يشكّل الطريق من القرن الإفريقي إلى اليمن، أحد أكثر طرق الهجرة المختلطة ازدحامًا وخطورة في العالم، حيث يرتادها مئات الآلاف من المهاجرين، ومعظمهم يقومون برحلات غير نظامية.
ويعتمد المهاجرون في كثير من الأحيان على المهربين للتنقل عبر الطريق الشرقي، وكثيرًا ما يكونون معرضين لخطر متزايد –بما في ذلك الاتجار بالبشر– أثناء قيامهم برحلات القوارب المحفوفة بالمخاطر إلى شواطئ اليمن.
في السياق، أعلنت المنظمة الدولية للهجرة الثلاثاء، 11 يونيو/ حزيران، عن وفاة 49 مهاجرًا على الأقل، و140 شخصًا ما يزالون في عداد المفقودين بعد انقلاب القارب الذي كانوا على متنه قبالة سواحل اليمن. وقد انقلب القارب الذي كان يحمل على متنه 260 مهاجرًا بالقرب من نقطة الغريف في محافظة شبوة، وكان من بين الذين فقدوا أرواحهم في هذه المأساة المؤلمة: 31 امرأة، وستة أطفال.
وقال مسؤول في المنظمة: "تؤكد هذه المأساة أهميةَ أن نعمل معًا لمعالجة تحديات الهجرة العاجلة، وضمان سلامة المهاجرين الضعفاء على طول طرق الهجرة."
وأفاد الناجون أنّ القارب غادر من بوساسو في الصومال، حوالي الساعة الـ3:00 صباحًا، يوم الأحد، 9 يونيو/ حزيران، وعلى متنه 115 مواطنًا صوماليًّا، و145 إثيوبيًّا، بينهم 90 امرأة.
تشكل الهجرة المتدفقة عبئًا إضافيًّا على اليمن الذي يعاني من تبعات الحرب والصراع وتسببه بأزمة إنسانية كبيرة تطال معظم سكان البلاد الذين يفتقرون للغذاء وبحاجة ماسة للمساعدات الإنسانية، إضافة إلى مشكلة النزوح في البلاد بفعل الحرب التي شرّدت الملايين داخل المدن اليمنية التي تكابد أعباء واسعة في التعامل مع هذه الأزمة الحادّة.
ويعتبر ذلك مؤشرًا على الارتفاع الأخير في أعداد المهاجرين من منطقة القرن الإفريقي، القادمين إلى اليمن، حيث دفعتهم إلى الهجرة العواملُ المتمثلة في عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي، إلى جانب الجفاف الشديد، وغيره من ظروف الطقس المتطرفة في دول مثل إثيوبيا والصومال.
معاناة إضافية
وعلى الرغم من الصراع الدائر في اليمن والنزوح والأزمة الإنسانية التي تطال غالبية اليمنيين، يواصل آلاف المهاجرين المرور عبر اليمن على أمل الوصول إلى المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى.
ففي عام 2023، رصدت مصفوفة تتبع النزوح التابعة للمنظمة الدولية للهجرة، أكثر من 97,200 مهاجر، وصلوا إلى اليمن، ليتجاوز هذا أعدادَ العام الماضي عندما وصل عدد المهاجرين الوافدين لليمن إلى حوالي 73,000 مهاجر.
يأتي ذلك في الوقت الذي تشكّل فيه الهجرة المتدفقة عبئًا إضافيًّا على اليمن، الذي يعاني من تبعات الحرب والصراع، وتسبّبه بأزمة إنسانية كبيرة تطال معظم سكان البلاد الذين يفتقرون للغذاء وبحاجة ماسة للمساعدات الإنسانية، إضافة إلى مشكلة النزوح في البلاد، بفعل الحرب التي شرّدت الملايين داخل المدن اليمنية التي تكابد أعباء واسعة في التعامل مع هذه الأزمة الحادّة.
خلال عام واحد 2019، وصل أكثر من 138,000 مهاجر إلى اليمن من القرن الإفريقي، وفقًا لمصفوفة تتبّع النزوح في المنظمة الدولية للهجرة. ويسافر المهاجرون في الغالب من إثيوبيا عبر جيبوتي أو الصومال للوصول إلى اليمن، على أمل أن يصلوا في نهاية المطاف إلى المملكة العربية السعودية؛ بحثًا عن فرص عمل غير متوفرة في بلدهم، بالإضافة إلى أن ما يقدر بنحو 27,700 مهاجر دخلوا اليمن في العام 2022، عبر ما يسمى بالطريق الشرقي، في حين يعد الارتفاع في أعداد المهاجرين الوافدين باعثًا على القلق، لا سيما في بلد غَشِيَه العام العاشر من الصراع.
البحث والإنقاذ
بخصوص الحادث الأخير في شبوة؛ تؤكد المنظمة الدولية للهجرة أنّها قامت بإرسال فريقَين طبّيين متنقلين لتقديم المساعدة الفورية للناجِين، ومن ضمنهم ستة أطفال. ومن بين 71 ناجيًا، احتاج ثمانية مهاجرين إلى مزيد من الرعاية الطبية وتم إحالتهم إلى المستشفى، في حين تلقَّى الناجون المتبقون البالغ عددهم 63 فردًا الإسعافات الأولية، ورعاية الصدمات، وتضميد الجروح، وغيرها من العلاجات الأساسية من العيادة المتنقلة الموجودة في الموقع. كما قام الأطباء النفسيون العاملون مع الفريق الطبي المتنقل التابع للمنظمة الدولية للهجرة، بتقديم الدعم الصحي النفسي لـ38 ناجيًا.
وما تزال عمليات البحث والإنقاذ مستمرة على الرغم من التحديات الكبيرة الناجمة عن نقص زوارق الدوريات العاملة، وهو الوضع الذي زاد تعقيدًا بسبب الصراع مؤخرًا. ولعب أفراد المجتمع المحلي، بمن في ذلك الصيادون، دورًا حاسمًا عقب الحادث من خلال المساعدة في جهود الإنقاذ والمساعدة في دفن المتوفين في مقبرة عين بامعبد.
ورغم هذه الجهود، ما يزال 140 شخصًا في عداد المفقودين، في ظلّ استمرار الجهود لاستكشاف خيارات إضافية للبحث والإنقاذ، مع تواصل انجراف المزيد من الجثث إلى الشاطئ في مواقع مختلفة.
وتأتي هذه المأساة في أعقاب حادثتَي غرق منفصلتين على نفس الطريق، على طول ساحل جيبوتي، مما أسفر عن وفاة 62 مهاجرًا على الأقل. ومنذ عام 2014، سجّل مشروع المهاجرين المفقودين التابع للمنظمة الدولية للهجرة 1,860 حالة وفاة واختفاء لمهاجرين على طول الطريق الشرقي من شرق إفريقيا والقرن الإفريقي إلى دول الخليج، وشمل ذلك 480 حالة غرق.