أعلنت مؤسسة يوهان فيليب بالم، السبت 16 مايو/ أيار 2020، فوز الكاتبة اليمنية بشرى المقطري بجائزة "يوهان فيليب بالم لحرية الرأي والصحافة".
وجاء قرار المؤسسة الألمانية في الدورة العاشرة من الجائزة، بمنحها للكاتبة بشرى المقطري والناشر الصيني غوي مينهاي. وتعتبر بشرى رابع شخص عربي يفوز بهذه الجائزة.
بشرى المقطري قالت إن خبر فوزها بالجائزة كان "مفاجأة غير متوقعة" أسعدتها، معتبرة ذلك نوعاً من التكريم يبعث على الشعور بالسعادة، "لولا الوضع الكارثي الذي يعيشه اليمن بسبب الحرب وبدء تفشي فيروس كورونا". لكنها أضافت في السياق نفسه، أن "مقاومة الإنسان للحروب والأوبئة، أمر يجدد الأمل باستعادة الحياة لإيقاعها الطبيعي في اليمن والعالم".
ووفقاً لحديث بشرى المقطري لـ"خيوط"، فإن ما لمسته من تفاعل لـ"الناس الأصدقاء" مع خبر فوزها بالجائزة، جعل للجائزة معنى أكبر بالنسبة لها. . وأضافت: "سواء كان هذا التفاعل تقديرا لشخصي أو لكونه خبراً سعيداً وسط أخبار الموت التي يعيشها اليمنيون، فقد كان للخبر المفاجئ بفوزي وتفاعل الناس، أثر جميل علي".
واستحقت بشرى المقطري الفوز بجائزة "يوهان فيليب بالم" عن كتابها "ماذا تركت وراءك؟ أصوات من بلاد الحرب المنسية". وهو الكتاب الذي تضمن توثيقاً لمئات القصص لضحايا الحرب من المدنيين، في قالب روائي تسجيلي.
وعُرفت المقطري بنشاطها في الدفاع عن ضحايا الحرب، عبر مقالاتها ومنشوراتها في وسائل التواصل الاجتماعي، واتخذت موقفاً مناهضاً للحرب، وللاصطفاف مع أي من أطرافها.
وقالت بشرى المقطري في سياق حديثها لـ"خيوط" إن الترجمة الألمانية للكتاب، أنجزت مطلع مارس/ أذار 2020، وأنه "كان من المفترض صدوره نهاية شهر مارس/ أذار (نفسه)، لكن بسبب أزمة كورونا، تم نشر الكتاب بالألمانية إلكترونياً" في الموعد الذي كان مقرراً لإصداره. وتوقعت أن يتم إصداره ورقياً وتوزيعه على المكتبات في ألمانيا مطلع يونيو/ حزيران 2020، القادم.
وتابعت: "بذلت المترجمة ساندرا هيتزل جهداً مميزاً في ترجمة الكتاب وتوضيح هوامش للقارئ اﻷلماني، وخارطة جغرافية لمناطق شهادات أقارب الضحايا".
من هو يوهان فيليب بالم؟
هو بائع كتب ألماني، ولد في 18 ديسمبر/كانون أول 1766، بمدينة شورندورف جنوب ألمانيا، والتابعة لمقاطعة شتوتغارت. كان أبوه جراحاً ومحصل ضرائب.
لم يتبع يوهان خطى أبيه في الجراحة، بل سلك طريق التجارة؛ حيث عمل عند عمه يوهان يعقوب بالم في مكتبته بمدينة "إرلانجن"، التابعة لولاية بافاريا. هناك تعرف على آنا ماريا شتاين، ابنة صاحب مكتبة معروفة، فتزوجها وتولى إدارة المكتبة.
بعد احتلال نورمبرغ من قبل قوات نابليون، في مارس/آذار 1806، قام يوهان فيليب بالم بنشر وتوزيع كُتيّب مجهول الهوية، مكونٍ من 144 صفحة، ويحمل عنوان "ألمانيا في إذلالها العميق". كان الكتيب موجهاً ضد السياسة الإمبراطورية لنابليون، وكذلك ضد الأمراء الألمان المتعاونين معها من أجل الإبقاء على سلطتهم.
