أصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة بصنعاء، في الأول من يونيو الجاري، حكمًا بإعدام عدنان الحرازي (51 عامًا)، مؤسس ومدير شركة "برودجي" تعزيرًا، ومصادرة أمواله وممتلكاته، بالإضافة إلى مصادرة شركة برودجي، وجاء منطوق الحكم بعد عام ونصف من اقتحام قوات أمنية تابعة لسلطة جماعة أنصار الله (الحوثيين) مقر الشركة العاملة في مجال الرقابة والتقييم في 11 يناير/ كانون الثاني 2023، وقامت بمصادرة سيرفرات الشركة وأجهزتها الإلكترونية، واحتجاز عددٍ من موظفي الشركة الذين أُفرِج عنهم في وقت لاحق، في حين استمرت في احتجاز مديرها الحرازي، لتبدأ أولى جلسات التحقيق الرسمية معه في 11 يونيو/ حزيران 2023. وعُقدت أولى جلسات محاكمته في 19 أغسطس/ آب 2023، وصدر حكم الإعدام في الجلسة التاسعة عشرة من جلسات المحاكمة.
وأدانت مواطنة لحقوق الإنسان، في بيان صادر عنها، اطلعت عليه "خيوط"، قرارَ المحكمة، وطالبت سلطات جماعة أنصار الله (الحوثيين) بإلغاء هذا الحكم الذي صدر، كما قال البيان، بعد سلسلة إجراءات غير قانونية اتسمت -منذ لحظة احتجاز الحرازي وحتى لحظة إصدار الحكم- بعدم المشروعية وبالافتقار إلى الحد الأدنى من معايير ومبادئ المحاكمة العادلة والإجراءات القانونية المقررة وطنيًّا ودوليًّا.
ووفقًا لقرار الاتهام الصدار من النيابة الجزائية المتخصصة بحق مدير ومؤسس شركة برودجي، عدنان الحرازي، فقد وُجِّهَت له تهمتا: الاشتراك في اتفاق جنائي مع من يعملون لمصلحة العدوان السعودي الإماراتي، والسعي والتخابر لدى دولة أجنبية في حالة حرب مع اليمن، هي الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة (بريطانيا)، بأن تعاقد مع منظمات دولية وهيئات حكومية (منظمة مايسترال الأمريكية، والبنك الدولي، والمجلس الثقافي البريطاني، وجامعة ماسترخت الهولندية) تتبع تلك الدول.
تعمل شركة "برودجي" منذ العام 2006، في المجال التقني وكذلك في مجال الرقابة والتقييم بصفتها جهة مستقلة للأعمال الإغاثية المُنفَّذة من المنظمات ووكالات الأمم المتحدة، ولديها طاقم مكوّن من مئات العاملات والعاملين من موظفين، ومتعاقدين، وباحثين، وسائقين، وعاملين بالأجر اليومي، وتم إيقافها عن العمل منذ يوم الأربعاء 11 يناير/ كانون الثاني 2023، أي بعد ما يقارب 17 سنة من عمل الشركة، بالرغم من قرار المحكمة في الخامس من ديسمبر/ كانون الأول 2023، الذي قضى بإعادة فتح شركة برودجي، وهو القرار الذي حالت النيابة الجزائية المتخصصة وأجهزة الأمن والمخابرات دون تنفيذه، ودون سلطة قانونية تخولها الإحالة دون إعادة فتح الشركة.
في السياق، قالت رضية المتوكل، رئيسة منظمة مواطنة لحقوق الإنسان: "دأبت سلطة جماعة أنصار الله (الحوثيين)، منذ بدء النزاع في اليمن وسيطرتهم على العاصمة اليمنية صنعاء، على استخدام المحكمة الجزائية المتخصصة كأداة للتنكيل بالخصوم وترويعهم، متجاهلةً مبدأ استقلال القضاء وسيادة القانون ومنتهِكةً كافة المبادئ والمعايير القانونية الوطنية والدولية الخاصة والضامنة لحق المحاكمة العادلة".
وجدّدت مواطنة مطالبتها جماعة أنصار الله (الحوثيين) بإلغاء حكم الإعدام الصادر بحق مؤسس ومدير شركة برودجي، عدنان الحرازي، والكف عن إصدار الأحكام القضائية الجائرة والمخالفة للقانون ولمبادئ العدالة، كما تشدد مواطنة على ضرورة تقييم أداء المحكمة الجزائية المتخصصة والتحقّق من مدى احترامها لحقوق وضمانات المتهمين من خلال ممارساتها العملية، أي من خلال القضايا التي نُظرت أمامها والأحكام التي صدرت عنها.
يذكر أن مواطنة لحقوق الإنسان كانت قد أصدرت دراسة بعنوان "محاكم التنكيل"، وهي دراسة بحثت في استخدام أطراف النزاع للمحاكم الجزائية المتخصصة كأداة للتنكيل بالخصوم ومعاقبة المناوئين السياسيين، وشدّدت من خلالها على إعادة النظر في كافة الأحكام الصادرة عن المحاكم الجزائية المتخصصة خلال فترة النزاع، وفق شروط ومبادئ المحاكمة العادلة، والتدقيق في كافة الخروقات التي شابتها، ووقف تنفيذ أحكام الإعدام والأحكام الأخرى الصادرة خلال فترة النزاع، كما أوصت بإخضاع كافة الأجهزة الأمنية بجميع مرافقها ومبانيها وسجونها ومأموريها ومسؤوليها وسجلاتها، لسلطة القضاء والنيابة وجهات التفتيش، بما يجعلها رهن الرقابة القانونية الدائمة، وفق آليات فعّالة ونافذة، وفقًا لمقتضى القانون.