يتكون أرخبيل سقطرى من العديد من الجزر، ثلاث منها مأهولة بالساكن، هي: سقطرى الأم، وعبد الكوري، وسمحة. وقد سكن الإنسان في تلك الجزر منذ القدم، وجلب معه مصادر العيش، منها الحيوانات التي تدر عليه بالحليب واللحم حتى يستطيع البقاء والصمود.
في سقطرى الأم، يوجد جميع أنواع البهيمة من الغنم والضأن والبقر والإبل. وتعد الغنم من أهم الحيوانات وأكثرها انتشارًا وأقربها إلى قلوب الناس، فلا تكاد تجد أسرة في الريف أو الحضر إلا ومعها شيء من الغنم، قلّ أو كثر. ويكثر الاهتمام بهذا النوع من الحيوانات في البوادي والأرياف؛ إذ كل الناس يهتمون بها ويسعون إلى الاستكثار منها. ومن طبيعة الغنم أن تكون سائبة في المرعى غير محصورة في زرائب أو أحواش مغلقة، فتنتشر في المراعي هنا وهناك، ويكون رعيها والاهتمام بها من الرجل أكثر من المرأة، ولا مانع أن يشترك الاثنان بذلك، ويتم البحث عنها في الصباح الباكر ثم يتم جمعها في أحواش مبنية من الأحجار العادية لحلبها، ثم يتم تسريحها حتى صباح اليوم الثاني، وقد يتم البحث عنها وتجميعها في المساء في أماكن محددة، لا سيما في مواسم التوليد أو الأمطار حفاظًا عليها.
وتوجد الأغنام في سقطرى بأعداد لا بأس بها، حيث يمتلك أغلب الناس بين الخمسين والمئة رأس، وهناك من يمتلك أكثر من ذلك، وقد يمتلك بعض الأشخاص خمس مئة رأس من الغنم. ومما يدل على حب الناس للغنم، أن سكان المدن الرئيسية، كحديبو وقلنسية، يمتلكون قطعانًا منها، حتى العاصمة حديبو تكتظ بعدد كبير منها، إذ تجدها منتشرة في الشوارع العامة والأزقة الداخلية، فضلًا عن الضواحي المحيطة بها.
بين الغنم والضأن
أما الضأن فهي أقل شأنًا من الغنم، وقد كانت توجد قديمًا في أجزاء كبيرة من سقطرى الأم، إلا أنه في السنوات الأخيرة بدأت تنحصر أعدادها بشكل ملحوظ، وتضيق المساحة التي توجد عليها.
لرعي الضأن قوانين متبعة منذ القدم؛ منها أن يتم رعيها والوقوف عليها في المرعى طوال النهار من المرأة، وأن يتم إدخالها في أحواش خاصة وقت المساء ويمنع أن تبيت في المرعى، بالإضافة إلى أن أماكن رعيها محددة ويمنع أن تتجاوزها، ولا يمكن أن تختلط بالغنم أو ترعى في مراعيها. ولعل سبب انحصار الرقعة التي توجد عليها وقلة أعدادها في السنوات الأخيرة، هو امتناع النساء عن رعيها والمشي خلفها في المرعى طوال النهار، لا سيما بنات الجيل الجديد اللاتي قل فيهن الحماس والرغبة لهذا النوع من العمل، وسعين إلى التحضر والبحث عن الراحة، مما جعل الضأن سائبة في المرعى دون قيد أو شرط، وهذا جعلها تنتهك خصوصية الغنم وتدخل في مراعيها، وتبيت في المرعى معها، مما أثار غضب الرعاة وجعلهم يكرهونها ويُقدِمون على التخلص منها؛ إما بالذبح أو بالبيع أو حتى بالهبة والعطاء.
رعي الإبل محدود جدًّا في مناطق محددة في السواحل الجنوبية والشمالية فقط؛ ولعل عدم انتشاره هو بسبب طبيعة رعيه الصعبة التي تتطلب مهارات مختلفة عن رعي بقية الحيوانات، ولهذا أحجم الناس عن امتلاكها. لكن الجمل الذي يُحمل عليه، يتوفر في جميع مناطق سقطرى، فهو الوسيلة الوحيدة قديمًا -إلى جانب الحمار- لنقل البضائع والحاجيات والتنقل، ويتم شراؤه من رعاة الإبل في المناطق الذي تتوافر فيها.
أما البقر فيوجد في أماكن محددة من سقطرى، وتحديدًا في المناطق المرتفعة ذات الأجواء المائلة إلى البرودة، وذات الأمطار الخصبة؛ تلك المناطق هي: دكسم وحجهر ومومي، فتلك المناطق تتوفر فيها المراعي الخصبة التي تتلاءم مع طبيعة هذا الحيوان، ولا توجد في غيرها من مناطق سقطرى، كالمناطق الغربية والساحلية والمنخفضات، بل لا تلقى البقر قبولًا في المناطق التي لا تعيش فيها. ورعيها له قوانين، أهمها أنه يتم تجميعها في مكان محدد يطلق عليه محلب، ويكون الوقت غالبًا من منتصف الضحى إلى الظهر، حيث يتم حلبها ثم إيرادها إلى المورد للشرب، ثم تسريحها في المرعى حتى صبيحة اليوم الثاني، ويتم فصل الصغار التي ترضع عن أُمّاتها، وتسريحها في أماكن بعيدة عن أمهاتها؛ حتى لا ترضع الحليب، ثم يؤتى بها عند الحلب إلى تلك الأماكن المخصصة.
عبد الكوري وسمحة
أما رعي الإبل فهو محدود جدًّا في مناطق محددة في السواحل الجنوبية والشمالية فقط؛ ولعل عدم انتشاره هو بسبب طبيعة رعيه الصعبة التي تتطلب مهارات مختلفة عن رعي بقية الحيوانات، ولهذا أحجم الناس عن امتلاكها. لكن الجمل الذي يُحمَل عليه، يتوافر في جميع مناطق سقطرى، فهو الوسيلة الوحيدة قديمًا –إلى جانب الحمار- لنقل البضائع والحاجيات والتنقل، ويتم شراؤه من رعاة الإبل في المناطق التي تتوافر فيها.
بالنسبة لجزيرتَي عبد الكوري وسمحة، فيوجد فيهما الغنم بشكل ملحوظ، ولا تكاد تجد أسرة إلا وتمتلك الغنم مثل سقطرى الأم تمامًا، رغم اهتمام الناس واعتمادهم على صيد الأسماك بشكل كلي، ولا يعتمدون على الغنم إلا بشكل ثانوي ومن باب علاقة المحبة التي تربطهم بها فقط. ويبدو أن الاهتمام بالغنم موجود لدى السكان في الجزر الثلاث. كما أن الضأن يوجد أيضًا في الجزيرتين بشكل قليل جدًّا، وبنسبة أقل من وجودها في سقطرى الأم. أما البقر والإبل فلا وجود لها في الجزيرتين ألبتة، ولعل ذلك سببه صغر حجم الجزيرتين، فلا تتوفر فيهما المراعي الملائمة للبقر، كما أن البشر هناك ليسوا بحاجة إلى الإبل حتى في التنقل، فالمسافات ليست كبيرة، والأسر ليست كثيرة.
هذا طواف عام حول الحيوانات في أرخبيل سُقطرى، ولعل الفرصة تسنح للحديث عن بعض التفاصيل المتوارثة، كطرق الرعي المختلفة الخاصة بكل نوع من هذه الأنواع.