تكرار حوادث غرق مهاجرين أفارقة في سواحل اليمن

الحاجة ملحة لاتخاذ تدابير احترازية وإنشاء فرق استجابة للحد من المخاطر
علي ميّاس
August 29, 2024

تكرار حوادث غرق مهاجرين أفارقة في سواحل اليمن

الحاجة ملحة لاتخاذ تدابير احترازية وإنشاء فرق استجابة للحد من المخاطر
علي ميّاس
August 29, 2024
Photograph: Olivier Jobard/MYOP

لقد تركت حوادث الغرق المأساوية الأخيرة التي طالت المهاجرين الأفارقة على طول الساحل اليمني وراءها فضاءً من الحزن والأسى، سيما بين أسر الضحايا والأفراد المتضررين. ومن المؤلم القول إنه على امتداد سنوات النزاع المسلح العشر، أصبحت حوادث الغرق شائعة، فقد أودت بحياة الآلاف من المهاجرين الأفارقة، معظمهم من النساء والأطفال. في حين يعد طريق الهجرة البحري من شرق القرن الأفريقي إلى اليمن مزدحما ومليء بالمخاطر، مع ذلك، يسلكه مئات الآلاف من المهاجرين الأفارقة، ويُبحر معظمهم عبر رحلات غير نظامية ترتب مساراتها شبكات التهريب، مما يزيد من تعرضهم لمخاطر مثل كوارث الغرق وغيرها. 

دائما ما تنقل عصابات التهريب والاتجار بالبشر المهاجرين الأفارقة في سفن صيد غير صالحة للإبحار دون اتخاذ احتياطات السلامة أو تدابير الإنقاذ.

حوادث متكررة

في الثامن من يونيو/ حزيران 2024، انقلب قارب يحمل 260 مهاجرا صوماليا وإثيوبيا قبالة الشواطئ اليمنية. ومن المؤلم أن أكثر من 49 مهاجرا، بينهم 31 امرأة وستة أطفال، فقدوا حياتهم، بينما لا يزال نحو 140 شخصا في عداد المفقودين، حسب منظمة الهجرة الدولية. وقد وقعت الحادثة بالقرب من منطقة عين بامعبد في محافظة شبوة، جنوب اليمن.

وفي أواخر شهر يوليو/تموز 2024، تحققت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من حادث مأساوي آخر. فقد انقلب قارب يحمل 45 طالب لجوء في سواحل محافظة تعز، لم ينج منهم سوى أربعة مهاجرين فقط. وعُزي السبب إلى الرياح القوية والحمولة الزائدة.

في ضوء وجود مخاوف حيال تردد كوارث إنسانية مثل هذه يفقد فيها مئات البشر حياتهم، فإن ثمة ضرورة ملحة تقضي بضرورة إنشاء فرق استجابة مدنية متخصصة، ومجهزة بموارد الطوارئ، بما في ذلك قوارب الإنقاذ، لمعالجة الأزمات على الفور، وتوفير تدابير السلامة الأساسية.  ومن الأفضل أن تتمركز تلك الفرق في المراكز الصحية على طول السواحل، وخاصة في المناطق عالية الخطورة مثل رأس العارة والمضاربة في محافظة لحج، و مديرية رضوم في محافظة شبوة في جنوب اليمن، وفي مديرية المخا بمحافظة تعز جنوب البحر الاحمر.

ودائما ما تنقل عصابات التهريب والاتجار بالبشر المهاجرين الأفارقة في سفن صيد غير صالحة للإبحار دون اتخاذ احتياطات السلامة أو تدابير الإنقاذ، كما يؤدي اكتظاظ سفن التهريب الصغيرة بأعداد كبيرة من المهاجرين أثناء الرحلات إلى زيادة كبيرة في  الوزن، مما يزيد بشكل مقلق من مخاطر وقوع حوادث غرق في البحر. كما أن الرحلات عبر المياه المفتوحة محفوفة بالتحديات مثل الظروف الجوية السيئة والعواصف الرعدية والمياه الهائجة والمد والجزر.

وتستفيد شبكات التهريب الآثمة هذه بصورة كبيرة من أنشطتها غير المشروعة، مما يعرض المهاجرين لمخاطر عدة، إذ يظهرون تجاهلا قاسيا لحياة المهاجرين، ويرتكبون فظائع شنيعة مثل القتل والتشويه والعنف الجنسي والعمل القسري والاحتجاز التعسفي والتعذيب مقابل فدية، والابتزاز المالي والسرقة.

ثمة ضرورة ملحة تقضي بضرورة إنشاء فرق استجابة مدنية متخصصة، ومجهزة بموارد الطوارئ، بما في ذلك قوارب الإنقاذ، لمعالجة الأزمات على الفور وتوفير تدابير السلامة الأساسية.

ذهول وصدمة

ومن المؤسف القول إن عصابات التهريب والاتجار هذه تتصرف دون إيقاع أي عقاب. ذلك أن الجهود الأمنية لتفكيك هذه الشبكات الإجرامية تظل غير كافية، في ضوء وجود حاجة ماسة إلى بذل جهود حثيثة لمكافحة هذه العصابات، وتوفير السبل الكفيلة بمحاسبة مرتكبي الجرائم بحق المهاجرين. 

وقد وثقت المنظمات الحقوقية اليمنية المحلية حوادث الغرق وغيرها من الانتهاكات بصورة جيده، في حين تعمل المنظمة الدولية للهجرة بجد لاستعادة جثث المتوفين ودفنها بشكل مناسب، والاتصال بأسر الضحايا، وتقديم التعازي، ودعم الناجين وتحسين جهود البحث والإنقاذ في المناطق التي شهدت حالات الغرق.

مع ذلك، فإن الناجين من مآسي الغرق يعانون من حالة ذهول وصدمة نفسية عميقة، وتترك اللحظات المفزعة التي عاشوها أثناء انقلاب القارب ومشاهدة غرق أحبائهم ندوبا لا تمحى. في حين تتطلب مرحلة التعافي من الصدمة، وخاصة بالنسبة للأطفال، دعما نفسيا مصمما خصيصا لتجاوز عواقب مثل هذه الحوادث المؤلمة.  في الواقع تستلزم عملية معالجة كوارث الغرق تكثيف الجهود الإنسانية، واتخاذ إجراءات احترازية تساهم في التقليل من مخاطر الغرق أو الحد منها، إذ يثير تكرار حوادث الغرق قلقا عميقا لدى المجتمع الإنساني، لا سيما أولئك المهتمين بأوضاع المهاجرين في اليمن.

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English