أحدث الكتاب ضجةً كبيرة؛ ما أثار الغضب الشديد لدى نابليون، الذي أصدر أمراً بموت بائعي وموردي ذلك النوع من الكتب.
في الـ16 من أغسطس/حزيران 1806، قبض على يوهان فيليب بالم في منزله بنورمبرغ، واقتيد إلى بلدة براوناو أم إن النمساوية، التي اتُّخذت من قبل الفرنسيين كحامية. هناك أجريت له محاكمةٌ عاجلةٌ، حاول خلالها الدفاع عن نفسه، لكنه لم يكشف عن اسم صاحب ذلك الكتيب، الذي لم يُعرف حتى الآن.
في 26 أغسطس/حزيران 1806، حكم عليه بالإعدام، في محاكمةٍ صوريةٍ من قبل محكمةٍ عسكريةٍ فرنسيةٍ على أرضٍ نمساوية. وبعد ثلاث ساعاتٍ من نطق الحكم، تم إطلاق النار عليه. نُشر حكم المحكمة علناً باللغتين الألمانية والفرنسية، وتم توزيع 6000 نسخةٍ منه، على أساس أن يكون بمثابة ردع. لكن ذلك الفعل التعسفي أثار استياءً وسخطاً كبيرين ضد نابليون من قبل السكان، أديا في النهاية إلى الإطاحة به. ومنذ ذلك الحين، اعتُبر يوهان فيليب بالم كبطلٍ للحرية ورائدٍ للوحدة الألمانية.
وإحياءً لذكرى يوهان فيليب بالم، تأسستْ في 1995 مؤسسةٌ باسمه، تحمل شعار "حرية ضد العنف"، وهي مؤسسةٌ غير ربحيةٍ مقرها مدينة شورندورف، مسقط رأس بالم، أسسها الزوجان الصيدليان ماريا بالم ويوهان فيليب بالم. ومنذ العام 2002، قررت المؤسسة اعتماد جائزة "يوهان فيليب بالم لحرية الرأي والصحافة"، تُمنح كلَّ عامين، وقدرُها عشرون ألف يورو.
يتم تكريم الفائزين في 26 أغسطس/ حزيران؛ وهو اليوم الذي أُعدِم فيه بالم، وتمنح الجائزةُ لشخصين أو لجهتين مناصفةً.
وكانت أول جائزةٍ للعام 2002، بين التونسية سهام بنسدرين (صحفية)، والألماني كرستيان فوهرر (ناشط). وفي 2004، بين الكازاخستاني سيرغي دوفانو (صحفي)، و"ملالي" الأفغانية (مجلة للمرأة). وفي 2006، بين "ذا بوينت" الغامبية (صحيفة يومية) والتركية آسيا تريتيوك (صحفية). وفي 2008، بين الألمانية سيران آتس (ناشطة)، والزمبابوي إيتاي موشيكوي (صحفي). وفي 2010، بين الإيرانية محبوبة عباس غولي زاده (ناشطة)، والمكسيكي بيدرو ماتياس (صحفي). وفي 2012، بين التركي هرانت دينك (صحفي)، والمصري علاء الأسواني (كاتب). وفي 2014، بين البحرينية نزيهة سعيد (صحفية)، والأوزبكي ساليون عبدالرحمنوف (صحفي). وفي 2016، بين الرواندية إيناس ليدي (مذيعة)، و"أكاديميون للسلام" التركية (ناشطو سلام). وفي 2018، بين البوسنية شتيفيكا غاليتش (مذيعة ومصورة وصحفية)، والجنوب سودانية جوزفين أشيرو فورتيلو (صحفية). وفي 2020، بين اليمنية بشرى المقطري (ناشطة وكاتبة)، والصيني جوي مينهاي (كاتب ومؤلف).