركز الإسهالات أمام مكتب الصحة، وهو عبارة عن غرفتين غير مجهزتين لاستقبال الحالات بالشكل المطلوب. وسُجلت أكثر من 50 حالة مصابة بالكوليرا في يوم واحد، يأتي ذلك في ظل تدهور القطاع الصحي، وانعدام الإمكانات، وعدم توفر الكادر الصحي والأدوية الضرورية.

ويذكر أحد الصحيين في المركز أنه "مُنذ افتتاح المركز كمبنى طوارئ لاستقبال حالات وباء الكوليرا، ما يزال يُعاني من إهمال وكأنه لا يوجد بشر في هذه المنطقة، ويفاقم المعاناة وجود الأمطار والسيول التي تسبّبت في إظهار المستنقعات المائية التي ساعدت على انتشار الأوبئة خلال هذه الفترة، ويلجأ نازحو المخيمات إلينا خلال مرَضهم بالإسهال؛ الأمر الذي يتطلب زيادة احتياجنا إلى كادر أكبر، وليس إلى واحد أو اثنين من الصحيين بجانب طبيب واحد".

محطات متصلة للتفشي

بدأت حالات وباء الكوليرا بالظهور في شهر أكتوبر من العام 2016، وأخذت تنتشر بسرعة كبيرة حتى وصل عدد الحالات إلى أكثر من 755 ألف حالة حتى شهر سبتمبر 2017، كما أعلنت منظمة الصحة العالمية أن "العدد التراكمي لحالات الكوليرا المشتبه بها والمبلغ عنها في اليمن منذ أكتوبر 2016 وحتى أغسطس 2019، بلغت مليونين و36 ألفا و960 حالة إصابة، بما في ذلك 3 آلاف و716 حالة وفاة".

وعبّر مارتن غريفيث، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في إحاطته لمجلس الأمن، المنعقدة في 13 مايو لهذا العام الجاري عن "قلق عميق إزاء تفشي وباء الكوليرا الذي يتفاقم بسرعة"، مشيرًا إلى الإبلاغ حتى الآن عن "40 ألف حالة مشتبه بها، وأكثر من 160 حالة وفاة" منذ بداية العام 2024.

أيضًا أشار مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في تقريره من شهر مايو، إلى أن "عدد الحالات المشتبه إصابتها بالكوليرا في اليمن، تصل إلى 1000 حالة كل يوم"، وبحسب توقعات المكتب فإن "العدد الإجمالي لحالات الكوليرا في اليمن، سوف يصل إلى 255 ألفًا بحلول أيلول/ سبتمبر من العام الجاري، وحذر أنه "يمكن أن تؤدي الكوليرا إلى تفاقم سوء التغذية، ونتائج أكثر خطورة لدى الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد، بينما يتفاقم الوضع أكثر مع هطول الأمطار الغزيرة والفيضانات، مما يزيد من احتمال انتقال الكوليرا من خلال تلوث المياه".

مواجهة كوارث صعبة

الخوخة مدينة ناشئة تُؤوِي الكثيرَ من النازحين بجانب سكانها الأصليين، لا تملك مركزًا صحيًّا مُتكاملًا سوى مبنى مُهدّد بالسقوط وبعض المستلزمات الطبية التي أصبحت غير صالحة للاستخدام، وهي إحدى مديريات محافظة الحديدة، تقع جنوب محافظة الحديدة، وتُعتبر مركز المحافظة في المناطق التي تخضع لسيطرة الحكومة المُعترف بها دوليًّا، وتضم العشرات من مخيمات النازحين، وانتشار المرض فيها يعني أنّ النازحين، ومواطنيها عمومًا، يواجهون كارثة صحية. 

ويُناشد السكانُ الجهاتِ الحكوميةَ، وعلى رأسهم وزير الصحة، والجهات المعنية التابعة للشرعية والمنظمات المحلية والدولية المهتمة، للتدخل بتوفير العلاجات والمستلزمات الطبية اللازمة لمعالجة الحالات والتخفيف من المعاناة، حيث تشهد بعض المحافظات اليمنية، خصوصًا عدن وصنعاء وإب والحديدة وتعز، انتشارًا كبيرًا لمرض الكوليرا خلال الفترة الأخيرة.

•••
عمرو الأهدل
.

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English